مكتبة إيلاف

لماذا فشلت قناة الحرة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في مارس 2004 أطلقت الولايات المتحدة قناة الحرة باللغة العربية، ويعد هذا المشروع أكبر مشروع إعلامي موجه للمنطقة العربية منذ إطلاق إذاعة "صوت أمريكا" عام 1942. وقال نورمان باتيرز رئيس إدارة الشرق الأوسط في مجلس الأمناء للبث الذى يشرف على المحطة التليفزيونية: "إن الحرة ستقدم آفاقاً جديدة للمشاهدين في الشرق الأوسط، ونعتقد أنها ستوجد درجة أكبر من الفهم الحضاري والاحترام". وأضاف "أن جزءأ هاماً من رسالتنا هو أن نكون مثالا على الصحافة الحرة على الطريقة الأمريكية، ونكون مميزين مثل عمود نور في سوق إعلامي تهيمن عليه الإثارة والتشويه". وقال موفق حرب مدير الأخبار: "نحن نعمل لنصنع معايير ذهبية يعجز عنها الآخرون ... أحسن تقنيات ... وأفضل المهنيين، والبرامج المبتكرة، والخلفيات التي تخطف الأبصار"، وأضاف "شعارنا الحرية والديمقراطية" وكان يصرخ بعنترية "نحن قادمون".
ولكن بعد مرور ما يقرب من العامين على بدء القناة هل قدمت إعلاماً أمريكياً مميزاً باللغة العربية؟ وهل ساعدت على تعميق التفاهم العربي الأمريكي؟ وهل استطاعت الرد على التشويه والدعاية السلبية ضد أمريكا والمتشرة في الإعلام العربي؟ وهل ساعدت على دعم الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل ظهرت كوسيلة إعلام قوية ومنافسة للإعلام العربي كالجزيرة العربية؟ والحد الأدنى المطلوب من قناة أمريكية،هل عملت بمنأى عن الأنظمة العربية وأجهزتها الأمنية والمخابراتية؟ الإجابة على هذه الأسئلة للأسف بكلمة لا. لم تنجح "الحرة" في إنجاز أي من الأهداف السابقة. وفشلت في تحقيق الصورة الوردية التي تحدث عنها مستر باتيز والسبب أساساً يعود إلى الفريق العربي الذي يدير الحرة تحت إشراف موفق حرب. لقد سلم الأمريكيون الفريق العربي صلاحيات واسعة ومنحوهم ثقة غير جديرين بها، وللأسف أساءوا استخدامها مما أثر سلباً على صورة أمريكا وقدرتها على إنتاج إعلام عربي منافس وفعال. الحرة في تصوري لا تعتبر قناة أمريكية، هي قناة عربية تعكس رداءة الإعلام العربي وقضاياه.
وكما يقول مأمون فندي الباحث بمعهد بيكر "تبدو الحرة وكأنها متآمرة مع الإعلام العربي . الحرة قدمت الوطن العربي للعرب ولم تقدم لهم أمريكا وهى لا تعكس زخم الإعلام الأمريكي والثقافة الأمريكية والقيم الأمريكية، وإنما صورة بائسة وباهتة للإعلام العربي".
عندما تسأل المتابعين لقناة الحرة في الشرق الأوسط من المتخصصين عن رأيهم فيها تكون الإجابات: مملة، بطيئة الإيقاع، ثقيلة الظل، جافة، بلا جاذبية، بلا روح، صورة باهتة لقناة الجزيرة، تفتقد الرشاقة والاحتراف، عجزت عن إثبات هويتها كقناة أمريكية، غير قادرة على إشباع حاجات المواطن العربي من المعرفة، لم تنفرد بشىء جديد ولم تحقق أي سبق صحفي، العاملون بها من صحفي الدرجة الثالثة، تبدو قناة محلية لبنانية أكثر من كونها قناة أمريكية ويسيطر عليها شلة من بقايا الحرب الأهلية وبنفس التوجه والايدولوجيات مع مجموعة من تليفزيون صفوت الشريف المصرى الرسمى الأمنى الراكد، حتى أن طارق الحميد رئيس تحرير الشرق الأوسط اعتبرها "خطيئة واشنطن". ويعزو طارق الحميد فشل الحرة بدوره إلى الفريق العربي حيث كتب "قرار تسليم الحرة للفريق العربي يشبه خطأ بول بريمر بتسريح الجيش العراقي بعد سقوط صدام. وجود تلك المؤسسات الإعلامية الضخمة في أيد عرب على هذه الشاكلة يشبه وجود طائرة عصرية بيد محمد عطا. فمن عرف الإعلام الأمريكي، وعمل في واشنطن، يشعر بالصدمة وهو يشاهد فضائية تخرج بهذا المستوى، فآخر ما توقعناه هو أن تبيع لنا واشنطن بضاعتنا الرديئة"(1).
يقول المعلق السياسي بجريدة الأهرام سلامة أحمد سلامة لرويترز إنه يجد قناة الحرة "مملة"، مضيفاً أنه لم يلتق بعد بمن أبدى رضاه عن هذه القناة.
يقول السفير الأمريكي السابق وخبير الدبلوماسية العامة وليم روغ لصحيفة الفايننشال تايمز " إن المشاهدين يصفون الحرة على أنها محطة لبنانية باهتة متوسطة الجودة مصبوغة بصبغة لبنانية تعكس الأصل الاثني للعاملين فيها"(2).
ويقول سعد الدين إبراهيم مدير مركز بن خلدون " الذين كان لهم موقف مبدئي ضد القناة استراحوا وتنفسوا الصعداء، لأنها لم تجذب الاهتمام واولئك الذين كان يتوقعون منها خيراً كقناة أمريكية حرة ليبرالية أصيبوا بشيء من الإحباط وخيبة لأمل. المجموعة العربية التي قادت الحرة لم تنجح. كنت أتوقع أن تكون في مستوى س.إن.إن عربياً لأن كل من يعملون في سي.إن.إن أغلبيتهم من حيث القيادة والتخطيط أمريكيون وتستعين بخبرات غير أمريكية إذا احتاج الأمر. فكنت أتوقع أن يحدث نفس الشيء في الحرة وخاصة أنها ممولة تمويلاً جيداً وتبث من واشنطن مقر السياسة الأمريكية وحيث تكون هناك قصص إخبارية كل لحظة بل كل دقيقة بل كل ثانية فيما يستحق أن يراه العالم ويتطلع العرب لمعرفته. فمثلاً رغم توفر كل شيء للحرة فإن قناة الجزيرة و قناة العربية غطتا الانتخابات الأمريكية أفضل عدة مرات من الحرة. وعندما سألت حتى أهل قريتي في ريف مصر عن الحرة قالوا أن دمها ثقيل وجافة وبلا روح "(3)
ويمكن تحديد أسباب تعثر القناة فيما يلي:

أسباب تتعلق بالعاملين في القناة:
أولاً - الكفاءة المتدنية للعاملين العرب بالمحطة
العاملون في قناة الحرة معظمهم كفاءتهم المهنية متدنية بالنسبة لنظرائهم في القنوات العربية الإخبارية ا لناجحة، ومعظمهم ليس لديه لا الخبرة ولا الدراية السياسية وخاصة بالشؤون الأمريكية، وأيضاً لا يتحدث أغلبهم اللغة الإنجليزية. كيف يستطيع إعلامي لا يعرف شيء عن أمريكا أن يقدمها للعرب، وبالطبع ليس هناك مقارنة بينهم وبين مستوى الإعلاميين الأمريكيين. ويرجع ذلك إلى طريقة اختيار العاملين فقد عهد بكل شيء إلى مدير الأخبار العربي موفق حرب وكما يقول هشام ملحم الأعلامى اللبنانى في واشنطن "لم تكن هناك رقابة، وكان هذا الرجل (حرب) يتولى وحده تعيين العاملين ويحدد مرتباتهم ويفصلهم متمتعاً بحماية نورمان باتيز وكينيث توميلنسون"(4). وهذه السلطات الواسعة التي منحت لحرب بالإضافة إلى كفاءته المهنية المتدنية أدت إلى بناء المؤسسة بأكملها على أسس غير صحيحة وبكفاءات لا تستطيع المنافسة في فضاء مفتوح، وكما يقول المحلل السياسي سلامة نعمات " موفق حرب صحفي من الدرجة الثالثة يستخدم صحفيين من الدرجة الرابعة معظمهم لا يتقن الانجليزية، ولا يعرفون الكثير عن الشرق الأوسط فضلا ً عن أمريكا، ولا تجد صحفياً ذا شأن من الشرق الأوسط يعمل هناك"(5).
يقول مأمون فندي "لا لم تكن هناك أهمية للقواعد التي تحكم الشبكات، وأن هيئة إذاعة الشرق الأوسط تدير محطات لا ضابط لها وكان ينبغي وضعها تحت الرقابة، لقد بدت الحرة مثل دول الشرق الأوسط التي نريد تغييرها، ويديرها ديكتاتور صغير وفاسد تماماً"(6).
ويقول سمير الدومليحي مدير الأخبار السابق في راديو سوا والذي ساعد حرب في إنشاء الحرة "إن حرب لا تعنيه المؤهلات المهنية الحقيقية".
والحقيقة التي لمستها بنفسي أن حرب يكره أن يعين أي كفاءات أو شخصيات معروفة لانه يشعر إنها تهدد مركزه فى القناة، وقد قدمت برنامج سياسي لمدة سنة في هذه القناة، وأدركت منذ اللحظة الأولى مدى تدني الكفاءات وقلت ذلك بعد شهرلمسؤول فى هيئة البث ،أن هذه القناة ستفشل إذا استمرت بالاعتماد على هؤلاء وبهذا الاسلوب فى الأدارة. وقد رفض موفق حرب الموافقة على تقديمي البرنامج وقال لي عندما قابلته في الشهر الأول لبدء إرسال القناة أنت شخصية معروفة في واشنطن ومحلل سياسي بارز وستكون إضافة لقناة الحرة ولكنه تركني ستة أشهر يماطلني في كل مرة أتصل به قبل أن يأمره مسؤول أمريكي أن يعطيني برنامج. ولتدنى الكفاءات فشلت القناة كما يقول سعد الدين ابراهيم في "تقديم سجالات وحوارات عربية - أمريكية متميزة أو تغطية من الطراز الأولى للأحداث الأمريكية".
ويقول سلامة نعمات "كنت أتوقع أن تفتح الحرة أبوابها لجدل وحوار حقيقي حول انتهاكات حقوق الإنسان العربي، حول الممارسات القمعية في الدول العربية، حول الفساد ونهب الحكومات لثروات شعوبها. كنت أتوقع أن تقتحم الحرة المحرمات والتابوات. إلا أنني أصيبت بخيبة أمل عندما أثبتت قناة الحرة أنها ليست أكثر من قناة تخضع لمفهوم العلاقات العامة لاسترضاء الأنظمة العربية المتخلفة"(7).
كل ما فعلته الحرة أنها قدمت برامج باهتة لما تقدمه الجزيرة والعربية، وبنفس الضيوف، فالحرة نسخة ممسوخة من القنوات الفضائية العربية.

ثانياً - الشللية
عندما تغيب الكفاءة، وتغيب الرؤية، وتغيب المساءلة، وتغيب الإدارة المنضبطة تكون الشللية والمصالح والعلاقات الشخصية هي التي تحكم العمل، وهو ما ذكره تقرير المفتش العام لوزارة الخارجية عن السنة الأولى حيث ذكر "الافتقار إلى رقابة موحدة جيدة في معايير تعيين العاملين وتقديم التقارير عنهم.". في قناة من المفترض أنها تروج للديمقراطية في الشرق الأوسط يديرها شخص واحد ديكتاتور يتحكم في كل شيء، وقد قام بتعيين شلة من أصحابه في المواقع الهامة وبمرتبات كبيرة وبدون النظر إلى كفاءاتهم المتدنية، ويتحكم في كل شيء، في نوعية البرامج والضيوف وتحديد المرتبات السنوية، وهو وحده الذي يقوم بالتعيين بدون أي معايير مهنية أو قانونية، وفي غياب كامل للدور الأمريكي، ويدير القناة وكأنها ملكية خاصة له ولشلته مثل أي دكتاتور عربي فاشي، وتنعكس عداءاته ومواقفه على كل شيء في القناة. هل يتصور أن مدير البرامج لا يعرف شيئاً عن السياسة وكل خبرته إنه كان مخرجا في المحطة اللبنانية التي أغلقت MTV، وترك القناة ليذهب إلى شركة كوانتم اللبنانية المتهمة بعلاقات فساد مع مسؤولي الحرة. هل يتصور أن يتم تعيين صديق لحرب، محلل سياسي بمبلغ حوالي 000ر80 دولار سنوياً ليتحدث حوالي عشر دقائق أسبوعياً ينتقد فيها كل ما هو أمريكى بتحليلاته السطحية الركيكة . هل يتصور أحد أن يدفع مرتبات خرافية لمذيعين ومذيعات في بيروت ودبي لم يظهروا منذ فترة تزيد عن ستة شهور على القناة ويحصلون على مرتباتهم بانتظام.
ناهيك عن السياسة التمييزية الواضحة والتي قال عنها المحامي ستيفن بيتنر لأمريكان بروسبكت "نحن نعلم أن حرب كان يتبع سياسة تمييزية في التعيينات والترقيات ومعاملة المذيعين العرب ذوي الخبرة، وجميعهم حاصلون على الجنسية الأمريكية لصالح موظفين صغيري السن تنقصهم الخبرة وكثير منهم لبنانيون". وفي الوقت الذي لا يستطيع الرئيس الأمريكي أن يقول لموظفة صغيرة أن ساقيها جميلتان، فإن ما سمعت عن التحرشات والعلاقات الجنسية واستغلال السلطة لو صح هذا الذي يتردد، لكنا أمام وضع لا يقبله أحد.
إذا قدر لك أن تزور تليفزيون الحرة فآخر شيء ممكن أن تفكر فيه إنك في أمريكا، إنه قطعة من دولة عربية فاسدة في كل شيء. حتى الضيوف تسمع، موفق لا يريد مأمون فندي ولا فؤاد عجمي ولا شبلي تلحمي ولا وليد فارس ولا دانييل بايبس ولا ... الخ وقد أنضم اإلى هؤلاء مجدى خليل وسلامة نعمات.وقد بذلت جهودا حتى وافقوا على استضافة وليد فارس عدة مرات واستضافة دانييل بابيبس لمدة دقائق في أحد برامجي عن الجماعات الإسلامية وفشلت في مشاركة فندي. وياللعجب هناك مثقف مصري تم استضافته لمدة خمس ساعات في برنامج حواري واحد في اقل من سنة لأنه تم التوصية عليه من عربي يعمل في مكتب ليز تشيني بدون النظر إلى احتياجات القناة!!،ما هذا العبث؟ إنه لا يحدث في إعلام أمراء الخليج.

ثالثا : هل تسللت المخابرات العربية للقناة؟
في مقالة لي بالإنجليزية عقب افتتاح القناة (8) ، حذرت من السيطرة المستترة للانظمة العربية على برامجها وأهدافها من خلال بعض العاملين في القناة ومؤخرا كتبت الباحثة المعروفة هالة مصطفي في الواشنطن بوست ما نصه "وتخضع وسائل الإعلام في مصر لسيطرة الأجهزة الأمنية، ويصدق هذا على محطات التليفزيون بما فيها قناة الحرة، وهي القناة الفضائية التي ترعاها الولايات المتحدة، والمفروض أنها تقدم أخبارا لا تخضع للرقابة من وجهة النظر الأمريكية. ومنذ البداية خضع عمل الحرة في مصر لسيطرة مستترة من قبل أجهزة الأمن، وهذه حقيقة ليست ظاهرة أمام المشرفين على المحطة في واشنطن. ولأجهزة الأمن صلات وثيقة ببعض مديري المحطة واختارت بنفسها الكثير من مراسلي المحطة، بل حتى لها الكلمة الأخيرة حول اختيار الضيوف الذين يظهرون في البرامج، نتيجة لهذا فإن إي شخص ينتبه بعناية إلى لهجة البرامج الاعتيادية والآراء المطروحة سوف يلاحظ أن الآراء الليبرالية والتقدمية والصريحة، تقدم دائما على إستحياء. وإن كان من المفروض أن تكون الحرة منبرا ينبض بالحياة والحرية فقد أخفقت في توفير ساحة حقيقية للآراء المتوازنة ولذلك عجزت عن منافسة قناة الجزيرة الإسلامية والعربية لسان حال العروبة". (9)
وكتب أرت ليفين "أن العلاقات الودية بين موفق حرب وأنظمة عربية معينة صبغت الأخبار التي تذيعها الحرة ، مع تغطية ناعمة بوجه خاص مخصصة لقطر وتونس، لأن بولا يعقوبيان، زوجة حرب كانت تؤدي عملا كخبيرة عامة لخدمات الإعلام لحكومة تونس". (10) والغريب بعد هذا كما يقول ليفين أن حرب يلفق أمام الكونجرس قصص نجاح ويسحر كبار الشخصيات في الحزبين الجمهوري والديموقراطي ويقدم إنتاجا يبدو ممتازا مهنيا أمام الأمريكيين الذين لا يعرفون اللغة العربية.
والأكثر غرابة أن مسئولة التواصل في قناة "الحرة" داري كلاين ترد على الصحفيين وتسهب في مدح القناة وبرامجها وهي لا تعرف شيئا عما يدور ولا تفهم اللغة العربية.
والعجيب بعد الاختراق التي تحدثت عنه هالة مصطفي أن يدعي موفق حرب أمام لجنة الاستماع في الكونجرس مؤخرا أن الحرة فوق الخلافات العربية وتؤدي مهمتها بعيدا عن هذه الخلافات ولهذا تفوقت في أدائها على "العربية" و"الجزيرة" في تغطية الانتخابات المصرية.
تخيلوا مذيع في قناة الحرة فى واشنطن أرسل لجريدة الأهرام المصرية من واشنطن رسالة ينتقد فيها بشدة مقالة سعد الدين إبراهيم الذى أنتقد فيها مبارك لانه لم يسمح للمقيمن خارج مصر بالانتخاب ،وقال هذا المذيع "كان في نيتي تأجير عدد لا بأس به من الاتوبيسات والتوجه إلى مقر السفارة المصرية لنقول كلمة واحدة لمن أفني عمره في خدمة مصر، نعم لمبارك من آجل مصر.. نعم للرجل الذي جعل مكانة مصر خارجيا عالية خفاقة.. نشارك في مستقبل بلدنا بدلا من أن ننهش فيه بأسم مطالب الإصلاح والتغيير خاصة ونحن في الخارج نعلم ماذا يريده البعض من مصر"(11).
فهل مثل هذا الشخص يمكن أن يدافع عن خطة أمريكا لإصلاح ودمقرطة الشرق الأوسط؟؟!!
إن أغلبية العاملين في القناة جئ بهم من منطقة الشرق الأوسط وهم مرتبطون بالعرب والمنطقة العربية أكثر من إيمانهم بالقيم الأمريكية ورسالة أمريكا التي أنشئت القناة من اجلها. ففي أحدي النشرات قالت مذيعة من قناة الحرة " ما تسميه أمريكا بالإرهاب،" ولم تقل الإرهاب وهو نفس المتبع في قناة الجزيرة، وقد قام المعلق السياسي سلامة نعمات بتسجيل نشرة تصف الانتحاريين في حركة حماس الذين يفجرون أنفسهم في المدنيين بناشطي حماس. ويقول مأمون فندى "هناك ناس في الحرة وسوا بكوا على سقوط صدام حسين".(12). فإذا أضفنا إلى ذلك أن أكثر من نصف البرامج السياسية تقدم من منطقة الشرق الأوسط ، فهل يستطيع أن يدافع عن أهداف قناة الحرة ورسالة أمريكا لإصلاح الشرق الأوسط أعلامي عربي يعيش هناك؟
ولكن الأخطر من كل ذلك الأجندة الخاصة للمدير العربي موفق حرب والتي انعكست على كل شيء في القناة وعلى سبيل المثال وليس الحصر (13)
● فى أول يوم بث لقناة الحرة وصف موفق حرب رئيس ليبيا القذافي بأنه إرهابي على الهواء مباشرة، ورفض إجراء مقابلة معه كنت قد رتبتها واخذت موافقة الرئيس القذافي عليها، لأنه في حالة عداوة مع القذافي الذي يعتقد أنه اختطف الأمام الشيعي موسي الصدر. أيضا رفض لي طلب إجراء مقابلة من الرئيس بشار الأسد، وعلمت أنه لا يريد إحراج بشار الأسد حليف حزب الله. ومؤخرا اجرى مذيع هناك حوار مع القذافى كنوع من التقية بعد أن عرف المسؤولون الامريكيون القصة من مقالة لى بالانجليزية.
●في برنامج لي عن الحركات الإسلامية في العالم العربي، رفض موفق حرب وصف حزب الله بأنه منظمة إرهابية حسب التصنيف الأمريكى، ورفض وصف الثورة الإيرانية بأنها ساعدت على ظهور الإرهاب في الشرق الأوسط.
●رفض تكملة برنامج لي عن "توريث الحكم في الجمهوريات العربية" رغم أنني قمت بتسجيل لقاءات مع تسع خبراء عالميين من بينهم عرب ضمن أكثر من 25 خبيرا كانوا سيتحدثون في الموضوع وأعتقد أن ذلك خوفا من إحراج أصدقاءه في "الأنظمة العربية المستدة".
● هناك أربعة منتجين للبرامج السياسية مسئولين عن إعداد الأسئلة وأستقدام الضيوف العرب ثلاثة منهم من جنوب لبنان يرفضون وصف حزب الله بأنه منظمة إرهابية مخالفين بذلك القوانيين الأمريكية ويعملون وفقا لأجندة رئيس القناة الخاصة.
●قال لي موفق حرب، إنه لا يستطيع أن ينتقد الأنظمة العربية بوضوح لأنه لو حدث ذلك مثلا وانتقد مصر مثلا سيتصل مبارك بوزير الخارجية الأمريكية ويشتكي، ووقتها سوف يقيلوني من منصبي ولن ينفعني أحد. هل سمعتم عن القبض على مراسل قناة الحرة في أي دولة عربية أو احتجاج أي نظام عربي على ما تقدمه الحرة؟ الأجابة طبعا لا، لأن القناة تقدم أعلام باهت ولم تتناول القضايا المسكوت عنها مثل كشف الفساد ومحاربة الاستبداد ودعم الحريات والديموقراطية.. بل أن أغلب وسائل الإعلام العربية والصحف العربية الكبري ترفض نشر أي نقد لقناة الحرة لأن القناة ضعيفة وغير مؤثرة من ناحية ولأنها لا تنتقد الأنظمة العربية التي تسيطر على وسائل الإعلام هذه من ناحية أخرى، وهناك ما يشبه التأمر مع الأنظمة والإعلام العربي على هذه الحالة البائسة.
●يتحدث موفق حرب لغة مزدوجة وعندما يتحدث مع المسئولين الأمريكيين يتظاهر بأنه حامي القيم الأمريكية والمصالح الأمريكية ولكنه ينفذ عكس ذلك في الواقع، بل أنه يطلب حماية خاصة من السفارات الأمريكية أثناء زيارته للشرق الأوسط ليوهم الجميع بإنه مستهدف وهناك خطر على حياته وهو جزء من التقية التي يمارسها. منذ اليوم الأول لم يهتم السيد حرب بتطوير القناة حيث انه لا يملك رؤية لذلك، ولكن كل دوره أنحسر في تسويق نفسه لدي الإدارة والكونجرس بأنه الشخص المناسب لإدارة القناة.
●أستطاع رؤساء حرب في واشنطن كينث توملينسون وصديقه كارل روف ، ونورمان باتيز وصديقه السيناتور بايدن، تكوين لوبي يدافع عن القناة وعن أخطاءها ويحاولون منع أي تحقيق جاد أو تقييم لهذه القناة، وكأنها خارج السيطرة وممنوع محاسبة أو مساءلة من يقوم بإدارتها. بل كالوا المديح لموفق حرب ضاربين عرض الحائط بكل ما يقال عنه.

أسباب تتعلق بسوء الإدارة
أولا :الفساد
في التقرير البحثي المطول الذي قدمه الصحفي أرت ليفين في مجلة أمريكان بروسبكت بعد شهور من التحريات كشف من خلاله جوانب عديدة من الفساد والتبذير وسوء الإدارة في قناة الحرة والتي أنفق عليهما حتى الآن حوالي 200 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكي والذي من المفترض أن يحصلوا على 80 مليون دولار للسنة المالية القادمة.
يقول أرت "النفقات التي تحيط بها الشكوك متورط فيها عدد من الشركات والموظفين والمقاولين من مرتبات ومنح ضخمة أعطيت للمحاسب من بينهم بعض الشيعة الأصوليين الذين لا يملكون خبرة أذاعية كافية ومهارات لغوية إنجليزية، إلى ملايين الدولارات على عقود مشتريات أعطيت لأصدقاء حرب في واشنطن وبيروت وفوق كل هذا انفقت الحرة عند إنشائها 10 ملايين دولار على مشاريع كمبيوتر نفذ من غير اتفاق مخالف ممارسات المشتروات المتبعة مما أدي إلى إنهيار المشروع، كما تشكك المنتقدون في المرتبات السنوية للمديرين التنفيذيين فى الشبكة والتى وصلت إلى 250 الف دولار أي أكثر مما يتقاضاه نائب الرئيس تشيني"(14).
في تقرير أرت ليفين تذهلك الأرقام 80 ألف دولار مرتب سنوي لحنان عاملة المكياج وصديقة زوجة حرب، أيلي الخوري أحد أصدقاء حرب وشريك في شركة كوانتوم للاتصالات حصل على إعلانات عن الحرة بواقع 125 ألف دولار للأعلان الواحد، 250ألف دولار لإنشاء الموقع البائس عديم الجدوي لقناة الحرة على موقع الانترنيت، ونصف مليون دولار عن عمل غير محدد أسمه تنسيق البرامج، وهي برامج جاهزة أصلا ولا تحتاج إلى تنسيق كما منح موفق حرب عقد ترجمة بمليون دولار ونصف إلى مجموعة كابيتال كومينكشن والتي يديرها أمريكي من أصل لبناني أسمه كرم الياس،وقد لاحظت من أول أسبوع لي في قناة الحرة أن الضيف يوقع على ورقة باللغة العربية بالمكافأة التي حصل عليها مقابل ظهوره بأسم هذه الشركة في لبنان وليس بإسم قناة الحرة، وقال لي أحد المنتجين أنها شركتنا في لبنان، ولا نعرف ما هو مصير هذه الورقة المكتوبة بالعربية وكيف ستتم المحاسبة عنها. تقرأ أيضا تقرير ليفين عن المتزمت الشيعي الذي يشرف على العراقية ويحصل على 110 ألف دولار سنويا وخبرته محدودة ولا يتحدث الإنجليزية، ويستشهد في أحاديثه بالإمام على والنبي محمد، وأرغم مذيعة على ترك المحطة ،وهي نهار رمضان، لأنها كانت تعيش مع صديق قبل أن تتزوجه.
خلاصة التقرير الذي كتبه أرت ليفيين أن الحرة غارقة في الفساد، وسوء الإدارة، والشللية، وتدني الكفاءة المهنية، والعمل لصالح الأنظمة العربية وليس أمريكا. ويعزي ذلك وليام روغ السفير السابق وخبير الدبلوماسية العامة " أن مسائل المخالفات المالية والتحيز في برامجها تعود إلى الإفتقار إلى المحاسبة المناسبة من جانب مجلس حكام الإذاعة وهو وكالة فيدرالية مسئولة عن الإذاعات الأمريكي فيما وراء البحار"(15).
ولم يقتصر الانحراف في قناة الحرة على الفساد المالي والانحراف السياسي لبرامجها بل وصل كذلك إلى استطلاعات الرأي العام، وهناك شركة خاصة تقوم باستطلاعات رأي تفصيل للقناة حتى تظهر للإدارة الأمريكية اكتساح الحرة للمشاهدين في الشرق الأوسط.
وهناك كما يقول اليفن سيندر تلاعب بطريقة استطلاعات الرأي لصالح إظهار صورة متفائلة عن مشاهديها في الشرق الأوسط فاستطلاع الرأي التي قدمتها الحرة عن مشاهديها في العراق تقول إنهم 44% في حين أن استطلاع مستقل يقول أن النسبة 14% فقط والفرق في طريقة السؤال هل رأيت الحرة خلال الأسبوع الماضي، والآخر عن مشاهد الحرة اليوم السابق (16).
وأيضا مشاهدة القناة لمدة دقائق لا تعني الاعتماد عليها كمصدر للأخبار والتحليلات، ولا تعني ما هو ترتيبها بين القنوات، ولا تعني ما مدي مصداقيتها عند المشاهد، ولا تعني درجة تنافستها مع القنوات الإخبارية الأخري.
ففي حين أدعت الحرة مثلا أن برامجها يشاهدها 35 مليون مشاهد عربي فإن دراسة خاصة لسلطة التحالف المؤقتة وجدت أن الحرة احتلت المرتبة الرابعة عشر بين الشبكات ومفضلة من 1% فقط من المشاهدين.
ويقول شبلي تلحمي بمعهد بروكنجز والذي أجرى بحثا لصالح مؤسسة زغبي " أن الشبكة العربية الأمريكية لا تثير اهتمام الجماهير. واظهر البحث الذي قام به أن 2ر% فقط من المشاهدين العرب كانت الحرة هي اختيارهم الأول كمصدر للأخبار وقال تلحمي " قلة قليلة من الناس يشاهدون الحرة ويدهشني أن أسمع أنها تترك آثرا" (17)
وعلق سعد الدين إبراهيم، الذي أرسلت إدارة القناة له نسخة تفصيلية عن أستطلاعات الرآى هذه وعن آراء المشاهدين في الحرة، بقوله"أنا شفت بعض الدراسات التي عملت لتقييم أداء الحرة ووجدت أن المنهجية التي استخدمت ليست منهجية صارمة وليست منهجية موضوعية تماما، وإنما هي منهجية يمكن أن يقال عنها إنها منهجية رخوة وليس فيها الأسئلة المهمة لمتابعة أي قضية.. تسأل أسئلة أولية ولكن يجب متابعة السؤال للدخول إلى العمق.. إنها دراسة تفصيل".(18)

ثانيا: غياب التخطيط
لعل الكلمة المعبرة عن ما يجري في قناة الحرة هي كلمة "الفوضي" فلا يوجد تخطيط ولا تقييم دوري لأداء القناة ولا تنسيق بين البرامج، وإنما الكل يعمل في جزر منعزلة، ولا تجد خطة أسبوعية أو شهرية أو سنوية، وبالطبع غياب الرؤية عن دور القناة أساسا.
كل ما يحدث أن يذهب مقدم البرنامج أو منتجه إلى موفق حرب ويستشيره في موضوع الحلقة وفي الضيوف ويأخذ تعليماته الإمبراطورية وفقا لأجندته الخاصة ورؤيته القاصرة الضحلة. وقد ضغطت عليه ليجلس معى ومع بعض مقدمي البرامج للتناقش في أمور القناة وقد قال لي أثنان من مقدمي البرامج الأسبوعية هذه أول مرة نجلس معه منذ سنة، ولولاك لما جلس معنا، هو يهرب من العمل المنظم حتى يكون كل شيء في قبضة يديه. وأتمني على مسئول أمريكي أن يفاجئه ويقول له ما هي خطتك الشهرية أو السنوية. كل ما يفعله موفق حرب هو الاستعانة بشركة علاقات عامة لتحضير الأسئلة والأجوبة المتوقعة عندما يقابل مسئولين أمريكيين أو خلال لجان الاستماع بالكونجرس ومعي نسخة كاملة معدة له، وبها عدد من الأسئلة المتوقعة واجابات تذكرني بما يقوله المتحدث باسم البيت الأبيض، حتى لا يخرج عن النص أو يرتبك أمام سائليه وخاصة وهو لا يملك رؤية واضحة وعميقة لدوره ودور القناة.

ثالثا: غياب التوزيع الجغرافي
يمكن تقسيم المنطقة العربية في هذه اللحظة التاريخية وحسب الاهتمامات الامريكية إلى خمسة مناطق، سوريا ولبنان، العراق، منطقة الخليج، منطقة الشمال الأفريقي من ليبيا إلى المغرب، مصر والسودان وفلسطين وإسرائيل.
المفروض أن يكون هناك توزيع متوازن بين هذه الكتلة فيما يتعلق بالتغطيات الأخبارية والموضوعات، والضيوف، والعاملين مع التركيز بالطبع على القضايا الساخنة والمواضيع الآنية، وبالطبع علاقة كل هذه الكتل الخمس بالولايات المتحدة باعتبارها طرفا رئيسيا شريكا للمجموعات الخمسة.
إذا حدث ذلك نكون إزاء قناة تعبر عن التيار الرئيسي The Main Streem في الشرق الأوسط، وعن الولايات المتحدة كممول للقناة. ولكن الاختلال هو السمة الرئيسية فهناك تركيز واضح على لبنان وشيعة العراق أكثر من 30% من الضيوف من لبنان وست برامج تبث من لبنان وأغلب مقدمي البرامج من لبنان أو شيعة العراق بالإضافة طبعا إلى الاختلال الواضح في التوزيع الجغرافي للعاملين.
باختصار يمكن القول أن قناة الحرة تحولت إلى بيزنس لبناني، وإلى تركيز صناعة السياسات في أيدي الشيعة.

رابعا: غياب الطرف الأمريكي
الشيء الواضح أيضا في الحرة وسوا، هو غياب الطرف الأمريكي سواء فيما يتعلق بالرقابة المالية أو تنسيق الموضوعات والبرامج أو تحديد الرؤية ورسالة القناة. أن الموظفين الأمريكيين هناك في خدمة العرب، هم لا يدرون شيئا عما يحدث لأنهم لا يعرفون العربية، ولا يعرفون أحابيل العرب. وما يقوله المسئولون العرب للأمريكان ليس هو الحقيقة ،وبالطبع الأمريكيون يصدقون لأنه من المفروض أن الشخص يقول الحقيقة.
بالطبع هناك العديد من الأمريكيين الذين يتحدثون العربية وخاصة السفراء السابقين بوزارة الخارجية، ولا أعرف لماذا لا تستعين بهم هيئة محافظي البث لتقييم القناة ومراقبة البرامج وإدارة القناة. لا أعرف كيف يتعامل محاسب أمريكي مع قصاصات ورق مكتوبة بالعربية لمبالغ كبيرة من الصعب مراقبتها إلا من خلال مكتب محاسبة عربي موثوق به. أنت تحس أن الموظفين الأمريكيين بما في ذلك المديرين تائهون وسط سيطرة عربية على كل شيء تقريبا.
وبالطبع من السمات العربية البارزة هو غياب الشفافية وهو ما نقلوه بجداره إلى قناة الحرة حيث تغيب الشفافية عن كل شيء هناك.
إن إستقالة السيد موفق حرب لا تكفي بل يجب المساءلة عن كل دولار يقدمه دافع الضرائب الأمريكي وأين أنفق هذا الدولار والمساءلة عن ما يحدث في بيروت ودبي والقاهرة، وعنه لماذا لم تنجح القناة في تحقيق رسالتها.
أن هناك إجماع من المتخصصين أن الحرة لم تنجح بل هناك من يقول أنها فشلت فقد ذكرت الفايننشال تايمز "يبدو أن قناة الحرة الممولة أمريكيا والتي أطلقت لتحويل أنظار المشاهدين عن الجزيرة قد فشلت نوعا ما في مسعاها"(19)

ما هو الحل؟
يقول سعد الدين إبراهيم " أقترح أن يطلب من سي أن أن أنها تعمل اوت سورسينح كحل سريع، أما الحلول الأكثر قابلية والأكثر أكاديمية هو أن يكون هناك بورد مستقل لإدار الحرة كما هو شأن ال بي بي سي على أن يكون هذا المجلس فيه إعلاميين وفيه مفكريين وسفراء متقاعدين من الذين عملوا في المنطقة العربية.. هذه الخلطة من الإعلاميين والاكاديميين والدبلوماسيين وربما رجال الأعمال هي الخلطة المناسبة لمجلس إدارة الحرة، ويراقب ويقوم المجلس بأبحاث الرأي العام دوريا بحيث يمكنه التغيير في كل فصل وفي كل نصف سنة بإعادة الهيكلة وإعادة تغيير البرامج والوجوه وما إلى ذلك"(20)
وبقول سلامة نعمات " اقترح إعادة النظر في مشروع قناة الحرة برمته لإعادة صياغة الاستراتيجية الاعلامية والسياسية التي يتوجب أن تحكمها لضمان نجاحها في العالم العربي. ولابد أن يكون القائمون على القناة مؤمنون بمبادئ الحرية والديموقراطية بعيدون عن استقطاب الانظمة العربية وفسادها، ومستعدون لخوض معركة ضد الاستبداد والفساد مهما كان الثمن"(21).
إن قرار إنشاء قناة الحرة قرار صائب فهي تعد أهم أداة أمريكية للدبلوماسية العامة، ولكن لكي تحقق القناة أهدافها تحتاج إلى إعادة هيكلة للعالملين فيها، ولاهدافها ، ولبرامجها، ولإدارتها ويتم ذلك عبر:

أولا : تقييم هذه القناة من فريق متخصص من الاعلاميين والخبراء العرب مثل سعد الدين ابراهيم وسلامة نعمات وهالة مصطفى وعبدالرحمن الراشد وعثمان العمير واحمد الربعى والأمريكيين من المهنيين المتخصصين فى القنوات الامريكية الكبرى، وبشكل علمي مهني لتوضيح أهم الأسباب التي جعلتها تخفق في تحقيق رسالتها، وكيف يمكن تطوير القناة في المرحلة القادمة. وتعد هذه الدراسة جهد تطوعي في إطار هذا التقييم أقدمها هنا لمن يهمه أمر هذه القناة.

ثانيا: الإسراع بالتحقيقات الخاصة سواء التي تقوم بها الخارجية أو الكونجرس، في كيفية صرف الأموال التي خصصت لها، والتدقيق في إدعاءات الفساد، ومعاقبة من قاموا به إن وجد، ويجب أن يساعد مكتب متخصص في المحاسبة من الشرق الأوسط ذو سمعة طيبة حتى يستطيع كشف الالاعيب المكتوبة باللغة العربية والتي تحتاج إلى خبير عربي لكشفها.

ثالثا: لا يكفي جلسة استماع واحدة في الكونجرس وإنما عدة جلسات حول القناة لدراسة وضع القناة ووضع الحلول العاجلة واستراتيجية مستقبلية لتطويرها، على أن يستمع إلى خبراء عرب، وهم الأكثر دراية بأوضاع القناة .إن أدعاءات الفريق العربي أن كراهية قناة الحرة يعود إلى كراهية أمريكا ذاتها في العالم العربي في تصوري إدعاء غير صحيح، فألد أعداء أمريكا لا يستطيعون إنكار قيمة صحفها مثل النيويورك تايمز ، وواشنطن بوست، وول ستريت جورنال ونيويوركر.. الخ وتليفزيونتها مثل CNN, MSNBC
نجاح الحرة كما كتبت في أبريل 2004 وأعود أذكر به يتوقف على التزامها بالمعايير الاتية (22).
المعيار الأول : الالتزام بالقيم الاعلامية الرفيعة في أدائها مثل الصدق، والتوزان، التنوع، الانصاف، الدقة ، وضوح الرؤية، الحفاظ على سرية المصادر وحمايتها، المصداقية ، الاستقلالية ، احترام المشاهد، غرس قيم الاستقامة والشجاعة والعدالة والتسامح وقبول الآخر والعمل الايجابي، والتدقيق والتحقيق من الاخبار.
المعيار الثاني : كونها وسيلة أعلام أمريكية فهي لابد أن تهتم بنشر القيم الأمريكية للمساعدة في تغيير هذه المنطقة المضطربة من العالم مثل الحريات والديموقراطية والشفافية، والأسواق الحرة واحترام قيمة الإنسان والحريات الدينية واحترام التنوع والتعدد الثقافي والديني والاثني واللغوي.
المعيار الثالث: تملك القناة ميزة أنها تنطلق من أمريكا ولهذا يجب أن تنقل أمريكا للعالم العربي سياسيا وثقافيا واجتماعيا عبر استضافة مسئوليين أمريكيين وباحثين من مراكز الفكر وصحفيين وكتاب وتنقل الاحداث الثرية التي تحدث كل دقيقة في المجتمع الأمريكي وفي واشنطن، وكذلك الثقافة الأمريكية والمنوعات والفن. ويمكن أن يتم ذلك عبر استضافة نجوم الفن والتمثيل والغناء ونقل صورة للحياة الأمريكية والمتاحف الأمريكية ورجل الشارع الأمريكي.
أقتراح بسيط يمكن أن ينقل قناة الحرة لتكون القناة الأولى فى العالم العربى بعرض فيلم امريكى يومى حديث لم يعرض بعد فى الشرق الاوسط ، وتتخلل الفيلم نشرة اخبارية قصيرة مدتها ربع ساعة. وبعد انتهاء الفيلم يعرض برنامج سياسى على أن يتم الأعلان خلال الفيلم أن هناك لقاء مع ابطال الفيلم بعد هذا البرنامج،هذا الاقتراح البسيط وغيره الكثير من هذه الاقتراحات سيجعل القناة شديدة الجاذبية للمشاهد العربى عندها يمكن بث برامج سياسية تتخلل هذه المواد المشوقة.
الحرة يجب أن تنقل أمريكا للعرب، ولا تقدم العرب للعرب كما تفعل حاليا، وكما تفعل الفضائيات العريبة، ولهذا يجب نقل أغلب البرامج لتبث من منطقة واشنطن حيث المركز الرئيسي للقناة، ولتبعد كذلك عن استقطابات الأنظمة واختراقات أجهزتها المخابراتية.

المراجع
1-الشرق الأوسط 12 يوليو 2004 (الحرة.. خطيئة واشنطن).
2-Financial Times, Nov.7 2005
3-مقابلة مع سعد الدين إبراهيم حول قناة الحرة.
4-Art Levine, The American Prospect, Nov.7 2005
5-Bad Reception, The American Prospect, Nov.7 2005
6-The American Prospect, Ibid
7-مقابلة مع سلامة نعمات حول قناة الحرة.
8-Mgdi Khalil: What Do We want from Alhurra Watani April 04

9-Ending the Silent War in Egypt, Washington Post, Dec.24,2005
10-Art Levine, Ibid
11-جريدة الأهرام، رسالة إلى بريد الأهرام، 2 أكتوبر 2005.
12-مقابلة مع مأمون فندي حول قناة الحرة
13-Magdi Khalil: Why didnrsquo;t Al-hurra Succeed, Watani Oct.30, 2005
14-Art Levine, Ibid
15-Financial Times Ibid
16-Alvin Sayder, Middle East Times,Dec.9,2005
17-Bad Reception Ibid
18-سعد الدين إبراهيم مرجع سابق
19-Financial Times Oct. 30,2005
20- سعد الدين إبراهيم مرجع سابق
21- سلامة نعمات مرجع سابق
22- Magdi Khalil Ibid

ملاحظة:هذه الدراسة تمت بناء على طلب بعض أعضاء الكونجرس وعدد من المسؤولين المهتمين باصلاح هذه القناة.

مجدي خليل كاتب ومحلل سياسى مصري يقيمفي واشنطن

لائحة الكتب المتوفرة في مكتبة إيلاف


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف