عالم الأدب

حوار صريح مع رشيد نيني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رشيد نيني: لست ضد الرقابة ولكن ضد عدم احترام القراء واحترام الكاتب

أجرى الحوار أحمد نجيم: قبل أيام توقف الكاتب الصحافي رشيد نيني عن كتابة عموده اليومي "شوف تشوف" بجريدة "الصباح" المغربية. الخبر احتل معظم الصحف المغربية، فكاتبه يعد ظاهرة في الصحافة المغربية، إذ ارتفعت مبيعات "الصباح" بفضل إقبال المغاربة الكبير على عموده اليومي. عمود ساخر على طريقة الكاتب الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط، يقحم اللغة العامية بأسلوب فني، وأكثر من هذا له ذكاء كبير يمكنه من التقاط تفاصيل الحياة اليومية في المغرب وتقديمها في قالب ساخر، لكنها سخرية سوداء. تفاعل القراء مع هذا العمود لأزيد من ثلاث سنوات، جعل الكاتب الصحافي رشيد نيني أشهر صحافي في المغرب، يلتقيه القراء في الشارع يتجاذبون معه أطراف الحديث، يتلقى المئات من الرسائل والإيميلات يوميا. هذه الظاهرة توقفت عن كتابة العمود في جريدة "الصباح" التي انتقلت مبيعاتها من أقل من عشرة آلاف قبل ثلاث سنوات إلى قرابة 60 ألف نسخة يوميا قبل أيام. في حواره مع "إيلاف" يتحدث الكاتب الصحافي رشيد نيني عن أسباب الطلاق، ويقدم معطيات عن مشروعه المقبل، كما يجيب عن تساؤلات لها علاقة بطبيعة المساهمين في مشروعه المقبل، بالإضافة إلى كتابة العمود الساخر في المغرب وأسباب إقبال القراء الكبير عليه.

* لقد احتل خبر استقالتك من كتابة عمود "شوف تشوف" على جريدة "الصباح" معظم الصحف المغربية؟
- لم يحتل كل الصحف المغربية، فالأمر له علاقة باهتمام الصحافيين بما كان يتناوله العمود. عندما تتوفر جريدة على عمود يومي مثير للجدل، له قاعدة كبيرة من القراء ويطرح نقاشات يوميا، فإن القراء يتساءلون عن أسباب اختفائه، وهذا ما يفسر الاهتمام الكبير للصحف باختفائه. فمنذ ثلاث سنوات والعمود ينشر في "الصباح" ليكتشف فجأة أنه غاب دون سائق إنذار، طبعا هذا الأمر يدعو إلى التساؤل عن كيف ولماذا وما السبب في اختفائه.

* لماذا تأخرت عن إثارة الموضوع في الصحف، فلم ينشر الخبر إلا بعد ثلاثة أيام من توقيف العمود؟
- هذا ليس مرتبطا بي، لما اتصلت بي جريدة "الصحراء المغربية" ثم "صوت الناس" فصحف أخرى، أثير الموضوع. ثم حدثت اتصالات لي شخصية مع صحف أخرى لشرح وجهة نظري وروايتي للأحداث، وقد حرصت على ذلك احتراما للقراء أولا، ثم احتراما لذاتي، فلا يعقل أن أدافع عن قضايا المواطنين، ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي.

* تعلم أن الرقابة مسألة عادية في العمل الصحافي، ومن حق الناشر أن يحذف موضوعا أو فقرات، فلم هذا الاحتجاج؟
- أنا لست ضد الرقابة، بل ضد حذف مقالي دون إذني ودون تقديم تفسير أو اعتذار للقراء. اعتبرت ذلك تصرفا لا يحترم القراء ولا الكاتب.

* ألم تكن لك رغبة في مغادرة الجريدة، واعتبرت مصادرة للمقال هي النقطة التي أفاضت الكأس؟
- لا لم تكن لي رغبة في مغادرة "الصباح"، وكان هذا سيحدث بعد أن يبدأ مشروعي الإعلامي، وهذه مسألة عادية.

* هذا يعني أنهم ضاقوا ذرعا من كتاباتك، أو أن سقف حرية عمودك "شوف تشوف" أصبح متجاوزا لهم؟
- يبدو أنهم كانوا لا يرغبون في الاستمرار في نفس الخط التحريري، هناك تراجع، وهذا لا أشعر به لوحدي، بل يحس به بعض الزملاء العاملون في تلك الجريدة. أتعلم أن خالد بليزيد طلب من صحافي في القسم الرياضي، قدم استقالته الآن، أن يكشف له عن مصدر أخباره، هذا مناف لأخلاقيات المهنة.

* لماذا حملت ما حدث لمدير الجريدة خالد بليزيد؟
- لقد كان سببا مباشرا في مغادرة ما يفوق 20 صحافيا من تلك المؤسسة، وأخيرا غادر صحافيو القسم الرياضي الجريدة. أعلم أنه حر في أن يدير مؤسسته بالصيغة التي يريدها ويرتضيها لأنه صاحب الشركة، لكن للصحافي الحق في اتخاذ قراراته واختياراته، فكل واحد يستعمل حقه.

* معروف أن العمود "شوف تشوف" يحظى بمتابعة كبيرة للقراء، أن كثيرا منهم يتواصلون معك يوميا عبر البريد الإلكتروني أو البريد العادي أو رسائل الهاتف الجوال أو المكالمات الهاتفية، كيف تلقى هؤلاء الخبر؟
- لقد تلقوا ذلك بأسى وأسف كبيرين، وصلتني مئات الرسائل، كما أن الكثير يستوقفني في الشارع ليستفسر في الموضوع. من الطرائف التي حدثت في هذا السياق ما أخبرني به صاحب كشك للصحف، فالزبناء كانوا يمرون بالقرب من الكشك ويسألون "هل نيني عاد" فكان يجيبهم صاحب الكشك "لا"، فيردون عليه "ملي يرجع علمنا". وعلمت أن قراء يتصلون بالجريدة للغرض نفسه، فتجيبهم "السناندارديست" إنه في عطلة ثم تغلق الخط.

* ما هي الرسائل الأكثر تأثيرا؟
- كانت من شابة أعتقد عمرها عشر سنوات، يخرج الرسالة من محفظته، تتحدث الرسالة المكتوبة باللغة الفرنسية بحسرة وأسى كبيرين عن غيابه، تعتبر عموده الأوكسجين الذي كانت تستنشقه يوميا وتتحدث بمرارة عن توقفه عن كتابة عموده اليومي، متمنية له ظهورا في أقرب وقت في صحيفة أخرى.

* هذا يجعل المسؤولية كبيرة على عاتقك؟
- لما أتلقى تلك الردود أشعر بمسؤولية أخرى تنضاف إلي ككاتب، فالقراء ينتظرون منك الكثير.

* ألا تشعر أن هناك رغبة في تضييق الخناق على طريقتك في الكتابة والسخرية؟
- هذا ليس إحساسا، هناك مضايقات كثيرة حدثت لي آخرها مصادرة مقالي عن القضاء.

* ألم يكن لقرارك بالتوقف عن الكتابة علاقة باستعدادك لمشروعك الجديد؟
- لا لم يكن للقرار علاقة بالمشروع الجديد، هناك منع طال نشر مقال.

* لم تكن المرة الأولى التي تعرضت فيها للرقابة؟
- لقد تعرض أحد مقالاتي السابقة للرقابة، ولما هددتهم بالمغادرة نشر.

* أتعتقد أن ارتفاع نسبة مبيعات "الصباح" لها علاقة بعمود "شوف تشوف"؟
- يجب أن تعلم أن الناس لا يقرؤون الأخبار، إنها موجودة في قنوات أخرى، القراء في العالم كله يرتبطون بكتاب وصحافيين متألقين، هذا معمول به في العالم كله.

* لكنك لم تكن تستغل شهرتك في الحصول على تعويض مالي تستحقه؟
- لم أكن مهتما بالجانب المالي، أعرف أنني أستحق ثلاثة أضعاف ما كنت أتلقاه من "الصباح". لقد ركزت منذ البداية على كسب ثقة المواطن القارئ وهذا أهم بكثير من المال. فالرصيد الرمزي له قيمته.

* متى تطلق مشروعك، ومن يساهم فيه؟
- بداية شهر شتنبر سينطلق المشروع. يساهم في تمويل هذا المشروع أناس لا علاقة لهم بالصحافة ولا يملكون الرغبة في التدخل في الخط التحريري، لقد حان الوقت كي يشرف أصحاب المهنة على الصحف، ويعلم أصحاب "الشكارة" أن للصحافة ناسها.

* ما هو رأس مال الشركة التي ستؤسس؟
- في الوقت الحالي لا يمكن الحديث عن أرقام. ليس لنا إمكانيات مادية لصحف تأخذ الدعم من الدولة ولها علاقة مع لوبيات الإشهار. معنا ناس مالهم قليل، فهدف الجريدة ليس الربح المادي بل تقديم خدمة عمومية أيضا.

* لكن هناك من أخبار تحدثت عن مساهمة رجال الدولة في مشروعك الإعلامي؟
- لا أعرف مصدر تلك الإشاعات، فلم ألتق اسما من الأسماء التي راجت في حياتي. أنا ما في كرشي العجينة، إنني أعرف قيمتي.

* لماذا غيرت "شوف تشوف" من "الصباح" إلى جريدة "الصحيفة"؟
-إنه أمر عاد، لقد غيرت عنوانا بآخر. الصحيفة مجلة تحظى باحترام آلاف القراء، وأنا شاكر للزملاء استضافتي بينهم.

*كيف وجدت العمود الذي عوضه في الجريدة؟
- لم أكن أنتظر من زميل في المهنة أن يقوم بما فعله، إن الأمر، في حالتي، يتعلق بتضييق على حرية التعبير، وكان الأنسب لمن عوضني أن يتضامن معي.

*أضحت طريقة كتابتك للعمود مستنسخة في صحف مغربية؟
-هذه عادة مغربية، عندما نرى الشخص الناجح نلجأ إلى تقليده. لكن الأصل يبقى هو الأفضل دائما.

*هل من السهل تقليد عمودك في "الصباح"؟
- مادام هؤلاء المسؤولون في "الصباح" يفهمون لغة الإشهار أكثر من لغة الصحافي، أذكرهم بإشهار قديم كانت يبثه التلفزيون في الثمانينات، يقول "هذا بغى يحسن باللي كاين" وإشهار آخر يقول "مستحيل تقليد فلي فلاب". هناك من يعتقد أن يستعمل الدارجة يصبح كاتبا بسهولة، فالعمود لا يكتبه الأشخاص العاديون، بل الكتاب والصحافيون ذويي التجارب الإنسانية الغنية وليس الأناس المنعدمي التجارب والموهبة، والذين كل موهبتهم هي الانتهازية والوصولية.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف