ملحق شباب ألاسبوعي

ما بعد حيونة الانسان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ربيع ديركي : ست سنوات ، تقريباً، مرت على بداية القرن الـ 21 كَشَفَت أحداثها أن الدموية هي السمة الغالبة على الألفية الثالثة ، دموية ما زالت وتيرتها في حالة تصاعدية تعجز الكلمات عن وصفها ووتقف العقول حائرة مندهشة من هول ما يجري . نعيش فصولها ، يوميا ، عبر ما تبثه وسائل الاعلام من صور ومشاهد لأبشع أساليب القتل .
فمنذ احتلال العراق ولتاريخه شاهدنا فيه شتى أنواع الفظائع المرتكبة بحق الانسانية جمعاء .

أما العجب العجاب : تبرير ما جرى ويجري في العراق ، حيث لبس جيش الاحتلال الأميركي وجه الفادي الذي نذر نفسه لتخليص العراق - والعالم - من طاغيته ، وفي المقابل لبست " المقاومة " في العراق وجه المجاهد المدافع عن الوطن المؤتمر بأمر الله .

وللطرفين" ثقافته" الخاصة به، عذرا من الثقافة والمثقفين أحباء الانسان ، بينهما صراع سقطت فيه جميع القيم والمبادئ الانسانية وما بقي سوى اطلاق العنان للغرائز الحيوانية وابتكار أساليب جديدة للاستمتاع بالقتل والتفنن بالتعذيب .

وعليه، ماذا يمكن القول عن ادعاءات تبرير ما يجري في العراق ؟ . نقول : انها تبريرات تعكس "ثقافة" مصرة على شرعنة الاحتلال من جهة ، و"ثقافة" ملحة،من جهة ثانية، على ممارسة القتل باسم " المقاومة"، عذرا من المقاومة والمقاومين احباء الحرية والتحرر.

و"الثقافتان" وجهان لعملة واحدة لاشتراكهما بقتل الانسان . انهما" ثقافة" ما بعد حيونة الانسان ، دينها القتل وسفك الدماء .

بين الالحاح والاصرار يقتل ، يقمع ، ويهان كل من يرفض الاحتلال أو ينتقد ممارسات ما سمي ، قهرا ، " مقاومة ". حيث صار كل ما يدب على أرض العراق ، وغيره ، هدفا سهلا للقتل، يجوز باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والتحضر ... قصف الملاجئ ، المستشفيات ، المدارس، تدمير مدن بكاملها وقتل الابرياء في سبيل البحث عن "ارهابي" ، وكل من يرفض الاحتلال الأميركي للعراق.

وإن كان صانع تمثال الحرية، يوضع في خانة الارهاب ، إذاك يحل قطع الاوكسجين عنه واذلاله بنعت " الارهابي " ؛ ويجوز ، أيضا ، باسم " مقاومة " الاحتلال الأميركي نشر السيارات المفخخة في الأسواق الشعبية المكتظة بالأبرياء وزرع العبوات الناسفة في دور العبادة ، ومن يرفض هكذا"مقاومة" فمصيره،في الحياة الدنيا، قطع رأسه والتمثيل بجثته بسيف الغزالي وإن كان الحلاج، وفي الآخرة جهنم وبؤس المصير.


بين سندان الاحتلال الاميركي ومطرقة ما سمي " مقاومة " قتل العراق وأهين معه الحلم بالآفاق الزرقاء الرحبة ، الفرح الكوني المتجدد ، لوحق أحباء الحرية والتحرر والعدالة والمساواة واضطهد المنادون بحق الشعوب بتقرير مصيرها على امتداد أرض الانسان .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف