نجيب محفوظ والاخوان المسلمون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: وضع الكاتب "مصطفى بيومي" العديد من الاسئلة أمامه ليتعرف على شخصية الاخوان المسلمون في روايات كاتبنا القدير "نجيب محفوظ"، وبدأ رحلة بحثه في العديد من روايات محفوظ مستخلصاً كل الشخصيات التي تعبر عن فكر الاخوان، محللاً أفعالها ومواقفها، وكيف عبرت عن نفسها من خلال السياق التاريخي والاجتماعي في مصر، فقدم لنا الكاتب نتيجة بحثه وتحليله في كتاب بعنوان" نجيب محفوظ والاخوان المسلمون" صادر عن دار أخبار اليوم لعام 2005، في محاولة منه لتوضيح كيف رسم محفوظ هذه الشخصية بقلمه، وما هي أهم ملامحها الفكرية والانسانية، قدم الكاتب رؤى وافكار الاخوان المسلمين كما يجسدها نجيب محفوظ من خلال عدة محاور منها الاخوان والدين، الفكر السياسي للاخوان، الاخوان والمرأة، الاخوان والوفد، الاخوان والصدام مع ثورة يوليو، الاخوان والسادات والتيارات الدينية الجديدة، الاخوان والشيوعيون.
روايات وشخصيات:
روايات نجيب محفوظ التي استخدمت في الدراسة هي القاهرة الجديدة وشخصية "مأمون رضوان"، السكرية وشخصيات عبد المنعم شوكت، فؤاد الحمزاوي، محمد حامد برهان، رشاد، والشيخ علي المنوفي بالاضافة الى سليم حسن قابيل، ميرامار، تحت المظلة، المرايا وشخصية "عبد الوهاب اسماعيل"، الجريمة، الكرنك، قلب الليل، الحب فوق هضبة الهرم، الباقي من الزمن ساعة، امام العرش، التنظيم السري، يوم قتل الزعيم، حديث الصباح والمساء، صباح الورد وقشتمر وشخصية صادق صفوان، وغيرها العديد من الشخصيات في عالم محفوظ الادبي.
ملخص الدراسة:
تضمن الكتاب مقدمتين الاولى بقلم الصحفية أ.نوال مصطفى والثانية بقلم الكاتب أ. مصطفى بيومي، وهما ملخص عميق لمحتوى الدراسة والبحث في روايات نجيب محفوظ للتعرف على شخصية الاخوان وموقعهم في ادبه، كما صرحت أ. نوال أنه يوجد العديد من الكتب والدراسات في المكتبة العربية تتحدث عن جماعة الاخوان المسلمين وتاريخها، ولكن الوجود الاخواني في الادب المصري سياسيا واجتماعيا وثقافيا وانسانيا لا يحظى بالاهتمام، لذلك يعتبر الكتاب ذا قيمة فكرية مهمة، و شرح الكاتب في مقدمته ان هذا الكتاب هو الحلقة الاولى في سلسلة قراءات تهتم بتحليل المكانة التي يحتلها الاخوان المسلمون في خريطة الابداع الروائي القصصي في مصر، وهي مقدمة لقراءات اخرى لعدد من اهم كتاب الادب المصري الحديث، ومحاولة لتقديم معالجة مختلفة للتواصل مع النص الادبي والحياة، كما اكد بيومي ضرورة التمييز الصارم بين الاسلام والتنظيم الاسلامي لان الخلط يؤدي الى ارتباك فكري، فلا يحق لخصوم الاخوان توجيه الاتهام لهم في دينهم ووطنيتهم وبالمقابل لا يحق للاخوان ان يحتكروا الاسلام لانفسهم، لذلك التزم الكاتب بالمنهج الجاد في كتابه فاعتمد الاسلوب العلمي واستند الى اسس التحليل الدقيقة وكان حريص على الموضوعية والحياد، الدراسة بلا شك تطلبت الجهد والتدقيق العميق لتحليل الشخصية، فقدم الكاتب رؤى وافكار الاخوان في كل من الروايات السابق ذكرها، كما قام بمقارنة بين هذه الشخصيات بناء على المرحلة التاريخية للحدث، كما يوضح الكاتب الالتباس الذي يحدث عند بعض الناس في الخلط بين الاسلام كدين وبين الجماعة كتنظيم سياسي، واستنتج الكاتب ان الفكر السياسي للاخوان كما تجسده روايات محفوظ هو فكر يتسم بالميل الى التعميم والحرص على الغموض والابتعاد عن الوضوح والتحديد، فهم سياسيون يرفعون الشعارات الدينية، ودينيون يعملون في السياسة، بالاضافة الى التأثير الكبير للدين في نفوس المنتمين الى حركة الاخوان و عناصر اخرى ساهمت في تشكيل الشخصية الاخوانية، وأن رؤية الاخوان للمرأة رؤية تقليدية محافظة الى جانب المسايرة العملية للواقع.
ثلاث محطات رئيسية:
واشار الكاتب الى ثلاث محطات رئيسية تتعلق بموقع الاخوان المسلمين في عالم نجيب محفوظ، الاولى ان شخصية مأمون رضوان في رواية القاهرة الجديدة، تمثل الاتجاه الاسلامي من شعارات وافكار الاخوان، وهذه المرحلة التاريخية للرواية سابقة لانتشار وازدهار جماعة الاخوان، فمن خلال البحث الذي قام به الكاتب تم التعامل مع شخصية مأمون على اعتبار انه يمثل البدايات الاولى للحركة الدينية السياسية، والمحطة الثانية انه من الضروري عدم مقارنة وجود الاخوان في عالم محفوظ بوجود الوفديين والشيوعين في رواياته، لان الظروف التاريخية كانت مانعاً لظهور شخصية اخوانية حقيقية تخضع للمقاييس الفنية والانسانية معا وصدامهم الدموي مع ثورة يوليو، فظهرت شخصية محمد حامد برهان في رواية الباقي من الزمن ساعة عندما تغيرت الاحداث وتصالح الاخوان مع السادات، فكانت الشخصية موظفة للهجوم على عبد الناصر وعهده، اما المحطة الثالثة فهي انعكاس رؤية محفوظ الوفدية على ابطاله ومواقفهم السلبية من الاخوان التي تعبر عن التصور الوفدي الذي لا يقبل شريكا في قيادة الحركة الوطنية المصرية.
علاقة الاخوان بالقوى السياسية:
شرح الكاتب في الفصل الثاني علاقة القوى السياسية المختلفة بجماعة الاخوان مثل الوفد، ثورة يوليو في مرحلتها الناصرية، السادات والتيارات الدينية الجديدة، والشيوعيون، من نتائج البحث والتحليل التي استخلصها أ. مصطفى ان الرعيل الاول من الاخوان كانوا وفديين او متعاطفين مع الحزب الشعبي الكبير، وقد تعرضوا للاضطهاد في العهود غير الوفدية والى جانب ذلك ايضا وضح تحالف الاخوان مع مضطهديهم ضد الوفد، ففي عالم محفوظ الاخوان لا يقنعون بالوفد، والوفدين يضيقون بالاخوان وتعصبهم، اما ما يخص علاقتهم بثورة يوليو فكان الاخوان مرحبين بالثورة في بداياتها، وسرعان ما وقع الصدام وشنوا حملات ضارية خالطين بين الديني والسياسي في التعامل مع الثورة وزعيمها عبد الناصر، وانتقل بنا الى العلاقة مع السادات فبدأت بتحالف الاخوان مع السادات ومساعدته في محاربة الخصوم المشتركين مثل العهد الناصري والقوى اليسارية، ثم وقع الخلاف وانتهى التحالف الذي كان من نتيجته ظهور تيارات دينية جديدة اكثر تطرفا من الاخوان انفسهم وهي التيارات التي قتلت السادات، وعلاقة الاخوان بالشيوعيون اتفاق واختلاف، فيتفق الاخوان مع الشيوعيون في رفض واقع الحياة السياسية المصرية قبل ثورة يوليو وبعدها، و يختلفوا في الاجتهادات والرؤى السياسية والاجتماعية، فالشيوعيون كفار ولمحدين بنظر الاخوان، والاخوان بنظر الشيوعيون رجعيين ويمتزون بالازدواجية.
تضمن الكتاب حوارات مختلفة بين شخصيات اخوانية ووفدية وشيوعية بالاضافة الى ابراز مجموعة من المفكرين والكتاب في صفوف الاخوان الذين يعبرون عن التوجه الديني للجماعة مثل شخصية "سليم حسن قابيل" الذي وجد منفساً في الكتابة فوهب لها سنوات من عمره ادت الى ظهور كتاب قيم وهو "العصر الذهبي للاسلام"، ثم تلاه كتاب "اهل العزم والتقوى"، كما احتوى الكتاب على تقديم مفارقات ضمن العائلة الواحدة، فعلي يوسف الوفدي له ولدين اندفعا في النشاط السياسي تحت مظلة الاخوان...ولا يزال الكتاب الحلقة الاولى من دراسة جديدة من نوعها...