عندما تصبح الأزمنة من غبار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: صدر عن دار الهلال رواية "أزمنة من غبار" للفنان التشكيلي "ناصر عراق"، رواية ترصد أزمة جيل كامل في فترة من تاريخنا المعاصر، ترصد رحلة جيل بحث عن الأمل في دهاليز الحياة السياسية من خلال حياة أسرة عامل بسيط "عبد العزيز" على مدى 30 عاماً، بدأت عقب هزيمة 1967 بكل مرارتها، تبدأ الرواية
غبار في غبار
رواية اجتماعية سياسية بامتياز، مزج فيها الكاتب العديد من الاحداث لتخرج شخصياتها معبرة عن واقع أليم، يائس، تحمل الرواية الكثير من المعاني والدلالات كعنوانها، فأزمنة من غبار بدأت بحرب 48، مروراً بهزيمة 67، وتداعيات نصر اكتوبر 73، ثم الحرب على العراق عام 90، وسقوط بغداد الاليم عام 2003، جيل الثمانينات تفتح على هزائم متعددة، يحاول البحث عن الامل، يتحمس للتغيير، فالشاب خالد "بطل الرواية الرئيسي" يبدأ أولى خطوات حياته بالفشل عندما لم يستطع الالتحاق بمعهد السينما لان الفساد والوساطة في نهاية السبعينات بلغا مستوى غير مسبوق، فهناك فتاة كانت تجهل اسم مؤلف "الايام"، لكنهم قبلوها في المعهد لان أباها كان يعمل مساعداً لمدير استديو نحاس، فانتهى أمر خالد كمدرس للتربية الفنية بمرتب 62 جنيها، ليواجه الصد الموجع من قصة حب أصبحت مستحيلة في ظل ظروف اقتصادية صعبة، تمرد على الوضع مع بعض اصدقائه للبحث عن حياة أفضل في كهوف الحياة السياسية، من قراءة كتب لينين الى اصدار مجلة سياسية، ثم الانضمام الى حزب التجمع، وتخيب آمالهم بسقوط مرشحي الحزب وهم أملهم في التغيير، فتبدأ رحلة اغتراب الاصدقاء، الى ابو ظبي، المانيا، النرويج، والعراق، بينما "خالد" بقي في مصر مع تداعيات غبار الازمنة.
أمل يلوح بين الغبار
رواية تتميز بالصدق والسلاسة في التعبير، ينتقل بنا الكاتب بين الماضي والحاضر والمستقبل، ينتقل من زمن الى آخر عن طريق الراوي الموضوعي، مزج الهم السياسي بالاجتماعي والهم الخاص بالعام فجسد واقعاً أليماً، واقع الجري وراء لقمة العيش والتغيير..... "معاناته من الازدحام الشديد وموقف عربات الميكروباص يومياً، تائهاً وسط جمهور غفير من عمال مجهدين، وموظفين بائسين، وطلاب حيارى في انتظار سيارة ميكروباص، فوضى الطريق، أكوام القمامة المتناثرة، دورة المياة ذات الرائحة الكريهة والخاصة بالمدرسين، هجرة الشباب بسبب الفقر والخيبة"، كما تميزت الرواية بنموذج بنائها وهو أقرب الى نموذج الف ليلة وليلة، فالرواية عبارة عن عدة قصص مجموعة باطار واحد، بدأها بالقصة الرئيسية لاسرة عبد العزيز، لينتقل بنا الى حكايات كثيرة متداخلة تدور أحداثها في أحياء شعبية، وشخصيات متنوعة وأحداث ومواقف مختلفة، وحاول "ناصرعراق" بث بعض من الأمل بين سطور روايته ولكنه لم ينجح تماماً لإنارة الصورة القاتمة، وكذلك حاول في نهاية الرواية عندما استعار أيمن "الحفيد" أحد الكتب من مكتبة عمه "خالد"، ليقول لنا مازال هناك أمل بالقراءة والعلم والثقافة........!!!
زوبعة غبار
الرواية تثير تساؤلات كثيرة حول ما آمنا به سابقاً، وحول عجزنا وضعفنا أمام تقبل هزيمة 67، فلا زلنا غير قادرين على تجاوز الهزيمة بالرغم من مرور 38 عاماً، وغيرنا تجاوز الأسوأ؟؟ لتحفزك على الغوص في تحليل الشخصية العربية، للتعرف على أسباب حبها وهيامها باللطم والندب أكثر من العمل، كما تتساءل هل أيامنا مشارفة على المغيب؟؟ فنحن نجتر خلفنا أزمنة من غبار وقد عفا عليها الغبار، وتتساءل الى أين نحن ذاهبون؟؟ وبعيداً عن التشاؤم لدي شك بأن غداً أفضل من اليوم في ظل زوبعة الغبار التي نشهدها، فالرواية تخبرك بأن تاريخنا وحاضرنا غبار، فما حال المستقبل؟؟
"ناصر عراق" مدير تحرير مجلة دبي الثقافية، فنان تشكيلي وناقد له العديد من الرسومات الصحفية في الصحف المصرية، والعديد من الكتابات الفنية والنقدية، ومجموعة من القصص القصيرة بالاضافة الى كتابين في النقد التشكيلي، شارك في تأسيس مجلة الصدى بدولة الامارات، فاز بجائزة احمد بهاء الدين عام 2000 عن بحثه تاريخ الرسم الصحفي في مصر، فاز بجائزة افضل مقال في الصحافة الاماراتية عام 2004، من مؤسسة تريم عمران الصحفية.