اختتام ندوة ابن خلدون ومنابع الحداثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيهاب الشاوش من تونس: اختتمت بتونس الندوة الدولية حول"ابن خلدون ومنابع الحداثة" بمقر المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة وهي الندوة التي نظمتها
مختارات من بعض المداخلات:
وقدمت طيلة هذا الأسبوع مداخلات لحوالي 90 باحثا ومختصّا من مختلف الأقطار العربية و الأوروبية ساهمت بالتعريف أكثر بابن خلدون و تحديد أبعاد الفكر الخلدوني و أشكال الحداثة في أعماله. و نستعرض هنا بعض المداخلات الهامة من الندوة مع التأكيد على ثراء و عمق جميع المداخلات التي قدمت ابن خلدون وفكره كما لم يحدث من قبل.
ففي محاضرو بعنوان "علاقة السلطة بالثروة في فكر ابن خلدون" أكد الأستاذ السوري غانم هنى، أستاذ الفلسفة الاجتماعية بجامعة بريمن بألمانيا وبجامعة دمشق، على ثلاث نقاط رئيسية، وهي الثروة باعتبارها مقوّما من مقوّمات الدولة في الأطوار الأولى من قيام الدولة إلى جانب العصبيّة والعنصر الديني، و اللحمة ما بين الدولة والثروة التي تقوم عليها الدورة في مختلف مراحلها و أخيرا الثروة حينما تتحول إلى ترف تصبح عنصر فساد يقوّض كلّ أركان الدولة فتشيخ وتهرم وتنقرض.
وذكر المحاضر ان ابن خلدون اعتمد التدرّج وذكر الأسباب والنتائج وتحليل الوقائع من خلال عديد الأمثلة من تاريخ الدول لإثبات ان الثروة ـ التّرف هي التي تسبب الخراب الى الدولة والعمران. و يشير غانم الى أن فكر ابن خلدون أعطى قيمة كبرى لدور البناء ودور الهدم فالثروة هي من طبيعة الحكم وهي التي تقود إلى خرابه أيضا. كما يؤكد ايضا على معاصرة فكر ابن خلدون خاصة وأنه قد اعتمد في تحليله لعلاقة الثروة بالسلطة على منطق ان لكل معلول علة فكما للازدهار علة فللانهيار علة أيضا.
وفي مداخلة بعنوان"نحو تاريخ كوني للفكر الاقتصادي: إسهام ابن خلدون" قال الألماني بارترون شافولد ان علم الاقتصاد لم يتبلور كعلم له مبادئ وقواعد واضحة سوى في القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر مع مجموعة من المفكرين من أبرزهم أدام سميث وما كان لهذا العلم ان يتبلور لولا مساهمات مفكري ما قبل الحداثة الأوروبية وقد اعتبر ابن خلدون واحدا من المساهمين في التمهيد له من خلال المقدمة. ففي رؤيته للتاريخ والعمران تنبه ابن خلدون لدور الاقتصاد وهو ما جعل الرئيس الأمريكي الراحل ريغن يستشهد به في احد خطاباته ليؤكد مقولته في ان تخفيف الجباية يعتبر عنصرا مشجعا على الزيادة في الإنتاج.
وتحت عنوان "في تدبير المعاش عند ابن خلدون" يرى الباحث التونسي الباجي القمرتي أن الأفكار الاقتصادية مبثوثة في كامل المقدمة وقد أوردها ابن خلدون بمصطلحات بيئته وعصره ذكر منها المعاش والرياش والمتصوّل والضائع والفلح. و يدعو الباحث الى التأمل في العلاقة بين نمو الدولة والعمران ونمو الاقتصاد، ففي هذا المستوى يصوغ ابن خلدون مضمونا لدولة الاعتمار ويضع لها أسسا تتوزع بين الأساس الجغرافي والديمغرافي والعلمي والسياسي والاقتصادي فالعمران مرتبط جغرافيا بالمدنية وبحركة التجارة وتطوره مرتهن بالزيادة الديمغرافية فكلما زاد عدد الناس تضاعفت مساهمتهم في الإنتاج وتطورت حاجتهم للاختراع وتطوير إنتاجهم وهذا الهدف يحتاج إلى سياسة حكيمة أميل إلى تخفيف الجباية منها إلى زيادتها.
وقدم الباحث المغربي مصطفى شاذلي مقاربة لرواية ابن بلده الكاتب بن سالم حميش "العلامة" وهي رواية نشرتها دار الآداب وقد وظف فيها المؤلف سيرة ابن خلدون وجعل منه بطلا لروايته. و خلص في دراسته الى ان أن رواية العلامة تتكون من نصوص مختلفة تشكل ظفيرة متناغمة لا تسير بشكل تعاقبي تاريخي بل بشكل متقطع وفيها يمزج بين الرواية الشفهية التي تمتح من الذاكرة وبين التدوين الكتابي الذي يعتمد على مصادر موثقة وتقنيات التحقيق.
وتحت عنوان "الموسيقى في المقدمة" تدخلت سلوى حفيظ لتبرز مظاهر عناية ابن خلدون بالموسيقى في المقدمة فقد خصص لها فصلا في صناعة الغناء أبان فيه عن معرفة تقنية بالآلات الموسيقية الوترية منها والنفخية وفي القسم الثاني من مداخلتها ذكرت ان ابن خلدون كاد يضع أسسا لنظرية التلقي الموسيقي "الحديثة" حيث تعرض لعلاقة الموسيقى بالمزاج والطبع والجغرافيا...