عالم الأدب

معرض كآبة البشر في برلين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

برلين: قال استاذ الفنون الالمانى البروفيسور وولفغانغ شتوك ان تاريخ الفنون يسرد عادة وفي غالب الاحيان الوجه الايجابي للحياة بدون التطرق الى الجانب الرئيسي الاخر من الحياة البشرية وهو "الحزن" . اكد شتوك الذى يشغل منصب مدير "دار الفنون الحديثة" فى برلين في حديث مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان "الحزن والكابة يجد مكانا الكآبة بريشة ادوارد مونش ي كل انسان وعلى مدى العصور شريطة ان يكون ذا احساس مرهف" . واضاف انه قلما ان وجد عبقري في الحياة البشرية وعبر القرون دون معاناته من الامور النفسانية المؤلمة التي تصعب معالجتها باعتبارها عللا والاما تجد موطنها في النفس والاحساس والادراك مثل الفيلسوف الالماني الراحل فريدريك نيتشه والبرت اينشتاين ولودفيغ فان بيتهوفين" . واوضح شتوك الذى كان يتحدث على هامش جولة في دار الفنون الحديثة بوسط مدينة برلين التي تستضيف منذ مطلع الشهر الجاري معرضا فنيا للرسومات ترجع جذورها الى مختلف العصور بدء من القرن الاول بعد الميلادية وانتهاء بعصرنا الحديث تحت شعار او بالاحرى موضوع واحد هو "الحزن" . وقال ان تاريخ علم النفس وتاريخ البشرية منذ بزوغها ولغاية الان يعلمنا عبر الوثائق والصور والفنون التي تتناول الانسان في احساسه وشعوره وتفاعله مع محيطه الاجتماعي او النفساني يبين جوانب انسانية عدة كالاعتزاز والكبرياء والاحباط والى غير ذلك من شفافية النفس البشرية. واوضح بان هذه الامور هو الغرض بل الهدف الرئيسي من اقامة معرض "الحزن" مشيرا الى ان المعرض الذي يستمر لغاية نهاية شهر مايو المقبل والذي يستقطب يوميا عشرات الالاف من الزائرين وكثير منهم من السائحين مئات اللوحات الفنية تصب مواضيعه على اختلاف الصورة او الرسومات ورسومها في عنوان واحد هو الحزن والكابة والانزواء" . ولفت الانتباه الى ان انجازات الفن للفنان المشهور بابلو بيكاسو او ميكيل انجلو تنبع من نفوس حزينة ولو ان ظاهر مواضيع انجازاتهم الفنية يتحدث لول نظرة او حالة تامل عن مواضيع رومنطيقية او جمالية " . واظهرالمسؤول الفني شتوك ان الرسومات الفنية التي تتصدر المعرض هي في غالبيتها من العصور الوسطى ومن مقتنيات النبلاء والشرفاء والاثرياء سابقا ولكنها تمتلك جميعها سمات ومميزات خاصة بها بدون استثناء وهي ميزات قوامها مزيج من الحزن والخوف والكابة . وعزا شتوك نشاة علم النفس الحديث "كعلم مستقل" الى انتشار الحزن وتغلغله في النفس البشرية وفي المجتمع مبينا ان هذا العلم ينكب على تصنيف الحزن احصائيا وبصورة مبوبة ومن حيث النشاة الانتروبولوجية بغرض التغلب على ما يكدر الحياة ويعكر صفوها. وبين شتوك ان العبقرية الخارقة حسب مفاهيم مشاهير الفنانين والرسامين والنحاتين ولاسيما الايطاليين منهم اقرب ما تكون الى الجنون وظواهره . ونوه في نفس الوقت الى ان الفنانين الحزانى قد "سخروا الجنون والاحباط في خدمة الفن وسخروا الفن في خدمة الشعر والشعراء" مؤكدا ان كل هذا يعتبر بحد ذاته من وجهة نظر الفنانين والحزانى والذين ترافقهم الكابة في حياتهم اليومية بمثابة "روعة الخيال غير المالوف".

وشدد على اهمية الحزن او ما يعرف بتعبيره "ميلانكولي" اذ ان الحزن وفقا لشتوك يتفاوت في عمقه ودرجته على اهميته في الادب الحديث اذ ان هناك معرفة حديثة تتمثل في ان المرء ليس الوحيد كفرد يعاني من الحزن بل ايضا المجتمع والفئات والطبقات الاجتماعية وكذلك الانظمة الاقتصادية التي قال انها تفقد روح الارتباط بالواقع وذل استنادا الى الاديب الالماني والفنان المعاصر المشهور يورغ امينهوف . وقال ايضا ان الميلونكولي تعتبر في المفهوم الفني الغربي منذ حوالي الفي عام كمرجع فكري لكافة الابداعات الفنية وكامتداد للفكر من العصور القديمة حتى عصرنا هذا . ولفت الانتباه الى ان "معرض الحزن" ينطلق من فكرة ابراز مصدر واصل الحزن في العصور القديمة منوها الى ان نظرية الحزن في عصر ارسطوطيليس تستند الى ان الابداع المتميز وقوة التصور والخيال يتعرضان الى خطر التلاشي بالاحباط وعالم افكارهاذ ان العبقرية والجنون عنران متلازمان وقريبان الى بعضهما .

واوضح بان سقراط الحكيم كان يرى سبب الحزن يكمن في زيادة نسبة عصارة المرارة في الدم اذ ان تعبير ميلونكيلي اي الحزن يتشكل من كلمتين هما ميلاز و كولي او ما يرادفها باللغة العربية زيادة في عصارة المرارة السوداء في الدم . واردف قائلا ان العصور الوسطى فهمت "الميلانكولي" على انها شبح يتجسد في منطقة الاعراف اي بين الجنة والنار وان من اكثر الذين كانوا يقعون ضحيتها هم "رجال الدولة والفنانين والفقهاء ورجال الدين " . وحسب شتوك اعتبر علماء العصور الوسطى وخاصة حوالي القرن الرابع عشر سر الميلانكولي سببا كبيرا في اكتشاف الكيمياء والطب والفن والنحت وعلم الفضاء الكوني مشيرا الى ان العلماء كانوا في تلك الفترة يطلقون على مرض الحزن "اطفال كوكب الزهرة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف