ملحق شباب ألاسبوعي

بين الضاحية والمختارة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نسرين عزالدين: تطالعك ورقة علقت حديثا على الحائط "ممنوع الحكي بالسياسة" .. خلفها لا تزال الورقة القديمة "ممنوع وضع المأكولات والمشروبات على طاولة الملفات " .

مكتب صغير الحجم نسبيا يكاد لا يتسع للعاملين انفسهم ، و يضيق اكثر فأكثر حين تحتدم النقاشات. هي ليست بنقاشات اصلا هي تكرارا لكل ما سمعه اؤلئك من زعمائهم . فمن يؤيد 14 شباط يردد نشرة اخبار المؤسسة اللبنانية للارسال او تلفزيون المستقبل. ومن يؤيد الطرف الآخر يردد نشرة اخبار المنار او النيو تي في. ومن هو محزب يلف نفسه بغموض معلومات سرية اتطلع عليها في اجتماعه الاخير.

في الخارج تعلو موسيقى " زفة العروس" ، انه يوم الثلاثاء .." من يتزوج الثلاثاء" يصرح احدهم ، فيعاجله الاخر "وما دخلك ليس بالضرورة ان يتزوج كل اللبنانيين الاحد ".

..كسر الحظر وانطلق المشادات الكلامية. غدا سيعلق المدير ورقة اخرى" ممنوع الحكي عن الاعراس".

الاول "هل شاهدت فيلم المقايضة الكبرى ..كل هذا من اجل الاسرى في السجون الاسرائيلية ، لماذا لا يقومون بشيء من اجل الاسرى في السجون السورية .."انظر الى الرانج والى الاسلحة ، من اين لهم بالمال. اهو رانج ايراني او سوري ".

الثاني" كفى ليست قضية الاسرى كقميص عثمان تظهرونها حين يحلو لكم . منذ 3 سنوات لم تكن تذكر ان هناك اسرى في السجون السورية . الان باتت قضيتك . انت منافق" .

الاول" ليس صحيحا كنا مقموعين . وصوتنا لم يكن مسموعا".

الثاني" نعم مقموعين لان زعمائكم كانوا مع سوريا ولم يكن يناسبهم حينها اثارة الموضوع".

الاول " كلامك سخيف"

الثاني" كلامك اسخف"

الاول" لما لاتذهب لتعيش في سوريا"

الثاني" لما لا تذهب وتعيش في إسرائيل!"

علي في المختارة

لا سبيل لمعرفة ما كان يدور في خلد رجل الامن الذي يقف على حاجز على مدخل المختارة وهو يحدق بسائق السيارة.لا تعرف ان كان قد "استشعر" ان اسمه علي، لكنه انتقى هذه السيارة دون غيرها كي "تصف على اليمين". طلب هوية السائق وأوراق السيارة، فكانت كلمة علي .حدق بالهوية مطولا، لعله كان يعيد حساباته. حدق بالمتواجدين في السيارة ، شابين وفتاة وطفل .

طلب هوية الشاب الاخر وما ان طالعته "عائلة نصر الله" حتى طلب على عجل ان يترجل احدهما من السيارة ويفتح صندوقها ...ثم خضعوا للتفتيش ..وانطلقوا .

"امر جيد ان والدك يدعى حسين نصر الله وليس حسن والا كنا ما زلنا عالقين هناك "..وهنا تقررون العودة .ماذا لو علقتم على حاجز اخر لم يعجبه البتة اسم "علي"، او كون احدكم من عائلة نصر الله .
كان مجرد افتراض. افتراض من المرجح الا يحدث ، لكن ان يخطر لك انك قد تتعرض للمضايقات بسبب اسمك فان ذلك امر محزن فعلا..امر محزن لم تبتدعه من العدم .

اليوم الاخير للحرب

تلصق وجهك بزجاج النافذة، تهب نسمة هواء مشؤومة.. لعلها تهيؤات، لكنك تكاد تقسم ان نسمة الهواء تلك لا تهب الا حين تهدر محركات الطائرات الاسرائيلية . تتنشق كآبتها كاملة . ما الذي دفعك الى زيارة الضاحية الجنوبية لبيروت في ذلك اليوم ، كان عليك ان تعلم ان اسرائيل لن توفرها في اليوم ما قبل الاخير للحرب.

هناك اهتزت الدنيا ..صاروخ .. صاروخين لا بل عشرين في اقل من دقيقتين. الطريق تكاد تبتلعك، تنتطلق السيارة هاربة من سحابة الدخان التي تكبر خلفك.
هناك لم تمت .

انتهت الحرب والحياة الطبيعية عليها انت تجد طريقها اليك .لم تعد تبتسم كتيرا ولا يحلو لك الضحك كثيرا . اكثر من الف شهيد يجثمون فوق صدرك .

هنا قلبك .. وهنا يؤلمك .
تستقلي في فراشك ، تشاهد ما تجود به محطات التلفزة . مشاهد الحرب تتكرر . اطفال باتت وجههم "الميتة " محفورة بذاكرتك .

في مكان اخر تعود الحياة الى طبيعتها ، تسوق وفسحات وسهرات.. كثير من الخمر وكثير من الموسيقى.انه بلد يعرف كيف ينفض جراحه عنه .. لا انه بلد يعرف كيف ينفض ما يريده من جراح عنه .

كيف لبلد قتل اكثر من الف من ابنائه ان يعود "راقصا" الى حياته الطبيعية .لا يهم ان كان احدهم يؤيد حزب الله اما لا ، ولا يهم ان كان الذين قتلوا ماتوا مقتنعين بقضية حزب الله ام لا . لقد قتل اكثر من الف لبناني.

اما نحن فعقابنا ان نبقى على قيد الحياة ، في بلد كلبنان ..حتى في الموت تبرز الطائفية والمناطقية ..

شعب من لبنان مقاوم وغاضب ويطالب بجلاء الحقيقة.. وشعب اخر من لبنان غاضب من غاضبين الاوائل ويطالب بمحاسبة من لا يريد المطالبين بجلاء الحقيقة محاسبتهم .لتكمل الساعات عدها للأيام بإنتظار جلاء الحقيقة . فهناك موت كثير في بلادي .. واقل في بلادهم ..وقلة قليلة في بلاد الاخرين .
ملاحظة ..كل هؤلاء من لبنان .

nisreen@elaph.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف