جنسيتي الوحيدة هي السرفانتيسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خوان غويتيسولو، بمناسبة تقديم أعماله المراجعة:
"الكاتب له الحق في مراجعة أعماله الإبداعية وتجويدها" و"الجنسية الوحيدة التي أعرفها هي الجنسية السرفانتيسية"
محمد المودن من مدريد: تعتزم دار النشر غلاكسياغوتنبرغ ، جمع الأعمال الأدبية والنقدية الكاملة للكاتب الإسباني خوان غويتيسولو، وإعادة نشرها من جديد في سبع مجلدات، بعد أن كان غويتيسولو قد ألحق بها تعديلات مختلفة. وكان الكاتب غويتيسولو الذي نشأ ببرشلونة عام 1931، قد وصل أمس الأول الأربعاء إلى مدريد لتقديم المجلدين الثاني
وقد تضمن المجلد الثاني إنتاجات غويتيسولو الأدبية المكتوبة ما بين 1959 و1965، ومنها أعماله السردية الآتية: "للعيش هنا" و"الجزيرة" و"نهاية الحفل". ثم كتاباته الأخرى التي يمكن تجنيسها ضمن جنس "أدب الرحلة " وهما : "حقول نيخر" و" لاشنكا"، بالإظافة " إلى "شعب منطلق". بينما شمل المجلد الثالث خمس أعمال سردية اعتبرت حاسمة في كتابات غويتيسولو الأدبية ومنها : " علامات الهوية" و"السيد خوليان" و" وخوان بدون أرض" إضافة إلى العملين السرديين الآخرين:" مقبرة" و"مشاهد بعد المعركة".
إن إعادة تجميع أعمال غويتسيلو في هذه المجلدات السبعة، التي أنجز منها ثلاثة لحد الآن، لا يقتصر على بلوغ هدف توفير أعمال هذا الكاتب الإسباني الذي يعيش بين مراكش وباريس، بل إن ذلك سيقود إلى تأسيس هوية أدبية جديدة لعدد من أعماله بعد أن عاد إلى قراءتها جميعا، وألحق بها تعديلات. وقد جاءت أعماله المنشورة في تلك المجلدات الأولى ممهدة بتقديم من الكاتب يشير فيه إلى مواقع التعديل في ذلك العمل، وإلىمسوغات تلك التعديلات.
غويتيسولو في مداخلته بمدريد في سياق تقديمه للمجلدين، أبرز الكثير من الحيثيات التي صاحبت فكرة إعادة تجميع أعماله برؤيتها الجديدة، وخاصة ما تعلق منها بقراءة ثانية مارسها الكاتب نفسه لأعماله، قراءة لم تخل من نقد ذاتي ومجاوزة لمتخيلات سابقة، ولكن مع إقامة فاصل ومسافة بينه وبينها. وهو نفسه قال في المناسبة المشار إليها" لقد قرأت أعمالي كما لو أنها لم تكن من تأليفي، بل من تأليف شخص آخر، وفوجئت بمفاجآت بعضها طيب وبعضها الآخر سيئ". وألمح غويتيسولو إلى أن عمل المراجعة تلك "كانت تجربة مثيرة شبيهة بقيمة الاسترجاع" .
وسيجد القارئ لأعمال غويتيسولو في المجلدات الجديدة، تفاوتا في نسبة التعديلات ، فمثلا في رواية "خوان بدون أرض"، سيلمس الملطع على النشرة الجديدة من هذا العمل على تنويعات كثيرة لم تكن قائمة في النشرات السابقة، غير أنه في رواية"السيد خوليان" ستكون تدخلات الكاتب الجديدة محدودة. ويبدو أن أسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذا المقام، من قبيل: هل من حق الكاتب بعد نشر أعماله الأدبية ا لقيام بمراجعتها وإلحاق تعديلات بها، ثم إعادة نشرها من جديد؟ وإلى أي مدى ستخلق تلك التعديلات هوية أدبية أو دلالية جديدة لتلك الأعمال؟
هذه الأسئلة نفسها راودت الكاتب غويتسولو، وأعد لها إجابات ضمنها في مداخلته التي قدم بها لصدور المجلدين الثاني والثالث، حيث بدا متمسكا بحق المراجعة وهو يقول"للمؤلف الحق في تجويد عمله في أي وقت، فواجبه أن يقدم للقارئ في كل حقبة نصا يكون أكثر نقاء". غير أن حق المراجعة يبدو مقيدا عند غويتيسولو، ولا يجب سحبه على باقي أجناس القول الأخرى وإلا سيكون ذلك إخلا لا بميثاق الكتابة وشرفها، ومنها مثلا الدراسات والأبحاث والرسائل الفكرية، على سبيل المثال"لأن تغيير ذلك سيكون دليلا على قلة في الشرف، وإذا أخطأ أحد ما عليه أن يقر بخطئه، ثم يقوم بتحليله وتوضيحه، ثم يشير إلى ذلك في إشارة على هامش النص. ولن يكون مشرفا إعادة كتابته".
الكاتب الذي اعتبر الجنسية الوحيدة التي يعرفها هي "الجنسية السرفانطيسية" نسبة إلى سرفانطيس، بادر إلى عرض جملة من آرائه حول الأدب والنقد والحياة، وفي هذا السياق اعتبر "أنه في الخلق الأدبي لا يوجد تصحيح سياسي". ورد في الوقت نفسه على كثير من الانتقادات التي وجهت إليه، بينها تلك التي لامته على إدخال قيم إديولوجية في أعماله، وكذلك تلك التي رأت العكس، وانتقدت تغييبه لها. فحسب غويتيسولو هناك من رأى فيه كاتبا لم يتناول بما فيه الكفاية طبقة العمال، وهناك ، كما حدث مع ناقدات أمركيات، من وجه إليه مؤاخذات على عدم إشباع الرغبات النقدية للمدافعات عن النزعة النسوية في الأدب والفكر،" في الوقت الذي"، يضيف غويتيسولو قائلا:" كنت دائما مدافعا عن المرأة وجعلت من سوزان سونتاغ أول ظاهرة نسائية".
ولعل الغرض الجوهري بالنسبة إلى غويتسولو من اعتراضه على هذا النقد هو التشبت دائما بمبدئه المشار إليه وهو:" التصحيح السياسي ليس له مكان في السرد الأدبي".
حياة غويتسولو الطويلة (75 سنة )، كما أشار إلى ذلك الكاتب نفسه، أكسبته مناعة ضد تلك الانتقادات التي وجهت إليه و المرتبطة بإديولوجيات أكثر من ارتباطها بالعمل الأدبي نفسه، فيقول معلقا على ذلك:"إنني متقدم في السن، وعشت كثيرا والانتقادات تنزلق على جلدي".