مئوية بيكيت: محطات في سيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فالح الحمراني من موسكو: جرت في 13 نيسان (ابريل) في مختلف انحاء العالم الاحتفالات واقيمت ندوات ومؤتمرات بمناسبة مرور 100 عام على ميلاد صموئيل بيكيت
البداية
ولد صموئيل بيكيت في 13 ابريل 1906 بالقرب من عاصمة ايرلندا دبلن،وفي وقت متاخر سيقول الاديب انه اطل على العالم في الجمعة العظيمة، وصرخ في ذات الساعة،
ونشر بكيت عام 1930 مجموعته الشعرية الاولى ، التي ظهرت نتيجة تاثره بكتابات الفيلسوف رينيه ديكارت الذي ظل متاثرا به طيلة حتى نهاية حياته. ونشر قصائده في مجلات عدة في دبلن وباريس. وقد اهمل نشر القصائد الاولى التجريبية التي كتبها اذ نشر قصائده المكتوبة بين العامين 1928 ـ1935م وترجم العديد من الشعر الإيطالي والفرنسي وما يثير الاستغراب انه كان ربما أول مَن ترجم بعض الشعر السوريالي الفرنسي إلى الإنكليزية من خلال قصائد لـ(أندريه بروتون) وللشاعرين (بول إيلوار) و(أندريه كروفيل) ، وترجم كذلك قصائد لـ(رامبو) و(أبولينير) مثلما ترجم لبعض الإيطاليين من بينهم (أوجينيو مونتالي) . وقال بيكت عن نفسه في شيخوخته عن تلك الفترة انه كان" شابا لم يكن بوسعه ان يقول شيئا، ولكنه اراد ان يقوم بشئ ما".
وعلى خلاف ما اشيع فان بيكيت لم يكن سكرتيرا لجويس. بيد انه كان ضيفا دائما على ابن بلده العظيم، وكان معجبا به لحد العباده وقلده حتى في التقاط السيجار واحتساء المشروب ولبس نفس حذائه،مما سبب له بعض المتاعب.حينها وعلى مشارف العشرينات والثلاثينات وقعت ابنة جويس التي
الذروة
وعاد بيكت عام 1930 الى ايرلندا ليمكث فيها فترة قصيرة، ومن ثم توجه في رحلة طويلة جاب فيها اوروبا، لكي يستقر به المطاف عام 1937 نهائيا في باريس. وكان بيكيت قد بعث برسالة الى المخرج السينمائي السوفياتي الشهير ايزنشتين لمساعدته الالتحاق في معهد السينما في موسكو، بيد ان الرسالة ولحسن الحظ انها ضاعت ولم تصل للمخرج السوفياتي.
وفي عام 1938 ظهرت رواية بيكيت " مرفي" التي يلتحق بطلها للعمل في مستشفي للامراض العقلية لكي يتجنب الزواج. ويلعب مرفي الشطرنج مع نزيل المستشفى الذي يمر في حالة خطرة، ويشعر مورفي بعبثية هذا العمل. ويصطدم بيكيت في نفس العام بعبثية الحياة اليومية ووحشيتها حين يطعنه عابر سبيل بسكين في باريس من دون سبب. وحينما سالة بيكت في وقت متاخر عن سبب فعلته اجاب " مسيو اعذرني، لااعرف". ، وسحب الاديب الدعوى التي رفعها ضد المعتدي للمحكمة. ويتعرف اثر الحادث على زوجته الثانية سوزان التي سترافقه طيلة حياته.
وظل بيكيت بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية مقيما في باريس، باعتباره مواطن دولة محايدة. وانتمى هناك لاحدى خلايا المقاومة السرية، وترجم التقارير للسلطات البريطانية عن تحرك القوات الالمانية. وبعد تدمير الخلية السرية، هرب بيكيت للجنوب الفرنسي وسكن في قرية روسليون ومن هناك ساعد وفق الامكانات المتاحة حركة لمقاومة. ورشح بعد الحرب لنيل وسام الدولة الفرنسية لشجاعته، وقال بتواضع " انه لم يؤد غير دور تلاميذ الكشافة في مساعدته للمقاومة". وكان قد بعث عام 1946 قصة قصيره لجان بول سارتر فنشرها في مجلته " العصور الحديثة" وكان على يقين انه ينشر نصا كاملا، وحينما اكتشف ان للقصة تكملة، رفضت رفيقته وناشرة المجلة سيمون دي بوفوار نشرها. وشرع بكيت في روسليون بكتابة روايته " وات" التي التي يسعى بطلها الرئيسي لوجود يتصف بالعقلانية في عالم غير عقلاني، وتاخر نشرها
المحصلة. واعلن في عام 1969 عن فوز بيكيت بجائزة نوبل للادب وقالت سوزان بعد ان قرات البرقية عند الناشر ياللكارثة. فكانت تخاف من ان الشهرة العالمية ستفسد على الزوجين حياة العزلةالتي ينعمان بها. وفي نهاية المطاف اعرب بيكيت عن امتنانه للاكاديمة السويدية ولكنه اعتذر عن حضور مراسيم تقليد الجائزة واختفى في زاوية نائية بعيدة عن المعجبين. وبات بيكيت في السبعينات والثمانينات يقل من الكتابة والنشر. وفي حديث لاحد المهتمين بسيرته الشخصية قال بيكيت ان جيمس جويس "مُركِب" اضفى على النص المزيد من التفاصيل اما اما "فمُحلل" اسعى دائما لشطب الكثير. وفي سنواته الاخيرة امضى معظم وقته في شقته في باريس يشاهد لعبة الريغبي، واعادة قراءة الكتب التي كان يحبها ويدخن، رغم منع الاطباء له. وانتقل بيكيت بعد موت سوزان عام 1989 الى احد دور كبار السن وتوفى في 22 ديسمبر من العام نفسه. وقد عجز، وهو الذي سعى لالتزام الصمت، في الاشهر الاخيرة من حياته عن الكلام تماما بسبب المرض. ودفن وسوزان في مقبرة مونبرناس في باريس. وبالقرب من شاهدة قبرهما المتواضعة تنمو شجرة وحيدة، مثلما في مسرحيته بانتظار جودو.
ويقول احد المهتمين بسيرته " ان بيكيت سعي لاقتناص جوهر الوعي، الذي يكمن في الانسان".لقد حلل الاديب هذا الجوهر حتى النهاية حتى التفاصيل الوجودية المرعبة وادرك العبثية التامة للوجود البشري. بيد انه قال في الوقت نفسه " من النادر ان لايصحب الشعور بالعبث الشعور بالضرورة".
استفادت المادة من مقالات بالروسية من بينها "غروب القرن" بقلم يوليا شتوتينا و"صمؤئيل بيكيت" من الموسوعة الادبية الروسية ومقال الناقد والباحث الكسندر غينس " بيكيت: شاعرية غير المحتمل"، وبالعربية موسوعة المصطلح النقدي: اللامعقول تاليف ارنولد هنجلف، ونصوص من اجل لاشئ من تقديم ونشر هنري فريد صعب.