صمت فراشات ليلى عثمان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
.. سرد مميز وعبد شهرزاد الحديث
بيروت من جورج جحا(رويترز): الموضوعات التي تناولتها الكاتبة الكويتية ليلى العثمان في روايتها الاخيرة "صمت الفراشات" قد لا تكون جديدة في مشكلاتها وحلولها.. لكن قدرة الكاتبة على السرد الحي الذي يشد القارىء بما يقدمه من لذة في المتابعة يعطي لهذه الموضوعات جدة وأهمية. تتناول الرواية انواعا من الظلم تلحق بالمرأة في العالم
تهدي ليلى العثمان روايتها الممتعة الى "كل الفراشات الصامتات المحصورات كالكلمات بين قوسين." تبدأ روايتها بحوار حي متحرك يعكس قدرتها السردية المميزة غالبا مهما كانت الموضوعات التي تتناولها. بطلة الرواية في عيادة طبيب اثر مشكلة صحية في حنجرتها. تدخلنا في الجو مباشرة فتقول "فوجئت بالطبيب يخبرني.. لا بد من العملية. تسمرت وصوتي المخنوق يسأل مذعورا.. وهل استرد طبيعة صوتي بعدها.. ولم يشأ الطبيب ان يخادعني. قال.. ليس تماما. على الاقل في الشهور الاولى ثم يتحسن." وأمرها بأن تلزم الصمت. بدا الامر مفجعا بالنسبة اليها فهي عندما كانت في التاسعة عشرة فرض عليها ان تتزوج رجلا عجوزا مستبدا ارغمها بالقوة الجسدية على ان تصمت.
وتنقلنا من هنا الى معاناتها الى المرأة "التي لا صوت لها" مجازا وحقيقة .. الى الصمت الدائم الذي فرض عليها فتقول في مكان اخر معلقة على الامر "شعرت بحاجة الى البكاء. شعرت وكأن يدا غليظة تمتد الى عنقي وتحاول خنقي ثانية عن الكلام. تواردت علي في لحظة سنوات صباي الاول في قصر العجوز. هناك بدأ صمتي الذي فرض علي والان صمت اخر علي ان افرضه على نفسي لاستعيد سلامة صوتي..." تتحدث عن تجربتها الكابوسية في القصر مع الزوج المسن في "ليلة الدخلة" حيث استحضر عبده الاسود عطية وامره باغتصابها لفض بكارتها كي يسهل عليه الامر بعد ذلك. واذا كان شهريار الف ليلة وليلة الفحل القوي يتزوج فتاة كل ليلة ثم يقتلها الى ان جاء دور شهرزاد التي اوقفت القتل بقدرتها على الكلام.. فان شهريار الرواية الضعيف فرض هنا الصمت على شهرزاد الضحية كي لا تحدّث احدا فتكشف الاسرار. منعها حتى من زيارة اهلها فسجنها وكان يعاقبها ويأمر العبد بجلدها بالسوط.
بعد تخطيط عميق استطاعت الهرب مع حقيبة مجوهراتها ولما لحق بها رفضت العودة وطلبت الطلاق فساندها اهلها بعد ان كانوا قد ظلموها. وفي الصباح اقبل العبد الذي كان يشله شعور بالذنب لتنفيذه اوامر سيده وابلغها ان السيد مات. عادت الى القصر وارثة ملايين. عرفت تجربة حب فاشلة مع طبيب "دون جوان" ما لبثت ان تخلت عنه وقد امتلأت بشعور بالاذلال.
اشفقت على العبد عطية وهو ابن عبد وامة اي انه كان عريق في العبودية وأرادت ان تعتقه فأبلغها ان سيده فعل ذلك عندما احس بدنو اجله. ابقته في خدمتها وجعلته يدرس ويتخلص من اميته. اعطته عملا جديدا. وكانت تشعر بأنه تعلق بها بشكل بدا في البداية عرفانا بالجميل ثم اخذ يبدو لها حبا يائسا خفيا يدفعه حتى الى الموت في سبيلها. اما هي فكانت في عمق اعماقها تكن له شعورا غريبا ما لبثت ان اكتشفت انه حب سيطر عليها حتى في احلامها وفي مختلف اشكاله وعلى رأسها الجنسي.
وعلى رغم معارضة اهلها فكرة الزواج منه وغضب شقيقها الذي اضطر الى ضربها فقد تحولت مشاعرها الى حال من الجموح فأقامت علاقة مع عطية لكنه كان عند وصول الوضع الى ممارسة الجنس يتوقف ويتهرب قائلا انه يريد مغادرة المدينة كي لا يفصل بينها وبين اهلها. واخيرا اضطر الى مصارحتها بانه عاجز عن ممارسة الجنس معها. سألته لم لم يفقد فحولته عندما كان عبدا ينفذ اوامر سيده فرد بأن الامر كان مختلفا.
تصف النهاية على الصورة التالية "نشجت فالتقم شفتي ودموعه تغرق وجهي وهمسه العذب يصب في اذني.. اه يا حبيبتي..ليتني اقدر. تخلص من ذراعي بصعوبة وفر منحدرا الدرجات تاركا قلبي يلعق اساه وروحي الذائبة المهشمة وراءه وتهمس "اه يا عطية ..كم اغبطك رغم ما اعانيه فانت الان السيد الحر الذي يتخذ قراره ببسالة الفرسان بينما انا.. العبدة.. الضعيفة اكمن في سري وانتظر من يمنحني شهادة عتقي."