الشباب والتكنولوجيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وتنتشر مقاهي الانترنت في كل مناطق المملكة، بل أحيانا نجد مقهى انترنت على الأقل في كل ضاحية، وأصبحت هناك شوارع طويلة عريضة " ذكية " تغطيها شبكة لاسلكية لتصفح الانترنت ، كشارع التحلية في مدينة الرياضالذي دشن فيه مؤخرا الانترنت اللاسلكي المجاني، وأكثر رواده من فئة الشباب الذين أدمن بعضهم الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لدخول دوامة عالم الدردشة ( الشات )، حتى الشباب "المتسكع" وجدوا فيه لهم بديلاً من التسكع داخل مواقع الانترنت، وفئة أخرى من الباحثين وطلبة الدراسات صارت أمور البحث أسهل لهم عما كانت عليه بعد توفر المصادر التي يحتاجون إليها من خلال مواقع علمية وثقافية عديدة فضلاً عن مواقع الكتب والكتاب المتوفرة عبر الانترنت.
هناك دار في أذهاننا سؤال ونحن نطالع وجوه الجالسين أمام شاشات الكمبيوتر في جميع مراكز الانترنت عن مدى الفائدة الحقيقية التي يحققها هؤلاء أثناء مطالعتهم موقع الشبكة.. لذلك أجرينا لقاء مع عدد من الشباب والطلاب حول تأثير الانترنت والتكنولوجيا بوجه عام على حياتهم.
"مع انتشار تقنيات التواصل والمعلومات، أصبح احتياج المجتمعات لهذه التقنيات أمرًا ملحًا، وذلك كي يمكننا التواصل مع العالم الخارجي والمشاركة في الأحداث المحيطة" تسمع هذه العبارة على ألسنة معظم الذين تسألهم عن دور وأهمية وسائل الاتصالات. فها هي مجموعة من الشباب المترددين بكثرة على احد مراكز الانترنت في حي صلاح الدين يقولون : إن الإنترنت مصدر واسع وشامل للمعلومات التي تفـيد بدورها الطلاب في دراستهم، وهي أيضًا سهلة الاستخدام، والوصـول للمعلومة فيها غير معقد مقارنة بغيرها من الوسائل الاتصالية الأخرى.
كانت وقفتنا الأولى مع المهندس نبيل زين الدين، حيث قال: " يعد الستلايت والجوال والانترنت من وسائل الاتصال وتبادل المعلومات الحديثة والأكثر تطورا في العالم إذا استخدمت بالشكل الصحيح، فوسائل الاتصال تختصر المسافات بين البلدان وتحول أوراق المجلدات الفخمة إلى مجموعة فولدرات يسهل عليك تصفحها وبشكل عام فهي تحول العالم إلى قرية صغيرة بين يديك. أما سلبيات هذه الأجهزة الحديثة الجوال والانترنت فتعود إلى طبيعة المستخدم وتشوقه إليها، فعند دخول الستلايت إلى السعودية، كثير من الشباب أساء استخدامه ولكن بعد مدة ليس بالطويلة أصبح الستلايت شيئا طبيعيا وكذلك الجوال، وان كان كثير من الشباب ما زالوا يستخدمونه استخداما سيئا في مجالات بعيدة عن انجاز الأعمال المهمة " ، مضيفا : " أما بالنسبة إلى الانترنت فهو موسوعة علمية بالنسبة إلى الشباب يطلع على العالم من خلاله ولكن الاستخدام الجيد لبعض الشباب جعلهم يحترفون في برامج الانترنت وأصبحوا من أشهر مصممي المواقع الالكترونية.
من جهته يقول نايف الغامدي ( مبرمج كومبيوتر ) : " إن اهتمام فئة المراهقين بالإنترنت يعود إلى انخفاض تكلفة سعر الساعة، بالإضافة إلى كونه مصدرًا مهماً لإشباع رغباتهم وتمضية أوقات فراغهم بما ينفع أو لا ينفع حسب ذوق المراهق نفسه وتربيته" .
أما باسل عبد الخالق ( مهندس اتصالات ) فهو يرى أن لهذه الأجهزة فوائد وسلبيات أيضا فالجوال والانترنت والستلايت كلها أجهزة حديثة وجدت لفائدة الإنسان ولكن إذا أساء استخدامها انقلبت ضده وضد مجتمعه بصورة عامة وأنا أجد جهاز الجوال له فوائد كثيرة إذا ما استغل استغلالا حسنا في السلوك والتصرف والرقي الحضاري وكذلك بالنسبة إلى بقية الأجهزة مثل الانترنت والستلايت إذا ما تصرفنا معها بوعيفإنها سوف تصب في خدمة الإنسان والمجتمع ككل. أما إذا تصرفنا معها بصورة همجية وغير حضارية وبدون واعز خلقي وديني فإنها ستكون مضرة أكثر من أن تكون نافعة.
يوسف علي القرعاني ( مندوب مبيعات) أوضح أسبابا للاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة: إن لهذه الأجهزة فوائد كثيرة وهي شيء جدي وضروري لنا، بالنسبة إلى الجوال فالاستعمال غير الصحيح له هو أن بعض الفتيات والفتيان الذين لا يملكون الحرية الكاملة للخروج من البيت يستعملون الجوال كوسيلة للاتصال مع الأشخاص المقربين لهم عاطفيا دون علم الأهل." ويضيف : "أما بالنسبة إلى الإنترنت هناك من يقوم بتسخيره باتجاه يؤذي الشاب خصوصا بين المراهقين لأن بعضهم قد لا يعي أهمية هذه الوسيلة وانها ليست لغرض إشباع الرغبات . أما بالنسبة إلى الستلايت فهو لا يختلف كثيرا عن الانترنت اذ كلاهما يتقاربان من حيث أسلوب الاستعمال وهناك من يقوم باستخدام الستلايت لمتابعة أحداث العالم وما يدور بصورة تقرب له كل الأمور والثقافات السائدة في المجتمع وأيضا متابعة البرامج الثقافية والترفيهية والعلمية التي من شأنها أن ترفع المستوى العلمي للفرد الناضج ."
ربما لم تكن الانترنت والستلايت والهاتف (الجوال) مثار مشكلة في حد ذاتها وإنما المشكلة قد تكون في طريقة التعامل معها ولا يتعلق الأمر بهذه الأجهزة فحسب بل في معظم الأشياء التي نتعامل معها يوميا فالقلم يمكن ان يسطر كلمات مفيدة مثلما يمكن أن يستخدم في إضرار الآخرين. إذا فالمعيار لا يكمن في الأشياء بذاتها وإنما في طريقة تعاملنا معها وهذه الوسائل الحديثة تنطبق عليها تلك القاعدة نفسها، ومن هنا يحرص التربويون على نصح كل شاب وشابة أن يتعاملوا معها من اجل خدمة الإنسان لا من اجل العبث بها وسوء التعامل معها فالفائدة التي يحصلون عليها تنصب في خدمة أغراضهم الشخصية وفي مختلف المجالات .
ولا يختلف الأمر كثيرا عند هدى ( طالبة جامعية) التي تقضي وقتا طويلا خلف الشاشة تتصفح الانترنت المنتشر فتقول : "إن عالم الانترنت وفر لي وفتح أمامي أفاقا واسعة من الأفكار والمعلومات الهائلة التي قد احتاج إلى إضافتها في رسالة الماجستير التي أعدها في التاريخ وبصراحة كنت مشغولة تماماً قبل ذلك بكيفية توفير المصادر حتى جاءت رحمة الانترنت ." ولا يتوقف الامر عند ذلك ، بل تمضي هدى اوقاتا أخرى على جوالها ترسل رسائل sms سواء إلى أصدقائها أو إلى القنوات الغنائية الفضائية .
وفي السياق نفسه تجدر الإشارة إلى دراسة حديثة أعدها الدكتور نورمان سارتوس رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي التي تنبئ بأن ثورة التكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات عامة وظهور الحاسوب والإنترنت والجوال والفيديو خاصة سوف تفرز أمراضا نفسية عديدة منها الاكتئاب والقلق والاضطرابات العصبية وذلك لدورها في عزلة الإنسان وانطوائه وإنهاء علاقته وترابطه الأسري. وكذلك هذه المعلومات إذا أسيء استخدامها سوف تكون وبالا على البشرية بانتشار الجريمة والعنف واضطرابات السلوك، ولكن يختلف الأمر إذا تم استخدام هذه الوسيلة في الحث على الترابط الأسري وتقليل الجريمة والناس عطشى للأخلاق والمثل والحياة الفاضلة والسعادة في الدنيا والإجابة المحيرة للموت والحياة بعد الموت. وهناك مواقع إسلامية لها خدمات مميزة للزائرين.
وفي نهاية جولتنا نلاحظ إقبال فئة من المراهقين والشباب على مواقع المحادثة والتسلية أما بقية الفئات فهي سعيدة بمواكبة التطور التكنولوجي في عالم النت حتى وان نافسهم بعض كبار السن الذين اخذوا بمواكبة العلم والتكنولوجيا رغبةً في الا يفوتهم شيء من التطور وان لا يكون متداولاً بين الشباب فقط ، إلا أننا بحاجة إلى دور اسري اكبر وأكثر فعالية في حياة الأبناء، يراقب تصرفات الأبناء ويوجههم نحو عالم أكثر فضيلة وأكثر علمية وعملية في التعامل مع التطور .