ملحق شباب ألاسبوعي

مقاومة حزب الله

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


ربيع ديركي: أن يكون لـ "الله " حزبا هذا، نظريا، ما لم تره عينا وما لم تسمعه أذنا، ولكنه في لبنان حقيقة اعلن عنها بلسان السيد ابراهيم ( الأمين ) السيد في حسينية الشياح عند قراءته رسالة مفتوحة الى المستضعفين في لبنان والعالم اعلن فيها عن ولادة " حزب الله " وخطته في السادس عشر من شباط عام 1985 . وبما أنه أصبح لـ " الله " حزبا هذا يعني أن من لا ينتسب اليه هو في موقع الخارج عن أمر الله وكل من ينتقد سياسته فانما ينتقد الله . وما زاد الطين بلة أن رجال الدين هم في موقع قيادة " حزب الله " وفي موقع الافتاء والتكليف الشرعي، وبالتالي يجب ، بحسب الواجب الشرعي ، اطاعتهم والانتساب الى " حزب الله ". ولكن لنفترض أن هناك من يؤمن بالله ومن الطائفة الدينية نفسها لـ " حزب الله " ... ولكنه ضد طروحاته السياسية وضد ممارساته على أرض الواقع ... على قاعدة انتمائه الى المقاومة ولكن ليس من منطلق طائفي فما حكمه في هذه الحالة ؟ . حكمه انه ضد الله لأنه ليس مع حزبه السياسي ... حكمه أنه خارج عن التكليف الشرعي.... مقاومته زائفة لا وجود لها على أرض الواقع ... مصيره جهنم في الآخرة وتحليل سفك دمه في الدنيا، وأما مصير من يؤمن بالمقاومة والدفاع عنها ، قولا وممارسة ،ولكنه ليس من طائفة " حزب الله " أ و ليس من دينه فمصيره ليس أحسن حالا من مصير رفيقه .

مارس " حزب الله " دوره في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان الى أن تم التحرير في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 ،باستثناء مزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا. وهو عمل لا يمكن لأي عاقل وطني ، وان اختلف سياسيا وفكريا ودينيا مع " حزب الله " الا أن يحترمه ويؤيده لأن مقاومة الاحتلال واجب وطني وحق يكتسب اكتسابا وليس منّة من أحد . وليس من حق من قاوم الاحتلال أن يطالب بحصته من الوطن ، كما ليس من حق من ذهب عام 1975 الى السفارة الاسرائيلية في باريس وقابل دافيد كمحي ( وهو أحد المسؤولين في الموساد ) طالبا منه المساعدة وفي عام 1982 حمل " يافطات " ترحب بدخول الجيش الاسرائيلي الى دير القمر كتب عليها " أهلا وسهلا " ومن ساهم وساعد الجيش الاسرائيلي ، سياسيا وعسكريا ، في محاصرة بيروت الغربية ، آنذاك ، أن يعطي دروسا في الوطنية والمقاومة ، وليس من حق من لم يطلق رصاصة واحدة على جيش الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة الواقعة تحت سيطرته العائلية والسياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية أن يعطي ، أيضا ، دروسا في المقاومة .

وبالعودة الى " حزب الله " وفعله المقاوم تستوقفنا محاولاته لطمس تاريخ المقاومة في لبنان حيث تبدو معه وكأن مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بدأت مع " حزب الله " ، ولم يكن هناك مقاومة لاجتياح عام 1978 ولا مقاومة لاجتياح عام 1982 المقاومة التي حررت بيروت وصيدا و.... . كل ذلك غير موجود في قاموس " حزب الله ". والنهج هذا رأيناه جليا في احتفالات " حزب الله " بالتحرير ، في عهود صولات وجولات دولة الوصاية القديمة في لبنان ،التي استثنى منها ، وفقا لتاريخ المقاومة الخاص به ، أحزابا أطلقت مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وقدمت قوافل وقوافل من الشهداء والأسرى من الطوائف كافة ومن جميع المناطق اللبنانية ، ومنعه ، ان بشكل مباشر أو غير مباشر ، لبعض الأحزاب من استقبال اسراهم المحررين على أرض مطار بيروت . ومنهج طمس الحقائق التاريخية التي لاتتلاءم مع مقاومة " حزب الله " مازال مستمرا .

ولكن بعد خروج دولة الوصاية القديمة من لبنان بدأ " حزب الله " يطالعنا بتأكيدات مبنية على منهجه الخاص في طمس الحقائق التاريخية حيث يؤكد " حزب الله " في كل مناسبة أنه لم يشارك في الحرب الأهلية في لبنان ، وحرب الميلشيات في ما بينها ، غريبة هي تأكيداته فمن المعروف أن " حزب الله " دخل في حرب ميليشياوية مع حركة أمل في الضاحية الجنوبية لبيروت ، شرق صيدا ، وأقليم التفاح حرب كانت نتيجتها العداء بين الاخوة ، ودوره معروف ، أيضا ، في اغتيالات بيروت عام 1987 ... واشتباكه مع القوات السورية التي عادت الى بيروت عام 1987 بعد أن أخرجها منها جيش الاحتلال الاسرائيلي ، في ثكنة " فتح الله " وما نتج عنه من سقوط قتلى من الجانبين ... الخ من الحقائق التاريخية المعروفة جيدا . فكيف يمكنه التأكيد على أنه لم يشارك في الحرب الأهلية في لبنان ؟ ! وهل يحق لـ " حزب الله " حزب " الثورة الاسلامية في لبنان " حزب " المقاومة الاسلامية في لبنان " حزب شعار " لاشرقية ولا غربية جمهورية اسلامية " الشعار الذي تخلى عنه في الظاهر ولكن ممارساته السياسية تؤكد أنه مازال في صلب مشروعه السياسي ، هل يحق له ما لا يحق لغيره ؟! ربما لأنه ببساطة أصبح لـ " الله " حزبا في لبنان هو ؛ حزب الله " .

كلا فالأمر ليس بهذه البساطة ،و لا يحق ل " حزب الله"- ولا لغيره - ما لا يحق للآخرين ، ودوره في المقاومة والتحرير لا تجيزان له تشويه التاريخ واحتكاره للمقاومة بمباركة من دولة الوصاية القديمة ودعم لا محدود من السلطة السياسية في لبنان وموافقة - وان بالصمت - معظم القوى السياسية التي كانت ، وما زال معظمها ، قابضة على السلطة السياسية وان بدلت ، اليوم ، مواقفها السياسية بم يتلاءم وموازين الحدث السياسي اليومي.

لقد شوهت المقاومة وحرفت عن هدفها عندما أصبحت حكرا على طائفة بعينها دون سواها أي عندما أصبحت مقاومة طائفية . والقول هذا لا يعفي القوى السياسية التي أطلقت المقاومة وحررت ما حررته من أراض لبنانية احتلها الجيش الاسرائيلي اثر اجتياح 1982 جاعلة منها مقاومة وطنية ،لا يعفيها من انكفائها عن المقاومة تحت حجج الضغوط التي تعرضت لها من قبل دولة الوصاية القديمة والدولة اللبنانية - دون انكار ما لهكذا ممارسات من دور سلبي على أي عمل مقاوم - أو بحسب لغتها المحببة "الظروف الذاتية والظروف الموضوعية " التي لم تستطع لحد اليوم حلها أو حتى مقاربة حلها في الوقت الذي تطرح نفسها كبديل عم هو قائم ، واكتفائها بالوقوف على الأطلال وتذرعها بأنها منعت من المقاومة في الوقت الذي يعرف فيه الجميع ان المقاومة تكتسب ولا توهب . وبعضها الآخر تخلى عن دوره في المقاومة وسلمه الى " حزب الله" لقاء حفظ حصته من النواب والوزراء وما بقي له اليوم ، بعد خروج دولة الوصاية القديمة من لبنان سوى بعض النواب.

قد يبدو ، للوهلة الأولى ، أن الهدف من ما تقدم " نبش " الماضي وأحداثه في ظرف سياسي تتعرض فيه المقاومة وكل من قاوم الاحتلال الاسرائيلي الى ضغوط دولية لنزع سلاحه واتهامه بالأرهاب ، مما قد يدخله - بحسب منطق التخوين المسيطر على المشهد السياسي في لبنان - في خانة خيانة المقاومة وتاريخها وشهداؤها وأسراها... الخ من اتهامات جاهزة لا تتقبل النقد البناء . كلا ان ما تقدم على العكس من ذلك كون هدفه استخلاص العبر من الماضي كي لا تتكرر الأخطاء التي ارتكبت ، انه موقف ضد تطييف المقاومة وغسل الذاكرة الممنهج عبر تشويه التاريخ ، انه موقف يهدف الى التأكيد على أن حماية المقاومة لا تحققها طائفة مهما بلغت قوة حزبها أو أحزابها السياسية - الطائفية ، بل تتحقق باجماع وطني حولها للدفاع عنها ، وهذا ما لن يتحقق ان بقي " حزب الله" مصرا بممارسته السياسية على اختزال المقاومة وتاريخها فيه، وهذا ما لن يتحقق ، ايضا ، ان بقيت القوى السياسية المعارضة لـ " حزب الله " الداخلة معه ، في الوقت نفسه ، بحوار "وطني " أسيرة مواقفها ومشاريعها السياسية - الطائفية ابان الحرب الأهلية في لبنان التي لم تبادر الى انتقادها ويبدو انها لم تتخل عنهاوالتي هي في موقع نقيض لكل فعل مقاوم للاحتلال الاسرائيلي ، وهذا ما لن يتحقق ، أيضا وأيضا ، ان بقي بعضها الآخر مصرا على التنقل بين المواقع لا مع هذا ولا مع ذاك بل مع مصلحته السلطوية - الطائفية الضيقة .انها البداهة في لبنان : طوائف تتحاور مع بعضها البعض حول المقاومة ومصيرها ، ولكل طائفة مقاومتها ومفهومها الخاص بها عن المقاومة . فعدو طائفة ما هو ، في الوقت نفسه ، صديق الطائفة الأخرى والعكس بالعكس .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف