ما هو مستقبل مصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: صدر كتاب جديد لعام 2006 عن دار مدبولي بعنوان "مصر رايحة على فين"، يحتوي على 18 حوار، أجراها الصحفي "سعيد شعيب"، مع شخصيات مختلفة من رجال السياسة والثقافة والفن، حكوميين ومعارضين، أو مستقلين، والكتاب من تقديم الاستاذ عبد الحليم قنديل.
سلسلة من الحوارات عن المصير المصري، بدأها الصحفي "شعيب" برغبة شخصية كما ذكر، ليعرف إجابة سؤال يتبادر الى ذهنه دائماً، "هي البلد دي رايحة على فين؟"، حوارات على قدر من التنوع، وقد نشرت بعض هذه الحوارات سابقاً في بعض الصحف، وأثارت ردود فعل مختلفة، وكان لكل حوار ظروفه وأسبابه، مثل حواره مع الروائي "صنع الله ابراهيم"، فقد أتى بعد رفضه جائزة مؤتمر الرواية، وحواره مع د. عبد المنعم ابو الفتوح بعد الضجة التي أثارتها مصاردة كتاب "وصايا في عشق النساء" للشاعر احمد الشهاوي، ووضح أن جميع من حاورهم كانوا صادقين وصرحاء باستثناء البعض، ولم يرفض معظمهم الإجابة عن أي سؤال مهما كانت قسوته وصراحته، ولكن البعض رفض الاجابة عن بعض الاسئلة قائلاً "دة سؤال يودي السجن"، نالت الحوارات اعجاب الكثير وفي ذات الوقت نالت هجوماً كبيراً، فقد غضب البعض من حوار الفنان "عادل امام" والوزير "فاروق حسني"، ود. جابر عصفور، والجدير بالذكر ان حواره مع د. سعد الدين ابراهيم لم يكتمل فقد رفض الاجابة عن بعض الاسئلة، وأشار "شعيب" الى أن دوره في الحوار هو النقاش والمحاورة، فهو ليس جهة اصدار حكم على من يحاوره، كما يعتبر هذه الحوارات شهادة للكيفية التي يفكر بها العقل المصري، أي تأريخ للعقل المصري في الفترة الراهنة، تضمنت الحوارات أسئلة عديدة ومختلفة مثل علاقة المسلمين بالمسيحين، والازمة الاقتصادية، ولكن السؤال الرئيسي الذي طغى على جميع الحوارات هو "ما هو مستقبل مصر"؟ الذي من خلاله سنعرض بعض الاجابات لبعض الشخصيات التي حاورها، كتاب ثري بالمعلومات والآراء المختلفة بناء على الانتماءات السياسية لكل شخصية، بالاضافة الى السيرة الذاتية لكل منهم، كما تضمن الكتاب ردود الفعل حول بعض الحوارات.
الثقافة ومستقبل مصر:
أجاب "الكاتب والناقد فاروق عبد القادر" على السؤال الرئيسي "مصر رايحة على فين"، "أن الفساد هد حيل البلد... أننا نعيش فترة تتسم بالشذوذ في كل شئ، كما يرى أن كل المكاسب التي حققها المصريون طوال تاريخهم ضاعت، والقيادات الحالية في كل المجالات تم (اخصاؤها)، وفي اجابة أخرى...."نعم المصريون أصبحوا أعضاء في مؤسسة الفساد، حتى يعيشوا ويحموا أنفسهم من بطش السلطة، كما أشار الى النقطة الاساسية والمهمة في تجربة عبد الناصر، "هي الدفاع عن الفقير، فكان هدفه الاساسي أن يكون قادراً على مواجهة متطلبات الحياة وبالتالي من الصعب أن يفسد"، أما الروائي "صنع الله ابراهيم" يرى ان مصر تسير الى أبشع وأفظع كارثة في تاريخها، وانه ضد أي انقلاب عسكري حتى لو كانت أهدافه وطنية، ...."وأن القوى العالمية تعاملنا كالذباب والصراصير...أنا ضد كل الافكار المتطرفة سواء في اليمين او اليسار"، كما يعتبر أن مقالات هيكل ومواقفه الاخيرة، وكلام د.عبد المنعم ابو الفتوح لصحيفة العربي، من أخطر الوثائق في حياتنا السياسية الحديثة... وتؤكد انه من الممكن ان يكون هناك مستقبل مفتوح ومشرق من التفاعل وقبول الافكار المختلفة"، واختار المحاور وزير الثقافة "فاروق حسني" ليقدم للقارئ كل الوان الطيف السياسي، بصفته مسؤول عن البنية التحتية للثقافة المصرية، واحدى الاسئلة التي وجهت له "هل لعبت دوراً أساسياً في الكواليس، حتى يتم الدفع ب "جمال مبارك" الى صدارة العمل السياسي، وتهيئته لتولي موقع الرئيس؟ فوضح..." أنا لم أدفع جمال مبارك الى العمل السياسي، ولكن بالرغم من ذلك جمال مبارك شاب رائع جداً، ويندر أن تجد أحداً عنده هذه الامكانيات".
المفكرين:
المفكر الماركسي "محمود أمين" العالم، يرى أن مصر مش رايحة.." بل تسير الى الخلف، فهناك تخلف اجتماعي وتبعية وتمزق قومي...ولو كان هناك حد أدنى من التطور فهو في الحقيقة تخلف"، ويأمل الا يكون المستقبل امتداداً للحاضر، وأضاف أنه لا بد من وضع استراتيجية واضحة محددة وذات مراحل، كما يطالب باقامة سلطة المثقفين، وليس ثقافة السلطة، وأشار الى أن افكار "اليسار" غائبة عن الشارع، ولكنها متغلغلة في الثقافة، ومن آرائه ايضاً أن الشيوعين لن يتولوا السلطة.. "فالسلطة القادمة لا بد ان تكون تحالفية من القوى المختلفة، بما فيها القوى الدينية العقلانية المرتبطة بالبرنامج الوطني"، ويرفض المفكر الدكتور "ميلاد حنا" أن يكون البابا زعيماً سياسياً للاقباط، كما يرى أن الأقباط في مصر مواطنون من الدرجة الثانية، لانهم محرومون من الوظائف العليا في الدولة، كما يوافق على حزب شرعي للاخوان، بشرط موافقتهم على تداول السلطة وعدم تطبيق الحدود، وعند سؤاله "لو أنك رئيس الجمهورية ماذا ستفعل حتى تحل كل المشاكل"؟ أجاب.. "اعبىء الجماهير، وهذا لم تفعله الحكومة التي أضعفت ودمرت كل مؤسسات المجتمع"، أما المفكر القومي "يحيى الجمل" فهو خائف على مصر من فوضى دموية، بسبب الغنى الفاحش والفقر الفاحش، وخائف عليها من الذين يعتبرون أنفسهم وكلاء الله على الارض.
الناصرية:
الكاتب والصحفي "محمد عودة"، كا قد دعا خلال الحوار، الصحفي شعيب الى لملمة أوراقه وانهاء الحوار، لأنه كان يائساً جداً، عكسه هو المفعم بالأمل والحماس، والجدير بالذكر أن حواره من أمتع الحوارات، يرى أن البلد يحكمها قراصنة.... "ليس لدينا رجال أعمال، ولكن مافيا وعصابات لنهب البلد"، كما اعتبر أن هزيمة 67 وراءها خونة من مصر ، ورفض ذكر الاسماء، وأن السادات دفع حياته ثمناً لسياساته التي ضيعت مكاسب ثورة يوليو، كما يرفض التعذيب والقتل، وكل تجاوزات العهد الناصري، ورئيس الحزب الناصري الاستاذ "ضياء الدين داوود"، يرى أن مستقبل البلد يكمن في "استلهام الأسس التي وضعها عبد الناصر، مع حتمية التطوير"، كما أضاف... لا يوجد أي احتمال للتغيير الا بالثورة... وأن النظام مشغول بالتبعية وليس بالمصلحة الوطنية".
الدين:
القيادي البارز بجماعة الاخوان المسلمين د. عبد المنعم ابو الفتوح، يرى أن "الاخوان المسلمون لا يملكون مفتاح الجنة... وأن المتطرفون الاسلاميون والعلمانيون، سبب التباس علاقة المتديين بالابداع"، وأضاف..."أنه ليس من حق الاخوان أو غيرهم مصادرة رأي أحد، ولا نقبل أن يعتبر أحد نفسه المتحدث الوحيد باسم الاسلام"، ووضح أن " تاريخ مصر لم يبدأ بدخول الاسلام"، ومن احدى الاسئلة التي وجهت له "اذا وصل الاخوان المسلمون الى الحكم، ماذا ستفعلون مع المخالفين لكم في الرأي، من القوى السياسية والفكرية؟" أجاب.. "لن نفعل شيئا...المشكلة انك تنطلق من أرضية استبدادية بحكم تكويننا جميعاً..... فنحن ليس لنا تجربة في الحكم، حتى يقول أحد أننا سنكون مستبدين"، والجدير بالذكر بأن اجابته أثارت ردود فعل كثيرة في أوساط الاخوان، وقيل أنهم عقدوا جلسة محاكمة بسبب أفكاره كما ذكر المحاور، ومن الشخصيات التي تضمنها الكتاب د. أيمن صبري فرج، والشهير بابو جعفر القندهاري، الذي قرر أن يذهب الى أفغانستان عام 88 دفاعا "من وجهة نظره" عن الاسلام والمسلمين، وفقد ساقه عام 90، وأتى اختيار المحاور للدكتور أيمن صبري لمناقشة تجربته الفريدة وتقييمها، وتميز بصراحة قل نظيرها فقال..."أنه كان في بداية الجهاد يستمتع بالعنف، ثم صار روتيناً لا متعة فيه، ثم اصبح عبئاً نفسياً، وصار منظر الدم يوتره لسنين طويلة"، وصرح من خلال الحوار المهندس "ابو العلا ماضي" وكيل مؤسسي حزب الوسط وأحد القيادات البارزة في تيار الاسلام السياسي، أنه من حق المسيحي أن يكون قاضياً ورئيس جمهورية، وأن من حق الشيوعين تولي السلطة بالانتخاب، كما يرى أن الحركة الاسلامية تعتبر نفسها معصومة من الخطأ.
الفن:
"منذ 25 عاماً والأمور تزداد سوءاً وانحدارا" بهذه الكلمات بدأ السيناريست "محفوظ عبد الرحمن" اجاباته، كما يرى... "أن مستقبل مصر هو في الاصلاح الحقيقي، الذي يبدأ بتغيير الفكر السياسي والثقافي"، وأضاف "أننا نعيش فوضى ليس لها مثيل في العالم...ونحن بحاجة الى تغيير جذري في كل شئ لان التحسين أصبح مستحيلاً، ؟ أما السيناريست "وحيد حامد" يرى أن مصر "تحتاج الى فدائين حتى تخرج من أزمتها... ويطالب أن تكون فترة الرئيس مدتين فقط...وأن الاخوان المسلمون اكبر حزب منظم في مصر".
يؤكد الصحفي شعيب في نهاية كتابه، "أن معظم إن لم يكن جميع الذين حاورهم من مختلف الاتجاهات، لا يملكون تصوراً تفصيلياً لمستقبل مصر، ولكن هناك إجماعا كما ذكر، "يرون أن الحل الوحيد للازمة التي تعيشها مصر هو الحريات".
الاستاذ "سعيد شعيب" يعمل بالصحافة منذ فترة طويلة، ويعمل حالياً رئيس القسم الثقافي في جريدة العربي الديمقراطي الناصري، والمراسل الثقافي لمجلتي الصدى ودبي الثقافية (الامارات).