معرض اليونسكو لفناني الداخل وفناني الخارج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
المحاصصة الثقافية بموازاة المحاصصة الطائفية
في الوقت الذي ينشغل فيه المثقفون والفنانون العراقيون في حوارات وسجالات ثقافية وزيارات لتقريب وجهات النظر وردم الهوة بين ( ثقافة الداخل وثقافة الخارج) هذا المصطلح الذي زرعه النظام الدكتاتوري البعثي في جسد الثقافة العراقية.. ودقه كإسفين بين المثقفين والفنانين الذين أفلتوا من قبضة هذا النظام.. وبين أبناء جلدتهم الثقافية والفنية الذين رزحوا تحت الاحتلال الدكتاتوري البعثي للعراق.. وتغذية هذا المصطلح بالكراهية والقطيعة.. من أجل تفخيخ الثقافة العراقية وجعلها مشروع دائم للانفجار.. وبسبب من هذا الركام الهائل من العوق والتخريب الذي طال الثقافة العراقية على مدى عقود.. ينبري المثقفون والفنانون العراقيون منذ الإطاحة بالنظام الدكتاتوري لترميم هذا العوق والتخريب الذي لحق بالثقافة والفن.. وإعادة تأهيلهما لكي يساهما في خلق عراق حضاري ثقافي ديمقراطي تعددي موحد يعيد للعراق ثقافته وهيبة حضارته الإنسانية التي جرد منها لعقود.. عراق يحترم تعدد الثقافات في بلاد وادي الرافدين.
وبدلاً من أن تساهم المنظمات الدولية المعنية بحقوق المثقفين والفنانين في العالم.. من أجل صيانة هذه الحقوق والتي استبيحت في العراق في ظل النظام الدكتاتوري منذ مجيئه للسلطة بقطار أمريكي قبل ثلاثة عقود ونيف ومن ثم إخراجه على دبابة أمريكية.. هذه العقود التي لاذت فيها هذه المنظمات بالصمت إزاء ما حصل للمثقف والفنان العراقي.. ومنها منظمة اليونسكو للثقافة والفنون.. هذه المنظمة التي كانت تحتضن ممثلاً لثقافة النظام الدكتاتورية الفاشية طيلة تلك العقود.. في الوقت الذي كان فيه المثقف والفنان العراقي عرضة للاعتقال والإعدام والتدجين والتشريد والسوق الى جبهات الحروب دفاعاً عن جلادي الثقافة والفن.. في ذلك الوقت كانت منظمة اليونسكو منشغلة في التنسيق مع معهد العالم العربي.. هذا المكان الموبوء بعملاء وقوادي الأنظمة العربية المتخلفة.. من أجل تنظيم المعارض والندوات والمهرجانات التي تمجد نزعة التخلف وثقافة الإقصاء والتدجين وإلحاق الخطاب الثقافي والفني بسلطة القبائل والعشائر المتخلفة.. في ذلك الوقت كان المثقف والفنان العراقي يفترش السجون وجبهات الحروب والمنافي.
الآن فقط.. وبعد مرور عامين على سقوط النظام الدكتاتوري.. أصبحت محنة الفنان العراقي قضية عالمية تستوجب من منظمة اليونسكو تنظيم معرض لأربعين من فناني الداخل ولأربعين من فناني الخارج.. معرض يستكمل فيه مشروع المحاصصة الطائفية بمشروع المحاصصة الثقافية.. مع إيغال واضح من منظمة اليونسكو في تكريس مفهوم ثقافة الداخل وثقافة الخارج.. هذا المفهوم الذي اشتغل عليه النظام الدكتاتوري لثلاثة عقود.. معرض يعتمد على مسطرة المحاصصة المعمول بها طائفياً في الداخل.. هذه المسطرة التي طالت الثقافة والفن.. مسطرة المحاصصة.. هذه المسطرة العمياء التي اقتادت شرطياً من طائفته وأجلسته في أخطر مكان.. لكي يقود الثقافة والمثقفين في بلاد وادي الرافدين !!.. وزارة الثقافة التي يعتبرها المتخلفون من السياسيين والطائفيين الجدد.. وزارة غير سيادية.. وزارة الثقافة.. هذه الوزارة التي صرف عليها صدام حسين المليارات من أجل مسخ شخصية الإنسان العراقي وتدجينها.. وزارة الثقافة.. هذه الوزارة التي كانت يوم ما حذاء الدكتاتور الذي داس به الثقافة وداس به المثقفين.. الثقافة.. هذه الكلمة التي قال عنها ( غوبلز ) وزير ( هتلر ) عندما أسمع بها أسحب مسدسي.
كان الأجدر بمنظمة اليونسكو أن تقدم اعتذاراً رسمياً للمثقفين والفنانين العراقيين عن عقود من الإهمال والصمت الذي طالهم منها تحت وطأة نظام دكتاتوري استباح الثقافة واستباح هيبة منظماتها الدولية.. أن تعتذر منظمة اليونسكو عن صمتها إزاء جريمة إعدام البروفيسور في علم الجداريات الآشورية الدكتور الفنان شمس الدين فارس وجريمة إعدام الكاتب والباحث عزيز السيد جاسم وجريمة إعدام القاص حاكم محمد وجريمة إعدام المطرب صباح السهل.. ومقتل العديد من المثقفين والفنانين في حروب الدكتاتور وتشريد العديد منهم في المنافي واعتقال الكثير منهم وتسقيط الآخرين من خلال زجهم في الماكنة الإعلامية لحروب الدكتاتور.. لا أن تطل علينا هذه المنظمة من دون إعلان مسبق في القنوات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية.. بتكليف فنانين.. فنان من كل دولة أوربية.. هؤلاء الفانيين أقل ما يقال عن أغلبهم أنهم ذوي مرجعيات أيديولوجية أو قومية أو طائفية متعصبة وجاهزين للمحاصصة وتحت الطلب.. وتقديمهم على أساس كونهم مكلفين من المنظمة أو من وزارة الثقافة لاختيار وتوجيه دعوة المنظمة الى أربعين من فناني الخارج.. هذه الدعوة التي وجهت بالعدد وليست بالأسماء لأن منظمة اليونسكو لا يعنيها (من) سيشارك بقدر ما يعنيها (كم) سيشارك لذلك حددت عدداً وليس أسماء.. لذا فالفنان المشارك سيصبح رقماً في معادلة فناني الداخل وفناني الخارج.. ومما يزيد الصورة اقصائية أكثر أن الفنان المكلف بتوجيه دعوة المنظمة الى الفنانين سيختار أبناء جلدته الأيديولوجية أو الطائفية أو القومية.. وهذا الذي حصل بالذات.. أما في الداخل فسيتم اختيار الأربعين فنان وفق المسطرة ذاتها اذا أخذنا بنظر الاعتبار أن وزارة الثقافة أصبحت وزارة سنية ضمن المحاصصة الطائفية.. وبدأت فعلاً بتصفية كوادر الوزارة السابقة واستقالة مدير الأعلام فيها بسبب الأجواء البوليسية التي بدت تسود الوزارة وانتشار تداول كلمة (سيدي) المريبة حسب تصريحه هو.. هذا إذا أخذنا أيضاً أن معظم فناني الداخل محسوبين على تيارات وأحزاب وطوائف.. من ذلك نستطيع أن نتبين الطريقة التي سيتم بها اختيار الفنانين المشاركين في معرض منظمة اليونسكو.. ووفق مبدأ المحاصصة هذا سيتم إقصاء العديد من الفنانين المبدعين الذين لم تطلهم مسطرة المحاصصة عن المشاركة في معرض منظمة اليونسكو.. هذه المنظمة التي يفترض بها الآن أن تساهم عبر مؤسساتها في إعادة تأهيل البنية التحتية للثقافة والفن في العراق.. أن تساهم في إعادة تأهيل المتحف العراقي الذي تعرض للسلب والنهب والتخريب.. في إعادة تأهيل المتحف الوطني للفن الحديث الذي تعرض للسرقة والتدمير.. أن تساهم في إعادة تأهيل المكتبة الوطنية التي أحرقت.. أن تساهم في إعادة تأهيل المعاهد والأكاديميات الفنية التي جيّرت باسم حزب السلطة الدكتاتورية الفاشية وخرجت أسراباً من دكاترة لا يحملون غير صفة "رفاق" في الحزب.. أن تساهم منظمة اليونسكو في تأهيل هؤلاء.. أن تساهم في تأهيل المسارح التي دمرت وشوهت رسالتها.. أن تساهم في إحياء مشروعي متحف الذاكرة العراقية ومتحف مخلفات البعث اللذين تقدم بهما المثقفون والفنانون العراقيون.
منظمة اليونسكو.. هذه المنظمة التي ساهم صمتها طيلة عقود إزاء ما حل بالثقافة العراقية والفن العراقي على يد النظام الدكتاتوري.. صمت منظمة اليونسكو.. هذا الصمت الرهيب.. هو الذي ساهم في إيغال النظام الدكتاتوري في جلد الثقافة والمثقفين.. هو الذي ساهم في جلد الفن والفنانين.. هذا الصمت الذي هو ضمن الأعراف الدولية والقانون الدولي.. هو مساهمة فعلية في ارتكاب جرائم النظام الدكتاتوري بحق المثقفين والفنانين العراقيين.. لذا أقترح الآن.. إقامة معرض للفنانين العراقيين من المبدعين الذين تم إقصائهم من هذا المعرض الآن ومن قبل النظام الدكتاتوري و منظمة اليونسكو.. من الفنانين المبدعين من ضحايا النظام الدكتاتوري ومن ضحايا منظمة اليونسكو.. معرض تحت عنوان - ضحايا الدكتاتورية.. ضحايا اليونسكو - معرض يقام على الانترنيت وأقترح أن يعرض على موقع الفنان العراقي.. بعد التنسيق مع الزملاء المشرفين على الموقع.. معرض يتزامن مع معرض المحاصصة الذي ستقيمه المنظمة.. وأن ترسل نسخة منه الى موقع منظمة اليونسكو وإلزامها بعرضه على شاشاتها متزامناً مع معرضها.. ,أقترح أن يلحق بالمعرض المقترح بيان ثقافي فني باسم المشاركين يبين فيه أسباب إقامة هذا المعرض وفضح مواقف منظمة اليونسكو من جرائم النظام الدكتاتوري.. بيان تندرج فيه جرائم النظام بحق الثقافة والمثقفين.. وإلزام منظمة اليونسكو بإضافته الى لائحة التهم الموجهة للدكتاتور.. هذا الدكتاتور الذي لم يرتكب فقط جرائم ضد الإنسانية.. بل ارتكب جرائم ضد الثقافة الإنسانية وجرائم ضد فن الإنسانية.
أقترح أن يقدم كل فنان تم إقصائه من معرض اليونسكو ببلوغرافيا عنه وثلاثة أعمال فنية مصورة وفي مختلف الأختصاصات.. وهذا العدد من الأعمال معمول به عالمياً في البينالات وفي المسابقات الدولية وفي المعارض المشتركة.. هذا النظام الذي لم تعرف به منظمة اليونسكو التي اقتصرت دعوتها على تقديم عمل فني واحد لكل فنان مشارك في معرض يضم ثمانين فناناً.. وجميع الفنانين الذين سيشاركون فيه يعرفون أن عملاً فنياً واحداً غير كافي لتقديم تجربة أي فنان في معرض مشترك.. لماذا المشاركة إذن ؟؟ !! لماذا تقيم منظمة اليونسكو معرضاً غير كاف لأن يقدم الفنان تجربته غير منقوصة.. لأن منظمة اليونسكو غير معنية أصلاً بتقديم تجارب هؤلاء الفنانين.. بقدر ما هي معنية أصلاً بتقديم هؤلاء الفنانين ك"متريال وبروباغندة" لنشاطها.. وتستخدم هؤلاء الفنانين كوسائل إيضاح للعالم وفرجة على مأساة الثقافة العراقية.. التي أصبحت ثقافتان ثقافة الداخل وثقافة الخارج.. مأساتنا الثقافية هذه أصبحت تجارة.. يتاجر بها "قجقجية" الثقافة من العراقيين الذين يستلمون الدعم المادي من حكومات البلدان التي يقيمون فيها مقابل منظمات وهمية وفردية تتحدث باسم المأساة الثقافية العراقية.. هذه المأساة الملهاة أصبحت لدى البعض مصدراً للغنى وفتح الحسابات في البنوك.. هذه المأساة النازفة منذ عقود.. ستضل تنزف دماً ثقافياً عراقياً بموازاة الدم العراقي النازف في الشوارع.. طالما تبقى مصائرنا بمعية أناس سماسرة وجهلة متعصبين.