لك الله يا أرض الكنانة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"ربيع الديمقراطية" أم" خريف الغضب"
حقا .. لك الله يا أرض الكنانة
حقاً كانت طعنة غادرة لكل من آمنوا بمبادرة الشرق الأوسط الكبير واعتبروا الولايات المتحدة المخلص القادم من السماء للقضاء علي الظلم ونشر العدل ..حقاً كانت صفعة على وجه كل من قال ان الادارة الاميركية لن تقبل بالتوريث وانتقال الحكم في أكبر دولة عربية من مبارك الأب الي مبارك الابن.. فالديمقراطية التي تتشدق بها القوة العظمى الوحيدة في العالم لا تعنيها من قريب أو بعيد.. والحرية التي جعلت منها ستاراً لشن حروب ظالمة ليست سوى شعاراً كاذباً ومخدراً لشعوب مسكينة تعاني ظلم حكامها.
كان مشهداً مروعاً ذلك الذي شهده وسط القاهرة صباح الخميس الفائت ولا يكفي وصفه "بالخميس الاسود" كما أطلقت عليه الصحف المصرية. آلاف الجنود يتراصون كالبنيان في شارعي رمسيس وعبد الخالق ثروت منذ بزوغ فجر هذا اليوم الحزين.
فهو اليوم المحدد لاستكمال الجلسة التأديبية للمستشارين هشام البسطويسي ومحمد مكي.. مئات الاشخاص قدموا من كل حدب وصوب لمناصرتهم وهم يرددون هتافاً واحداً "شدوا حيلكوا يا قضاه.. خلصونا من الطغاة".. اختلط العامل بالمثقف واجتمع اليسار مع اليمين.. حركة كفاية والاخوان المسلمين.. جميعهم رددوا هذا الهتاف ليدوي في سماء وسط القاهرة قبل انطلاق الجلسة التأديبية. لم يحتمل الطغاة وقفة المصريين مع القضاة فجاءت الأوامر واضحة وصريحة.. اضربوا بيد من حديد كل من أتي ليساند القضاة. دقائق معدودة وتحولت الشوارع الى ساحة نزال بين المتظاهرين وقوات الشرطة. اعتداءات بالأيدي وركل بالأرجل و"سحل" على الارض وقبل كل ذلك شتائم للأب والأم.. واخيراً الاعتقال .250متظاهرا ألقي القبض عليهم وأودعوا غياهب السجون لا لشيء سوى انهم رفضوا الاستلام لنظام فشل في توفير الحد الأدنى من الحياة الطبيعية لشعب حرم منها لعقود طويلة.
المثير للدهشة حقاً كان رد الفعل الاميركي السريع علي أحداث "الخميس الاسود" والذي اعلن عنه المتحدث باسم الخارجية مساء اليوم نفسه.. كانت كلمات الادانة واضحة وصريحة وجاءت عبارات الانتقاد جلية فانشرحت لها قلوب البعض. فالادارة الاميركية ستضغط علي الحكومة المصرية حتي لا يتكرر هذا المشهد المأساوي ثانية. لم يستمر هذا التفاؤل طويلاً.. ساعات قليلة وكان جمال مبارك في البيت الابيض ليتلقي كبار المسؤولين الأميركيين!
بهذا اللقاء أخرجت الادارة الاميركية لسانها لتيارات المعارضة في مصر وأعلنت بطريقة غير مباشرة أنها لا تعارض التوريث طالما اتى لها بمزيد من التنازلات.. فمصر مائدة تداعى عليها الأكلة.. الكل يسعي لالتهام النصيب الأكبر غير عابىء بشعب مسكين وأمة مطحونة.. حقاً.. لك الله يا ارض الكنانة!!