عالم الأدب

جوّع تخلق شخصية ارهابية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سلوى اللوباني من القاهرة: ليس خواء المعدة فقط بل وخواء العقل ثم خواء القلب، ثلاثة عوامل حددها د. محمد فتوح تساعد على صناعة شخصية ارهابية، في كتابه "الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني" -مكتبة مدبولي-، الكتاب عبارة عن عدة مقالات وجاء في ثلاثة فصول على النحو التالي، الفصل الاول بعنوان رؤى فكرية تناول من خلاله عدة موضوعات عن التعليم، وثقافة القبح، وغياب اللمسة الجمالية من حياتنا، الفقر وغياب الضمير، أما الفصل الثاني أتى بعنوان "عن الارهاب الديني" وهو الفصل الاكثر أهمية في الكتاب، وتضمن 17 مقالاً وضح من خلالهم كيف أصبح الدين تجارة واستثماراً مربحاً، تموله منظمات وأفراد في الداخل والخارج، وكيف أصبح ستاراً تلتحف به التيارات والجماعات الاسلامية، ذات التوجه الارهابي للقفز على كرسي الحكم والسيطرة، بالاضافة الى كشفه عن كيفية انتشار وسيادة اللغة الدينية في جميع نواحي الحياة، تمهيداً لقيام دولة دينية أو بناء خلافة اسلامية ممتدة، تنشدها الجماعات الدينية لليسطرة بالحديد والنار على حد قول الكاتب، كما أشار في الفصل الثاني كيف استغلت الجماعات الدينية الارهابية أزمات الناس الاقتصادية والثقافية والسياسية، وكيف لعبت على الاحباطات الفكرية، والخواء الثقافي، والكبت العاطفي والحرمان الجنسي، وتعذر سبل الرزق للشباب، وتدهور الخدمات، لتخترق الشعب المصري في شتى المجالات، وفي الفصل الثالث من الكتاب تناول موضوع المرأة والثقافة الذكورية، وثقافة الحجاب والوعي الزائف للمرأة، وأشار الى السلوكيات التي تكشف عن بعض القيم التي يتبناها المجتمع المصري خاصة والعربي عامة، منها أن الرجل يٌقيم شرف المرأة ليس بصدقها ولكن بامتلاكها غشاء البكارة، وان الرجل يعتقد بأن المرأة خلقت بطبيعتها لاعمال المنزل اما هو للعمل، والرجل يؤمن بقوامته، لا شك بأن الموضوعات التي تطرق اليها الكاتب مهمة وجميعها موضوعات الساعة، كما تعد مقالاته صرخة احتجاج ترفض الزيف، إلا أنه كان من الافضل لو تم نشر مقالات الفصل الاول والثالث في كتاب منفصل، فهما متجانسان ومنسجمان، بينما الفصل الثالث والذي أتى تحت عنوان "عن الارهاب الديني" أتى مختلفاً الى حد ما، كما يحتاج الى وقفة تتطلب الدراسة والبحث أكثر من قبل الكاتب فيما بعد ليقدمها في كتاب جديد أكثر عمقاً، كما ساعد عنوان الكتاب في الترويج لقراءته وهو مستعار من أحد موضوعات الفصل الثالث، والجدير بالذكر أن د. منى نوال حلمي قامت بتقديم الكتاب واعتبرته أنه من الكتب التي أرضتها وشدتها، من أول كلمة حتى آخر كلمة.

من هو الارهابي:
أما من هو الارهابي فقد تناوله كتاب آخر في وصف علمي موسع بعنوان "علم الارهاب..الأسس الفكرية والنفسية والاجتماعية والتربوية لدراسة الارهاب" من اعداد د. محمد الترتوري، ود. أغادير جويحان، الصادر عن دار الحامد (الاردن)، نذكر منها تعريف المعجم الوسيط "الارهابيون وصف يطلق الى الذين يسلكون سبيل العنف والارهاب، لتحقيق أهدافهم السياسية"، وفي المنجد "الارهابي هو من يلجأ الى الارهاب لاقامة سلطته"، ومن التعريفات التي تضمنها الكاتب حول من هو الارهابي تعريف "جيمز آدامز" "بأنه فرد أو عضو في جماعة ترغب في تحقيق أهداف سياسية باستعمال أساليب عنيفة، ويكون ذلك غالبا على حساب ضحايا مدنيين أبرياء، وبدعم من أقلية من الشعب التي يدعون بأنهم يمثلونها"، تضمن الكتاب 8 فصول تناولت الملامح الاساسية لتفسير ظاهرة الارهاب، ويعد الكتاب مرجعاً شاملاً يحتوي معظم موضوعات هذه الظاهرة، فتناول في الفصل الاول مفهوم الارهاب وما يتصل به من اشكاليات وتداخل في المصطلح، وتم التطرق فيه الى حل كثير من الجدل القائم حول بعض المفاهيم المختلطة به، كمفهوم الجريمة وحرب العصابات ومفهوم العنف، وكذلك الى التفريق بينه وبين الكفاح من أجل الاستقلال، وغير ذلك من المفاهيم المتداخلة، وفي فصل آخر بحث في الجذور التاريخية لظاهرة الارهاب بدءاً بتاريخ الارهاب في العصور القديمة وانتهاءً بتاريخ الارهاب المعاصر، كما بحث في أشكال الارهاب وأساليبه وأنواعه، الفصل الرابع بحث في علم نفس الارهاب وفيه استعراض لاحدث النظريات والدراسات النفسية المتعلقة بموضوعات الارهاب، ومن الدوافع النفسية التي أشار اليها الكتاب دراسات علماء الارهاب الذين حاولوا في ابحاثهم معرفة دوافع السلوك الانساني الارهابي، من خلال دراسة شخصياتهم سواء في التكوين العضوي الخارجي أو التكوين النفسي، فحاولوا ايجاد العلاقة بين الارهاب وبعض الصفات الشخصية في الانسان مثل الوراثة والسن والجنس والسلالة، والذكاء وبعض الامراض المختلفة، وأشار الكتاب الى أن بعض هذه العوامل قد يشكل دافعاً للارهاب وليس جميعها، ومنها على سبيل المثال الذكاء، والعنصر(السلالة) وهو الارهاب العنصري الذي تمارسه بعض الطوائف ضد عناصر الاقلية فيها، او الارهاب العرقي الذي ينشأ بين الجماعات العرقية، بالاضافة الى التكوين النفسي المرتبط ببعض الاختلالات العقلية مثل عقدة الشعور بالظلم والشعور بالنقص، ومن أهم فصول الكتاب الفصل السادس الذي جاء بعنوان "الارهاب والتربية"، شمل العديد من الدراسات والتوجيهات والرؤى عن دور الاسرة والمدرسة في كيفية تربية الاطفال وتنشئتهم التنشئة السليمة، بالاضافة الى طرح اسباب سلوك العنف في المدارس، وأثر أنماط التنشئة الاسرية على تشكيل العنف عند الافراد، والدور المأمول من المدرسة في مواجهة الفكر المتطرف.

الارهاب والفقر:
وتناول الكتاب في أحد فصول الكتاب "علم اجتماع الارهاب" والذي تطرق منه الى الحالة الاقتصادية ودورها في صناعة ارهابياً، هناك الكثير من الدراسات التي أقرت بأن تدني الحالة الاقتصادية يؤدي الى ازدياد فرصة ارتكاب الفعل الارهابي، بينما رفض بعضهم هذا التفسير آخذين بعين الاعتبار أن الانسان الذي تربى ونشأ تنشئة سليمة يبقى كذلك حتى لو ظل يرزح تحت حكم الفقر والحاجة، وان العنف لا يوجد الا لدى من نشأ على ذلك، وتكون لديه استعداد إجرامي، هذا الاستعداد فسره الباحثون بأنه يدفع للجريمة سواء الغني أو الفقير على حد سواء، وهناك فريق آخر يقول بعدم أخذ العوامل الاقتصادية كعوامل رئيسية للارهاب، بل يجب اعتبارها عوامل مهيأة فقط لها، كما أشار الكتاب الى ان المجتمعات العربية تعاني من مشكلات الاسكان والديون والبطالة، والارتفاع الجنوني في الاسعار، وعدم التناسب بينها وبين الاجور، بالاضافة الى مشكلات الصحة والمواصلات، ونشر الصحف لكثير من جرائم الاعتداء على المال العام، وانحرافات المسؤولين، وتهريب الاموال العامة للخارج، مما دفع قطاعاً كبيراً من الشباب الى الاتجاه الى التدين، ثم الى التطرف والارهاب حيث يوجد نوع من التنفيس عن طاقاته المكبوتة، وفي مجمل الدراسات التي عرضها الكتاب يجمع بين الارهابيين عموماً عنصر الفقر، فأكثرهم مقيمون في الاحياء الشعبية والعشوائية، ولا تتوفر لهم فرص العمل، وتدني اجورهم في الداخل مع صعوبة سفرهم الى الخارج، وحرمانهم من الرعاية الاجتماعية والصحية، ما يؤدي الى تولد الكراهية والحقد الاجتماعي، وتفرز الاجرام المستتر بالدين.

وبقي أن نذكر حسب احصائية البنك الدولي أن فوق بليون من الناس يعيشون في حالة فقر مدقع، كما يقدر عدد الفقراء في بلد غني كالولايات المتحدة بأكثر من ثلاثين مليوناً، وتتراوح نسب مجموعات الفقر في البلدان النامية بين 20-35%، فهل هذه الاحصائية كافية للاشارة الى أهمية الأخذ بالعامل الاقتصادي كعامل سواء رئيسي أو مهيأ للارهاب؟؟؟؟

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف