عالم الأدب

السندباد الثائر شيخ المنفى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الشاعر العراقي الكبير كاظم السماوي

كيف لنا أن نبدأ الحديث..؟ وهو القائل:
تصبرتَ.. حتى مَلَّ من صبركَ الصبرُ
فماذا يقولُ الشعرُ، لو هدرَ الشعرُ.. ؟!
هل نبدأه مناضلاً أم شاعراً..؟
جسدي تقطع في الرحيلْ
وفي سديم الليل
تشحبُ في دمي الأصداءُ.. والأضواءُ..
وامتدّ الحصار.. الى الحصارْ
حتى تخومَ الأرضْ
سقف الأرضْ
كم ناديتُ، والأبوابُ موصدةٌ.. ولا أحدٌ

هل نتحدث عن سنين منفاه، وقرائتها تاريخاً سياسياً، حين لا يفقه البعض في السياسة..؟

أيُّ البلاد ؟
وأين ترحلْ، لم تعدْ منها خطاكْ !
كم مرةً..؟
هذا غبارُ العمرِ يسكنهُ صداك
وانت من منفىً الى منفى..
توزّعُك المدائنُ والرياحْ
مازلتَ تبحثُ عن نبيًّ
جمرُ دعوتهِ السلاحْ

هل نتحدث عن مادفعه من ثمن لحبه الكبير للعراق وحلمه ورؤاه الكبيرة..؟

عراقي تخارسَ فيكَ الصدى وضاقَ على الرحب منك المدى
لقد كنتَ يا كعبةَ الثائرين تهبُ اذا ما هضيمٌ شكا

إنه وحده شيخ المنفى، يمكن التحدث عن الموقف الأنساني الوطني، الذي أصبح سلعة للوظائف الكبرى.

طافَ بي الكونُ واجماً طفتُ بالكون فانحسرْ
وعيونٌ تضمني وعيون بها خَزَرْ
عرفَ الدربُ خطوهُ بين من ضلَّ أو عثرْ
شامخَ الرأسِ ما انحنى ثابتَ الخطوِ ما انكسرْ

إنه الشاعر الذي وحده مزق أشعار الغزل، ليبقي أوراق إنسانيته شجرة شاخصة البيان وممزوجة بها أفياء إبداعه الشعري وحركة تفاصيل يوميات منفى موقفه إتجاه حكومات تعسفية حكمت زمن العراق الحديث المطلي بالدم والجوع وتجار السياسة العراقية، سارقي حلم الناس..؟

حجرٌ على حجرِ.. حجرْ
حجر لأحزابٍ حجرْ
لمحزَّبينَ من الحجرْ
ومعصَّبينَ على العمى
حجرٌ... حجر
صحفٌ حجرْ
فكرٌ حجرْ
حلمٌ حجرْ

إنه وحده يمكن أن يرتل لنا " أغاني القافلة " قافلة المسحوقين والمعذبين والفقراء على الأرض، الحالمين بالعدالة في وطن مازال حالماً.

" ولكنا.. هنا نحن في زحمة الأهوالِ أهوالُ
هنا نحن أعاصيرٌ، وبركان، وزلزال "

* * *
وأنا هنا.. انا في جماح اللجةِ الخرساء فمْ
أنا صخرةُ العزم العنيدِ، أنا الزلازلُ والقمم
وأنا هنا، أنا عبر هذا الليلِ عاصفةٌ ودمْ.

وفي زمن تشحُّ به المواقف، نستلهم من شيخ المنفى شاعرنا الكبير " ابي رياض " نستلهم من خطى منفاه تعويذة لسنين منفانا، الذي بدأ يرتبك، حين يبدأ أزلام ومؤيدي ومرتزقة نظام البعث العفلقي سرقت أحلامنا، حتى الصغيرة. وكم كانت أحلامنا كبيرة من أجل وطن كقضية شرف ناضلنا من أجلها..؟. فما زالت مواقفنا عالية الصوت رغم محاولات البعض سرقتها منا والأستهزاء به وتهميشه، على أساس أن منفانا كان سفرة للأستجمام والترفيه والخروج نحو ظلال المتعة وادخار المال. اقول هذا حين يستوزر ضابط الشرطة على الثقافة العراقية، ومن ساهم في التخطيط لقصف طفولة حلبجة كيمياوياً مستشاراً للأمن القومي، أو تعيّن من كان قاضياً في محاكمة بعض المثقفين عند مجازر 8 شباط الأسود مستشاراً للثقافة، وهو من كان أكثر الأدباء العراقيين قرباً لثقافة المؤسسة الأعلامية للنظام، حيث ترأس لجنة اختيار الجوائز التي تمنح لكتاب " قادسية صدام ". رغم هذا فما زالت مواقفنا تمتلك رجالها ومنهم شاعرنا شيخ المنفى. لكن القصيدة الشعرية لدى كاظم السماوي، تبقى في منحاها متأججة نحو الواقعية في بنائها حيث التلازم مابين المحتوى والشكل، فالشكل لديه هو البناء الشعري الحديث، المتوازن على ايقاع التفعيلة المتشظية من بناء القصيدة العمودية الكلاسيكية، والمحتوى هو ذاته المتفردة والمتعاظمة بإنسانيتها اتجاه قضايا الأنسان، والتي تشع بترافتها الطيبة على أركان الكون، ليكون اممياُ وقريباُ جداُ من أفكارها اليسارية. لذا كان صاحب صفحات " الأنسانية " بإمتياز له وحده.
وحينما تكون المعاني الشعرية عند احتكاك وصراع ماهو منطقي وماهو غير منطقي، دون ان يسرف في تبيين خصائص الموسيقى الحادثة من تراكب الألفاظ وتزاوجها كما يفعل شعراء المنابر أي " الشعراء الخطباء " والقابضين من مهرجانات المديح السياسي والأعلامي. فما هو الآ وحده خارج سرب مؤدلجي الجماهير، ليحيد عن الارتزاق كما يفعل بعض الشعراء الآن، متناسين صورهم القديمة.
إن قصيدة شاعرنا كاظم السماوي، هي قصيدة لم تعزف عن ذاتية المعاناة الأنسانية، وهي تلتقط أشياءها من زوايا ليست شعاراتية ولا احتفالية، انها من ذات مساحة الحركة في صورها الشعرية، وهي تتلون ما بين اللون الأحمر لون دم الشهداء ونجمة الثورة، وأزرق بحر سفر المنافي الواسع، وأخضر فيافي النخيل وعشب حدائق الأنتظارات , ورماد خيبات الخسارات المتكررة بشكل مضحك، حيث يبقى السندباد الثائر في وجهين لعملة واحدة، فهو الشاعر وثوري يسار الموقف........
أطفأتْ سرها النجمةُ الأخيرةُ في الليلْ
وارتحل العشبُ
والفصول تدورُ
الولاداتُ، الراحلونَ
المنافي تلملمُ أيامَها
ومازالتَ ايها الملثمُ بالبوحِ
لم تكتحِلْ بغيرِ سواد المراثي
وحزن النخيلِ.. والدم، والموتِ
ولم تبدَّلْ اسمكَ.. يومَ ولدتَ
ويومَ ابتدأتَ.. سراجاً، وفاتحة
ويومَ حملتكَ جوعاً، ومنفىً
وثوباً من الريح.. منشورَ عشقٍ

هذا هو السندباد الثائر الشاعر العراقي الكبير كاظم السماوي شيخ المنفى، كما قرأته في أشعاره وسنين حياته التي عاشها دوماً قريباً من الموقف الوطني، الموقف المليئ بالكبرياء والشموخ

- ما ورد من مقطوعات شعرية هي من قصائد شاعرنا الكبير كاظم السماوي.
- محاضرة ألقيت في أمسية تكريمية للشاعر، أقامها النادي الثقافي الأجتماعي في يوتوبوري – السويد، يوم 22-10-2005.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف