ملحق شباب ألاسبوعي

التخنيث بمفهومه السياسي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


سعيد الحسنية : تعيش في هذا العالم الواسع الكثير من الكائنات الحية العجيبة الشكل، وبعضها مثلنا من بني البشر. هذه المخلوقات يمكن مشاهدتها وبسهولة في أي مكان حولنا، وربما دون شعور بالإثارة أو الاستغراب. من بين هذه الكائنات الحية المخنثون،أو المتشبهون من الرجال بالنساء، والذين أو اللواتي يصعب على كثيرين منا التأكد من حقيقة جنسهم, وما إذا كنّ نساءً و فتيات بالفعل، أم رجالاً في ثياب أنثوية.
وفي لبنان ، بلد التناقضات والتنوعات، كل شيء يجوز، فكما يمكن أن تكون هناك فتاة تبدو كأنثى، ولكن كل تصرفاتها ذكورية وخشنة كأنها شاب، وكما يمكن أن نرى فتى يبدو ذكراً من اسمه فقط، ولكن كل تصرفاته وهيئته وشكله وانفعالاته وحتى نبرة صوته ورقته توحي بأنه فتاة، ضعيفة وهشة، نجد فيه بعض اللبنانيين لا يحملون من وطن الأرز إلا الجنسية ، أما انتماؤهم وولاؤهم فإلى أي دولة أو حلف عدا لبنان.
اعتدنا دائما توجيه الملامة إلى رجال السياسة وأصحاب القرار متناسيين أننا نحن من رضي بهم حكاماً على رقابنا يتحكمون بمصيرنا ويتلاعبون بأحلامنا ، غير عابئين بآمالنا ، وكل همهم هو كرسيهم. طبعا الذنب ليس ذنبهم ، فهو بكل بساطة ذنب الناس العاديين ، أجل أنه ذنبكم أيها الشعوب اللبنانية ، فكما تكونوا يولى عليكم . فلو لم يكن الوضع على ما هو عليه لما استبد بنا الساسة المخنثون ولما تفشت في وطننا ظاهرة التخنيث سواء السياسي أو الجنسي.
والتخنيث للذين لا يعرفونه هو ما يعرف باضطراب الهوية الجنسية، أو الهوية الوطنية أو السياسية ، فلا هي أنثى كاملة الأنوثة، ولا هو ذكر كامل الرجولة، ولا هو لبنان بكامل أو غير لبنان بالكامل. وهو أمر ليس قليل الانتشار، كما يخيل إلى بعضهم، ما بين الشباب والفتيات، سواء على المستوى الجنسي أو الوطني ، ولكنه قد يبقى مختفياً وخامداً مع ضغوط المجتمع، الذي قد يتقبل التخنث الوطني أو السياسي بسب ارتهان مصالح هذا أو ذاك وأهوائه للخارج واعتماده على الخارج في الحفاظ على بقائه ،فكما يعتبرون خشونة البنت على أنها من إحدى مظاهر القوة، فيعتبرون الولاء للخارج قوة ومصلحة وطنية .

ماذا نعرف عنهم؟

التخنث الجنسي هو أن تكون الأعضاء التناسلية الداخلية في شكلها ونموها والهرمونات الخاصة بها مخالفة للشكل الظاهري للجسم، كأن تكون الأعضاء التناسلية الداخلية هي الأعضاء الذكرية والشكل العام للأنثى.
وتتنوع الخنثى ما بين خنثى حقيقية وخنثى كاذبة، فالحقيقية تعنى وجود أعضاء الذكورة والأنوثة في نفس الشخص وهي حالات بالغة الندرة، والكاذبة تعني وجود أعضاء الذكورة عند أنثى أو وجود أعضاء الأنوثة عند ذكر.هو باختصار فقدان الشخص لهويته الجنسية ، وكما هو التخنيث الجنسي نجد التخنيث السياسي، ولكن الامر لا يتعلق بالاعضاء وانما بالتفكير والاهواء ومن سمات التخنيث السياسي ضياع الانتماء وبالتالي فقدان الهوية الوطنية والساسية والانغماس في أوحال المحاور الخارجية التحول الى أداة لتنفيذ مصالح إقليمية أو دولية. وفي حين يمكننا التعرف على المخنث الجنسي من خلال صفاته وبواسطة عدة معطيات كالكروموسومات وما تحدده الجينات، بمعنى هل هي ذكورية أم أنثوية وذلك من خلال العامل الذي يتعلق بالأعضاء التناسلية وشكلها، يمكننا التعرف على المخنث السياسي من عدته الخطابية وتصريحاته الصحافية المدافعة عن كل العالم ما عدا وطنه .
وفيما يتعلق بأنواع المخنثين الجنسيين ، يشير المختصون إلى وجود ثلاثة أنواع من المخنثين, القسم الأول هو من تغلب عليه الصفات الذكورية وتحديداً من ناحية الأعضاء التناسلية وشكل الجسم ويسمى مخنث ذكر، والقسم الثاني هو من تغلب عليه الصفات الأنثوية ويميل من الناحية الشكلية والجسمانية لأن يكون امرأة وهذا النوع يسمى خنثى أنثوية، أما النوع الثالث يسمى المخنث العقدة وهو من تتوازى فيه الصفات الأنثوية والذكرية في آن واحد.

ولعل هذا النوع الأخير ينطبق على التخنيث السياسي الذي يقفد المبلتي بها واتعباعه بفقدان الهوية الوطنية فيلتبس عليهم الاختيار بينه وبين دول اخرى .

المتحولون جنسياً أو سياسياً

إن التعريف الطبي للمتحول جنسياً أو Transsexual هو الشخص الذي يشعر أنه يفكر ويحب مثل الجنس الآخر وينتمي إليه بشدة، ولكنه في الجسد الخطأ، وأمثال هؤلاء يلجأون للعلاج الطبي والجراحي ليتحولوا إلى الجنس الذي يشعرون بأنهم ينتمون إليه سواء ذكر أو أنثى.
والأمر نفسه ينطبق على المتحول السياسي أو الوطني الذي وجد نفسه موجودا في وطن لا يشعر بالانتماء إليه ، فاختار وطن بديل عن وطنه ولكنه دون ترك بلده الأصلي ، بل رسخ قدمه فيه وراح يجاهر بانتماء إلى وطنه الجديد ويدافع عن وطنه البديل.
وفي الإطار نفسه يشار إلى أن أولى عمليات التحول الجنسي في التاريخ كانت عام 202 لأحد أباطرة الرومان ويدعى إلاجبالوس، ولكن لم يعرف إذا كانت العملية قد نجحت أم لا. وفي الوقت الذي فشلت فيه أولى عمليات التحول في عصرنا الحديث، وهي العملية التي أجريت لرسام دانماركي يدعى أينر ويجنر، فقد تحول إلى فتاة تدعى إيلي إلب عام 1931، ولكن حدثت الكثير من المضاعفات بعد إجراء العملية وماتت، رغم إصدار بطاقة وشهادة ميلاد جديدتين لها، وإنهاء زواجها بأمر ملكي. وكانت بداية النجاح في عمليات التحول الجنسي عندما أجرى أحد الجنود الأميركيين ويدعى جورج يورجنسن، عملية حولته إلى كريستين عام 1952، أجراها له أطباء اسكندينافيون، ثم عاد لوطنه ، وأرسل إلى هله كتاباً جاء فيه : " أصبحت ابنتكم... وليس ابنكم!"، ولكنهم تقبلوا الموقف واعتادوه وكانوا يعرفون مدى معاناته.
هذا ما حصل على صعيد التخنيث الجنسي ، أما فيما يتعلق بالتخنيث السياسي أو الوطني ، فحتى اليوم لم يشهد لبنان بعد أي عملية لعلاج التخنيث السياسي وذلك لان المبتلين به يرفضون الخضوع لاي جرحاة لاستئصاله والاستقرار على الهوية التي يميل عقله وفؤاده إليها ويفضل مصلحتها على مصلحة وطنه.

هل للتخنث الوطني من مبررات؟

من جهة أخرى نجد أن المتحولين جنسياً يواجهون النبذ والسخرية أياً تكن حالتهم، ويوصمون في الكثير من الأحيان بعار الشذوذ الجنسي. ونجد الآن تفاخر واضح بين هؤلاء حيث انضم كثر منهم إلى جمعيات وأندية خاصة بهم ، وكذلك فعل أولئك المخنثون السياسيون أو الوطنيون الذين يتفاخرون بدفاعهم عن أي دولة أو حلف خارجي ينتمون إليه ، عدا وطنهم الأم . وكما فعل نظرائهم الجنسيون ، قام المخنثون السياسيون بتأسيس أحلاف وتجمعات وقوى متحالفة متعاضدة داعمة لأي دولة غير لبنان.

يجمع كثير من العقلاء والعارفين ببواطن الأمور على حقيقة وجود المخنثين في هذا العالم, وهم فئة من بني البشر ممن ولدتهم أمهاتهم بأجساد تختلط وتتشابك في علاماتها الظاهرة معالم الذكورة والأنوثة, وإضافة لذلك هناك من يولد بجسد معالمه الذكرية أو الأنثوية واضحة, لكنها وبشكل عام ضعيفة أو ناقصة وغير مكتملة, فهناك من هم كاملو الرجولة في الحقيقة والمظهر الخارجي, لكن عقليتهم ونفسيتهم من الداخل تميل لأن تكون أنثوية. فإذا ولد الإنسان بشكل جنسي مختلف, أو هناك عيب جنسي ما في جسده فهذا ليس بذنبه أولاً, ثم إن ذلك لا يعني انتقاصاً له أو احتقاراً لشأنه, ولكن عندما نجد مخنث وطني لبناني يحمل الهوية اللبنانية ولكن هواه يميل إلى هوى دولة أخرى أو وطن آخر ، فكيف لنا أن نتقبله ، هل يمكننا أن نجد مبررات لخنثه الوطني ؟

على كل حال يجب أن نتذكر أنه ليس لدى المخنثين فرص عمل حقيقية ومن الصعب توافر فرص عمل لهم كغيرهم من الناس العاديين ، لذلك لم يجد سوى امتطاء السياسة المخنثة واعتلاء المنابر وكيل السباب والشتائم وتقديم الطاعة والولاء للدول التي تملي عليهم مصالحها ومخططاتها .

hasanieh_saeed@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف