جديد سنير: الإسلام، التصوف والأدب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القدس خاص بايلاف: صدر في ألمانيا هذا الشهر كتاب جديد بالإنكليزية للاستاذ البروفيسور رؤوبين سنير من جامعة حيفا بعنوان Religion، Mysticism and Modern Arabic Literature. وفي الكتاب، الذي يقع في 178 صفحة، خمسة فصول، بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة وقائمة مصادر ومراجع. ويتصدر الفصول قول الصوفي بشر بن الحارث الحافي في باب الصمت من الرسالة القشيرية: "إذا أعجبك الكلام فاصمت! وإذا أعجبكالصمت فتكلم!" مما يعكس جدلية الصمت والكلام التي تنسحب على كل صفحة وصفحة من
ونجد في مقدمة الكتاب الإطار النظري للدراسة، أي نظرية الأنظمة الأدبية - ٍsystem theory - التي ترى الساحة الأدبية حلبة صراع بين المركز والهامش - وما في الساحة من نصوص وأجناس ومبدعين في حركة دائمة بين ساع إلى الأمام طامح ليخلف من يتبوأ العرش الرسمي، وفي نفس الوقت يخسر الذوق الشعبي، وبين متقهقر إلى منطقة العامة ليعيد تنطيم صفوفه، استعدادا لاندفاع جديد إلى المركز. ويتناول الفصل الأول من الكتاب ما هو اليوم بعيد عن تاج الرسمية - أدب الجماعات الإسلامية المنتشر بسرعة وهو في نفس الوقت هامش بنظر المركز الأدبي العلماني ولا يحظى بتقدير النقاد والمؤسسات الثقافية الرسمية. وفي الفصل الثاني يتوقف سنير عند العلاقات بين الأدب العربي والإسلام خلال القرن العشرين، مسلطا الأضواء على نقاط زمنية ومفترقات فكرية تصادم فيها كتاب ومبدعون مع المركز الديني ومنها قضية طه حسين وكتابه في الشعر الجاهلي ونجيب محفوظ في أولاد حارتنا وسلمان رشدي في الآيات الشيطانية. أما الفصل الثالث فيتناول النزعة الصوفية في الشعر العربي التي برزت منذ بداية الستينيات وكان روادها أدونيس وصلاح عبد الصبور وكذلك عبد الوهاب البياتي، الذي سبق سنير وأفرد لنزعته الصوفية كتابا كاملا بالعربية بعنوان ركعتان في العشق وهو مشتق من قول الحلاج "ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم". ويعالج الفصل الرابع من الكتاب العناصر الصوفية في أعمال الشاعر المصري صلاح عبد الصبور، الذي وضع إلى جانب شعره الصوفي نظرية في الإبداع تتألف من ثلاث مراحل تعادل مراحل التجربة الصوفية: الوارد، التلوين والتمكين، والعودة. ومما قد يجده القارئ مفيدا محاولة تطبيق التنظير على شعر عبد الصبور نفسه مثل قصيده "الاله الصغير " التي نشرت عام 1957ضمن الناس في بلادي والتي كان سنير قد أفرد لها تحليلا مفصلا ( مجلة الكرمل (حيفا) 6 (1985)، ص 129-146). هذا هو نص القصيدة:
كان لي يوما إله وملاذي كان بيته
قال لي إن طريق الورد وعر فارتقيته
وتلفت ورائي وورائي ما وجدته
ثم أصغيت لصوت الريح فبكيته
ذات يوم كنت أرتاد الصحارى كنت وحدي
حين أبصرت إلهي أسمر الجبهة وردي
ورقصنا وإلهي للضحى خدا لخد
ثم نمنا وإلهي بين أمواج وورد
وإلهي كان طفلا وأنا طفلا عبدته
كل ما في الأرض يهواه ولكني امتلكته
كلما نغم في الأيكة عصفور لثمته
وإذا ثارت بنا الأشباح والليل اعتنقته
ومشينا مرة في الليل والوجد طلاسم
فنشقنا ثورة العطر وقبلنا الكمائم
وشهدنا في انتصاف الليل ميلاد النسائم
ورجعنا في ثياب الفجر نبدو كالتوائم
وفي الفصل الاخير تحليل مفصل لقصيدة "مرثية الحلاج" لأدونبس التي نشرت عام 1961 ضمن أغاني مهيار الدمشقي والتي سنوردها فيما يلي:
ريشتك المسمومة الخضراء
ريشتك المنفوخة الأوداج باللهيب
بالكوكب الطالع من بغداد
تاريخنا وبعثنا القريب
في أرضنا - في موتنا المعاد.
الزمن استلقى على يديك
و النار في عينيك
مجتاحة تمتد للسماء
يا كوكباً يطلع من بغداد
محملاً بالشعر و الميلاد،
يا ريشة مسمومة خضراء.
لم يبق للآتين من بعيد
مع الصدى و الموت و الجليد
في هذه الأرض النشورية
لم يبق إلا أنت و الحضور
يا لغة الرعد الجليليه
في هذه الأرض القشوريه
يا شاعرا الأسرار و الجذور.