الشارع منزلهم والمخدر قوتهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اطفال يقتاتون القمامة ويتسولون الحياة
فالدراسة بالنسبة لهم لا تعني سوى مشاهدة اطفال في مثل اعمارهم يرتدون زيا حرموا منه ، تملأ وجوههم ابتسامة لم تعرف الطريق الى وجوههم البائسة منذ ان قذفت بهم الاقدار الى ذلك العالم الظالم . يحملقون فيما يحملونه من اطعمة بينما هم ينافسون الكلاب الضالة فى البحث عما يسد جوعهم بين اكياس القمامة ..
يرون اطفال عاشوا ماض قصير ويحلمون بمستقبل كبير في وقت يحتفظ احدهم بذكرى طيبة ولا يعرف معنى للمستقبل اللهم الا العثور على قطعة خبز بين اكوام القمامة.
تلك المقارنة بالطبع لم يتطرق لها احدهم ، فاطفال المدارس بالنسبة لهم اناس من كوكب اخر اكثر رقيا وتقدما من ذلك الكوكب التعيس الذى قدموا منه .. فاحلامهم تكاد تكون قد اختزلت فى العثور على وجبة الغذاء والهروب من رجال الشرطة الذين يطارودنهم ليلا نهارا في الشوارع التي يفتروشنها.
اطفال الشوارع في مصر والذين تقدر أعدادهم باربعة ملايين شخص _وفقا للارقام الرسمية المعلنة_ باتوا اليوم اكبر من الظاهرة فى المجتمع المصري . فلا يخلو شارع في تلك المدينة الكبرى من وجود حفنة منهم وقد افترشوا الطريق حاملين علب "الكلة" - مادة تستخدم فى لصق الاحذية- باعتبارها المخدر الارخص والاقوى تاثيرا حيث يجعلهم يغيبون عن الوعي بسرعة شديدة فتجدهم دون ان يدروا وقد
استلقوا على الارض غارقين فى نوم عميق لا ينهيه سوى اشعة الشمس فى الصباح الباكر .
لم يعد احد من المارة يكترث بهؤلاء الصبية المنتشرين فى الشوارع اللهم الا اصحاب المحلات وسكان العقارات اللذين ينظرون اليهم بنوع من الضيق والضجر ويتمنون الا تطلع عليهم شمس يوم جديد لان تواجدهم بالشارع يثير اشمئزازهم خاصة بعد ان حول الصبية الشارع الى ما يشبه المنزل من حيث درجة الخصوصية . فهنا ياكلون ويشربون، وهنا يقضون حاجتهم ، وهنا يستنشقون مخدرهم المفضل .. وهنا ايضا يتزوجون ويضاجعون فتياتهم اللائي لا يقلن عنهم بؤسا وشقائا!
تلك الحالة من الرفض المجتمعي والتجاهل الحكومي لهذه الظاهرة استرعت انتباه مفكر مصري كبير وجعلته يحذر من ان مصر فى تعاملها مع ظاهرة اطفال الشوارع تسير فى الطريق نفسه الذي سارت عليه دول اميركا اللاتينية حتى وصلت في النهاية الى قيام الشرطة باطلاق النار عليهم لان مناظرهم تثير اشمئزاز رجال الاعمال والطبقة الارستقراطية في المجتمع.
ورغم ان المفكر المصري اعتبر الدين والتقاليد الشرقية قد تحول دون الوصول الى تلك النتيجة المفجعة الا انه لم يجزم بذلك مشيرا الى ان اطفال الشوارع في مصر بالفعل يلقون معاملة لا تقل سوء عن تلك المعاملة التى تتعرض لها الكلاب الضالة.
واعتبر المفكر المصري الدين والتقاليد الشرقية طوق النجاة من الغرق في مستنقع اميركا اللاتينية التي تتعامل مع اطفال الشوارع باطلاق الرصاص عليهم مثل الكلاب الضالة ولكنه تجاهل ان الدين والتقاليد الشرقية لم يمنعا من تفاقم تلك الظاهرة المآساوية .. حتى في حال وقفا الدين والتقاليد حائلا دون ذلك .. فهل سيقفا حائلا دون قيام اطفال الشوارع -عندما يكبروا -باطلاق النار على افراد
مجتمع لم يرحم برائتهم؟!
تصوير احمد عبد المنعم
افتراضية لقبول اعضاء جدد في حياة البؤوس_خاص إيلاف