عالم الأدب

هشام شرابي الصحافي.. رؤية وتحليل ومعلومات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رويترز من بيروت- يكشف الباحث اللبناني جان دايه في كتابه الجديد "هشام شرابي صحافيا" عن نواح ومجالات مختلفة من انشطة رجل الفكر الفلسطيني الراحل قد تكون معرفتها محصورة في عدد قليل من أفراد الرعيل الذي عاصر شرابي واتيح له أن يلم ببعض هذه الانشطة. وسبب عدم معرفة كثير من الناس لهذه الانشطة لا يعود الى تعتيم فرض عليها بل إلى كونها كانت تنشر في صحف حزبية وإلى سبب آخر أكثر أهمية هو أن شرابي كان في معظم الاحيان لا يوقع "مراسلاته" الصحافية باسمه الصريح بل باسماء مستعارة مختلفة وصلت إلى ما لا يقل عن خمسة اسماء.

كتاب دايه ذو الصفحات المتوسطة القطع التي بلغ عددهها 308 صفحات صدر عن "دار نلسن - السويد - لبنان" بغلاف من تصميم اميل منعم. اشتمل الكتاب على مقدمة وفصل أول تلاه الفصل الثاني الذي توزع على ثمانية مقالات تلتها خاتمة و"وثائق" كثيرة وردت بين الصفحة 103 والصفحة 294 اورد فيها المؤلف صورا ونسخا مختارة عن موضوعات ومراسلات وتحليلات ومقابلات اجراها شرابي واحيانا بالاشتراك مع أديب راحل آخر هو يوسف سلامة صاحب عدد من الكتب التي اتسمت بروح ساخرة ومؤسس دار نلسن للنشر. وكان الاثنان عضوين بارزين في الحزب السوري القومي الاجتماعي وقاما بمراسلة صحف الحزب من الولايات المتحدة وبشكل خاص صحيفة "الجيل الجديد" التي حملت في مرحلة لاحقة اسم "البناء" وكانتا في تلك الحقبة تصدران في دمشق.

الفصل الاول الذي حمل عنوان "من شخروب نعيمة إلى عرزال سعادة" تحدث عن بدايات شرابي واعجابه بفكر ميخائيل نعيمة وكتاباته وعن بحث قام به خلال دراسته في الجامعة الامريكية في بيروت تناول الحزب السوري القومي الاجتماعي من أهدافه "الاضافية" انتقاد هذا الحزب وزعيمه لمهاجمة سعادة فكر نعيمة. ويروي دايه ما كان قد أكده شرابي في حياته من أن هذه الدراسة انتهت بتحول في فكر شرابي واعتناقه مبادىء سعادة. يقول دايه "ليست هي المرة الاولى التي يؤتى فيها على ذكر المراسلة الصحافية التي احترفها الاكاديمي والباحث هشام شرابي فقد اشار إليها في سياق سرده لسيرته المنشورة في كتاب "عكا وبيروت وواشنطن" لمحمود شريح مع انطون سعادة وخصص لها داية عددا من الصفحات في كتابه "سعادة وهشام شرابي" لكن ذلك جاء "اضاءة خاطفة". يضيف المؤلف متحدثا عن كتابه الجديد اننا إذا علمنا ان ممارسة شرابي "لمهنة المتاعب المريحة استمرت خمس سنوات (1950 - 1955) وشملت الترجمة والتعليق والتحقيق والرسالة الشخصية - العامة والمقالة الفكرية العقائدية.. امكننا القول إن موضوع هذا الكتاب شبه جديد على قراء شرابي ودارسيه." اضاف انه بهذا الكتاب اراد توفير المادة بكاملها "للباحثين الشرابيين خصوصا في مصر والمغرب العربي الكبير حيث يتعذر عليهم الوصول إلى مجموعات "البناء" و"الجيل الجديد" اضافة إلى أن المهتمين "بشرابي الفلسطيني سيجدون في مراسلاته الصحافية التي اضاء في معظمها على الاستيطان اليهودي في فلسطين وسياسة أمريكا الداعمة أبدا للمشروع الاستيطاني.. المرحلة الاولى المجهولة التي تتقدم وتكمل المراحل اللاحقة المعروفة.. اضافة إلى بعض الخطوط العريضة لمنهج سعادة في تحليل الاستيطان اليهودي والحلول النظرية - العملية للتصدي له وبخاصة حل الجهاد المسلح." وقال داية إن المواد التي كان يرسلها شرابي بصورة دورية إلى الصحيفتين في السنوات الخمس كان يذيلها باسماء مستعارة "وتوج البعض الآخر بعبارتي "شيكاجو - مراسل الجيل الجديد" أو "واشنطن - مراسل البناء" ولما كانت كميتها كبيرة جدا فقد اكتفيت بنشر النماذج الاهم منها في القسم الثاني من هذا الكتاب." وفي مجال تأكيد أهمية ونوعية وتميز ما كان ينشر في "البناء" التي خلفت "الجيل الجديد" يتذكر بعض من عايش تلك الحقبة مقالا مهما لكبير المحللين السياسيين اللبنانيين الراحل ميشال ابو جودة في عموده اليومي في جريدة "النهار" وقوله فيه إنه قد جرى القضاء على أهم الصحف العربية باحراق جريدة "البناء" في دمشق عام 1955 اثر اغتيال العقيد عدنان الملكي.

وفي مجال آخر تحدث دايه عن "المراسلين" فقال عن شرابي إنه بعد اعدام سعادة وسفر شرابي حزينا إلى الولايات المتحدة "ومن شيكاجو حيث تابع تحصيله العلمي ونال شهادة الدكتوراه المعنونة "فلسفة العلاقات الثقافية في القرون الوسطى بين أوروبا اللاتينية والعالمين الاسلامي والبيزنطي" ومن واشنطن دي سي حيث ترسم سياسة الولايات المتحدة حيال الشرق الادنى وبخاصة فلسطين اشترك شرابي مع رفيقه في نيويورك يوسف سلامة في مراسلة الجيل الجديد ثم البناء... لم يتقاض الاديب الفكه سلامة مكافأة مالية لقاء مراسلته لان وضعه المالي جيد بفعل ادارته لفرع بنك انترا في نيويورك. ولكن قيادة الحزب قررت دفع مكافأة شهرية لشرابي بسبب وضعه المادي السيء لكن المكافأة المالية مهما جزلت تبقى دون الجهد الذي بذله."

عنوان فصل "خمسة اسماء مستعارة جديدة" يوضح باختصار ما جاء في المقال. فبعد أن اورد دايه بعض الاسماء المستعارة التي كان يكتب بها شرابي فضلا عن اسمه الصريح وابرزها اسم "زينون" خلال نشاطه الحزبي الذي توقف بعد منتصف الخمسينات من القرن الماضي وبقي شرابي على محبته وتقديره لسعادة رغم ابتعاده فكريا عن حزبه.. اورد دايه عددا من الاسماء المستعارة التي تأكد ان شرابي كان يكتب بها وهي.. جواد درويش واحمد درويش ودرويش صفير وي. محشي وعمر. اضاف انهم راسلوا الجريدتين من واشنطن وشيكاجو وعموم الولايات المتحدة ياستثناء نيويورك في الحقبة ذاتها إذ أن سلامة كان هو المراسل دائما باستثناء الحالات التي كان شرابي يزور فيها تلك المدينة.

في ما كان يكتبه شرابي عناوين توضح المحتوى بسهولة. واحد منها مثلا موثق نشر في "الجيل الجديد" في مايو آيار 1951 وهو "الاسرار العربية تتسرب إلى اليهود بواسطة الموظفين الامريكان" وفي موضوع آخر نشر في الجريدة نفسها في مارس آذار 1952 عرض لمعلومات وتحليل واستنتاجات منها قوله "ولا أود أيضا أن أكرر القول ان هناك ما ينوف على أربعة الاف موظف يهودي في هيئة الامم... وليس من شك بان الشائعات بان اسرائيل ستختنق اقتصاديا هي من صنع اليهود انفسهم يستخدمونها لتخديرنا ولابتزاز اموال الناس في العالم ولتعبئة يهود العالم كله." وفي الشهر نفسه والسنة عينها عنوان لتفاصيل وامور محددة رصدها شرابي عن صحف أمريكا والعنوان هو "ضرورة الاهتمام بالمراسلين الاجانب وتزويدهم بالحقائق". عنوان آخر لموضوع نشر في مايو ايار 1952 هو "الصهيوني ارني هيل مراسل امريكاني في عالمنا" فيه يقول بعد عرض وقائع وتحليل ان في صحف امريكا "مقارنات ومفارقات مؤلمة والم ما فيها انها تاتي من مراسلين صهاينة كالبيون روس وارني هيل الناعمين بالا في افخم فنادق بيروت.. الذين يكتبون عن القاهرة وعن دمشق وعن عمان عن بيروت اخبارا مضللة كاذبة" القصد منها اظهار العرب بمظهر التأخر. وحمل موضوع نشر في "البناء" في يناير كانون الثاني 1952 عنوانا واضحا هو "الاسرار العسكرية للدول العربية تسربت لاسرائيل بواسطة نظارة الدفاع الامريكية". وورد اخر في الصحيفة نفسها والشهر ذاته وهو "النقطة الرابعة في لبنان تنوي تحويل مياه الليطاني لتستفيد منها اسرائيل". والنقطة الرابعة هي الاسم الذي عرف به برنامج امريكي للمساعدات في لبنان.

سلسلة من ستة مقالات وردت تحت عنوان رئيسي في البناء خلال يناير كانون الثاني 1953 وهو "اضواء كاشفة على الاتجاهات السياسية الاميركية الجديدة". عنوان اخر في الجريدة نفسها في يونيو حزيران 1953 يكشف عن اسرار وهو "اسرار كتاب كيرك - توينبي الذي ابادته الصهيونية في الولايات المتحدة". ولعل المقدمة تختصر ما ورد فيه من تفصيلات. فبعد موضوع اخر عنوانه "اليهود يجبرون العلامة توينبي على الاعتذار" قالت الجريدة "نشرت البناء في عدد سابق نبأ سحب العلامة (المؤرخ ارنولد) توينبي مقدمته التي وضعها لكتاب "الشرق الاوسط في الحرب" الذي الفه جورج كيرك (وذلك) تحت ضغط الصهيونية العالمية. سحب الكتاب من الاسواق لتنقيحه وهو كتاب يتضمن معلومات عن شخصيات سياسية كبيرة وقعت تحت تاثير الصهيونية العالمية فاستخدمتها لاهدافها الاجرامية التي تتراءى نتائجها الان. وقد تمكن جواد درويش مراسل البناء الخاص في شيكاجو من الحصول على الكتاب المسحوب من الاسواق لمدة ساعتين فقط اخذ منه خلالهما المعلومات التي تنشرها البناء اليوم."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف