جديد عبدالله المدني: المشهد الآسيوي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف: صدر مؤخرا عن مؤسسة الأيام للنشر في مملكة البحرين، كتاب جديد للدكتور عبدالله المدني المحاضر الأكاديمي البحريني المتخصص في الدراسات و الشئون الآسيوية بعنوان " المشهد الآسيوي: نافذة على أوضاع آسيا في مطلع الألفية الثالثة".
ويحاول المؤلف في هذا الكتاب الذي يعتبر الخامس ضمن أعماله، و الثالث ضمن سلسلة مؤلفاته حول الشأن الآسيوي، أن يسلط الضؤ بطريقة سريعة و موجزة و بلغة تخلو من
ويقول المؤلف في مقدمة كتابه:
" ورغم المصاعب الكثيرة التي اعترضت طريق الدول الآسيوية كنتيجة للهزة المالية التي تعرضت لها في عام 1997 ، و التي وجدها البعض فرصة للقول بأن النمور الآسيوية لم تكن سوى نمور من ورق، ورغم ما ظهر على الساحتين الإقليمية و الدولية من تحديات و صراعات أمنية وسياسية غير مسبوقة الشكل في أعقاب انتهاء الحرب الباردة و قيام النظام العالمي الجديد، فان هذه الدول أثبتت و تثبت قدرتها على التعامل و التكيف مع المتغيرات بنفس طويل و برغماتية مدهشة، تصلح معها أن تعطي الدروس للآخرين - و لاسيما العرب - في كيفية الانعتاق من اسر التخلف والضعف، و استغلال الفرص المتاحة لتسلق سلالم النهضة و القوة دون ضجيج أو عويل أو شعارات"
ويضيف المؤلف في مقدمته مستدركا: " لا يعني هذا، بطبيعة الحال، أن آسيا قد وصلت إلى حالة الكمال، أو انتهت من حل جميع مشاكلها. إذ لا يزال العديد من أقطارها يشكو من الضعف و التخلف و الفساد و البطالة، أو من الاحتقانات الداخلية و خروقات حقوق الإنسان و الصراعات العرقية والتمييز الطبقي، أو من الإرهاب و تجارة المخدرات و تبييض الأموال و التلوث البيئي. لكن ما لا يمكن إنكاره هو تحقق جوانب مضيئة، و وجود تجارب زاهية، و قيام معالم حضارية للتقدم والرقي، لا يمكن للمرء إلا أن ينحني لها احتراما".
و في موقع آخر من مقدمته، يعترف المؤلف بتواضع أن كتابه لا يحيط بكل ما يجري في القارة الآسيوية من حراك و تحولات، و لا يشتمل على التفاصيل الدقيقة الخاصة بحالة كل قطر، لكنه على الأقل يضع بين يدي القاريء العربي موجزا شاملا و سريعا للمشهد الآسيوي " عل ذلك يساهم في جذب اهتمامه، و حثه على قراءات مفصلة عن هذا الجزء من العالم الذي تربطنا به روابط وثيقة منذ الأزل، لكننا في الوقت نفسه نجهل الكثير عنه بسبب الإهمال الطويل المعطوف على خصلة التقليل من شأن الآخر، بدليل أن المثقفين العرب، دعك من العامة، بالكاد يستطيعون ذكر عنوان كتاب أو اسم شاعر من آسيا، أو الحديث عن فصل من فصول تاريخها القديم أو فن من فنونها الزاهية أو التلفظ ببضع كلمات من لغاتها".
والكتاب هو من القطع الصغير و يقع في 180 صفحة و يضم 12 فصلا قصيرا يبدأ بفصل عن بعض الحقائق و الأرقام الجغرافية و التاريخية و السكانية و الاقتصادية الخاصة بآسيا. في الفصل الثاني يستعرض المؤلف نماذج من النجاحات التي حققتها بعض الدول الآسيوية في المجالات المختلفة، ليتبعها بسؤال مركزي هو "كيف تحقق كل هذا في آسيا و لم يتحقق في مكان آخر من العالم الثالث؟". الإجابة نجدها في الفصل الثالث المخصص لبيان العوامل التي لعبت دورا في النهضة الآسيوية و هي بحسب المؤلف: منظومة القيم الثقافية السائدة، و الموضوعية والواقعية السياسية، و حسن استغلال الموارد، والتركيز على التعليم و البحث العلمي و الإنفاق عليهما بسخاء. في الفصل الرابع يستعرض المؤلف طبيعة و أنواع الصراعات و الأزمات الكامنة في المجتمعات الآسيوية و التي تحد من تحقيقها لمعجزات اكبر من تلك التي تحققت و أدهشت العالم، ليتبعه بفصلين يتحدث فيهما بالتفصيل عن أهم القضايا الإقليمية و الصراعات الداخلية المسلحة في آسيا اللاشرق أوسطية. أما الفصل السابع فمخصص للحديث عن الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997 و تداعياتها على دول جنوب شرق آسيا و شمالها، و ما قيل في أسبابها ، ناهيك عن الطرق و الأساليب التي اتبعتها الدول المتضررة للخروج من تلك الكبوة. في الفصل الثامن يستعرض المؤلف بإيجاز الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأن القرن الحالي هو قرن آسيوي بامتياز، متوقفا عند الحراك الراهن في جنوب شرق آسيا باتجاه التكامل و التوحد و خلق التكتلات الاقتصادية الكبرى على غرار الاتحاد الأوروبي. ويستخدم المؤلف هذه التطورات كمدخل للحديث عن أهم التكتلات الاقتصادية في القارة في الفصل التاسع من الكتاب، ليتبعه بالحديث المفصل عن ثلاث قوى آسيوية كبرى (الهند و الصين و اليابان) في الفصل العاشر، مع بيان الأرضيات القوية التي تقف عليها اليوم و علاقاتها مع العالم العربي بصفة عامة و منطقة الخليج بصفة خاصة. أما الفصل الحادي عشر فمخصص للحديث عن التنافس ما بين الهند و الصين للوصول إلى القمة، والذي يعتبره المؤلف المعلم الأهم و الأكثر إثارة في المشهد الآسيوي. و يختتم المؤلف كتابه بتقديم رؤيته الخاصة عن العلاقات العربية-الآسيوية وفق منظور "التوجه شرقا" الذي كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة، حيث يشدد على ضرورة أن تكون هذه العلاقات مبنية على شراكة استراتيجية منهجية طويلة المدى و شاملة لمختلف المجالات و مدعومة رسميا و شعبيا، وغير منطلقة من حسابات وقتية أو من أهداف خاصة بمماحكة الغرب أو من فرضية تجيير النفوذ الآسيوي لخلق تحالفات ضد الآخر، لكي تنجح و تتوطد و يستفيد أطرافها من بعضها البعض.