ملحق شباب ألاسبوعي

بدل أتعاب الخيانة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


أحمد ديركي : قام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين طاردا منها أهلها مرتكبا بحقهم أبشع المجازر..حتى انه لاحقهم في مخيمات اللجوء خارج وطنهم الام ليكمل مسيرته الاجرامية ويستمر في مسلسله "المجازري" الذي لا ينتهي. فلحق بهؤلاء المواطنين الى مخيمي صبرا وشاتيلا ليرتكب بمعونة من أعانه أبشع مجزرة عرفها القرن العشرين وفقا لمعظم التقارير الدولية، وها هو اليوم يكمل مسلسله داخل ارض فلسطين.

بهذا العنفوان إستطاع الكيان ان يثبت وجوده ويفرض وجوده على أرض فلسطين والمحيط والعالم. عملية التثبيت هذه لم تأتي من الفراغ بل كانت نتيجة للدعم الذي تلقاه _وما زال _ من قبل جميع المؤيدين سواء كانوا من عامة الشعب أم من ممثلي انظمة سياسية ما. وبهذا اصبح واقعا مفروضا مقبولا اليوم على كونه كيان شرعي بل واكثر من شرعي ايضا، حيث يحق له ما لا يحق لغيره، واصبحت فلسطين التي نعرفها ليست فلسطين بل مجرد الضفة وغزة فقط لا غير.منذ نشأته قاوم هذا الكيان من قاوم، واستشهد من استشهد في سبيل تحرير فلسطين كاملة، وتيتم في سبيلها من تيتم، وسجن واعتقل وعذب في سبيلها مقاومين ذاقوا من انواع العذاب ما لا يمكن وصفه . ولا تتوقف الامور عند هذا الحد، بل ما زالوا يتذوقون شتى انواع وفنون العذابات النفسية والجسدية اذ ان عدد كبير منهم ما زال يقبع داخل اقبية سجون هذا الكيان والبعض الآخر على الطريق.

حتى تاريخه لم تسمح هذه المقاومة - الفعلية وليست الشكلية - لهذا الكيان بأن ينعم بما يطمح به رغم جميع انواع الدعم الذي يلقاه ان كان على الصعيد الاقليمي ام الدولي.
وكون هذا الكيان واقع احتلالي لارض عربية فان مقاوميه ليسوا فقط عرب بل هناك آخرين من خارج الاطار العربي يقاومون هذا الاحتلال انطلاقا من مبدأ مناهضة الاحتلال بغض النظر عن موقعه وشكله الا ان الانظمة العربية اخذت الحق الحصري لمقاومته.وكونهم الوكلاء الحصرين لهذه المقاومة قامت الحروب ما بين الطرفين واستعانت الانظمة العربية بمؤيدي هذا الكيان من اجل الحرب لالغائه واسفرت هذه الحروب عن نتائج باهرة مماثلة لرواية "تلك العتمة الباهرة". اعترفت معظم الانظمة العربية بهذا الكيان واقتصرت مقاومته على الاستنكار والخطابات الرنانة مع كل مجزرة يقوم بها هذا الكيان بحق شعب فلسطين أم بحق مقاوميه الفعلين.

وعلى الرغم من أن معظم الانظمة العربية اعترفت بهذا الكيان والجزء الآخر على علاقات غير مباشرة معه، تنتظر الفرصة المناسبة لتكون هذه العلاقات مباشرة، فهم حتى تاريخه لا يجروؤن على المجاهرة بالتأييد الكامل لكل ما يقوم به هذا الكيان. معذور هذا النظام العربي او ذاك الذي اعترف بالكيان، رغم ان العذر مرفوض مسبقا، لعدم المقاومة واعتقال مواطنيه الذين يودون المقاومة. اما عذر تلك الانظمة التي ما زالت بانتظار الاعتراف فهو مجهول. ففي بادرة "حسن النية" من قبل هذه الانظمة العربية التي ما زالت تنتظر القبول بهذا الكيان كعضو في جامعة الدول العربية المعترفة به ، يقوم باعتقال مواطنيه الذين يخططون للمقاومة.

لكنه يبدو بأن لبنان السياسي قد قدم ما هو اكثر من مما هو معروف بـ"حسن النية". فهو يكافئ من يخدم هذا الكيان ويقبل بأن يكافئ هذا الكيان "المواطنين اللبنانيين" الذين قاموا بأجّل الخدمات في سبيله. جيش لبنان الجنوبي المنشق عن الجيش الرسمي، ما زال يعد جزءا من الجيش الرسمي. أحد عرابي مجزرة صبرا وشاتيلا يصبح وزيرا، والمتعاون مع هذا الكيان للقضاء على اي نوع من المقاومة ضده قد تنطلق من لبنان تصبح امرأته "نائبا"، كون زوجها كان يقبع في السجن لاعتبارات طائفية داخلية. لكنه وبعد خروجه من السجن يصبح بطلا قوميا يتحالف معه عراب "مقاومة" هذا الكيان في لبنان لفترة زمينة ومن ثم ينحل هذا التحالف بعد انتهاء الانتخابات، ويعود من يعرفون تحت مصطلح "العملاء" لهذا الكيان الى وطنهم بعد انسحابه، نتيجة تراكم عمليات المقاومة منذ نشاتها حتى تاريخه لينعموا في احضانه وبحماية نظامه السياسي ونظام عراب "المقاومة" اليوم. حيث كما نصت ورقة التفاهم ما بين عراب "المقاومة" وعراب القرار 1559 على بند حول العفو عن اهالي العملاء الذين ما زالوا في فلسطين المحتلة والسماح لهم بالعودة الى قراهم اسوة بالذين سبقوهم، مع تولي القضاء اللبناني محاكمة الرجال العائدين منهم.

بهذا يكون كل من تعامل مع هذا الكيان ليس بخائن للوطن لأنه لو كان خائنا لأعدم نتيجة تعامله معه وفقا للقانون اللبناني في مادته 273 من قانون العقوبات والتي تنص على ان "كل لبناني تعاون مع العدو وكل لبناني حمل السلاح على لبنان في صفوف العدو حوكم بالاعدام".الا ان احدا من هؤلاء "العملاء" لم يعدم مع ان صورهم ازخمت الصفحات الاولى من الصحف اليومية والاسبوعية والفصلية و... وهم قادمون على دبابات العدو الصهيوني، عفوا لإستخدام كلمة عدو، يرفعون راية النصر ويتبوؤن أعلى المناصب الحكومية والرسمية و... في حين ان من كان يقاوم هذه الدبابة ببندقية قد اصبح الآن يسعى، بسبب تعطيله عن العمل، لتأمين لقمة عيش يعتاش منها. اما من مات منهم فقد ارتاح من هذا الهم المقلق لمعرفة القضية التي مات لاجلها. هل مات ام استشهد ام اغتيل ام تمت تصفيته لأنه قاوم العدو أم حدث ما حدث له لأنه لم يؤيد ويهلل للعدو ومسانديه ليكون على قيد الحياة ويحتل مناصب حكومية راقية؟!

اما من بقي حيا من هؤلاء المقاومين فهو لم يحصل على اي تعويضات وتحديدا اذا كان مقاوم لا ينتمي الى مجموعة عراب "المقاومة" اليوم، اما من ايد هذا العدو وقاتل معه وعاونه وما زال يعاونه فقد حصل على تعويض عما بذله من جهد في سبيله حيث بدأت وزارة الدفاع "الصهيوني" بتحويل تقديمات مالية الى عائلات ميليشيا جيش لبنان الجنوبي، وفقا لوكالة "يو.بي.آي." نقلا عن اذاعة الكيان "ان وزارة الدفاع بدأت بتحويل هبات مالية لعائلات جنود جيش لبنان الجنوبي، بقيمة 8700 دولار لكل عائلة" واشارت الى ان "التقديمات ستمنح تقديرا لآداء الجنود ابان التواجد العسكري... في جنوب لبنان، كما سيتقاضى الجنود السابقين مبلغا يساوي ثلاث رواتب شهرية مقابل كل عام خدمة فيه في صفوف جيش لبنان الجنوبي".

ماذا يقول عراب "المقاومة" حول كل هذا؟ لا تعليق.

في قراءة منطقية فإن تعويض "العميل" او "الخائن" او "المتعامل" او ... بغض النظر عن المصطلح الذي يستخدم في وصفه فان ما قام به لم يعد يعتبر فعلا مشينا بل عمل صالح يستحق المكافآت المالية . وبهذا يكون هو نقيض ما وصف به.اما من لم يتلق اي نوع من التعويض عن فعله المقاوم لهذا الكيان بل سجن واعتقل وطرد من عمله، ان كان يعمل فيكون بهذا هو من يحمل هذه الصفات.وبهذا تقلب المفاهيم "العميل"... هو "المقاوم" و"المقاوم"... هو "العميل".

غريب هذا الاستغباء لحد الاستحمار لعقول العامة من قبل القيمين على هذا النظام السياسي الطائفي في لبنان. فقد حولوا المقاوم الى متعامل والمتعامل الى مقاوم. من قام بتعذيب المقاومين الاحياء وقتل ونكّل بالمقاومين الاموات، من اذلّ من دفع حياته ثمنا لتحرير لبنان وما زال يدفع لتحرير كامل فلسطين، بعيدا عن وقوفه عند مسالة مزارع شبعا واتخاذها عذرا للبقاء عرابا، أصبح بطلا قوميا على مستوى لبنان ومثيله في العالم العربي اصبح بطلا قوميا على مستوى القومية العربية ودويلاتها.صدق من قال "ها هي عروش الملوك تجرها عقول الحمير" لكنه نسي قول "ومن تبعهم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف