معجمٌ صغيرٌ حول أكاذيبَ كبيرةٍ مِنَ العربِ والمسلمينَ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
معجمٌ صغيرٌ مِنْ فْريدْ هَاليدايْ حولَ أكاذيبَ كبيرةٍ مِنَ العربِ والمسلمينَ..
حكمت الحاج من لندن: هذا كتاب جديد صادر هذا العام 2006 بطبعة عربية أنيقة عن (دار الساقي) بلندن، للباحث البريطاني من أصول ايرلندية (فريد هاليداي) أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، تحت عنوان (مائة وهم حول الشرق الأوسط) بدون ذكر اسم المترجم، بعد أن كانت
إليك مثلا ما كتبه ذات مرة السيد (محمد رضا نصر الله) في جريدة (الرياض) السعودية تحت عنوان دالٍ تماما هو (سقطة فريد هاليداي!) وذلك عند الحديث عن الرجل عندما سقط في مطار هيثرو عائداً من زيارةٍ وَجِلَةٍ إلى بغداد محاولاً التقاط حقيبته.. وكان سبب سقوطه ثقل المجلدات التي أعطيت له في بغداد، ولم يستطع التخلص منها.. أنى له ذلك، كما يقول نصر الله، وهي تنطوي على خطب صدام حسين.. لقد كان من المخاطرة أن يلقيها في سلة مهملات الفندق - كما قال - قد يكون لو فعل محل شبهة بالعمالة لأجهزة استخبارات بلده.. ربما!! رغم أن فريد هاليداي وهو من أبرز رموز اليسار البريطاني، تبنى قضايا عربية.. وله دراسات وكتب شهيرة عن إيران وافغانستان واليمن والجزيرة العربية.. وكان بعضها أثناء الحرب الباردة، ضمن أدبيات معارضة أبناء المنطقة إلى وقت قريب..
ويبدو أن زيارته إلى بغداد قد حدثت أواخر الثمانينيات، حيث أنشأ وبعض رفاقه من العراقيين جمعية تضامنية، في لندن، أطلق عليها اسم "اللجنة ضد القمع والديكتاتورية في العراق".. هكذا هو اسم اللجنة دون تعريف!! لتقف في وجه التيار الجارف - على حد تعبيره - في اليسار البريطاني، الذي قاد بعث صدام حسين إلى التواطؤ مع الفاشية والمجازر.. مما يؤشر إلى تورط عدد منهم في رشى النظام العراقي المخلوع.. وليس بعيداً عن ذلك فيما يبدو البرلماني المطرود مؤخراً جورج غالاوي.. كان واحداً من هؤلاء الذين أبدوا حماساً منقطع النظير في مناصرة صدام حسين ونظامه، حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة .
تدخل هاليداي أيضا كما ذكر ذلك في مقالة له بجريدة الحياة، في فضيحة كوبونات صدام النفطية.. إن قائمة جريدة (المدى) البغدادية بمئات الأسماء العراقية والعربية والأوروبية والأمريكية، تشير إلى غالاوي.. لكن هل أشارت كذلك إلى الطبيب الكوبي الذي طلبه صدام من فيدل كاسترو لمعالجته، وبعدما توثقت علاقته به، أعاده إلى بلاده، عميلاً عراقياً ليقوم باستقطاب أبرز الأسماء في كوبا وأمريكا اللاتينية، إلى النظام العراقي، مقابل مكافآت صدام السخية؟!
أما فريد هاليداي الذي حاول معارضة رفاقه البريطانيين، في اعتبار صدام حسين أحد طلائع الثورة الجديدة، ودائما مع محمد رضا نصر الله، فإنه بدا ضعيف الصوت، متوارياً عن الأنظار، لم يكد يقرأ له معجبوه في العالم العربي سطراً يبين وجه الحقيقة، إلا بعد سقوط صدام، واحتمال تعفن جسمه في سجن قوات الاحتلال، كما يتمنى . عندها.. أي بعدما طاح
بيد أننا نرى، وبعيدا عن مزاعم من هذا النوع تطال دائما الشخصيات المهمة ذات الحراك المتصل بالشأن العام، والخائضة في وحل السياسة بشكل خاص، إن المعنى العام لهذا الكتاب الجديد لفريد هاليداي، يتطرق إلى صلب أحد اكثر المزاعم والادعاءات نفاذا ونفوذا في العصر الحديث وفي الثقافة والأيديولوجيا السياسيتين المعاصرتين، وهو التنطع بالتقاليد وادعاء العمق والتواصل التاريخي، ومن ثم استخدام هذا الماضي- التاريخ، وتلك التقاليد، لتفسير العالم على ما هو عليه اليوم، وكما من اجل توفير مجموعة من المبادئ الخلقية والدينية. لقد تم العمل على تعزيز هذه الدعاوى المرتكزة على تأويل النصوص المقدسة من اجل الذهاب اكثر فاكثر إلى ما يصطلح على تسميته اليوم بالأصولية الدينية.
وما هذا الكتاب، كما يقول مؤلفه إلا بأنه محاولة لمقارعة هذا النزوع إلى الماضي-التاريخ، وهو جزء من مشروع أوسع لنقد الفكر القومي والديني ولإعادة تأسيس نظرية كوزموبوليتية وأممية على أمل أن يشكل بداية لا بد منها وخطوة للبحث والنقاش حول العلاقات الدولية المعاصرة. وليس أدل على هذا التوجه الأممي اليساري لدى فريد هاليداي من ذلك المقتبس الذي صدّر به المؤلف كتابه هذا، آخذا إياه من (فولتير) في رسائله الفلسفية (1828) حيث يقول (اذهبوا الى بورصة لندن.. سوف تجدون هناك ممثلين عن الأمم كلها، وهم مجتمعون لما فيه مصلحة الجنس البشري. هناك يعامل كل من اليهودي والمسلم والمسيحي، الآخر، كما لو انه من دين واحد، ولا يطلقون تسمية كفّار إلا على أولئك الذين أفلسوا).
يحاول هذا الكتاب أن يستشرف مستقبل الشرق الأوسط من خلال تحليل الأوهام والخرافات التي تكوّن جزءا" كبيرا" من هويته ورصد العلاقات الملتبسة بين دوله،ودرس واقع الأقليات فيه كالأكراد والشيعة واليهود والمسيحيين...ويتحرى أيضا" تأثير الخرافة والأسطورة في الواقع والحضور السياسيين لكل واحدة من هذه الأثنيات، وفي صوغ علاقات بعضها ببعض وفي تحديد علاقاتها الخارجية. وبحسب ما جاء في كلمة لناشر هذا الكتاب جاءت على غلافه الأخير، فان الشرق الأوسط يعيش في غابة من الأثنيات والخرافات. وتكاد تنظم دوله بعضها ببعض، كما وعلاقة هذه الدول جمعاء بالعالم الخارجي,تنظمها هذه الأساطير ,وترسم إلى مدى كبير مسار أحداثها وصورة مستقبلها.
لقد كتبت دراسات كثيرة عن منطقة الشرق الأوسط لكن أحدا" لم يستطع فهم كنه طبيعة هذه المنطقة الموغلة عميقا" في الأوهام والخرافات، وإدراك علاقات أثنياتها وشعوبها المتصادمة والمتناحرة.
كذلك يبحث الدور المهم الذي اضطلعت به هذه الأساطير في إذكاء الحروب التي شهدها الشرق الأوسط منذ حروب الفرس والعرب مرورا" بالحرب الإيرانية-العراقية، وصولا"
إلى حروب السودان والجزائر وليس انتهاءا" بالحرب الأهلية التي تعيش أهوالها شعوب الشرق الأوسط ،والحروب الجديدة المتوقع حدوثها. ولكن، ورغم هذا التعريف الجامع المانع من الناشر، وهذا حق له، فان الكتاب في محصلته ما هو إلا معجم صغير لأكاذيب كبيرة حول الشرق الأوسط، كتبه بذكاء وبراعة لا تضاهى، واحد من ألمع العقول الغربية المهتمة بالشرق الأوسط عامة وبالإسلام خاصة.
خذ عندك مثلا هذه الأكذوبة أو لنسمها الأخدوعة: فمزاعم السياسيين الإسلاميين والصهاينة بأنهم يعيدون خلق ماض مفقود غير صحيحة. كيف ذلك؟ يفسر لنا هاليداي الأمر قائلا إن مفهوم الدولة الإسلامية الشيعية الذي قدمه الإمام الخميني وأطلقه عبر الثورة الإيرانية عام 1979 والمفهوم الآخر المتعلق بإحياء الخلافة الإسلامية الذي يسانده المحافظون والمتشددون السّنّة بمن فيهم (القاعدة)، هما مشروعان سياسيان حديثان. وليس لدولة إسرائيل باستثناء طرحها البلاغي، أية علاقة بمملكتي داوود وسليمان القديمتين. بل إن العديد من ابلغ الرموز في السياسات الراهنة هو ادعاءات حديثة. وتلك حال أسامة بن لادن حين يشير إلى السعودية بأنها (بلاد الحرمين) فان هذا التعبير من ابتكاره الشخصي ومن بنات أفكاره.
إن كل دول الشرق الأوسط تدعي شرعية قديمة خاضعة للطقوس في حين أنها كيانات حديثة النشوء تم خلقها في القرن العشرين. ولقد وصل الأمر إلى حد أن يجلب الضحك بعد الشفقة ونحن نسمع صباح مساء كيف أن لهذه الدولة العربية أو تلك تاريخ موغل في القدم يرقى إلى اكثر من 4 آلاف عام بينما لم تتورع دويلة عربية ما أن تقول إن عمر الحضارة فيها يصل إلى 7 آلاف عام قبل الميلاد. ولا داعي لذكر الأسماء فجلها معروفة للقاصي والداني.
على الجانب الفلسطيني ربما يكون الرمز الأكثر شيوعا هو الكوفية المزركشة التي كان يعتمرها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وتبناها مؤيدو القضية الفلسطينية في أرجاء العالم. والواقع كما يقول لنا فريد هاليداي إنها مشتقة من غطاء رأس عسكري صممته مؤسسة تجارية في مانشستر - وتعود إلى اصل سوري - في العشرينات من القرن الماضي، وكان شعارا مخصصا لفرقة (الفيلق العربي) المشكلة حديثا حينذاك في الأردن.
وفي الوهم رقم 84 على الصفحة 164 من الكتاب الذي بين أيدينا، يورد لنا المؤلف كيف انه من الخرافة أن نقول إن مدينة (القدس) كانت طوال قرون موضع تبجيل من المسيحيين واليهود والمسلمين. صحيح إن المسيحيين جعلوا من القدس موقع صلب المسيح لكن مراكز أخرى للسلطات السياسية والدينية خصوصا روما وبيزنطة كانت اكثر أهمية تاريخيا. وأظهر استيلاء الصليبين على القدس عام 1099 ميلادية والمذبحة التي ارتكبوها ضد سكانها اليهود والمسلمين، قلة احترامهم وتقديسهم لهذه المدينة، وكان النزاع بشأن ملكية مفاتيح كنيسة القيامة قد أطلق شرارة حرب القرم عام 1854.
وجدير بالملاحظة، كما ينقل لنا المؤلف، انه وأثناء حكم الإمبراطورية العثمانية الذي امتد قرونا فان اليهود استوطنوا العديد من مدن الشرق الأوسط بينما قصدت قلة قليلة منهم القدس للعيش فيها. ويرى المسلمون إن القدس هي موقع المسجد الأقصى الذي يقال انه معراج النبي محمد إلى السماء، ولكن في الجزء الأطول من القرون الأربعة عشر الماضية من التاريخ الإسلامي، ظلت القدس بالنسبة إلى المسلمين مجرد بلدة ريفية. ولم تكن في ظل الإمبراطورية العثمانية حتى عاصمة مقاطعة منفصلة أو حتى ولاية.
إن المزاعم الدينية بشأن القدس وترسيخها الإلهي المفترض، على حد زعم فريد هاليداي، تشير بقدر ما يمكن لهذا الادعاء أن يتمتع بالصحة، إلى نسبة ضئيلة من منطقة بلدية القدس الحالية التي خططها المسؤولون الإسرائيليون بعد عام 1967. والمدينة التاريخية التي تعود المزاعم إليها لا تزيد مساحتها على الميل المربع الواحد من المنطقة المسورة. ويربط المؤلف كعادته في هذا الكتاب وفي كتبه السابقة بين أحداث منفصلة في الزمان والمكان ضمن حدود الشرق الأوسط ليقول انه ربما تكون الحقيقة بشأن القدس قد تم إعطاؤها بطريقة غير مقصودة بعد عام 2003 من قبل القوميين الأكراد الذين طالبوا بمدينة كركوك التي يتنازعها الأكراد والعرب والتي تعتبر بالنسبة إليهم (القدس الكردية) أو (قدس الأكراد). وهنا لا يفوت المؤلف أن يدلو بدلوه في هذه القضية الشائكة جدا ليحلها بجرة قلم عندما يقول انه إذا كانت هذه العبارة ترمي إلى تحميل كركوك طابعا تاريخيا ومقدسا، فذلك زائف برمته، لكن إذا كانوا يقصدون إن المدينة أصبحت بسبب القومية الحديثة والهجرة المعاصرة، موقعا للصراع بين الأثنيات والأقليات، فهذا صحيح، ولكن كتعليق ينطبق على القدس اكثر مما ينطبق على كركوك. لماذا؟ لا يعطينا مؤلفنا الجواب الشافي، ولكنه في الخلاصة، وفي معزل عما إذا كانت كركوك هي (القدس الكردية) أم أن القدس قد أصبحت (كركوك العرب واليهود)، فقد تم تحويلها إلى (فيتش) أو تعويذة شوفينية مبالغ فيها، وموضوع للادعاءات القومية المتصلبة والاستنسابية من الجانبين. وسيكون معقولا الافتراض، حسب المؤلف، إن أي طرف في المنطقة لن يوافق على خلاصة كهذه، سواء أكان يهوديا أم عربيا أم كرديا، لكن يستدرك مؤلف الكتاب قائلا إن ذاك لا يقلل من صحتها.
وعلى الصفحة 175 نرى إلى فريد هاليداي مؤلف كتاب مائة وهم أو خرافة حول الشرق الأوسط وهو يفند منطوق الوهم رقم 90 القائل بان الحجاب فرض على النساء المسلمات. فليست هنالك أية في القرآن تأمر بتغطية النساء لشعورهن أو رؤوسهن. وتنصح الآية 59 من سورة (الأحزاب) زوجات النبي بتغطية شعورهن. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
وتتحدث الآية 31 من سورة (النور) عن حجب النساء لزينتهن عن عيون الغرباء. (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
لكنّ ممارسةَ إلزامية تغطية الرأس (الحجاب) وتغطية أسفل الوجه حتى العينين (اللثام) لا تمتلك، على حد زعم المؤلف، أية سلطة مستمدة من الشريعة. كما لا تفرض أي من المذاهب الإسلامية الخمس الكبرى في الإسلام الحجاب الإلزامي ولا تأمر به. فهذه عادة اجتماعية انتشرت مع الأصولية الحديثة، ونتجت عن سوء استنباط وتزمت في ممارسة ما أسماه المؤلف (سياسات الهوية).. والحجاب الكامل هو ممارسة مدينية (نسبة إلى المدينة عكس الريف) حديثة بشكل كبير. فمن نافل القول إن أكثرية النساء المسلمات عبر العصور، اللواتي كن يعملن في الحقول الزراعية والسهول، لم يكن يغطين وجوههن، ولا يفعلن ذلك حتى هذا اليوم.
وعلى هذا المنوال السالف الذكر بشأن الوهمين أو الخرافتين أو الأكذوبتين أو الأخدوعتين المذكورتين أعلاه حول منطقة الشرق الأوسط بِقَضِّها وقَضيضها، فليقس القارئ الكريم باقي أوهام الكتاب المائة، أهمية وخطورة. على إن ذلك المسرد بالمصطلحات والذي يحتل الصفحات من 197 إلى 279 وجاء تحت عنوان (أزمة 11 أيلول سبتمبر وعواقبها اللغوية) لا يقل أهمية وخطورة عن متن الكتاب الأصلي. انه هذا المسرد هو محاولة فائقة الابتكار من فريد هاليداي لتسجيل التغييرات التي طرأت على اللغة والكلام بعد أحداث أيلول سبتمبر 2001 ، وتهدف إلى تبيان معاني بعض الكلمات والأسماء التي دفعتها الأزمة إلى الصدارة. فعلى سبيل المثال لا الحصر سنعرف ان الاسم المستعار لأسامة بن لادن في الثمانينات كان (أبو كاكا) وان اسمه ارتبط بالانتفاضة السنية في سوريا عام 1982. أما اسمه عند البريطانيين فهو (بن لاينر) أي ما يعادل في المنطوق البريطاني (كيس نفايات).
وفي اللغة العالمية العولمية الجديدة مصطلحاً ومفهوماً بعد 11 أيلول سبتمبر 2001، ودائما مع فريد هاليداي، سنتعرف على مفردات جديدة لمدلولات أجد، من مثل (السّعْودة)و(البحْرنة)و(الأمرتة)و(العومنة) حيث تستخدم لوصف سياسات استبدال الأجانب بالمواطنين المحليين في سوق العمل الخليجية خاصة السعودية والبحرين والإمارات وعُمان. وعلى الرغم من الكثير من الحوافز التي تقدمها هذه الدول، فإن قطاعي الأعمال الأجنبي والمحلي قاوما هذه السياسة.
أما عن (الفن الإسلامي) فإن هذا مصطلح زائف، حسب ما يقول المؤلف، وليس له أي أساس تاريخي أو فني أو لاهوتي، بل ابتدعه مدراء المتاحف ومنظمو المزادات لتغطية تشكيلة واسعة من أعمال ثقافية وجغرافية مختلفة.
وفي السياق نفسه، نفهم ان (الشارع العربي) ما هو في الغرب إلا تعبير لازدراء الرأي العام العربي المجافي للواقع، والمتكون في غالبه في غرف الجلوس او غرف الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون. وعلى غرار (الروح العربية) يفترض عدم وجود وجهة نظر عامة موحدة.
ويأمل المؤلف من لائحته الضخمة هذه أن تحمل برهانا على قدرة البشر على إعادة تشكيل اللغة في مواجهة الأحداث الجديدة. واللائحة إن كان عمادها اللغة الإنكليزية فإنها ليست مغلقة ولا مكتملة بأي حال من الأحوال، ويمكن إضافة المزيد من المواد إليها من أدبيات الشرق والغرب السياسية كل يوم، وَلِمَ لا، بلسانٍ عربيٍ مبينٍ.