عالم الأدب

دهوك: ثلاثمئة كاتب، في ثلاثة أيام

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مهرجان دهوك، واختزال الثقافة الكردية، إلى عشرين دقيقة


قبل بضعة أعوام، وفي استضافة اتحاد أدباء الكورد، في أربيل، لي، وبعد الانتهاء من محاضرتي، التي كانت، بعنوان: كراكي سليم بركات، والنقاش الحاد الذي صار تالياً، حول أهمية مايكتبه الكورد باللغات الأخرى، وأين يمكن وضع هذا الأدب، الأسئلة التي ظلت عالقة إلى اليوم؛ وكان آنذاك رئيس الاتحاد، الشاعر الشهيد مهدي خوشناو، وببادرة أقرب إلى التكريم، ضمني وسليم بركات إلى عضوية الشرف في الاتحاد، وقد قبلناها بشرف آنذاك؛ هنا ملاحظاتي على مهرجان دهوك الذي جرى مؤخراً، تأتي ضمن هذه العضوية ـ ولأقل العادية، وليست الشرفية ـ، وهي ملاحظات ستكون في مقام الحرص والنقد، بعيداً عن المدائح والسياسة.

***
في الدعوة الهاتفية للروائي الايطالي الكبير "إيتالو كالفينو"، للمشاركة في مهرجان روائي إيطالي، وعندما سأل الروائيُّ الموظفةَ الرقيقةَ، عن عدد المشاركين، فأجابت: خمسة روائيين، وأنت سادسهم. شكرها الروائي، ثم كتب مقالة، مختصرها: ياإلهي، هل لدينا كل هذا العدد من الروائيين، وسنكون ضمن مهرجان الرواية الايطالية؟!.
بالطبع لم يشارك إيتالو كالفينو في اللقاء المذكور.
أستعيد هذه الطالعة الروائية الفذة، وأنا أستعرض تصريحات، رئيس اتحاد كتاب دهوك:
"اكد السيد حسن سليفاني رئيس اتحاد الادباء الكورد ـ فرع دهوك ان الاستعدادت لاقامة مهرجان دهوك الثقافي الاول وصلت مراحلها النهائية، والذي من المؤمل ان يشارك فيه اكثر من(300) شخصية من الادباء والشعراء والكتاب من اقليم كوردستان العراق وخارجه، مئتان منهم من خارج العراق".
أستعيد هذا الرقم المهول، في ثلاثة أيام مهولة للمدينة المنكوبة بهذا الرقم من الكتاب الكرد، تقاطروا من شساعة الكون، إلى الزمن الشحيح: ثلاثة أيام!. أثمت وقت للجمهور المنكوب لرؤية هذا الحشد الخرافي؟ أثمت من وقت لمهرجان ثقافي، تتخطى فيه الكلمة الكردية الحدود، كما جاء في الشعار الكبير، الذي له رونق الستينات القديمة الثورية، على القرن الأنترنيتي غير الثوري؟. ماهي هذه الكلمة الكردية السحرية، وماهي الحدود التي ستتخطاها، في ثلاثة أيام، لثلاثمئة كاتب؟ ربما سيجبنا إيتالو كالفينو، في فانتازياته الواقعية، وليس فانتازيا هذا المهرجان الفانتازي. الأمر برمته على طاولة رئيس اتحاد كتاب الكورد ـ فرع دهوك، واللجنة المشرفة؛ هل حقاً ثمت من لجنة؟ هل استمعت اللجنة ورئيسها، مثلاً، إلى هذا الحشد الثقافي؟. رقم كثير ثلاثمئة، حقاً، رقم لايمكن تصوره، في ثلاثة أيام.

***
الأسماء المدعوة من قبل اللجنة المشرفة على المهرجان، وحسب القائمة التي نشرت، والمرفقة هنا، هي أسماء لها اشتغالاتها الابداعية، والروائية والترجماتية، والحفرية، والقصصية، والشعرية، والفلكية، والفلكورية، والابتدائية، والشهيرة، والاذاعية، والموسيقية، وهي كلها، الأسماء واشتغالاتها بالكردية، وهي المتميزة والبارزة، بحسب شهادة السيد رئيس المهرجان، في تصريحه الآنف، والمنشور في فداحة الأنترنيت:
"وعن الاسماء المتميزة والبارزة التي تم دعوتها للمهرجان قال: كثيرة هي الاسماء البارزة التي ستشارك في المهرجان مثل برويز جيهاني، شاهى بكى سوركللي، حسنى متى، تنكزارى ماريني، ئورديخانى جليلي، حسن قره، دحام عبد الفتاح، كونى ره ش، ديا جوان، كريم اكبر زادة، كليم الله توحدي، مريم قازي، مائدة قادري، خلات احمد واخرين".
والسؤال غير البسيط: من أية مدائح، استقى السيد المصرِّح تقديره لهذه الأسماء، هل قرأ لها؟ والسؤال الثاني البسيط: اية حدود قطعوها هؤلاء، في قراءة عشرين دقيقة من الكون إلى الكون؟. كلمة البروز، هي كلمة لامعنى لها في عرف الثقافة، هي كلمة فقيرة معرفياً وثقافياً وابداعياً، هل سنسأل روائينا الايطالي عن معنى هذه الكلمة؟ ليكن. وسنسأل عن الكتاب الكرد السوريين في المهرجان.

***
مثَّل الشعر الكردي السوري في المهرجان ـ المكتوب بالكردية، بأسماء تالية: فرهاد عجمو، ديا جوان، خلات أحمد، ومحمد حمو؛ وفي التقدير لهذه الأصوات الشعرية التي تكتب مابين كلمات الأغنية والقصيدة المهرجانية، والقصيدة بالعربية، والقصيدة الفطرية؛ كيف يمكن تجاهل الصوت الشعري الكوردي، دون أغنية، ودون مهرجانية، ودون عربية، ودون فطرية: أحمد حسيني، آخين ولات، عبدالرحمن عفيف، عزيز خمجفين، جانا سيدا، دليار ديركي، سليم بيجوك، هوشنك بروكا، هيمن كورداغي، نذير ملا، والشاعرة ديلان شوقي؟ التجاهل على طاولة المشرفين الصفوة الكهنة على المهرجان باللغة الكردية، وليست العربية.

***
الأدب الكوردي باللغات الأخرى القاهرة، وبهويته الكردية المجروحة، هو أدب كردي صرف؛ يقيناً هو ذلك، وإن لم يكن، فليكن أدب مشفوع قادم من كوكب آخر، لكنه، يشتغل على هم، هو هم: "الكلمة الكردية، تجتاز الحدود!!"؛ أدب كبير، له سطوته، وأوصل ثقافة الكرد إلى الآخر القاهر، أو الآخر غير القاهر، هو أدب كثير، وشديد الخصوصية، ووعر، ربما، هو أكثر من حديث وسؤال. لم يلتفت المعنيون به في مهرجانهم المبارك. هو أدب كردي بالعربية، لأسرد هذه الأسماء: سليم بركات، محمدنور الحسيني، لقمان ديركي، محمد عفيف الحسيني، طه خليل، محمد رشو، مها حسن، حسين بن حمزة، أحمد عمر، محمد باقي محمد، عارف حمزة، كولالة نوري، وزردشت محمد.
في مثل هكذا مهرجانات، يكون إسم سليم بركات، حضوره، أوعدم حضوره، اعتذاره، له اعتبارات كثيرة، وكثيرة جداً، أقلّها تكريم كاتب كردي فذ، له ماله من دين كبير في أعناق اتحاد كتاب الكورد ـ فرع دهوك؛ ربما لم يقرؤوه!. هو مترجم إلى الكوردية أيضاً: الريش، دلشاد، الجندب الحديدي، ومؤخرا مختارات شعرية مع حوارات، ترجمها الشاعر هندرين، وصدر الكتاب في كوردستان، وليس في تركستان. هل سيكرم سليم بركات من قبل اتحادات كتاب العرب؟ أيضاً سؤال أضعه على طاولة الذين أشرفوا على اختيار الأسماء، وتقييمها، واعطائها التميز والبروز، القريبة من كلمة المبارزة؛ لايمكن لأحد، في تقييمات عجولة، صحافية، مترددة، وبسيطة، بقول هذا الأدب المكتوب بالعربية، هو أدب ليس كوردي؛ وهو مافعله السيد رئيس الاتحاد، فعله دون تبسيط، فلم يكن من دعوة إلى من يكتب بالعربية، إلا دعوة واحدة فقط، وأخرى لكاتبة كردية بالتركية!. يمكن البحث أنتربولوجياً عن سبب ذلك، وليس أيدولوجياً بالتأكيد، أو لغوياً، هي علوم المهرجان في دهوك، وليست علومي.
واللغة تجر اللغة؛ لغة الفرْس أيضاً، أين الفذ علي أشرف درويشيان، بالفارسية؟.
ثقافة الالغاء غير مقبول، لغة وابداعاً واتحاداً ودعوات، وعناوين كبيرة، وكبيرة جداً، ليس من شأن السيد الرئيس للاتحاد أن يعاقبنا لأننا نكتب بلغة قاهرة، هو نفسه يكتب بها، ويترجم إليها ـ ويرسل ماكتب عن ترجماته بالعربية، إلى جميع المواقع الكوردية، وضمناً تيريز. ومن نماذج كتابات السيد الرئيس بالعربية، رثاؤه للشهيد الشاعر مهدي خوشناو، كتابة ـ خاطرة، ومدائح للشاعر السوري محمد الماغوط، الذي نبهناه ـ آنذاك، إلى موقف الماغوط من الكتاب الكرد، وحصراً في ابداع الكبير سليم بركات. الذي لم يقرأ له السيد الرئيس؛ يقيناً، لم يقرأ له أي شيء، وبجميع لغات العالم الحية منها، أو المنقرضة!. هو الاتحاد، أية رغبة تتملك رئيسه، في الاختيار؟، رغبة إلغائية، لايمكن تفسيرها، إلا في اطار اتحادات كتاب العرب، ومناهجها ـ الالغاء، لمن ليس ضمن نظرية القطيع.

***
كان يمكن تخصيص، يوم واحد اضافي، لبضعة أسماء أدبية كردية، تكتب بغير الكردية، ومنتقاة بتقدير وعناية الصائغين، وكان يمكن ترجمة العشرين دقيقة، إلى الكردية.

***
شاعر كوردي، سوري، مقيم في ألمانيا، يكتب الشعر، وله محاولات بسيطة، هي بضعة محاولات مشوهة في ترجمة الشعر الألماني، إلى الكردية، محاولات اجتهادات ترجمة فادحة، يقول الضالعون في لغة غوته، وسلالته العبثية على يد هذا الشاعر المترجم، كان في المهرجان، وقدَّم ورقة محاضرة تحت عنوان: الترجمة وفعاليتها في تطوير المجتمع والأدب.
ثمت من كتاب كورد، ترجموا دزينة، من اللغات إلى اللغات، أين طوَّح بهم المهرجان، سأحدد أربعة أسماء نقشبندية في الترجمة:
* جان دوست، الذي ترجم من الكوردية إلى العربية، ومن العربية إلى الكوردية، ومن الفارسية إلى العربية، ومن الفارسية إلى الكوردية، ومن الألمانية إلى الكوردية، ومن الكلاسيك الكوردي الفاتن الشاق، إلى العربية، ومن روح المخطوطات إلى روح الحياة، لماذا لم يقدم جان دوست، هذه الورقة ـ المداخلة؟.
* عبدالرحمن عفيف، ترجم من الألمانية مئات النصوص إلى الكوردية، وترجم مئات النصوص الكوردية إلى العربية، وترجم مئات النصوص من العربية إلى الكوردية، وترجم من الانكليزية بضعة نصوص، هي في قيمتها المعرفية والشعرية، وهي في لغتها العالية. لماذا لم يقدم عبدالرحمن عفيف هذه الورقة البطش؟. عبدالرحمن عفيف، قدم موسوعة شعرية ألمانية كاملة، مترجمة من الألمانية إلى الكوردية إلى دار (Bajar ـ المدينة)، لصاحبها كاوا نه مر، في كوردستان الشمالية، وبعد تسويفات سنة من زمن دور النشر الكوردية، أفلس الدار وصاحب الدار، ثم لم تطبع الدار الموسوعة.
* فواز حسين، القاص والروائي والمترجم، المترجم من الفرنسية إلى الكوردية، ومن العربية إلى الفرنسية، ومن الكوردية إلى الفرنسية، لماذا لم يقدم هذه الورقة المترجمة؟.
* الشيخ توفيق الحسيني، وهو لن يحتاج إلى أية افاضة؛ له أكثر من خمسين كتاباً مترجماً مطبوعا. ألم يكن بامكانه تقديم ورقة بعنوان: "الترجمة وفعاليتها في تطوير المجتمع والأدب"؟.
أسئلة حرقة، أسئلة توابل حارة. أسئلة بمذاق مرٍّ ـ مذاق المعقولات الممكنات، وليس بمذاق المزاج والصداقة والابتهالات الفائضة عن حاجة أي كاتب، ليكن الكاتب هو حسن سيلفاني، وليس أحد آخر غيره، أسمِّيه باسمه، لأن كل التصريحات والتوضيحات واللقاءات والاعتذارات، كانت على لسانه، ولاأعرف مم تتألف اللجنة المختارة للدعوات، وماهي الأساسات في توجيه الدعوات؛ الشفافية مقياس الوضوح، والوضوح مقياس أسماء اللجنة، التي نريد معرفة أسمائها، كما يريد الجميع ذلك أيضاً، هذا إن كان ثمت من لجنة مشرفة على الاختيار والدعوات.

***
الكاتب التركي إسماعيل بيشكجي، الذي تعرض للنهش الطوراني الفظيع بسبب من مواقفه الواضحة المدافعة، التي لالبس فيها نحو الكورد، دُعي إلى المهرجان، واعتذر عن الحضور بسبب ظروفه الخاصة؛ كان المفترض، بل الواجب، دعوة كتاب آخرين مناصرين للكورد، ثقافياً: اللبناني عباس بيضون، البحريني قاسم حداد، الشاعر المشرف على جهة الشعر، الموقع الذي حضن الكثير من الأسماء الأدبية الكوردية، العراقي عبدالقادر الجنابي، في القسم القسم الثقافي ـ إيلاف، المصري الفذ إدوار الخراط، الذي له اشارات قوية حول مظالم القتلة البعث أيام المقبور صدام للكرد، والمصري الآخر رؤوف مسعد؛ بالطبع الأسماء كثيرة. سأكتفي بالتذكير بهذه الأسماء فقط، لدورة آتية، وسأذكِّر بالكتاب الأمازيغ أصدقاء الكورد، حقاُ، كتابهم الذين لايتركون حيناً فرصة في معرض الغاء هويتهم من قبل جيرانهم، بمقارنة حالهم بأحوال الكورد ومحنهم، بمحن الكورد.

***
هل دُعي الكبير الروائي الكوردي بالتركية: ياشار كمال، الكوردي الوحيد على قائمة نوبل منذ ولادة ألفرد نوبل، إلى اقامة مهرجان دهوك؟؛ هل وجهت إليه كلمة يتيمة، تحية، مثلما وجه إلى أشقائه الكبار؟!.

***
أين المستشرقون الأوربيون؟ الذين جابوا آفاق كورستان طولاً عرضاً، بحثا عن تفصيلة صغيرة ثقافية ومعرفية عن كوردستان، الهولندي "مارتن فان برونسون"، صاحب الكتاب الشهير "طرق التصوف في كوردستان"، والفرنسية "جويس بلو"، صاحبة المؤلفات الكثيرة عن الكرد ولغتهم وحيواتهم اللغوية.
أين الباحثون الكرد: بيان سلمان ـ التي تتقن أربع لغات، اثنتان مشرقيتان، واثنتان غربيتان ـ، جان دوست، سامي داوود، سامي ملاأحمدى نامي، محسن سيدا، الدكتور فاروق إسماعيل، خالد جميل محمد، جودت هوشيار، الدكتور أحمد محمود خليل، سربست نبي، وعبدو محمد علي، الدكتور محمد عبدو نجاري؟.

***
الأدب الكوردي، وحياته في منطقة خراسان، هو الموضوع الغامض بالنسبة للكثيرين منا؛ هذا الأدب قدم في المهرجان، حسب برنامج المهرجان، مبعثراً، في أيامه الثلاثة، وكان يمكن، جعله ضمن محور واحد، وفي جلسة واحدة، ماعدا هذا المحور (الخراساني)، لم تكن من جلسات نقاش ومحاورة واضاءة على اشتغال ثقافي واحد، بل تعددت المواضيع شرقاً غرباً، شمالاً جنوباً؛ لكن، الشيء الذي لايمكن تصوره أبداً، هو دعوة ثلاثمئة كاتب، إلى اختزال زمني: ثلاثة أيام، لكل مساهم حقه في الحديث عشرين دقيقة، حسبما جاء في البرنامج المنشور؛ في الشعر، يمكن اختزال ذلك الزمن، لكن في المحاضرات والأبحاث، لايمكن عمل ذلك أبداً؛ هو اختصار مجحف، مصكوك دون مسؤولية، بحق العناوين الكبيرة العريضة: حال اللغة الكوردية، في تركيا، منذ لوزان، إلى اليوم (حسن كايا)، وثائق قديمة حول الكورد، في السوفييت ـ سابقاً (يوري نبييف)، الدولة الكوردية، في الشعر الكوردي الكلاسيكي (رشيد فندي)، الأدب الكوردي في الجزيرة (كوني ره ش)، جغرافية القصيدة الكوردية (نجيب بالاي)، تاريخ القصة، وبعض اشكالياتها (حسن مه تي)، تاريخ القصة الكوردية (فرات جَوَري)، حول الأكراد، في الأردن (محمد سِِِِورَكي)، والقائمة الصارمة المحددة في العشرين دقيقة تطول، لكن الذي لايطول، كيف اختزل المحاضرون أوراقهم المعذَّبة، في دقائقهم المعذبة، في هذه الجلسات الفجاءات؟!.

***
بافي نازي ـ القاص والروائي، والمقيم في دهوك نفسها ـ، حليم يوسف، قادو شيرين، وبير رستم، قصاصون من جهات الله الكوردية والمنفية، قصاصون، بالكردية، وليس بالتركية أوالفارسية أو العربية، أو الهيروغليفية، ولاالسنسكريتية، كانوا يتأملون القصة على لوحة القصة في بلاد النرجس ـ بلادنا. لم أنسَ الروائي محمد أوزون، صاحب دزينة من الروايات.

***
رسالة بير رستم المنشورة في آفيستا، والتي فيها بعض مما هو غير وارد في صيغة كاتب، يريد الذهاب إلى المهرجان، ويكتب إلى السيد رئيس الاتحاد ـ فرع دهوك، يورد فيها، بأن الرئيس لم يرد عليه، أيضاً، لماذا يرد الرئيس؟، الرسالة التي لم تكن بحاجة أساساً في ارسالها، من الأديب، الأديب، هو من ستتصل به المؤسسة، وتشاركه في عملها ـ انتاجها. هذا مافعلت المؤسسة مع الروائي الايطالي "إيتالو كالفينو"، وليس العكس، العكس في وضع الكورد وجيران الكورد.

***
وجهت الدعوة من قبل سَدَنةِ المهرجان إلى: (ورئيس الاتحاد العام للادباء في العراق الاستاذ فاضل ثامر والامين العام للاتحاد الفريد سمعان واخرين ـ لم نعرف من هم الآخرون ـ، الى جانب رؤساء تحرير صحف وكتاب آخرين من بغداد)، أليس من صحف ومجلات واتحادات كوردية لم توجه لهم الدعوة: اتحاد مثقفي غربي كوردستان، اتحاد الكتاب الكورد في السويد، مجلة حجلنامه، وأيضاً مشرفو الله الالكترونيين، على المواقع الكوردية الأنترنيتية، وهنا، يمكن تعداد أسماء المواقع دون حرج، دون حرج أبداً، يقنياً دون حرج؛ وفي التعداد الثقافي للمواقع الكوردية الأنترنيتية، سأسمي موقعين فقط، لهما الشأن الثقافي البحت، الذي يقترب من شأن مهرجان دهوك في صيغته المتجددة للدورة القادمة: موقع Tirej، وموقع Mehname، هما موقعان يخدمان الثقافة الكوردية، وليس ثقافة المهرجانات الكوردية أجمعين، ونجومها الضيوف الدائمين.

***
محنة الشعر الكوردي، في المهرجان
يقول برنامج الشعر:
قراءة الشعر
ـ سيقرأ في اليوم الأول: ثمانية عشرة شاعر وشاعرة، لكل شاعر مخصص عشرين دقيقة، وبلغة الأرقام، ثلاثمئة وستين دقيقة، وبلغة الساعات، ست ساعات بالتمام والكمال، ست ساعات لقراءة الشعر!.
ـ سيقرأ في اليوم الثاني: عشرين شاعر وشاعرة. لكل شاعر مخصص عشرين دقيقة، وبلغة الأرقام، أربعمئة دقيقة، وبلغة الساعات، ست ساعات وأربعين دقيقة، بالتمام والكمال، ست ساعات وأربعين دقيقة لقراءة الشعر!.
ـ سيقرأ في اليوم الثالث: اثنان وعشرون شاعر وشاعرة. لكل شاعر مخصص عشرين دقيقة، وبلغة الأرقام، أربعمئة وأربعين دقيقة، وبلغة الساعات، سبع ساعات وعشرين دقيقة، بالتمام والكمال، سبع ساعات وعشرين دقيقة لقراءة الشعر!.
أعان الله، الحضورَ، ومهندسي المايكرفونات، أعان الله المايكرفونات. أعان الله الليل والشعر والكراسي والأوراق الشعرية والصالة؛ أعان الله الساعات.
ماهي الجناية الكبرى على الشعر الكوردي، لو اُختصر عددُ الشعراء من الستين، إلى ستة فقط، أو ثلاثة شعراء؟!.

***
في دورة هذا العام، للمهرجان الشعري العالمي، في لوديف الفرنسية، ولمدة تسعة أيام، وكنتُ ضمن المدعوين، كان البرنامج الشعري لكل شاعر، يحتوي على سبع مساهمات ـ قراءات، مابين قراءة الشعر ساعة كاملة بمرافقة عازف وممثل أو ممثلة فرنسية، تقرأ النصوص مترجمة، وبين ندوة لكل شاعر، يتحدث فيها، ويحاوره الحضور، ومابين قراءات مشتركة مع آخرين قلة، لم تكن من أمسية شعرية جاوزت الساعة الواحدة، فقط الأمسية الممسرحة في اليوم الأخير من المهرجان، التي بدأت في الثانية عشرة ليلاً، إلى الثالثة والنصف فجراً، في عرض النهر ـ أطرافه، العراء الفرنسي العالمي.

***
تسعون شاعراً، في تسعة أيام، في مهرجان لوديف؛ بمعنى عشرة شعراء في كل يوم.
ستون شاعراً، في يوم واحد، في مهرجان دهوك، هذا في حساب جمع الساعات، المخصصة للشعراء، حساباً ـ جمعاً ليس دقيقاً مني.

***
من المؤسسين لتيار التجديد الشعري في كوردستان الجنوبية: شيركو بيكه س، عبدالله بيشو، رفيق صابر، فرهاد شاكلي، ولطيف هلمت؛ لم يكن أحد من هؤلاء في المهرجان.
من الجيل التالي المجدد والفانتازي: هندرين، هاشم سرَّأج، وبختيار علي، جومان هردي، ونه زند بكي خان، لم يكن الأربعة في المهرجان.

***
إبنة دهوك، المقيمة في غوتنبورغ ـ السويد، الشاعرة سلوى كولي، لم تكن مدعوة؟!.

***
ثمت لم أستطع معرفة بعض الأسماء الشعرية، ولم أقرأ لها سابقاً، وهو قصور ربما مني، وعسى أن يكون كذلك، عسى ألاتكون بعض الأسماء مبتدئة ناشئة، تم تمريرها بحجة تشجيع المواهب.

***
(وألقى "برويز جيهاني"، كلمة باسم مثقفي الكورد في أوربا)، في أوربا مئات من المثقفين الكورد من شتات الأرض والسموات، مَنْ خوَّله مِنْ هؤلاء المثقفين، ليلقي كلمة باسمهم، ماذا قال في كلمته الطاهرة.

***
مهرجان، نتمنى ألا يقترب من فداحة مهرجان مربد الفظيع، في دوراته القادمة؛ نتمنى أن يكون قريباً من مهرجان لوديف، العالمي، وليس من الفظاعات ـ الحشد الكبير، الكتاب الفقراء أجمعين.

***
عموماً، الكاتب الكوردي فقير مهلهل، يعيش في عوز، وتنام مؤلفاته في أدراج الزمن الكوردي للناشرين الكورد، في أزمانهم الخافتة البطيئة السلحفاة.
الكاتب الكوردي الفقير، كيف سيطبع كتابه، واستشهادي بنموذج واحد فقط، كان حاضراً في المهرجان: أورديخاني جليلي، القدير البرفسور صاحب الخزينة اللغوية والمعرفية والمخطوطات والحفاظ على إرث كنز كوردي؛ يعيش على راتب تقاعدي ضحل (ستين دولاراً) في الدولة العظمى السابقة. هل سيطبع الاتحاد الكوردي ـ فرع دهوك إرثه ـ إرث عائلته الجليلة: من أخته الجليلة جميلة جليلي، وأخيه البرفسور جليل جليلي، وقبلهما والدهما المتنور الرائد: جاسمى جليل؟. هل سيمنح الاتحاد، وليس غير الاتحاد، منحة تفرِّغ لهذا العالم الجليل؟.

***
تحية حقةً، إلى الجنود المجهولين المنكوبين، بخدمة ثلاثمئة كاتب كردي، في ثلاثة أيام. ياإله ـ ياخودا، أعِنْ يتامى الكون. وكما يقول سليم بركات.

***
اعتذار حسن سيلفاني في موقع آفيستا، بعد انتهاء المهرجان للكتاب الكورد، الذين لم يدعوهم، هو اعتذار بسيط، اعتذار واضح أيضاً، لكن مما هو غير الواضح، أن يقول بأننا لم نستطع الوصول إلى كل الكتاب.. الخ، وسنحاول أن نجمع عدداً أكبر في الدورة القادمة؛ يعني ستزيد حساباتنا: أربعمئة كاتب مثلاً، في أربعة أيام.
المهرجان بحاجة، إلى تقليص العدد، إلى الربع، وأقل من الربع، وليس الزيادة، المهرجان بحاجة إلى تشكيل لجنة صارمةً مختصة كفوءة ومعلنةً الأسماء.

***
حضور الرئيس مسعود البارزاني إلى المهرجان، الذي كان مفاجئاً للجميع، والقائه كلمة، هي بادرة نادرة، لزعيم كردي، يشارك في مهرجان ثقافي؛ هي اشارة، لترجمتها، ترجمة المهرجان من العشواء والصداقات، والاختزال، والثلاثمئة كاتب، والعشرين دقيقة والثلاثة أيام، إلى مهرجان تتخطى فيه، فعلاً الثقافةُ الكوردية، الحدودَ، وليس إلكتروناً وتصريحاتٍ ومدائحٍ.


3 ـ 10 ـ 2005، غوتنبورغ ـ السويد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف