الأب غير الشرعي للرواية الجديدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مأزق الكرونولوجيا
في حفل تسليم جائزة نوبل للروائي الفرنسي كلود سيمون في ستوكهولم سنة 1985 استدعَى الأكاديمي السويدي لارس جيليستين استعارة بيولوجية مستمدة من علم الأحياء، أو بكلمة أدق من علم النبات، ساقها لوصف الرجل وأعماله، قال فيها إن من طبيعة اللغة أن لها دورة حياة خاصة بها. فالكلمات والصفات والإحالات والعلامات والانطباعات والمقول عن الأشياء بصفة عامة، كلها كائنات حية تتوالد فيما بينها، وتتوالد هي أيضاً ذاتياً. ففي عملية الكتابة ينمو النص ومن خلاله يزدرع معنى الكلام، وكل هذه العملية المعقدة تتم بشكل ميكانيكي كما لو كانت اللغة كائناً حياً حقيقياً، فهي ترمي ببذورها، بطريقة ما يتحول معها الكاتب أو المبدع إلى ما يشبه الحاضن أو الحقل أو الأداة التي تعبِّر من خلالها اللغة، هذه القوة الطبيعية الخلاقة الخفية، عن ذاتها. والحقيقة أن مثل هذه الاستعارة البليغة تعبر فعلاً عن تشابك سيرة الروائي الفرنسي الراحل مع أعماله وتجاربه المريرة في الحياة. فجميع كتبه تسجل مشاهداته وتتغذى عليها، بل إنه أفرط في تسجيل يومياته الشخصية- والجمعية أيضاً- على ألسنة سُرَّاد رواياته وأبطالها إلى حد يشعر معه أي متتبع لأعماله بأنه حفر بمكر شديد من البداية حفرة بالغة التمويه لكل من يريد مستقبلا تسجيل سيرة كرونولوجية متسلسلة ومختصرة لحياته وأعماله، إذا كان المقصود من كتابة سيرة كرونولوجية لمبدع ما هو الهروب من مواجهته على حقيقته، أعني قراءته واستنطاق ما تقوله نصوصه بعيداً عن ابتسارات السيرة والاكرونولوجيا وإحالاتهما "المحايدة" إلى أسماء وهوامش وأحداث وتواريخ بريئة وعرض سطحي للظاهر من جبل جليد عالَم مبدع كبير، يراد ترويضه وتقديمه ملفوفاً في عجالة لقارئ على عجلة من أمره هو الآخر في خضم من "ثقافة الساندويش" العولمية- الإعلامية السائدة الآن.
على العكس، إن قراءة أعمال كلود سيمون، الذي ظلت تتجاذبه أحلام الثورة وخيالات الفن التشكيلي وأخيراً انحاز هو طوع إرادته للكتابة، تعد في حد ذاتها وصفة جيدة لتجاوز الكثير من أوهام الكرونولوجيا، وأولها التعامل مع الأدب بمنهج "التبسيط" و"التنميط" والرش والتنقيط والأحكام المسبقة. كما تسمح قراءة نصوصه كذلك بعبور الخطوط الوهمية الفاصلة بين الرواية والسيرة الذاتية، وإن كان هو اجتهد دائماً في أن يبقي على مسافة أمان مناسبة تجعله دائماً داخل "خط" الرواية، حتى في أكثر أعماله سيَرية وذاتية، بل وعلى رغم ما ينتابها أحياناً من شخصانية ساذجة مفرطة. ومما يزيد تعقيد الأمر أن الرجل ترك أثراً أدبياً مفعماً بالعمل على الذاكرة، ومتأسساً على "الصور". كما أن الموضوعات الأثيرة لديه والتي شكلت هواجس أدبية بالنسبة إليه وأدمن طرْقها باستمرار وأبرزها موضوع الحرب، والفوضى العارمة لنظام الأشياء والذكريات الممتدة في تخوم سديمية من تجاربه مع الحياة والناس وقد ظل طيلة حياته يمتاحها ويخرِج من ثناياها وطواياها - كالحاوي- في كل مرة أشياء جديدة.
والحقيقة أن قراءة روايات سيمون تغني تقريباً عن استنطاق حتى بطاقة تعريفه الشخصية، إذ تكاد أعماله كلها تكون "سيرة" كبيرة ضمَّنها كل تفاصيل الـ91 عاماً التي عاشها أو لنقل التي تجرّعها كاملة بحلوها ومُرِّها، بدقائقها الرتيبة، ويومياتها المنهارة، وعبثيتها، ولا معقوليتها، وأسْرها، ومرض سلِّها، وزواجيها الاثنين، وانتهاءً بـ"نجوميتها" المفاجئة أيضاً. فقراءة أعماله تحقق إذن أكثر من مجرد هدف تجاوز مآزق الكرونولوجيا الكثيرة. إنها تسمح لنا، على طريقة المستكشفين الأوائل، بالوقوف على "قارة جديدة"، ظلت مجهولة في الأدب الفرنسي، والروائي منه خاصة. نعم مجهولة، على رغم ألق جائزة نوبل، ورغم أكثر من عشرين رواية، وهالة إعلامية تعاظمت خلال النصف الثاني من عقد الثمانينيات وظلت تزداد ككرة الثلج كلما تدحرجت مع سنوات خريف عمره المديد حتى تحولت الآن مع وفاته في السادس من يوليو 2005 إلى ما يشبه ثريات الكريستال المتألقة المتدلية على كتفي التاريخ الأدبي الفرنسي والعالمي أيضاً.
كرونولوجيا.. مع ذلك!
ولد كلود سيمون يوم 10 أكتوبر سنة 1913 في تناناريف عاصمة جزيرة مدغشقر التي كانت وقتها مستعمرَة فرنسية، وكان والده ضابطاً استعمارياً في سلاح الفرسان، وبعد أقل من سنة من مولد ابنه استدعي الوالد للمشاركة في الحرب العالمية الأولى حيث قتل سنة 1914 في بداية الحرب على الحدود البلجيكية. وماتت الأم من حسرتها على الزوج وعمر ابنها لم يتجاوز الإحدى عشرة سنة، وبقي كلود سيمون في عهدة جدته وعمتيه اللتين كانتا تمتلكان مزارع كروم في منطقة سالس بإقليم كاتالونيا الفرنسي (شرق جبال البيرينيه) قريباً من الحدود الفرنسية الإسبانية. ومنذ تلك الأيام ستصبح منطقة سالس هذه هي وطن سيمون الذي خلده في أعماله. وقد أكمل سيمون دراسته في ثانوية ستانيسلاس في باريس وتخصص في الرياضيات، وتلقى طرفاً من التعليم في بعض المدارس الدينية، كما تلقى موسمين دراسيين في كل من أوكسفورد وكيمبردج. وظهرت عليه في سن مبكرة مخاييل الاهتمام بالفن، والرسم تحديداً، فالتحق متدرباً بمرسم أندريه لوتي، الفنان التكعيبي ذائع الصيت. وخلال هذه الفترة كان قد بلغ 21 سنة من عمره، فوضع يده بموجب القانون على إرثه المالي المتواضع من والده، وقد صرف أمواله اليسيرة كلها في رحلة هوميروسية- بطوطية طويلة عريضة جاب خلالها القارة الأوروبية، من إيطاليا واليونان، إلى ألمانيا والاتحاد السوفييتي السابق. وفي سنة 1936 استقر مؤقتاً في برشلونة بإسبانيا وانضم متطوعاً إلى صفوف الجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية، وعاد منكسراً رغم أنفه إلى فرنسا سنة 1937 لأداء الخدمة العسكرية.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية استدعي كلود سيمون إلى صفوف الجيش الفرنسي حيث وجد نفسه ضمن سلاح الفرسان – كأبيه- وقاتل في تشكيل الفيلق الـ31 وفي يوم من أغسطس يوافق يوم مقتل والده أيضاً، وجد نفسه على حافة الموت هو الآخر. إذ أبيد على "طريق الفلاندر"، وتحت قسوة الطيران الألماني جميع عناصر فيلقه وكان الناجي الوحيد، فوقع في الأسر ونقل مكبلاً إلى داخل الأراضي الألمانية. غير أنه تمكن من الهرب من الأسر من معسكر بإقليم ساكس الألماني، واستطاع بعد مكابدات شديدة الوصول إلى أهله في سالس بمنطقة البيرينيه الشرقية الفرنسية، حيث اشترى مزرعة قرب بيربينيان التي كانت محررة وقتها من الاحتلال الألماني، وكانت عمتاه تمتلكان مزارع كروم فيها. وهناك من مخبئه كتب أولى رواياته "الغشاش" مزجياً من خلال كتابتها أوقات فراغه المديدة المفتوحة جالساً تحت أشجار الكروم، وفي ردهات "الفندق" أيضاً. ولم تظهر هذه الرواية حتى سنة 1945 أي بعد "التحرير" وانتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد لفتت هذه الرواية الأنظار على رغم بساطتها إلى حدما – وإن كانت احتوت على معظم ملكات سيمون السردية التي ستجلوها الأيام لاحقاً- وسلطت الأضواء سريعاً على كاتبها وتمكن من خلالها من انتزاع ثناء بعض النقاد مع أن روايته الأولى هذه ظهرت متزامنة مع "الغريب" أو "الأجنبي" لألبير كامو نفسه.
والفكرة العامة التي أخذها عنه النقاد يوم ذاك كانت إيجابية على كل حال، وإن غلب عليها تصنيفه ضمن خانة من يسيرون على خطى تقليدية لا تريد من الأدب أن يكون تمثيلا للعالم، بقدرما تريده تعبيراً فقط عن هذا التمثيل. كان سيمون في بداياته هذه واقعاً تحت تأثير فوكنر وجيمس جويس ومارسيل بروست في استدعائه لملكات الذاكرة وامتياحه من مخزونها في عملية السرد الدائرة مع الزمن المحكي حول نفسها. لقد ترك من تلك الأيام أثراً مفعماً بالعمل على الذاكرة، ومتأسساً على "الصور". والحقيقة أن كلود سيمون في الكتابة الروائية عموماً لا يبتعد كثيراً عن هواياته الأولى في الرسم والتصوير وعن ذلك يقول في أحد لقاءاته:"إن عملي هو قبل كل شيء عمل بَصَري. ما أريد إبرازه أساساً هو الصور والمشاهِد الحية".
إن الرواية بالنسبة له:"هي محاولة لوصف كل ما يمكن أن يحدث خلال لحظة، من صور ومشاهد وتخاطر في التفكير" ورواية الترامواي (القطار) 2001 وهي آخر أعماله تقريباً خير مثال على الكتابة حين تكون نوعاً من التصوير، أو لنقل الرسم بالكلمات، حيث استعاد فيها صور طفولته ورسم إلى جانبها صور الشيخوخة أيضاً، وملاح البلدة الوديعة الغافية على الشاطئ، والبحر، والقطار الرابط بينهما، بشكل بالغ الحرفية الفوتوغرافية الذهنية.
ولم يتجاوز سيمون هذه المرحلة "التقليدية" إلا بظهور أعماله "الرياح" سنة 1957، وأيضاً "العشب"، وفي أعمال لاحقة مثل "طريق الفلاندر"، و"الفندق".
وفي سنة 1967 نشر رواية "التاريخ" (فائزة بجائزة ميديسيس) وهي أشبه بنوع من المذاوتة بين الحقائق والذكريات والأحلام البعيدة وكانت من أكثر أعماله براعة فنية. وهي إلى جانب "طريق الفلاندر" (فائزة بجائزة الإكسبريس) و"الفندق" المتعلقة بالحرب الأهلية الإسبانية، تشكل ثلاثية مميزة. ثم تليها "الجورجيات" 1981 وهي رواية تتناول مسألة الحرب على امتداد قرنين من الزمان.
ومنذ منتصف الخمسينيات بدأت تجربة كلود سيمون تقدم نفسها باعتبارها إحدى أكثر المغامرات الأدبية الفرنسية إثارة ووعداً وسعة أفق سردي بشكل لا عهد بمثله منذ أيام مارسيل بروست وبحثه المحموم عن الزمن الضائع. ففي هذه المرحلة اتسمت كتاباته بجودة عالية ومقدرة عجيبة على صقل جمله النثرية، وانعقاد الحبكة القصصية، وفيها استطاع أيضاً تجاوز أسلوب التفاصُح والتقعُّر السردي التقليدي الذي شاب أحيانا بعض أعماله الأولى، واتسمت كتاباته في هذه المرحلة إلى جانب ذلك بنوع من الواقعية ومن القدرة على خلق مجازات، وفضاء محكي أرحب، وأزمنة سردية ألين للمناورة. كما أصبح مخياله السردي أيضاً أكثر تهذيبا وصار يتطوَّف موضوعاته ليس باعتبارها حقائق، ولكن كظواهر معيشة وذاتية وعلى قدر محسوس من الواقعية.
وبعبارة أخرى، استقرت سجية كلود سيمون السردية على طريقة في الحكي تتبنى في أثناء الكتابة نوعاً من ممارسة الرسم المنثنية التي تسجل ذكريات وترسم صوراً متطابقة فوق بعضها بعضاً في شكل جيولوجي تكتوني تصبح معه الدلالة في العمق "ماغما" متقلبة من المشاعر، والذكريات والأفكار والصور. إن الإبداع القصصي بهذا المعنى يصبح انثيالاً تقترح الكتابة في نهايته نظاماً دلالياً بديلا ومعنى قائماً بذاته في غنى عن أية وثوقيات دلالية مسبقة كان يتم إملاؤها على المبدع. وقد قال كلود سيمون ذات مرة إن ما يريد تخليص قارئه منه هو أوهامه عن علاقته بالزمن، والذاكرة، وإيقاظه من دوغمائياته عن التاريخ، وعن اللغة، التي يختبئ فيها. في عقله ولاعقله، في جنونه حين يعتقد أنه مركز العالم، في حين أنه ليس سوى شذرة عابرة في زحام حركة الطبيعة الهادرة. إن "صور الماضي" والذكريات تتسابق في أعماله وتحتشد في "مرايا الحاضر" حين ننظر إليها بإمعان. ومن ثم يتولد نوع من العلاقة الزمنية التبادلية أثناء السرد هو ما يجعل الكتابة إبداعاً ثري الدلالة بالمعنى الفني للكلمة.
ومنذ سنة 1969 وربما لإحساسه بأنه لم ينل بعض حظاً كافياً من الشعبية بين قراء الأدب الفرنسي وأيضا بدافع من ثقافة النقد البنيوي "العالِمة" وربما أيضاً لدواعي المسايرة دخل سيمون مرحلته الثانية في الكتابة القصصية بظهور عمله "معركة فارسال"، وفيه بدا أسلوبه أقل حركية وبدت موضوعاته أكثر روتينية وعمومية إن جاز التعبير. وقد بلغت مرحلة "الجمود" هذه ذروتها في أعمال لاحقة أبرزها "الأجسام الموجهة" 1971 و"الثلاثيات" 1973، وخاصة "الجوزاء العمياء" 1975، ففي هذا العمل بدا تماماً كأنه يحكي عن نفسه وليس عن بطله حين كتب:"إنه يلتفت ويدور حول نفسه مثل مسافر تائه أضاع الطريق، في غابة كثيفة، يعود إلى مواضع خطاه الأولى جيئة وذهاباً، وقد ألبس عليه تشابه الأمكنة مع بعضها بعضاً على رغم اختلافها".
إن كتابة ما يعتقد المرء أنه واقعي في شبكة لغوية ذات دلالة عمل يتوقف على حذق الكاتب وبراعته في ابتداع حيل سردية تساعده في جمع القطع المناسبة المتناثرة في فضاء سديمي ووضعها في أماكنها الصحيحة. لقد وصف سيمون ذات مرة عملية الكتابة إجمالاً بأنها نوع من "المراوغة"، فمن وجهة نظره هذه هي العبارة المناسبة تماماً لتسمية مراحل نشوء هذا الكائن بالغ التعقيد من الصور والرموز والعلامات والإحالات المسمى "رواية".
وقد توقف كلود سيمون ست سنوات عن النشر بعد "الجوزاء العمياء" حتى سنة 1981 حين ظهر "درس الأشياء" وفي هذا العمل دخل آخر وأجمل مراحل كتابته الروائية، ففي الأعمال التي ستشهدها هذه المرحلة سيعود إليه شبابه الأدبي، على نحو يشبه عودة الربيع بعد خريف طويل وقاس بشكل لا يطاق. وأبرز أعمال هذه المرحلة "الجورجيات" و"الآكاسيا" و"البستان" وأيضاً "القطار" 2001 وفيها كشف عن طينته الروائية، التي لا يعلى عليها، كما يقال.
أب غير شرعي حقاً
على رغم غزارة إنتاج كلود سيمون الروائي إلا أنه ظل على الدوام مغيباً بعض الشيء عن قطاعات واسعة من القراء الفرنسيين. أما الثيمة أو المشجب الذي عُلق عليه استسهالاً وبدافع الكسل الموروث والمستفحل في تقاليد "النقد الأكاديمي" الفرنسي فهي تصنيفه ضمن مؤسسي ما يسمى بـ"الرواية الجديدة". والحقيقة أن هذا الادعاء ربما كان يومها فوق طموح ذلك الكاتب المنطوي على ذاته، والأشبه بالفنان المهجوس بفنه، الذي كان يعيش بعيداً عن باريس، في منفاه الاختياري هناك وسط المغارس والكروم في ركن كاتالاني قصي على حواف جبال البيرينيه. لقد كانت "الرواية الجديدة"، يوم إطلاق ذلك الادعاء الأجوف الفضفاض من - وجهة نظر خصومها طبعاً- أشبه بمولود لقيط رمته إحدى "الفاعلات" الأدبيات خلسة على ناصية مقهى ثقافي باريسي يعج بالسكارى والأدعياء والمتفاصحين المعربدين من كل صنف ولون، ومضى الجميع يبحثون لاهثين لهذا الكائن "اللقيط" عن أب بعد أن وجدوا له اسماً أولاً، فرماه أحدهم على كاهل كلود سيمون وانسلَّ منسحباً بعيداً على رؤوس الأصابع. وقد ساعد على إلصاق هذه "التهمة" بصاحبنا أنه كان "غائباً" حقاً عن هرج المجالس الأدبية الباريسية بكل نظرياتها وتقليعاتها وتقعرها و"نقدها الأكاديمي" المتحذلق، و"سوق عكاظها" التي يروج فيها كل لنفسه... بالمجان/ وبالمزاد أيضاً.
إن أبرز ما يميز الرواية الجديدة، (مع التنبيه إلى أن الإحالة التالية مقتبسة من مقال صحفي عربي): "هو أنها تتبنى الوصف الموضوعي وتتجاوز الغوص في أبعاد التحليل النفسي للنص، وتقاليد السرد التقليدي الأخرى. وتعدد الرواة والحبكة البوليسية وتقطيع السرد الروائي وخلق خرافة نصية تقوم على استخدام الهوامش والتعليقات الفيلولوجية وتقديم سلسلة عادية من أحداث واقعية وتقطيع الصيغة الروائية وخلق رواية داخل رواية والغموض النصي وإلغاء مفهوم الفراغ" إلى آخره.
ومن أبرز وجوه "الرواية الجديدة"، الذين باتوا إيقونات دارجة تتسابق في الذهن كلما ذكرت، ألان روب- غريييه، وناتالي ساروت، وميشيل بوتور، وكلود أولييه، وروبرت بينجيه، هذا إضافة إلى كلود سيمون نفسه حسب تصنيف "النقد الأكاديمي" الشائع. وقد أمضى روب- غريييه بالذات معظم حياته منافحاً عن كونه هو –وليس سواه- سيد و"مايسترو" هذه الجوقة المترهلة غير المتجانسة. غير أن الأكيد هو أن "الرواية الجديدة" ما كان لها أصلاً أن ترى النور لولا جهود موريس بلانشو الذي مهد لها الطريق نقدياً، وإلى حدما أيضاً جهود رولان بارت.
والحقيقة أن معظم "آباء" الرواية الجديدة كانوا مجرد حلقة من حواريي "جيروم ليندون" مالك دار نشر "مينوي"، الذي كان أيضاً –للمفارقة- ملجأ وسنداً لصومويل بيكيت في منفاه الاختياري في باريس. وكانت لكل من أفراد هذه العصبة طريقته الخاصة في "المراوغة" الفجة في السرد، ولذا أنتجوا روايات ربما لا شيء يجمعها سوى أنه لا علاقة بين أي منها والأخرى فنياً.. وموضوعياً أيضاً.
ووجه المفارقة هنا –يقول المعترضون- في تصنيف سيمون ضمن الرواية الجديدة هو: كيف يمكن إقحام اسم كلود سيمون في مبادرة نخبوية كهذه ليس لها من هدف سوى التدمير البيروقراطي الأكاديمي لجماليات الرواية كفن أدبي؟ إن الظريف في هذا الادعاء هو أن الكاتب القصصي ذي الجمل الطويلة التي تستغرق صفحات، الذي يكره حتى الفواصل والنقاط ويراها تقطيعاً لنفـَس النص وتمزيقاً لجسده وتشويهاً لانسيابيته، وصاحب اللغة الحسية الشهوانية، والاستطرادات السردية الشبيهة بالمنحنيات الباروكية، ومنتج إيقونات الوصف الأشد دقة في رسم أكثر المشاعر الإنسانية ذاتية وحسية في نفس الوقت، كان يُراد إلباسه تهمة بهذا الحجم. تهمة كونه "أبا روحياً" لما قيل إنه "أدب موضوعي" يومها! وليس هذا فحسب بل لقد ضيّع بعض متحمسي "النقد الأكاديمي" ساعات طوالاً في التنظير لتصنيف سيمون ضمن "كاتالوج" فضفاض وواسع سعة تجعله لا يعني شيئاً محدداً بذاته على الإطلاق، هو ما يسمى بـ"الروائي التجريبي" الموضوعي المتحلل من كل أبوة لكبار المبدعين في مجال السرديات من بلزاك وحتى الآن، في تناقض لفظي صارخ، كما لو أن أية تجربة إبداعية ليست في حد ذاتها تجريباً، وكما لو أن سيمون لم يكن "ابنا شرعياً" حقيقياً لبلزاك وبروست وجويس وغيرهم.
ولسوء الحظ أن هذه المرآة المحدَّبة التي تـُلبس سيمون قميصاً ضيقاً بشكل خانق هو ما يسمى بـ"الرواية الجديدة" هي ما رأى من خلاله العالم كلود سيمون وأعماله، في الغالب الأعم، خاصة بعد أن تمت برمجة هذا التصنيف "النقدي الأكاديمي" المبتسر لأفكار ومهارات الرجل السردية، ضمن المناهج الأكاديمية الجامدة، وفي ترجماتها الأجنبية، وعروض الصحافة الطيـَّارة عنها.
لقد تم تغييب "حقيقة" سيمون الأدبية طويلاً عن جمهور قرائه بعدما "اختطفه" منظرو "الرواية الجديدة" و"التجريب"، و"الأدب الواقعي" "الموضوعي" و"الإمبريقي" إلى آخر ما هنالك من أسماء وألقاب ووجوه وأقنعة أطلقت جزافاً على غير مسميات، وعلى غير هدى أحياناً أيضاً. وحتى فوز سيمون بجائزة نوبل 1985 لم يشفع له عملياً للخروج من كاتالوجات هواة جمع التعاريف والتصنيفات الجاهزة في "النقد الأكاديمي" ضيق المقاييس وضرير الآفاق. ولم يخلصه ذلك عملياً من معاناة التغييب والاختطاف، بل لقد زادت الجفوة بين قطاعات واسعة من القراء الفرنسيين وبين أعمال سيمون. وقلصت هذه "التقليعة" أو "الدوغما" السردية –والإيديولوجية في الواقع- بكل تأكيد فرصه في التكريس الرسمي والشعبي بين قطاعات واسعة من القراء، ولعل الجميع يتذكرون الآن ذلك "المانشيت" اللاذع الطويل العريض الذي ظهرت به إحدى كبريات الصحف الفرنسية يوم إعلان فوز كلود سيمون بجائزة نوبل، والذي يقول: "غرَّاس كروم من منطقة سالس (شرق البيرينيه) يفوز بجائزة نوبل!".
إذن من أين جاءت مقولة أن كلود سيمون كان أباً أو حتى أحد آباء ما يسمى بالرواية الجديدة؟ هل يمكن أن يكون كل هذا الدخان دون نار، كما يقال؟
صحيح أن وجه كلود سيمون يظهر بوضوح وسط الوجوه التي تم التقاط صورة تذكارية لها أمام مطابع دار نشر مينوي سنة 1959 وهي الصورة التي ستصنع منها خرافة ما قيل إنها "مدرسة أدبية" من هذا القبيل. ما في ذلك شك. إلا أن وجه صومويل بيكيت يظهر أيضاً في تلك الصورة "الأسطورية" بوضوح، ولكن لسخرية التصنيف لا أحد أيضاً يزعم بأن بيكيت يمكن إدراجه ضمن فيلق ألان روب - غريييه الهلامي هذا المسمى بـ"الرواية الجديدة"! نعم "فيلق روب – غريييه"! لأنه لولا هذا الرجل وقدراته الاستثنائية في مجال "العلاقات العامة" والإعلام الاستهلاكي الأدبي المبتذل، وقدرته الخرافية على الدعاية لنفسه بروح "الفارس الوحيد"، لما قدر لأحد أصلاً أن يسمع عن شيء اسمه "الرواية الجديدة"! ولولا تلك الملكات الإعلامية الترويجية أدبياً لما تمكن روب- غريييه أصلاً من تجميع كل هذه الأسماء الأدبية المتنافرة التي لا رابط بينها إلا من بعيد واختلاق اسم ووسم أدبي لها، بات كأنه من قبيل البديهيات لدى هواة جمع التعريفات والتصنيفات الأدبية المبتسرة!.
وعندما ظهر "مانيفستو" ألان روب- غريييه الأدبي المعنون:"من أجل رواية جديدة"، سنة 1963، كان كلود سيمون قد نشر لدى مطابع مينوي أربع روايات مهمة هي الرياح 1957 والعشب 1958 وطريق الفلاندر 1960، والفندق 1962، وإذا كانت الثيمة الكتابية الأبرز في "الرواية الجديدة" هي المشهدية والتحرر "الموضوعي" من أساسيات السرد التقليدي عامة فإن ما يميز أعمال كلود سيمون هو ملكات أخرى مختلفة على الأقل، وأبرزها قدرته اللانهائية على الامتياح من الذاكرة، ومهارته في عمليات القص واللصق لفتافيت الذكريات والمشاهد أثناء عملية السرد فيما يشبه فن الكولاج الذي يمارسه أحياناً حتى بشكل مرَضي. لذا كان زعم روب- غرييه الفج يومها بأن سيمون يسير معه في نفس الدرب نوعاً من الادعاء، أو في أحسن الأحوال نوعاً من التوسع في "النقد" الذي تحول عند غريييه خاصة إلى "نص" كثير الجعجعة ويلفت الانتباه... ولكن إلى نفسه.
بداية "الاختطاف"
عندما نـُشرت "طريق الفلاندر" سنة 1963 ضمن إحدى طبعات الجيب لدى منشورات 10/18 كتب لها جان ريكاردو مقدمة، كان لها مفعول السحر في إلحاق كلود سيمون ضمن أتباع "نظرية ألان روب غريييه" المزعومة، التي كان ريكاردو وقتها، باحثاً لاهثاً لتكوين اسم وشهرة، يسعى بشكل متطرف للغاية لتكريسها في المشهد الأدبي والنقدي. وكان أكثر أوجه عملية تطريف (جعلها متطرِّفة) الرواية الجديدة التي تولى ريكاردو القيام بها دفاعه المتحمس عن أهم خصائصها كنظرية أو بالأحرى كـ"دوغما" جديدة وهي الزعم بأن السرد فيها يقتصر على تسجيل وقائع موضوعية، تتداعى من تلقاء نفسها، وكان هذا يتوافق تماماً مع بدايات زعمه الآخر باختفاء "المؤلف" في الأثر الأدبي عامة: وأن الأدب/ اللغة يتحدث من تلقاء نفسه دون وسيط أو حامل أو حاضن، كائناً من كان. وقد نبه ألان روب- غريييه نفسه ذات مرة إلى عملية "الاختطاف" هذه التي قام بها ريكاردو لسيمون وأعماله، وإن كان فعل ذلك على وجه المزاح المشوب بطعم المرارة، حين قال: إن سيمون يقبل، أو على الأقل يتعامى، عن عملية الإلحاق والاستتباع التي يقوم بها ريكاردو بحقه، وبحق أعماله الأدبية.
والحقيقة أن كلود سيمون كان كثيراً ما يردد في مقابلاته أنه لا يرغب في أن يبدو "منظراً" لاتجاه أو مدرسة ما، وأن على المبدع أن يقول كلمته ويمضي في حال سبيله، ولينصرف النقاد بعد ذلك إلى عملهم حيال نصوصه.
غير أن مشكلة تصنيف أعمال سيمون أدبياً ظلت مع ذلك قائمة، فمن "يربأون" به –من القراء- عن "سفاسف" و"ضحالة" وجعجعة الرواية الجديدة سردياً وافتقارها الميكانيكي إلى استدعاء الملكات الأصيلة في القص، يرون في سيمون وريثاً شرعياً لـ"الواقعية الذاتية" ممثلة في عملاقيها مارسيل بروست وفوكنر. أما بالنسبة للنقد، وتحديداً "النقد الأكاديمي"، فيرى أن سجية كلود سيمون في السرد في أكثر رواياته تميزاً، تصنفه شئنا نحن القراء أم أبينا، تحت خانة خصائص الرواية المكتوبة في الفترة الممتدة بين 1950 و1960، أي الخصائص الفارقة لما يسمى بـ"الرواية الجديدة"، كما تجعله أيضاً يأخذ مسافة مناسبة مما يسمى "الرواية الملتزمة" التي مثلتها بوجه خاص أعمال سارتر وسيمون دي بوفار.
واعتراض قراء سيمون على تصنيفه تحت يافطة "الرواية الجديدة" ليس مبنياً على فراغ، فكيف يمكن اختزال أعمال سيمون في "نوع" من الكتابة، أهم ما يميزه هو الغموض في الصور إن لم يكن الافتقار إليها والبرود الصقيعي في السرد.. وفي المشاعر أيضاً؟ هذا في حين تعج روايات صاحب "معركة الفلاندر" بالحركة الحسية اللحظية، والحس المرهف، والعين اللاقطة الحشرية، وطريقة السرد التي تسري كالعدوى في عقل ووجدان القارئ، ناقلة إليه رويداً رويداً تمثلاً مكتملاً للعالم والأشياء والناس واستراتيجية ماكرة في فهم الجميع وتسميته، هذا مع قدرة عجيبة على الإقناع، بل والتغلغل في صماخ القارئ تساعده على ذلك المجازات وفضاء الصور المنثالة في دفق من النثر الجزل وذي الإيقاع الموسيقي العالي، والمتواصل أثناء عملية الحكي. وليس هذا فقط، بل إن الخاصية الأبرز لـ"الرواية الجديدة" هي كونها "مشهدية" أي قائمة على مشاهدات و"تجارب" موضوعية يُقال إن التعبير عنها يتحرر من كل قيود أو قوالب، في حين أن أبرز ما لدى روايات سيمون من خصائص من هذه الناحية، هو أنها "لحظية".. إنه يقبض على لحظة، وينفشها على امتداد عشرات الصفحات، ممدِّداً زمن السرد، تاركاً الذاكرة أو الصورة تسيح على ما جاورها من تخوم، زمانية سائلة سيولة غير محددة البدايات ولا النهايات. إن الزمن عنده يدور على نحو محسوس، وبشكل بالغ الحضور في السرد، في حين يبدو الزمن في روايات ألان روب- غريييه على عكس ذلك. وليس هذا وجه الاختلاف الوحيد بين سرديات الرجلين، فلا مجال أيضاً للفانتازيا في قصص سيمون بل نجد بدلاً من ذلك قصصاً طافحة بالواقعي المعيش، المتدفق من صيرورة الحياة المحسوسة بكل سذاجتها ولامعقوليتها و"براءتها" أيضاً.
ثم إن لروايات سيمون موضوعاتها الأثيرة وفي مقدمتها الحرب، أو بالأحرى الحروب، والتاريخ، والذكريات، وهي كلها أمور تجعله كاتباً عصياً على الاختزال في خانة "اللحظي" الذي تتفنن الرواية الجديدة في رسمه.. وأيضا في تبديد أية فرصة للقبض عليه. بل ترقى أعمال سيمون إلى مستويات وفضاءات أدبية تتصل بقرابة مع تقاليد عالم الميثولوجيا الأدبي الممتد من هنا وحتى القدم. ونجد هذا بشكل واضح في عمله "الجورجيات" 1981 وهو كتاب يمكن أن يقال عنه أي شيء سوى أنه "رواية جديدة".
وبالجملة فإن آثار كلود سيمون الأدبية هي تسجيل أمين لمآسي القرن العشرين، في التاريخ والذاكرة، وفي أغوار النفس البشرية ورحلتها مع الحياة حين تكون هذه الأخيرة اندفاعاً جنونياً على رمال نازحة.
إنه على عكس الرواية الجديدة واصف، ولكنه يصف أفقاً داخياً بالغ الخصوصية، يقف على شرفته ويقرأ ما يبدو له من لافتات على مد البصر. ومن رواية لأخرى ظل سيمون يفك باستمرار ألغاز شظايا عالمه المتناثر ويجمعها في عملية كولاج مرهقة انتهت به إلى إنتاج هذا الموزاييك الذي ضمَّنه من كل بستان زهرة، كما يقال. إن عمله أكثر تعقيداً بكثير من أن يكون مجرد "رواية جديدة"، إنه يرسم عالماً بالغ الروعة والتنوع وتعدد الألوان كقوس قزح.
كلود يقبَــل.. مع ذلك!
مع ذلك يحتج "النقد الجامعي" بواقعة كون كلود سيمون نفسه قبل صراحة تصنيفه ضمن مدرسة "الرواية الجديدة"، ففي الملتقى النقدي عن "الرواية الجديدة" الذي نظمه "توم بيشوب" في جامعة نيويورك سنة 1982، والذي ضم إلى جانب النقاد كلاً من روب- غريييه وناتالي ساروت وكلود سيمون وروبرت بينجيه، قال سيمون:"نحن جميعاً لدينا شيء مشترك، على ما أعتقد –أو على الأقل لديَّ إحساس بذلك- فثمة بعض الأفكار، يزيد الشعور أو يقل بأنها تنمِّطنا جميعاً. كما أن لدينا رفضاً مشتركاً (..) ولكن كلاً منا انطلاقاً من هذه المشتركات سلك طريقاً خاصة به (ولولا ذلك لكنا طبعاً كتبنا نسخاً متطابقة من الرواية نفسها).. لقد كانت الوجهات فقط مختلفة بشكل واضح", وإن كان الاتجاه واحداً.
وعندما منحت جائزة نوبل الآداب 1985 لكلود سيمون حضرت أيضاً روح الفريق بين بقية أفراد عصبة "الرواية الجديدة" حيث تولى –كما يمكن أن نتوقع- ألان روب- غريييه عرَّاب المجموعة و"فارسها الأوحد" كتابة مقال احتفالي رائع بسيمون وبالمناسبة في مجلة "باري ماتش". لقد قدم يومها سيمون باعتباره من جعل "الرواية الجديدة" مغامرة أدبية حقيقية خليقة بكل هذا التكريم والاحتفاء. هذا على رغم اعتراضات خصومها التقليديين، من كل نوع، حسب رأيه.
ثم إن بنية وأسلوب بل وتصريحات كلود سيمون نفسه هي ما أغرى باستمرار بتصنيفه ضمن "الرواية الجديدة"، فقد قال ذات مرة "إن كل شيء يتغير.. حتى اللغة نفسها. إننا لا نستطيع أن نكتب سنة 1960 باستخدام جُمل استاندال". لقد كان يريد تجاوز كل عادات وأساليب السرد التقليدي، وهذه هي كلمة السر التي تسمح بتلخيص روح كتاب "الرواية الجديدة" جميعاً.
جمعية قراء كلود سيمون
من التقاليد الظريفة في الثقافة الغربية ما يسمى بجمعيات القراء. وجمعية قراء كلود سيمون واحدة من أنشط جمعيات القراء في فرنسا، وهي تضم نقاداً وأكاديميين وكتاب سرد وقراءً عاديين، ممن تستهويهم أعمال هذا الأديب الفرنسي. وعلى موقع الجمعية على الإنترنت يجد الزائر بيبليوغرافيات موسعة عن حياة سيمون وأعماله الأدبية، متضمنة أدق التفاصيل عنه، وأحياناً بقلمه هو نفسه. كما يجد جهداً تجميعياً جباراً لكل الدراسات الأكاديمية والمقالات النقدية والندوات المتعلقة بسيمون وأعماله. وعنوان الجمعية على الإنترنت هو:
http://perso.wanadoo.fr/labyrinthe/simonacc.html
وتقليد تشكيل جمعيات القراء هذا يبدو لي جديراً بأن نقتبسه نحن القراء العرب، لتكريم مبدعينا ولتجميع بيبليوغرافيات عن أعمالهم وعما يكتب عنهم.
إعداد حسن المختار/ قاص موريتاني
ould_mokhtar@yahoo.fr