الكتاب الخليجي للراحل علي جواد طاهر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عرض فادي عاكوم: صدر حديثًا عن الدار العربية للموسوعات – بيروت – كتاب جديد بعنوان "الكتاب الخليجي" للراحل الدكتور علي جواد طاهر، و لا بد من الاشارة الى ان الدار العربية للموسوعات وفي حديث خاص أوعزت لإيلاف بأنها اشترت مكتبة الدكتور الراحل بكاملها من ورثته و لها الحق بنشر جميع المخطوطات التي لم تنشر سابقًا، و كان من بينها الكتاب الخليجي الذي نشر قسم كبير منه في مجلة "عالم الكتب" على شكل بحث موسع شمل الاقطار العربية السبعة عشرة، وذلك في العدد الرابع من المجلد الثالث \ اكتوبر ونوفبر 1980 و العدد الاول من المجلد الرابع \ ابريل 1983. يتطرق الكتاب حسب التمهيد و المقدمة اللتين وضعتا له، الى الكتاب الخليجي في كل من دولة الكويت،و مملكة البحرين،والمملكة العربيةالسعودية،ودولة قطر،و الامارات العربية المتحدة،و سلطنة عمان، و الجمهورية العراقية ( البصرة ). الا ان عنوان الكتاب لا يدل بشكل واضح على الهوية الحقيقية للكتاب، فالعنوان يوحي بان الكتاب هو عرض للكتاب فقط في منطقة الخليج،بينما يعرض الكاتب فيه لجميع الكتابات في الخليج، من كتب و صحف و مجلات و مخطوطات، مع عرض مفصل لتاريخ كل قطر من الاقطار، فكان من الاجدى ان تطلق الدار العربية للموسوعات على الكتاب عنوان "الكتّاب العرب" فهذا العنوان يدل فعلًا على الهوية الحقيقية للكتاب.
مما لا شك فيه ان الكتاب كان نواة لموسوعة شاملة ارادها اديبنا و مفكرنا الراحل الطاهر، ان تطال جميع الاوراق العربية التي طالتها رائحة الحبر، ف 272 صفحة بالنسبة للدكتور الطاهر ليست الا مقدمة لافكار، فلو امده الله بالعمر لكان كتابه مقدمة في موسوعة ضخمة وشاملة عن الكتاب العرب والمؤلفات العربية.
من المسلم به أن فصل الاقطار العربية عن بعضها البعض أدبيًا، اي الكلام عن كل قطر على حدة، فيه من الصعوبة النذر الوفير، بسبب التداخل السياسي و الاجتماعي و الادبي لهذه الاقطار وعلى مدى القرون المنصرمة، كما وأن اكثر من قطر عرف حدوده السياسية كدولة مستقلة، متأخرًا عن الاقطار الاخرى العريقة في التاريخ، و قد اعتمد الكاتب على اسفار و مؤلفات ياقوت الحموي، لتحديد التوزيع الجغرافي لها، في القديم و الحديث.
دولة الكويت:
يرجّع الكاتب الفضل للتاريخ الادبي في دولة الكويت الى الشاعر الاديب السيد عبد الجليل الطباطبائي الذي هاجر اليها من البحرين عام 1843، و لتلاميذه الذين اكملوا حركته وتحديدًا عبد العزيز الرشيد الذي اصبح رائد التيار الفكري، بعد التحرر و الحداثة التي طالت افكاره بسبب اسفاره المتعددة للعديد من البلدان، كما ان تدفق النفط عام 1945 ساعد على فتح المدارس المختلطة، و كثرت البعثات الى الخارج فكثرت المطابع و الصحف و المجلات التي اتخذت بعضًا من النمط الغربي و اللبناني، بالاضافة الى ازدهار حركة النشر، و تم الاستعانة بمحررين عرب و لبنايين.
و يلفت الكاتب الى ان الشعر قد غلب على الحياة الادبية و الفكرية.
و ياخذ الكاتب على رابطة الادباء الكويتيين، بانها لم تستطع ان تحقق اهداف قيامها، و يطرح سؤالًا حول الحياة الفكرية الكويتية ألا وهو،هل تنتظر جيلًا ثالثًا لاعادة احيائها ؟
و يعدد الكاتب في هذا الفصل معظم المنشورات و الاصدارات الكويتية مع كتابها و ناشريها.
مملكة البحرين:
اما عن مملكة البحرين فيقول الكاتب إن لها مكانة مرموقة في تاريخ الادب و التاليف، و هي في هذا اقدم من الكويت، لكن فكر النهضة دخل الى الكويت قبلها، و من ثم كانت الكويت من العوامل التي اذكت النهضة في البحرين، و اتبعت البحرين الفكر الجديد، و ارتبط الادب و الفكر فيها على نحو كبير بالوطنية و العمل السياسي، كما ان للعلاقة الفكرية مع العراق الاثر الكبير في تكوين النهج الذي سارت عليه الافكار الادبية و الفكرية. ويصنف الصحافة في البحرين بانها تاتي في المرتبة الثانية بعد الكويت، ويرى ان الحركة الادبية ككل ومن ضمنها الكتّاب، تمر غالبا بالبحرين بنوع من الفتور. لكنه يأمل من الجيل الجديد اعتماد الموضوعية بالحفاظ على الاثار الادبية الاصيلة، مع مراعاة مقتضيات التطور الذي اصاب الفكر العربي والعالمي.
المملكة العربية السعودية:
اما عن المملكة العربية فيرى الكاتب ان الحركة الادبية نشطت خلال الربع الثاني من القرن العشرين، و خلال الخمسينات و الستينات، انطلاقًا من التراث الاصيل غير المنقطع،و من متابعة للادب الحديث، مع تأثر واضح بالحركة الادبية في العراق،و بالنهضة الصحافية في لبنان. اما الشعر فهو يعكس بدوره عهد الصورة الحقيقية لعهد الخضرمة و يبين خطوات الانتقال، و الكثير منه لا يزال مخطوطًا، وقد تنوعت موضوعاته، من غزل ورسائل و وصف و مديح و زهديات و مراث، ومن الشعراء البارزين شعراء من آل العمير، و آل مبارك، وآل الملا، وآل الماجد، و كثيرين غيرهم.
كما تمت الاشارة الى الجهد الكبير الذي بذلته المطابع، بخاصة في الدمام، و كان من نتائج انتشار المطابع المحاولات الاولى و الجريئة لاصدار الصحف و المجلات.
وعن الكتب التي صدرت في المنطقة، يرى الكاتب أن اغلبها محاولات فردية تدفع اليها حماسة الشباب و الطموح، و بعض الطبع يحصل عمومًا في العراق، و سورية، ولبنان..... ويوضح ان الجيل الجديد في المنطقة، و في القطيف بالاخص يسعى الى ان يكوّن حركة ادبية، و الى ان يجدد في الشعر و الراي الادبي، و تجلى هذا السعي في نشر قصائد و مقالات في صحافة المنطقة و في مجلات من الوطن العربي. لكن فترت همتهم و ربما خابوا فلم يعودوا اولئك الطامحين النشطين، و انكفأوا حتى عن الحركة العامة للانتاج السعودي في مناطقه الاخرى.
اما القصة فقد كان الشعر فيها استمرارا لشعر قائم و مساوقة للشعر العربي في اقطاره المتقدمة، و لم تكن القصة العربية ذات جذر عميق في المنطقة، لكن من الطبيعي ان نرى بعض القصص القصيرة في الصحافة، و لاسيما في المجلات الهادفة ادبيًا او اجتماعيًا. واشار الكاتب الى جهد شركة "آرامكو" في تشجيع التاليف السعودي من خلال قسمها العربي للدعاية و النشر الذي تصدر عنه مجلة و جريدة "قافلة الزيت " المجانيتين، لكنه بالمقابل اشار الى ان اغلب الكتاب فيها من خارج المنطقة، بل من خارج المملكة.
دولة قطر:
يشيد الكاتب في هذا الفصل بالدور الكبير الذي لعبه الامراء بتنشيط حركة الكتاب في قطر، فقد طبعت المئات من الكتب على نفقة الامراء منذ ايام الشيخ عبد الله، و سار على نهجه،ابنه الشيخ علي، ثم احمد و خليفة، كما لعبت دار الكتب القطرية دورًا مماثلًا. وقد برزت اوائل السبعينات بعض المجلات التي كان لها الاثر الطيب في تدعيم الحركة الفكرية، كمجلة العهد و الخليج الجديد وغيرها. وفي قطر شعراء و كتاب كثر، ومن الشعراء من يزاول الشعر النبطي و منهم من يزاول الفصيح، و من المؤلفين من بدأ تتمة للفترة المظلمة، و منهم من انسلخ عنها و التحق بالركب العربي.
اما عن الصحافة فبرزت المقالة خصوصًا تلك المتعلقة بشؤون الحياة العامة الاجتماعية و غير الاجتماعية، ولحقت المراة بركاب الصحافة، و كان لها مجلة الجوهرة المهتمة بشؤونها.
اما القصة القصيرة فهي حديثة المولد و لا تتعدى بداية السبعينات حيث بدأت طريقها مع مولد الصحافة، و لا تزال في دور النشأة و بداية الطريق، وبالنسبةل لقصة الطويلة او الرواية فلم تر النور بعد. ويقول الكاتب إن طلائع المسرحيات بانت في اوائل السبعينات و افضل من اهتم بها و كتبها الاستاذ عبد الرحمن المناعي.
دولة الامارات العربية المتحدة:
يشير الكاتب بالبدء الى حداثة التاريخ السياسي لدولة الإمارات العربي المتحدة، فانها ولدت في العام 1971، اذا فاي بحث يرجع الى ما قبل ذلك يجب ادراجه مع سلطنة عمان. ومن اولى مظاهر الفكر و الادب، الشعر، أي الشعر النبطي تحديدًا، لكنه مشتت غير موثق، و قلة نادرة من الدواوين رات النور، على الرغم من بروز الكثيرين كسلطان بن عويس. واشار الكاتب الى بعض الاعمال التي قام بها مركز الوثائق و الدراسات، من جمع لبعض الوثائق و ارشفة الصحف و المجلات و الاصدارات الحكومية. ويرى الكاتب ان نهضة ادبية محتملة ستظهر في الامارات قوامها الجيل المتخرج حديثًا المطعّم بالحداثة.
سلطنة عمان:
يقول الكاتب عن الكتاب العماني، بانه لا يكاد يرى شيئا يذكر،و كأنه لم يصدر فيها او لاحد ابنائها كتاب، لكن لدى التمعن تتضح بعض الامور الجديرة بالذكر، و قد يرجع الجهل الى عزلة او شبه عزلة تعيشها السلطنة، و على الباحث ان يجهد كثيرًا ليصل اليها،و هذا بسبب تاريخ عمان الحافل بتنافس الاسر و النفوذ الاجنبي المتعدد.
جمهورية العراق:
اكتفى الكاتب بالبصرة، لانه يرى بان الساحل هو اكثر مناطق العراق مدرارًا للكتاب، و بسبب صعوبة الالمام بالكتاب العراقي كله، لحجمه الكبير. ويتحدث الطاهر عن جيل من الشباب الادباء منهم الشاعر ومنهم القاص، ومنهم صاحب الراي والطموح، الا انهم محصورون في بيئة ضيقة، فلا يسمع احد بهم،و يشعرون بضرورة الخروج بالاسم والانتاج عن دائرة البصرة حاملين معهم مفهومهم الجديد عما يجب ان يكون عليه الادب، و منهم السياب وسعدي يوسف،و زكي محمد الجابر.
ولعبت السياسة دورا هاما عند البعض في انتشار شهرتهمكالسياب، في انشودة المطر، ومنهم من آثر ان يظل بعيدا عن الاضواء و النشر كالشاعر محمود البريكان. اما القصة القصيرة فقد زاحمت الشعر منذ الخمسينات، واسهمت المراة فيها، و برزت بعضهن في القصة الطويلة كسميرة المانع ولديزي الامير. كما يتطرق الكاتب الى اصدرات بعض المراكز المتخصصة كمركز دراسات الخليج العربي في جامعة البصرة، اما الصحافة فيتكلم عن تاريخ نشاتها في البصرة منذ العهد العثماني،حيث برزت عدة صحف و مجلات،لكنها بذلك الوقت كانت قصيرة العمر و محدودة التاثير.
وختامًا لا بد من الاشارة الى ملاحظة وجهها الكاتب في غالبية فصول الكتاب،الى ضرورة القيام بخطوات عملية، لجمع التراث الادبي الخليجي الذي ما زال القسم الاكبر منه مخطوطًا، او مطبوعا شبه مفقود، و على الاقطار الخليجية توحيد جهودها للوصول الى معجم شامل يضم بين طياته جميع المؤلفات العربية.