حوار مع الروائي ابراهيم سعدي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هناك نصيب من المسؤولية يتحمله المثقفون والمصالحة الوطنية حبر على ورق
حاورته جازية روابحي: تحدث الروائي الجزائري إبراهيم سعدي لإيلاف عن حال الهيكل الثقافي في الجزائر واصفا إياه بالبئيس محملا المثقفين مسؤولية ذلك..كما تأسف سعدي لوضع الصحافة الثقافية في الجزائر قائلا عنها: لا تؤدي واجبها كأداة لبناء جسر بين منتج الثقافة والجمهور في إشارة منه على اكتفائها بالتركيز على عامل الإثارة كما لن ينسى صاحب رواية "بحثا عن أمال الغبريني" ان يتطرق إلى موضوع المصالحة الوطنية التي يغشى ان تكون عملا سياسويا...
* ما هو تقييمكم للمشهد الثقافي في الجزائر لا سيما وانه يشهد هذه الآونة "غليانا" للأسف لا يخدم الثقافة الجزائرية؟ وما هي تداعيات ذلك حسب رأيكم؟
- الجزائر أفرغت من الكثير من مثقفيها وعقولها الذين أرغمتهم الأوضاع السائدة في البلاد على الهجرة إلى الخارج. ودون أن أقلل من أهمية و قيمة المثقفين الذين اختاروا
*في رأيكم هل الرواية عند lsquo;براهيم سعدي هي موقف من العالم تأخد محتواها من عمق روح الروائي؟ ما مفهوم الأدب عند غبراهيم سعدي؟
- الرواية ليست مجرد موقف من العالم عندي. و لو كانت كذلك لاكتفيت مثلا بالعمل الصحفي أو بالدراسات أو نحو ذلك. إنني أعبر عن موقفي من العالم في مقالاتي الأسبوعية بجريدة " الشروق" أكثر مما أفعل في أعمالي الروائية. في هذه الأخيرة لا أعبر عن موقف، بقدر ما أحاول أن أصور الحياة، لأنه ليس هناك ما يضاهي الرواية فيما يخص قدرتها على تصوير الحياة. و هذا لا يتأتى بالطبع دون توفر العنصر الجمالي و الفني. هذا العامل هو الذي يحول عناصر الواقع و الحياة بما فيها من مرارة و تعاسة و صراع إلى شيء مثير للمتعة. و أعتقد أن الفن بصورة عامة هو عملية تحويل ما هو مأساوي و محزن في الحياة إلى شيء يحقق المتعة و السرور. وقد يكون ذلك من خلال المادة اللغوية كما في الشعر و القصة و الرواية أو من خلال الصوت و اللحن كما في فن الغناء، و قس على ذلك... لكن عندما أقول أن الرواية عندي هي تعبير عن الحياة فهذا لا يعني أنها تعبر عنها كما هي في الواقع، فهذا غير ممكن حسب نظري، لأن الحياة لا تستطيع أن تتحول إلى عمل رواني أو إلى عمل فني آخر دون أن تمر عبر ذات لها خصوصيتها و فرديتها و تجربتها، مما يجعلها بالضرورة ملتبسة و مشوبة بهذه العوامل، الشيء الذي يجعل من الواقعية بوصفها قائمة على مطلب الموضوعية، شيئا مستحيلا. و هكذا فإن الحياة كما تعبر عنها الرواية هي في جزء أساسي منها انعكاس من جهة لهذه الحياة و من جهة أخرى للفرد داخلها.
*لماذا في رأيك لم تستطع الثقافة في الجزائر أن تواكب التطور الذي مس بقية القطاعات الأخرى كالإقتصاد والسياسة..إلخ؟
- لا أرى شخصيا أن هناك تطورا في المجالات التي أشرت إليها، و أعتقد أنه لو حدث ذلك التطور لانعكس بشكل إيجابي على الثقافة و لتوقفت ظاهرة الهجرة الثقافية التي سبق و أن تحدثنا عنها.. الثقافة لا تستطيع أن تتقدم دون دعم معين من الدولة أو دون وجود سياسة ثقافية. هذا غير ممكن. لقد مات الإنتاج السينمائي في بلادنا لأن الدولة قررت خصخصة الثقافة و وقف دعمها لهذا القطاع. و عندما أتحدث عن الدعم، لا أقصد المالي منه فقط، بل أيضا مجموعة من التدابير و الإجراءات. على سبيل المثال، يمكن إنشاء مكتبة على مستوى كل بلدية و سن قانون يقضي باقتناء نسختين أو أكثر من كل عنوان جديد من طرف هذه المكتبات البلدية و الولائية، مما من شأنه أن يشجع دور النشر على نشر الأعمال الأدبية. جميع الدول ترعى ثقافتها الوطنية و تعمل من أجل ازدهارها. و أعتقد أنه يوم تكتشف السلطة قيمة الثقافة و أهميتها يمكن أن نتفاءل بالمستقبل.
*هل إبراهيم سعدي من بين الذين يرفضون قطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث من منطلق التطور والحداثة فما هو تفسيركم لإشكالية الأصالة والمعاصرة في الأدب الجزائري؟
- لا أهتم كثيرا بهذه التصنيفات. المهم توفير عنصر الجودة. الأدب الجيد يتجاوز كل الحدود و كل الموانع. إنه بالدرجة الأولى مغامرة فردية و خاضع لمبدأ الحرية، و القيود الوحيدة التي بتقبلها عن قناعة و رضا هي تلك القيود النابعة من ذاته و طبيعته، و ليست تلك التي تفرض عليه من الخارج لاعتبارات إيديولوجية أو سياسية أو أخلاقية أو نحوها. و أنا شخصيا لا أعرف لأي مدرسة أو اتجاه أدبي أنتمي. و هذا لا يمنعني من الكتابة على الإطلاق، بل يعطيني نوعا من الحرية. و أنا أحترم كل الأدباء الذين أسهموا في بناء الأدب الجزائري بغض النظر عن مشاربهم و اتجاهاتهم و سنهم و لغتهم.
*هل كان فوزك بجائزة مالك حداد للرواية سنة 2002 برواية " بوح الرجل القادم من الظلام" حافزا دفع بك إلى كتابة روايتك " بحثا عن آمال الغبريني " التي أردت أن تقول من خلالها: على الإنسان أن لا يفقد الأمل مع أن نهاية الرواية فضلت أن تكون مؤلمة بوفاة الوناس؟
- لم يكن للفوز بجائزة مالك حداد للرواية، سنة 2002، تأثير في حد ذاته على كتابتي رواية " بحثا عن أمال الغبريني"، إذ كنت قد شرعت فيها قبل الإعلان عن هذه النتيجة. وأعتقد أن الرواية يمكن أن تقرأ على أكثر من مستوى و تؤول بأكثر من طريقة، أو على الأقل هكذا أرجو. شخصيا لا أميل كثيرا إلى الرواية ذات الدلالة الواضحة أو الصارخة، أي الرواية المغلقة ذات السؤال الواضح و الإجابة الواضحة. كما لا أعتقد أن الفكرة المقصودة هي الجوهر الأساسي للرواية. بالنسبة لي ينبغي على العمل السردي أن يثير العواطف و الإحساسات المختلفة وأن يشد القاريء. عامل التصوير- و هنا لا أعني فقط التصوير الخارجي- مهم جدا في الرواية. و هذا ما يجعل منها فنا. يبدو لي أن العمل الروائي يتوجه إلى الذوق و إلى وجدان القاريء أكثر منه إلى عقله. و حسب رأيي فإن الرواية في جوهرها ذات طابع درامي بالأساس، و لهذا لا توجد أو تكاد لا توجد الكوميديا في هذا الفن. الرواية تشتغل في الجانب الإشكالي و المأزوم من الحياة و ليس في الجانب السعيد منه. هذا ممكن في الشعر، لكن ليس في الرواية.
*شهدت روايتك " بوح الرجل القادم من الظلام " أو "توبة الشيطان" كما لقبتها أنا إقبالا واسعا، ففي رأيك خل هذا الإقبال يعود إلى القيمة الفنية التي كثير ما رست على أحداث الرواية من خلال سردك الدقيق و المفصل للأحداث أم لكونها حللت المجتمع الجزائري بمختلف تناقضاته الموجودة؟
- لا أستطيع أن أفسر الإقبال الذي تشيرين إليه على رواية "بوح الرجل القادم من الظلام". فالكاتب ليس مؤهلا للحكم على عمله، و إلا لما كانت هناك حاجة إلى وجود النقاد. القاريء أقدر في هذا المجال على قراءة الرواية و على الحكم عليها و على فهمها و تأويلها. إن العمل الإبداعي شيء و شرح النص ونقده شيء آخر. القدرات التي يتطلبها الإبداع غير القدرات التي يتطلبها النقد. وقد يمتلك الروائي القدرة الإبداعية ولا يملك زمام القدرات النقدية. لذلك لم يكن كبار شراح النصوص عادة من المبدعين، بل من غيرهم. وأنا شخصيا لم أكن متيقنا أن الرواية ستحظى بالإقبال، خصوصا و أنني استعملت فيها بنية لا تمت بصلة تقريبا إلى فن السرد، إذ قسمت الرواية إلى مقدمة وتوطئة و خاتمة، و هذه الطريقة، كما تعلمين، تستخدم في مجال الدراسات بالأساس. زيادة على ذلك، فقد خشيت أن تكون غير مفهومة بسبب اعتمادي على تقنية غير معهودة تتمثل في كون السارد، الحاج منصور نعمان، دائم الانتقال في سرده بين الماضي والحاضر. ثم إن شخصية هذا الرجل هي شخصية خرافية، و لذا فقد خشيت ألا تكون مقنعة فنيا. رواية "بوح الرجل القادم من الظلام" كانت نتاج لحظة جنون فني من جانبي. لحظة مغامرة غير مضمونة العواقب. و الغريب أنني لم أجد سهولة في كتابة رواية مثلما وجدتها مع "بوح الرجل القادم من الظلام". كانت أحداثها و شخصياتها تأتيني دون استدعاء أو بحث من جانبي، كما لو أن شخصا ما كان يمليها علي.
*هل يؤمن إبراهيم سعدي بوجود صحافة ثقافية في الجزائر؟ وإن كانت موجودة فماهي قراءتك لها كونك كاتب صحفي؟ وماذا تقول للروائي الجزائري بوجدرة حينما قال سبب الكارثة التي يتخبط فيها الادب الجزائري هي عدم تفرغ الكاتب والروائي الجزائري للكتابة ولجوءه لكتابات أخرى منها الكتابات الصحفية؟
-لا أدري إن كنت فهمت جيدا ما يقصده رشيد بوجدرة، لأنني لا أظن بأن هذا الأخير يجهل بأن الكثير من الأدباء الكبار كانوا صحافيين، مثل همنغواي و دينو بوزاتي و غابريال غارسيا ماركيز ومحمد ديب و غيرهم... بل ربما أكبر مهنة مارسها الكتاب هي مهنة الصحافة. و لعل العلاقة الموجودة بين العمل الصحفي و العمل الإبداعي أن كلاهما يجعل صاحبة على احتكاك مع الحياة و على إنصات لنبضها و مجرياتها، لهذا كان الطريق من هذا المجال إلى ذاك قصير المسافة و الذهاب و الإياب بينهما شائعا. و أن يكون الكاتب الأديب صحفيا في آن واحد أمر لا يؤدي إلى رداءة في الأسلوب، بل إلى ترقية الكتابة الصحفية. فالأديب يكتب دائما بطريقة أدبية و ذلك حتى في رسائله الشخصية أو نحو ذلك. و يجب ألا نظن بأن الكتابة الصحفية في كل الحالات خالية من النكهة و الجاذبية و السحر. إن كتابات الشيخ عشراطي، مثلا، تجمع بين دقة التحليل و جمال الأسلوب و فنية العرض. و أنا لا أتفق دائما مع ما يكتبه سعد بوعقبة من حيث الآراء، لكن أجد له نفحة أدبية تمنيت لو أن الله رزقني مثلها. أما قضية التفرع للكتابة فهي بالفعل قضية مطروحة و أنا شخصيا أعاني منها، فكوني أجمع حاليا بين التدريس في الجامعة والكتابة في إحدى الصحف- في انتظار أن أطرد منها ولا شك- أمر جعلني أقلل كثيرا من الكتابة في الرواية. لكن ما العمل طالما أن الرواية لا تعيل صاحبها و لا العمل أيضا في الحقيقة؟ لا مفر للأديب عندنا من أن يجمع بين الجري وراء لقمة العيش و السعي وراء الكتابة الإبداعية.
ماذا أقول عن الصحافة الثقافية؟ المفروض أن تكون جسرا بين منتجي الثقافة و الجمهور وأن تكون أيضا جزءا من الحركة النقدية المنشودة، ولكنها تكتفي في الوقت الراهن بالدور الخبري البسيط والتركيز على عامل الإثارة، كما يدل على ذلك " الغليان" الذي أشرت إليه في البداية و الذي ساهمت الصحافة الثقافية في صنعه حسب رأيي. على كل، المكانة التي تحظى بها الثقافة في صحفنا صورة لمكانتها المتواضعة جدا في بلدنا
*وبصفتكم إعلامي له دراية واسعة حول المشهد السياسي في الجزائر فكيف تقيمون المشهد السياسي في الجزائر التعددية؟ وما هي قراءتك لمستقبل هذا المشهد لا سيما وأنه يشهد بعض من الحركية غير الآمنة؟
-في غياب معارضة حقيقية سواء داخل البرلمان أو خارجه و في غياب فصل بين السلطات، يصعب الحديث عن التعددية في الجزائر. في واقع الأمر، المشهد السياسي هو إلى أحادية غير معلنة أقرب في نظري.وبالرغم من أن الحق في التعبير أحسن حالا اليوم، إلا أنه يبدو لي أن الحكم الفردي أقوى مما كان عليه في زمن حكم الحزب الواحد. ولا أرى أن الأمر سيتغير في المدى القريب. ليس هناك إرادة حقيقية للمضي نحو الديمقراطية. و يبدو لي أن ثقافة " الوقوف مع الواقف" أصبحت راسخة في الطبقة السياسية أكثر من أي وقت مضى. و بأنه ما عاد هناك من تهمه مصلحة الجزائر و سيادتها و مستقبلها قدر ما يهمه العمل بهذه الفلسفة. قانون المحروقات الذي صوت عليه البرلمان دون أدنى مناقشة وفي زمن قياسي رغم أنه يكاد يمنح الثروة البترولية الجزائرية للشركات النفطية الأجنبية، دليل على ذلك. بلادنا صارت منقوصة السيادة بشكل يدعو إلى الأسى والحسرة. نسينا بأن الجزائر خاضت حرب تحرير ودفعت في سبيل ذلك مليون ونصف مليون شهيد. لقد فقدت الجزائر ضميرها.
*ما هو موقفك من مسعى المصالحة الوطنية والعفو الشامل الذي أعلنه الرئيس بوتفليقة؟ وفي رأيك إلى مدى ستنجح هذه الخطوة التي لا تزال ملامحها غير واضحة بصفة كاملة إلى الحين؟
- لم أطلع على نص مشروع العفو و المصالحة. لكن أعتقد من الناحية المبدئية أنه دون الكشف عن كل الحقائق المتعلقة بالتجربة المأساوية التي مرت بها الجزائر و دون تحقيق مطلب العدالة، سيبقى الجرح غائرا و ستكون المصالحة حبرا على ورق، موجودة في القانون لكنها غائبة في العقول و في القلوب. إن ما أخشاه شخصيا هو أن تكون هذه المصالحة مجرد عمل سياسوي.
*ماذا تعبر لك هذه الأسماء: وسيني الأعرج، أمين الزاوي، عبد الله سعد جاب الله، عبريكا، عبد الباري عطوان، علي رحايلية؟
- واسيني الأعرج: كاتب "ولود" جدا ورجل جدا وناجح في كل شيء، وقد ذكر لي المترجم مارسيل بوا بأنه لو يستمر في هذا الطريق، سينال جائزة نوبل. ما يعجبني في أمين الزاوي هو صدقه مع نفسه. إنه يكتب ليس كما يقتضي منه المجتمع الذي يعيش فيه، ولكن وفق ما هو مقتنع به. إن له عالما أدبيا فريدا من نوعه في الأدب الجزائري. و لا بد من القول بأنه أعاد الحياة إلى مكتبة الحامة.
أنا أحترم عبد الله سعد جاب الله، لأنه صاحب قناعات، وليس ميكيافيليا، يسعى بأي ثمن وراء كرسي في السلطة. وهو بهذه الصفة يقدم خدمة طيبة للديمقراطية في الجزائر، لأن ذلك أدى به إلى البقاء في المعارضة. و كل مشاكله الداخلية، حسبما أعتقد، نابعة من هذا الموقف.
عبريكا: رجل أفرزته تناقضات الجزائر. عاد إلى الظهور في وقت أصاب الضمور والخمود حركة العروش ليبدو اتفاقه مع أويحي ليس كنصر مبين بعد نضال طويل، ولكن كهدية مسمومة قد تكون إحدى نتائجها نهاية ما تبقى من المعارضة في منطقة القبائل. فعبريقا وجماعته قد يكونا حسان طراودة الذي من خلاله سيتم محاولة اجتثاث جذور الFFS و بالتالي القضاء على بقايا المعارضة والعودة بالديمقراطية خطوات أخرى إلى الوراء.
عبد الباري عطوان: صحفي لامع جريء ومتحمس يحسن الدفاع عن مواقفه لا يسبح مع التيار، كما صار يفعل الكثيرون. على لسانه لا تزال لمفردات كالعروبة و المقاومة و الحرية تحتفظ بمعناها و نبلها و سحرها. بدون شك أنه واحد من أكبر الصحفيين العرب.
على رحايلية: يملك منجما من الإحصائيات لا أدري كيف اهتدى إليه. كتاباته الذاتية" موضوعية تماما.
*حسب إبراهيم سعدي فإلى ماذا يرجع سعدي سبب إهتمام الجزائر الكافي بالترجمة من ناحية الكم والنوع؟
- أما فيما يتعلق بعدم الاهتمام بالترجمة في الجزائر فهذا يدخل في إطار عدم الاهتمام بالعلم والثقافة عامة عندنا. هناك أيضا مشكلة أخرى، البعض يعتقد أن الازدواجية اللغوية في بلادنا تؤهلنا أكثر من غيرنا لممارسة هذا النشاط، لكن هذا خطأ في نظري. إن اللغة الأجنبية الوحيدة التي نحسنها هي اللغة الفرنسية، و الانتشار الواسع لاستعمال هذه اللغة عندنا أمر لا يشجع على الترجمة من هذه اللغة إلى العربية، فما الفائدة من ذلك طالما أنه يمكن الاطلاع على الكتاب في لغته الأصلية؟ و إذا ما تعلق الأمر بالترجمة من اللغة الإنجليزية التي لا نحسنها كما ذكرت لك، فالسؤال الذي سيطرح حينها هو: إلى أي لغة سنترجم؟ هل سنترجم إلى اللغة الفرنسية، أي من لغة أجنبية إلى لغة أجنبية أخرى، أم نترجم إلى العربية، اللغة الرسمية والوطنية؟ الجواب بديهي، لكن في ظل الصراع اللغوي و الثقافي القائم عندنا لن يكون من السهل حل المسألة، وسيبدو الحل الأفضل أو بالأحرى المحتم هو تعطيل و شل كل سياسة ترجمة. هكذا لن يكون هناك لا غالب و لا مغلوب، أي الاتفاق على اختيار الخسارة للجميع كحل أخير. و هكذا ترين أنني لست متفائلا بمستقبل الترجمة في بلادنا. وإن شاء الله أكون على خطأ.
*حينما دشن الأمين العام للجامعة العربية عمرموسى المعهد العالي للترجة وجه له رئيس إتحاد الكتاب العرب عزالدين ميهوبي رسالة طلب منه توفيره للإمكانيات المادية؟ فهل حسبكم ينحصر مشكل الترجمة في الجزائر في هذا الجانب أم يتعداه إلى جوانب أخرى؟
- القضية ليست قضية أموال فقط، بل كذلك توفير عنصر الاحترافية و إعادة الاعتبار للمعرفة و للثقافة.