عالم الأدب

عدنان خير الله طلفاح ما يزال شاخصا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كم قصة يحق لنا نحن العراقيين أن نحكيها في هذا العراق الجديد، وكم رواية ينبغي لنا ان نقصها، لكي نبعد الذين يقفون عند ابواب بلدي وهم يتطلعون لقتل المزيد (آه منكم. يا قاتلي بلدي).

حكايات وقصص.. تبدأ ولا تنتهي..

والحكاية التي تندرج ضمن حكايات سقوط الصنم في ساحة الفردوس، هي سقوط كل تماثيله الشاخصة في عواصم العراق من شماله الى جنوبه،.. سقط مرة واحدة وبرفش حفار قبور السياب.، سقط ثم ابتدأ عهد جديد لا يختلف في حزنه ومأساته عمّا عاشه العراقييون في عهد ذلك النظام.
وثمة ملاحظة لابد لي من ذكرها.، حينما سقط الصنم في ساحة الفردوس، قامت جماعة ناجين للفنون بوضع نصب بديل.، لا تفهم منه شيئا بسبب كثرة الاشارات والتفاصيل التي تتعب العين، وفي حينها امتعض الكثير من النحاتين من وضع هذا العمل في مركز الحدث الذي سقط النظام بسببه، واحسب ان بعضهم – من الفنانين – قد قال: (انتهاز فرصة لاثبات وجود لا اكثر، كان لا بد من المنافسة الحقيقية الخلاقة من اجل اختيار العمل الذي يستحق البقاء كرمز للسقوط والانهيار)، واذكر ان صديقي الصحفي كاظم غيلان قد اشار الى جمال تمثال صدام امام هذا العمل (تمثال صدام اجمل من هذا العمل).

عندما سقط النظام سقطت تماثيله وتماثيل جنوده وفنانيه وسياسيوه، ما عدا بعض النصب التي ما تزال تذكرنا بالحرب.

بعد 9 نيسان، سقطت كل الدكتاتوريات الايقونية، إلا ذلك الذي ظل ماثلا امامنا وبكل وقاحته - مع ابتسامة عالية على وجهه –ومفخخاته واطلاقاته الطائشة.

وستسألون من هذا؟
وساجيبكم بما يأتي:
من اغرب ما مر به العراق في ظل الراهن السياسي والثقافي والفكري، هو وقوف ذلك التمثال (عدنان خير الله طلفاح) وبكل جدارته وحقارته على نهر دجلة الخير في المنطقة التي ينتمي اليها امام مديرية التقاعد العامة، شامخا وشاخصا، يتطلع الى المزيد من المفخخات من اجل عراق سعيد، يحترق من شماله الى جنوبه بسبب خيانتنا القائد – الجرذ.ومن المؤسف في تلك الايام حينما عملت على تحرير الصفحة الاخيرة في جريدة القاسم المشترك التي يرأسها الناقد محمد مبارك، رفض (الناقد محمد مبارك) نشر تحقيق مشابه يتحدث عن سر بقاء هذا الصنم، لان عدنان – وعلى لسانه – شخصية وطنية – يا للمهزلة -.
استغربت من بقاء ذلك التمثال على حاله – ولهذه اللحظة - دون ان يسقطه احد من العراقيين، ليبعدوا عنهم الخرائط التي كان يقدمها في الحرب العراقية الايرانية بوصفه قائدا حربيا.
رحنا انا وصديقي الشاعر محمد راضي شارف نبحث عن شخص يدلني على سر بقاء ذلك التمثال، وقد استشرت خبرتي العشائرية، فذهبت الى منطقته التي تقع خلف ظهره، قلت لصاحب المقهى المجاور..
ماهو سبب بقاء هذا التمثال.؟

صمت لحظة، ثم اجاب:

-ها. سر بقاء هذا الرجل.. انه قتل مظلوما من النظام المقبور، فالعراقيون يحبونه، ويدركون جيدا بانه ضحية النظام الساقط.
ظل يحكي. وانا اضحك في اعماقي طبعا – ما هذه المهزلة -.
وقفت عند محل بيع خضار مجاور، وسألته السؤال نفسه، واجابني بالجواب عينه.
ولقد ازداد فضولي ، فمضيت اسأل ذاك الشيخ الذي يبيع السكائر عند قدم التمثال، قلت له:
-هل تحبه.؟
استغرب.. ثم قال:
-لم اسمع ! اعد السؤال.

قلت له. هل تحب هذا الذي تجلس عند قدميه:
ضحك ثم اجاب:
-كلا.
ثم ساد الصمت.
ولكي لا اكون خارج حدود الحقيقة، لابد من ذكر الحادثة التي تعرض لها هذا التمثال إبان دخول القوات الامريكية، فعند دخولهم بغداد ووقوف بعض القوات عند مديرية التقاعد العامة وقرب هذا التمثال – يقال- بأن بعض الجنود وقفوا وهم يؤدون التحية له.
ولكي استثمر هذه المفارقة، ذهبت الى بناية التقاعد العامة التي يوجد داخلها – في حينها – بعض الجنود، وقد سألت ذلك الجنرال الامريكي الذي يقف في احدى الغرف في البناية..
سألته:
-ماهو سر بقاء هذا التمثال الذي يمثل احد مساعدي الطاغية؟

لم يفهم السؤال، واعدت السؤال من جديد.

ثم اجاب:
-لا اعرف – بصدق – ما يعنيه هذا التمثال، ولم يكن عندي ادنى تصور حول ما يمثله بالنسبة لازلام النظام السابق، وقد سمعت من الناس الذين يسكنون هذه المنطقة بأنه ضحية النظام السابق..

سكت..
ثم سألت الجندي الامريكي الذي يقف الى جانبه، وهو يقرأ كتابا اجنبيا..
ماذا تقرأ؟
استغرب من سؤالي.
ثم اجاب.:
-رواية..
-ها. جميل.. لمن؟
-هاري باوتر.

ودعت المديرية بانتظار ذلك العراقي الشهم الذي ستسمح له غيرته بأن يضع تحت ذلك التمثال مفخخة تبعد عنا ظل هؤلاء الطغاة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف