دموع السنيورة ودموع الشباب المصري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ثلاثة عقود من الانبطاح والتخاذل عاشتها مصر أمام الطوفان الأميركي و المد الاسرائيلي . . اختارت السلام واعتبرته الخيار الاستراتيجي الوحيد لتوفير حياة رغدة للمصريين . حينها خرجت مصر عن الاجماع العربي ومضت فى طريقها غير عابئة بما أحدثته من شرخ فى قلب الأمة العربية التى كانت تستمد قوتها من صمود الشعب المصري وصلابته في مواجهة العدو الصهيوني .
تحدثوا عن السلام واعتبروه بوابة الجنة التي ستفتح على مصراعيها أمام المصريين بعد الجحيم الذى عاشوا فيه لعقود طويلة نتيجة اصرارهم على الاستمرار في الحرب والمواجهة . فمصر تمتلك كافة مقومات التنمية التي تكفل لها العبور من نفق الجهل والبطالة والمرض الذي دخلته بسبب الحروب ولن تخرج منه الا عبر السلام ..فحينها ستسخر كافة الموارد للنهوض بالمواطن البسيط .
لن يكون هناك عاطلعن العمل بعد اليوم ولن يكون هناك محتاج بعد توقيع معاهدة السلام ، فهناك الالآف من المصانع التى ستشيد وهناك ايضا ملايين الفدنات التى ستصطلح .. هذا طبعا بالاضافة الى دخل قناة السويس ومواردنا من السياحة وفوق ذلك كله هناك المعونة القادمة من حلفائنا في أميركا . وكلها مقدمات لنتيجة واحدة وهي أننا من دون السلام لن نخرج من النفق المظلم . لم يقتنع المصريون بتلك المقدمات قطعا ولكن ماذا بيدهم أن يصنعوا ، فالقيادة السياسية قد فكرت وقررت وليس عليهم سوى المضي قدما فى طريق فرض عليهم ولم يختاروه لأنفسهم .
مرت الأيام ومضت السنون وظل الجميع بإنتظار الحصول على مقابل الانبطاح والتخاذل دون جدوى . الوضع سار من سيء الى أسوأ .
البطالة غول ينهش في جسد المصريين والفقر يفترس ما تبقى من ذلك الجسد . الجامعات تقذف بآلآف الخريجيين الذين ينضمون الى طابور العاطلين عن العمل سنويا والنظام يتحدث عن التنمية الاقتصادية ونجاحنا في الخروج من عنق الزجاجة .
الشباب يبحث عن حجرة يقطنها والنظام يتحدث عن المدن الجديدة التى اخترقت الصحراء .أعداد العوانس وصلت الى تسعة ملايين شاب وفتاة فوق سن الخامسة والثلاثين والنظام يتحدث عن ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي في عمليةالاصلاح الاقتصادي.
تنازلنا عن الريادة واخترنا التخاذل وبدلا من أن نحصل على المقابل دفعنا الثمن من أموالنا تارة ومن كرامتنا تارة أخرى .
ساهم العدوان الاسرائيلي على لبنان فى الضغط على جرح المصريين الذي لم يندمل طيلة العقود الماضية .. ذكرهم بما يعانون فى حياتهم اليومية وأخذوا يتساءلون ماذا ربحوا من السلام غير الذل والانكسار ؟!
حتى الديمقراطية التي بشرونا بها أجهضت فى مهدها وأصبحنا أكثر بلاد الشرق ديكتاتورية وفساد!!
انهمرت دموع الرئيس السنيورة حزنا على ما آل اليه حال العرب من صمت وتخاذل وانهمرت دموع المصريين حزنا على ما آل اليه مصير بلدهم الذي اختصر دوره فى اجراء المكالمات الهاتفية والاتصال بأطراف الصراع .
انهمرت دموع السنيورة وهو يطالب العرب بموقف أقوى لدعم لبنان الجريح وانهمرت دموع المصريين وهم يتابعون قرار فنزويلا بسحب سفيرها من تل أبيب بينما يلوث السفير الاسرائيلي هواء القاهرة .
انهمرت دموع السنيورة متأثرا بالمذابح اليومية التى يتعرض لها الأطفال والنساء فى لبنان وانهمرت دموع المصريين غضبا من موقف بلدهم الذي اكتفى بالدعوة الى وقف اطلاق النار والتحذير من انهيار عملية السلام .
انهمرت دموع السنيورة وهو يحصر أعداد الشهداء والجرحى والنازحين وانهمرت دموع المصريين وهم يشاهدون بلدهم يسير من سيء الى أسوأ .
فعلا دموع الرئيس السنيورة ساهمت - دون قصد - في تذكير المصريين بواقعهم المرير .. فلم يعد لديهم ريادة يفاخرون بها الدول العربية ولم ينعموا بالجنة التى وعدوا بها .. تنازلوا عن الريادة لتوفير ثمنها وارتضوا بالتخاذل والانبطاح .. المجانى !!