رواية الدعيلج دفاع عن النظام لاصلاحه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروتمن جورج جحا: يرسم الكاتب السعودي مبارك علي الدعيلج في روايته "المطاوعة" عالما هو نسيج من واقع بلده ومن امال باصلاح ما يشوبه ومن صور خيالية ساخرة احيانا من العالم الاخر يأتي بها "محضر" ارواح. ويروي في شبه حلم عن ارواح شخصيات منها بابا روما والخميني وغاندي واسامة بن لادن وكيف انتفض الراحل والد البطل علي وطعن ابن لادن بخنجر فأرداه.
رواية الدعيلج محشوة باشياء كثيرة يود الكاتب ان يقولها وهو في القسم الاول منها يعمل روائيا بشكل ناجح فيصور مجتمعا مغلقا اجتماعيا خاصة من حيث علاقات الجنسين مما
يبدأ الكاتب الرواية بصورة معبرة عن بيئتها من نواح مختلفة جغرافيا وعمرانيا واجتماعيا. يقول "اللون البني وضع بصمته على الوجوه.. الملابس.. الاثاث.. والمساكن. وهذا المنزل كان كجميع منازل الرياض يحيط به سور مرتفع من جميع الجهات وبه نخلة او نخلتان تضفيان نوعا من الجمود والصبر والطيبة على الحياة هناك. دخل علي مسرعا وهو يتجاوز قسم الرجال متجها الى بطن الدار وهو ينادي... اطلت عليه والدته من المطبخ ورغوة الصابون تغطي يديها..."
مجموعة تتألف من ثلاثة اصدقاء في عالم المدرسة وخارجه. يطعّم الكاتب الاحاديث احيانا كثيرة بكلمات وجمل عامية تضفي حياة وواقعية على النص ثم يشرحها بالفصحى في الهوامش. كل من الثلاثة يتجه منذ الصغر اتجاها معينا. علي الساخر من تقاليد عديدة والذي يطلق عليه كبار متزمتون لقب "العلماني" يذهب في بعثة الى بريطانيا. وعمر اللطيف والذكي والدبلوماسي ذو ميل ديني وعقل متنور منفتح يفهم الاسلام بطريقة تجعل الناس تحب الدين وتمارسه.. يصبح لاحقا احد ابرز المراجع الدينية في المملكة ومستشارا مهما لكبارها. وأيمن الوسيم المرح والطيب الذي اصبح احد كبار رجال الامن الذين يحاربون الارهاب والذي اغتاله ارهابيون لاحقا.
في البداية طرائف ومقالب وسخرية وصدامات مع من يصفهم الكاتب بانهم ذوو الافق الضيق المحدود وعلى رأسهم المطاوعة. لباقة عمر ولسانه الذرب شكلا في غالب الاحيان وسيلة الخلاص. مشكلات اجتماعية وتوترات مذهبية يرى علي انها بنت الجهل اذ تفرق مثلا بين سني وشيعي بل بين سني وسني احيانا كثيرة بحجة قرارات لمن نصبوا انفسهم مراجع التمييز الوحيدة بين الخير والشر وفي الحكم على الاخرين. ويقدم لنا علي نماذج من زملائه المتشددين الذين انتهى بهم الامر مقاتلين وبعضهم مثل "ابن جلعيد" المحدود الفهم والعقل يتحول في نظر اتباعه الى صاحب كرامات "واستغربت ان بعض اتباعه من الجهال لم يقولوا رفعه الله اليه وكل تلك القصص علاها غبار الزمن... فغدا ابن جلعيد اسطورة تروى عنه الحكايات والكرامات."
في لندن يلتقي صديقا قديما من المذهب الشيعي هو ابو باقر فتنمو الصداقة بينهما وتتعزز. ثم يكتشف ان صديقه صار عضوا في جماعة معارضة على رأسها "ابو سلمة السني احد اقطاب المعارضة في الخارج". وبعد مدة اصبح علي واحدا من الجماعة فغضبت عليه الحكومة ولم يعد يستطيع العودة الى بلاده. وبعد ان يصل الى مركز مهم في هذه الجماعة يكتشف ان القوى الخارجية تمولها لتسعى الى حكم بلاده.
في حديث مع ابي باقر يقول علي "لو ان ابوك مدمن مخدرات ترضى انه يموت.." يجيب صديقه "لا اكيد بعالجه" ويعود ليسأله "وانت طبعا ما ترضى احد يقول له يا مدمن.." فيوافقه الرأي ليعود علي فيقول "حنا نبغي معارضة تشافي مريض وما تقتله." وعندما يقول ابو باقر عن موضوع العودة والمعارضة من الداخل "لكن ما فيه حرية رأي .. او صحف معارضة او اي شيء" يجيبه "كل شيء يبدأ من الصفر.."
وفي مؤتمر صحافي يفضح علي المؤامرة فينقذ بلده ويعود هو و ابو باقر الى الوطن حيث يستقبلان استقبال الابطال. ويستدعيه الديوان الملكي فيكرمه الملك معلنا اعتزاز البلاد به. بعد ذلك يدعو علي زوجته الى غداء في مطعم فخم وبينما هما في الطريق يلقي المطاوعة القبض عليهما ويتهمونه بانه يرافق داعرة. بعد جدل واهانات ينقذه صديقه الشيخ عمر. بعد حملة علي على المطاوعة يقول عمر له في جو اعتذاري عما هو سائد "اسمع يا علي ترى لهم حسناتهم الكثيرة وما يحق لنا نلغيها من غلطة واحدة." فيجيب علي "مؤيدا بنعم" ويقول "اعوذ بالله من الشيطان..صدقت يا شيخ عمر."
عند الختام يشرح رجل وضع ابن له صار ارهابيا فيقول انه عندما تخلى عن طريق الانحراف "وصار يمشي مع المطاوعة فرحنا له ولكن لما صار مع الارهابيين فانا متبري منه..." يرد علي محملا الاهل المسؤولية لانهم تركوا اولادهم دون رقيب او حسيب وقال انهم قدسوا المطاوعة "وحطيتموهم ملائكة ما يخطؤون وهذي النتيجة... خدعتموهم بتعاملكم هذا فاعتقدوا انهم هم الصح والعالم كله خطأ."