تعليم بحاجة إلى تطوير عاجل

فاطمة خير من القاهرة : يبدو أن وحدة المصير العربى ؛ لها من الجذور ما يمنحها القوة يومًا بعد الآخر... فباختلاف ظروف البلدان العربية، تظل لدى الشباب العربي مشكلات متشابهة في أنظمتهم التعليمية، التي لا تؤدي غالبًا إلى نتائج إيجابية في سوق العمل، فبسبب تأخر المناهج العربية عن المناهج العالمية، يدفع الثمن الشباب حين يبدأون في البحث عن فرصة عمل، فبعد ما يتراوح بين 12 و16عامًا دراسيًا ، يتخرج الشاب العربي ليجد نفسه بلا مهارات تقريبًا، وأن كل ما درسه خلال أحلى وأهم سنين عمره لا يساوى شيئًا في السوق العملي، فيكتشف الشاب حينها أن التعليم العربي يقف بعيدًا عن أحلامه وطموحاته.

شباب يترك الدراسة

"هاشم علي" شاب في الثانية والعشرين من عمره، يعمل اليوم كمنسق علاقات عامة في أحد فنادق مدينة شرم الشيخ، يقول إن أهله أنفقوا الكثير عليه حين درس في مدارس خاصة باللغة الإنكليزية؛ وحين أنهى المرحلة الثانوية، لم يؤهله مجموعه لدخول جامعة حكومية، وإضطر إلى أن يلتحق بجامعة خاصة، ولم يستطع أهلهتحمل تكلفة دراسته، فإنطلق بعد السنة الدراسية الأولى إلى البحث عن عمل باعتبار أنه فى المرحلة الجامعية ويدرس "التجارة الخارجية " فى كلية خاصة، لكنه اصطدم بمتطلبات سوق العمل، حيث أن ما يدرسه لا علاقة له بمتطلبات السوق، ولأنه لم يستطع توفير نفقات دراسته الجامعية،فاتجه من دون تردد إلى ترك الدراسة والسفر حيث توجد فرصة ما، حتى لو كانت غير ما يحلم به، ورغم معارضة أهله الشديدة لتركه الجامعة وإصرارهم على حصوله على شهادة جامعية إلا أنه قرر أنه لن يضيع سنين أخرى من عمره في التعليم.

"منتصر محمود" إلتحق بكلية الآداب فى جامعة حكومية، وإختار قسم الإعلام لحبه للعمل في مجال الإعلام، وبعد إنتهائه من السنة الدراسية الثانية قرر النزول إلى سوق العمل ليطبق ما تعلمه ويكتسب خبرة عملية، لكنه إصطدم بأن ما درسه لا علاقة له بالواقع، وبانتهاء السنة الدراسية الثالثة كان "منتصر" قد قرر ترك الجامعة لينخرط في سوق العمل ويكتسب مهارات حقيقية؛ مما أشعل خلافات قوية مع أهله لكنه كان قد اتخذ قراره...

البديل الأميركي

"نادية فهمي" أم لطفلة في المرحلة الإبتدائية تدرس بنظام "الدبلوم الأميركي"، تقول: "إخترت أن تلتحق إبنتي بنظم التعليم الأميركي رغم أنه مكلف للغاية في مصر، إلا أنني فعلت ذلك إشفاقًا عليها، فالأنظمة التعليمية العربية تتصف بالجمود، وتسيطر عليها الاتجاهات التقليدية الرافضة للتغيير؛ وهو ما يقف أمام محاولات ومبادرات التغيير والتحديث في ما يخص المناهج وسبل التدريس، وأخشى على إبنتي من تجربة تعليمية مؤلمة".

"منى فكري" طالبة جامعية حصلت على مجموع كبير في مدرسة أجنبية، فالتحقت بجامعة حكومية، لكنها لم تستطع التواؤم مع زملائها ولا المناهج، فقامت بالإنتقال إلى الجامعة الأميركية، حيث تجد راحتها في التعامل مع الثقافة الأميركية أكثر، وتتوقع "منى" أن تؤهلها شهادتها الجامعية لفرص عمل ممتازة كالتي حصل عليها زملاؤها، فالتعليم الأجنبي يمنح مهارات أفضل، لكنها لا تعتقد أنها ستستطيع التأقلم مع المجتمع حين تخرج إلى سوق العمل؛ لذا فلا مانع لديها من الهجرة إلى أميركا أو أي بلد أوروبي لأن هذا أفضل بكثير ـ لديها ـ من الغربة في مجتمع لن تتفاهم معه!

مدارس أم فنادق؟

يقول د."يسرى عفيفي" ـ مدير مركز تطوير المناهج، إن المدارس الخاصة التي تكبد أولياء الأمور الآلاف كل عام، أقرب إلى أماكن تقدم خدمات فندقية، فهي تقدم مبانيًا فاخرة، لكنها لا تغير شيئًا فى طرق التعليم فتكون المحصلة النهائية صفر.
من الجانب الآخر، يقول "سيد محمد محمود " إن إبنه يدرس في إحدى تلك المدارس، لكن ماذا في وسعه أن يفعل في الوقت الذي يواجه فيه التعليم الحكومي مشاكل نقص التمويل والإعتمادات المالية، ويترك ذلك أثره في حال الأبنية التعليمية، ومستويات الأنشطة، وعدم القدرة على استيعاب التلاميذ...

محاولة إنقاذ

وكانت جامعة الدول العربية قدأصدرت تقريرًا يحمل عنوان: "مستقبلنا في متناول أيدينا ـ بالتعليم يبدأ الإصلاح وتتحقق النهضة"، إعتبر التقرير أن التعليم في البلدان العربية هو تعليم بلا أهداف،وأنه لا يوجد ما يربط هذا التعليم بمتطلبات التنمية، ولا سوق العمل، ولا التغيرات الاقتصادية التي تجري فى البلدان العربية والأكثر من هذا وذاك أن الأنظمة التعليمية العربية تفتقر إلى الأهداف الوطنية.