عالم الأدب

مفردات لها أجنحة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شوقي مسلماني من سدني: المثقّف الوطني والأديب والشاعر عصام عزّ الدين الكردي تسبقه الفكرة دائماً في حلّه وترحاله وليس أي فكرة بل تلك النبيلة في نظرتها إلى الإنسان بعيداً عن مشاربه الروحيّة أو الفكريّة أو العقائديّة، وبعيداً عن جنسه وهويّته وعرقه ولونه. وهذه النظرة إليه تنبع من معرفة به عمرها عقدين من السنين على الأقلّ، فهو لا يروقه مجلس يخوض السمّار فيه بما لا يليق طائفيّاً وعنصريّاً، مثلما لا يروقه أن يكون القلب في جهة واللسان في جهة، ومثلما لا يروقه أن يكون القول والعمل متناقضان، متعاكسان ومتنافران.
وقصائده الجديدة الصادرة في "سي دي" باسم: "على ضفاف أشجار النخيل" وترافقها أنغام موسيقيّة مناسبة جدّاً من إعداد الموسيقار مجدي بولس أحد أعضاء فرقة المطربة الكبيرة الراحلة أمّ كلثوم المعروفين والبارزين، هي من ضمن هذا المسار الإنساني العميق والواسع. فالحب ديدنها والملجأ إذا عزّت الملاجئ في عالم ينحدر في أخلاقه السياسيّة على نحو متسارع ومريع منذ بدايات العقد الأخير للقرن العشرين، ونتيجة ذلك هي هذه الفوضى غير الخلاّقة التي تنتشر في أربع أرجاء الأرض، وهذا الخراب الذي يصيب مقتلاً من أمم وأوطان، وهذا الدم المسفوك بالمجّان هنا وهناك.
واللافت في قصائد الكردي، وهي عشرة بالتمام والكمال، أنّها جميعها مباشرة، أي أنّ التصريح لا التلميح هو خطّتها، فإذا ذكر "الأبوريجنال" سكّان شبه القارّة الأستراليّة الأصليين أسهب في التعريف بهم مثلما سبقتْ وعرّفت بهم كتب التاريخ، فهم عراة وطيّبون ومتناغمون مع الطبيعة ومتشاركون في أسباب الحياة والأفراح والأتراح.
وإذا ذكر الغزاة المستعمرين ذكرهم بأسمائهم ومنهم "الكابتن جيمس كوك" ومنهم "آرثر فيليب المقطّب الجبين" وإذا ذكر أوصافهم فهم "مجرمون" استعبدوا الأحرار وعاملوهم "كحيوانات" إرضاءً لمليكهم "جورج الثالث" وشتّتوا شملهم و"قتلوهم" ولم تأخذهم بهم شفقة أو رحمة.
وإذا امتدّ بصره إلى بلاد العرب فالشعارات هناك هي "شعارات" والخطابات هي "خطابات" و"الهزائم" هي السائدة و"الكرامة" هي المفقودة والقلب مكسور على "فلسطين" و"العراق".
هذا والشاعر الكردي يستمع في قصائدة إلى ألحان "بيتهوفن" ويقرأ "شكسبير" ويمتّع ناظريه بلوحة "الموناليزا" وابتسامتها الخفيّة الساحرة، وأكثر فيقول أنّه كان "حجراً" قبل أن يعرف الحبيبة ذات "الشعر الأسود الطويل" والوجه الطافح بالبشر ويؤكّد أنّها "في القلب" دائماً ومنها يستمدّ العزيمة للإستمرار نصيراً "للفقير" المعدم ومحارِباً "للغني" الجشع والقوي الظالم.
وإذا لكلّ شاعر قاموسه الخاصّ ومفرداته الأثيرة فلصاحب "على ضفاف أشجار النخيل" قاموسه الخاصّ ومفرداته الأثيرة أيضاً تتكرّر في القصائد بلا وعي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلك التي لها أجنحة مثل: "الحمام" و"الحب" و"الياسمين" و"الأزرق" وكلّها مكانها في "القلب".
Shawki46@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف