الجذور اللـُغـوية للمصطلحات المندائية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بتوقف درس اللغة المندائية والتعامل مع معاني مفرداتها وأسس إشتقاق المفردات وبناء الكلمات ضاع الكثير من المعرفة وتوقف الإستدلال والإدراك لمتضمنات الكلمات والمصطلحات وصار الفهم منحصرا بالسياق الذي درج عليه. وقس على ذلك في فهم معنى النصوص ومن ثم ترجمتها! وحين يتم التعامل مع اللغة على أساس البحث وليس على أساس الترجمة وحسب، فإن الباحث ستستوقفه المعاني والدلالات وبخاصة لرمزية المصطلحات الشائعة منها. وهذا ما إستوقفنا فيما نعكف عليه من متابعات في هذا الميدان. ووددنا هنا أن نعرض بعض ما وصلنا إليه، وهو من وجهة نظرنا محاولة للدخول في رمزية بعض المصطلحات المندائية تأسيسا على دلالاتها اللغوية. وقد يكون مجالا لإستثارة ما لدى العارفين المندائيين وغيرهم في مدخل من مداخل اللغة المندائية.
نبدأ موضوعنا هذا، الذي يمكن أن يتوسع لاحقا، بأكثر المصطلحات شيوعا ً. وسيكون نهجنا في ذلك أن نثبت ماهو معروف وصحيح، وما توصلنا إليه قطعا من معان لبعض المصطلحات لإطلاع القارئ الكريم. أما الذي لم يتم القطع فيه فيمكن أن يكون مدار نقاش وحوار وإستزادة رأي المختصين حتى قطع ويقين.
آدم : ترد تسمية آدم رأس السلالة البشرية لأول الخلق العاقل. وقد عمت تسميته باللفظ نفسه جميع لغات العالم قديمها وحديثها. وفي اللغة العربية يشار الى الإختلاف في إشتقاق الإسم حيث يقول البعض: أنه سمي آدم من أدمة الأرض. وقال آخر: لأ ُدمة جعلها الله تعالى فيه والأ ُدمة هي القرابة والوسيلة.
أما في اللغة المندائية فترد أيضا تسمية آدم الذي تعده العقيدة المندائية أول أنبياء المندائيين، وهو الرجل الأول" أدم كبرا قدماييا " ويعد رأس السلالة البشرية " آدم ريشا إد شـُربتا هايتا ". ولا تزيد المندائية في شرح التسمية. وبالتأسيس على أن لا كلمة دون مدلول، فإننا يمكن أن نتابع تسمية آدم من أساس الفعل " دما " في اللغة المندائية الذي يرد بمعنى : يشبه، يشاكل، يناظر. والأسم فيه يكون الشبيه ، المـُشاكل، المـُناظر، ذو الهيئة. ولأن التصور أن آدم قد خلق على هيئة الخالق، فيكون من المقبول أن تأتي تسميته بما يشير الى ذلك ويؤكده. وعلى هذا فأن معنى آدم يمكن أن يكون النظير. ونذكـّر بمعتقد المندائية أن النفس بعد أن تفارق الجسد وتذهب في مسيرتها نحو عالم الأنوار لا تستقر حتى تلتقي نظيرها وشبيهها الـ " دموتا " لتتحد معه وتستقر.
كما أن تميز الحياة عن سواها إنما يكون في مظهرين أحدهما خارجي وهو التنفس، والآخر داخلي وهو الدم سائل الحياة. وترد كلمة الدم في اللغة المندائية على " دما " تأسيسا على الكلمة في اللغة الأكدية " دامو". ويمكن أن تكون الكلمة إرتباطا بتسمية آدم ذاتها، لذا تشـّبه النفس بالدم فيرد في الأدب المندائي " لِـدما داميا نيشمتا " : النفس تشبه الدم.
حواء: على خلاف آدم، فإن كلمة حواء لا ترد بهذا اللفظ في جميع اللغات بل هذا لفظها مع بعض الإختلاف في عائلة اللغات السامية. ومعروف أن حواء زوج آدم. وإن كان هو أبو البشرية فهي أم البشرية ذاك أن من كليهما كانت الذرية البشرية.
ويمكن النظر الى معنى تسمية حواء بالإستناد الى اللغة المندائية تأسيسا على معنى الفعل " هوا " الذي يرد بمعنى يكون،يصير، يمنح، يوهب. ويقال في القراءة على روح المتوفي: رواها نهويلي" أي: لتوهب، تمنح له الرحمة. وعلى هذا فيمكن أن تكون تسمية " هوا: حواء" بمعنى العطية ، المنحة، الوهبة، المنة. وهي بلا شك هبة ومنة الخالق لآدم لكي تكون البشرية وتعمر الدنيا.
شيتل طابا : تسمية لنبي الله شيت (ع ). وقد أخذت أغلب اللغات التسمية بلفظها الوارد في اللغة العربية تقريبا. أما اللفظ في اللغة المندائية فهو يرتبط بمعنى الشتل والغرس تماما كما يرد في اللغة العربية وتأسيسا على الفعل في اللغة الأكدية " شتلو". ويرد في الكتاب المندائي الألف وإثنا عشر سؤالا: " يا بني وشتلي إد أنا بيميني شتليت" والمعنى واضح في المخاطبة : " يا أبنائي وشتلاتي (غرسي) الذين شتلتهم بيدي اليمنى.
أما كلمة طابا فتعنى الطيب. وعلى هذا يكون معنى تسمية النبي " شيت " على وفق اللغة المندائية " الشتل الطيب ". وهو حقا شتلا طيبا لآدم وللبشرية. ومن نقائه توزن النفوس جميعا بعد الممات، حسب العقيدة المندائية، بميزان " أباثر" ويكون قبالتها وزنا ً نفس النبي شيتل طابا لنقائها وصفائها وسلامتها.
وقد تسمى أحد أحفاد أبو إسحق الصابي وهو المؤرخ محمد بن هلال بن المحسن بـ" غرس النعمة " وهي ترجمة عربية صحيحة لـ" شيتل طابا " حيث "شيتل" هي الغرس و " طابا " هي النعمة والطيب. ولذا فإن صح إسلام غرس النعمة فإنه بقي متشبثا بـ " شيتل طابا " كنية عرف بها وإعترافا منه بمندائيته.
يوشامن: تسمية للحياة الثانية في إسطورة الخلق المندائية يمثل الحد الفاصل بين الخير والشر. والكلمة مكونة من مقطع (يو) وهو ما دأبت الديانة اليهودية ولغتها العبرية عليه في تسمية الكائنات العليا والراقية. أما كلمة " شامن " فربما هي من أساس الفعل " شمن" التي ترد في اللغة المندائية كما ترد كلمة " سمن " العربية بمعنى الإمتلاء. وعلى هذا فربما أن الكلمة تشير الى الإمتلاء الذي يراد منه وبه ما سيلحق من خلق قياسا على الأسطورة المندائية و التي يمكن الرجوع إليها في مصادرها.
مندا إد هيي: الملاك البارز والمبرز في الديانة المندائية. والتسمية معروفة بحكم شيوعها في الأدب المندائي وقيمتها الأساسية في إسطورة الخلق. ويشار له في الأدب المندائي كثيرا بأنه الرسول الأول( مندا إد هيي إد هو شليها قدمايا). والتسمية مكونة من ثلاث كلمات هي " مندا " والتي تعني في اللغة المندائية المعرفة ومنها تأتي تسمية المندائيين. وأداة الإضافة في اللغة المندائية وهي الـ " إد " وكلمة " هيي" التي تعني الحي. وبمجموع الكلمات تعني التسمية العارف بالحي أو العليم. ويمكن أن تكون صفة من صفات الخالق بأنه العليم. ومنها إنسحبت تسمية " الإغنوصية " على المندائيين في أنهم العرفانيين.
مانا : ترد الكلمة في الأدب المندائي لتصف الخالق "مانا ربا". والكلمة ترد في العديد من لغات العائلة السامية. و ترد في اللغة المندائية بمعنين الأول: الوعاء والإناء، والثاني العقل والفكر والروح والمعنى. ويخطر لنا بأن الكلمة مكونة من حرف الميم الذي يستخدم في اللغة المندائية كما في اللغة العربية لجعل الفعل أو ما يلحقه إسم أداة وآلة. فإذا أضفنا حرف الميم الى الضمير " أنا " تتشكل كلمة الـ " مانا " فهي ما أنا. وما أنا يفاد منها على أنها الضمير والعقل والفكر وكل ما في الكيان.
الروها : كلمة إعتمدت في الأدب المندائي لوصف الشر وكائنات الشر. وهي تتفق في اللفظ مع كلمة روح في اللغة العربية ولكنها تتعاكس معها في المعنى. فالروح في اللغة العربية هي هبة الله التي لا يعرف كنهها ولذلك جاء في القرآن الكريم: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"(الإسراء:85). وهي بهذا المعنى تقابل كلمة " نيشمتا " أي النفس في اللغة المندائية ومدلولها في الأدب المندائي. أما " الروها " بحسب المعنى المندائي فهي تقابل كلمة النفس بمعناها في اللغة العربية بكل عوالقها ونوازعها ورغباتها. وهي التي جاء وصفها في القرآن الكريم أيضا: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها "( سورة الشمس: 7 ، 8).
ويظهر لنا أن كلمة " روها " في اللغة المندائية إشتقاق من الفعل" رها، رهـو" الذي يرد بعدة معاني منها: يستنشق، يشم، يدرك عن طريق الحواس، يستريح، يفرح. وكل ذلك يرتبط بحاجات تتطلب الإشباع ويكون في إشباعها راحة ومسرة والعكس في خلاف ذلك. وربما تسمية الروح هنا من الراحة التي تتولد بالإشباع ولذا تبقى " الروها " في العقيدة المندائية طلابة وغير شبعة ومرتبطة بنزوات مادية وذاك ما يجر الى نزوعها للشر من أجل تحقيق الكفاية والإشباع والنهم.
النيشمتا: وتقابل معنى كلمة الروح في اللغة العربية ولفظ كلمة النفس. هي هبة الخالق وقبس منه. بدخولها جسد آدم الصلصالي المسجى تحرك وقام. لا يعرف كنهها كما لا يعرف كنه الروح في اللغة العربية. " نيشما سِلق لبيت هيي" النفس تصعد الى دار الحي، الدار الأولى حيث عالم الأنوار بعد أن تنعتق من حبسها في البدن طيلة الحياة الدنيا كما يرد في الأدب المندائي. والكلمة تتأسس على الفعل " نشم " في اللغة المندائية والذي يعني يتنفس. وعلى هذا فإن "النيشمتا" هي المتنفسة. تأتي بصيغة المؤنث، فالمذكر فيها " نيشما " وتجمع على " نيشماتا ". وهنالك كتاب ديني لدى المندائيين اسمه " سيدرا إد نيشماتا " أي كتاب الأنفس مخصص لصلوات طقوس التعميد.
هيبل زيوا: من أبرز الملائكة في الأدب المندائي ويقابل الملاك جبرائيل. كان دوره عظيما حسب الأسطورة المندائية في القضاء على " الروها " وقمع الشر. ويقرن دائما بأحد صفات وخصائص الخالق " مندا إد هيي". والإسم مكون من كلمتين، الأولى مركبة من الفعل " هاب " والتي معناها كما في اللغة العربية: يهب، يمنح ، يعطي. وكلمة ييل كما في كلمة جبرائيل. أما الكلمة الثانية فتعني الضياء. وعلى هذا فإن المعنى الكامل لهذه التسمية هي واهب الضياء. وهذا هو الدور الكبير الذي تحمّله هذا الملاك حينما أعد وسُلح وجعل قاهرا لعالم الظلام في قصة الخلق بحسب الإسطورة المندائية.
أباثر: من الملائكة المبرزين في العقيدة المندائية وهو صاحب الميزان الذي توزن فيه النفوس ويجلس في آخر محطات المطهرات التي تحاسب فيها. وبحسب زنتها ترتقي الى عالم الأنوار. شكا له الملاك " فتاهيل" أن آدم الذي جبله غير قادر على جعله يتحرك. فسأل أباثر ربه العون فأنزل" النيشمتا " بعد أن لفت بقبس من نور وجعلت خفيا بيد الملاك العظيم مندا إد هيي يدخلها فيه.
لغويا يرى البعض أن كلمة " أباثر" مشكلة من كلمتين هما كلمة " أب " وكلمة " أثرا ". أما الأولى فمعناها في اللغة المندائية كما في اللغة العربية وأما الثانية فتعني الأثيري. وبهذا يرون أن معنى كلمة " أباثر" هو أبو الأثري أو الأثيريين. علما بأنه يرد في الأدب المندائي تسمية أبو الأثيريين ولكن بالإضافة حيث ترد:" أبا إد إ ُثري". والبعض يرى أن كلمة " أب " تعني (ذلك الذي) أما كلمة " تورا " فتعني الوزن والعدالة وبالتالي فهو صاحب القسط وصاحب الميزان. ويفسر بعض ثالث الكلمة على أنها مكونة من أب بمعناها العربي وكلمة " أتـُر" بمعناها الثراء ليكون ( أبو الثراء). وربما هي كما نرى" مُجلي الظلام" تأسيسا على أن كلمة " أبا " تأتي أيضا بمعنى الظلام في اللغة المندائية. أما كلمة " تـُر" فهي من الفعل " ترر" الذي يأتي بمعني يجهض ويطرح.
فتاهيل: ويلفظ بتاهيل تليينا للفاء. ملاك الفتح الذي أوكلت له مهمات كبيرة في تصليب الأرض والعالم السفلي بحسب الأسطورة المندائية. إنغر بفتحه ودوره وإرتأى أنه صاحب السلطان، فسحب الخالق الحق كل قدراته منه وعوقب مباشرة وظل موقوفا الى يوم الدين. الإسم يتأسس على الفعل في اللغة المندائية " فته: فتح " حيث طمر صوت حرف الحاء في المندائية . و يتطابق معناه مع اللغة العربية فهو ملاك الفتح.
كنزي برا: درجة دينية متقدمة في السلك الديني المندائي. ويظهر بحسب اللغة المندائية أن كلمة " كنزي" هي جمع لكلمة " كنزا " ومنها كلمة " كنزا ربا " أي الكنز العظيم وهو الكتاب الرئيس عند الصابئة المندائيين. كما تأتي كلمة " كنزا " بمعنى الكثرة والوفرة أيضا. وعلى هذا تكون كلمة " كنزي" جمع للوفرة والكثرة. وأما كلمة " برا " فيرد في معانيها الخلق والإبداع بما يقابل كلمة " بارئ " في اللغة العربية . فالله البارئ تعنى الله الخالق. وعلى هذا فنحن نرى أن كلمة " كنزي برا " تعنى خالق الكثرة من حيث المعرفة الدينية لارتباط هذه التسمية بدرجة دينية وما تمليه هذه الدرجة من مسؤولية على حاملها. وسيتضح لنا الأمر أكثر بالإطلاع على معاني تسميات الدرجات الدينية الأخرى التي ترتبط جميعها بالمعرفة وليس بمعنى عابر الكنزا ذلك أن ما يعقب كلمة كنزا الكلمة "برا" وليس "أبرا" بمعنى العبور.
ترميدا : وتلفظ تليينا ترميذا. وهي أول درجة دينية يرتقيها المكرس في السلك الديني المندائي . وقد أشيع معناها على أنها تعني تلميذ. وربما أن هذا اللفظ جاء من اللغة العربية. وقد ظهر لنا بأن اللغة العربية قد أخذت كلمة " ترميذا " وكيفتها لفظا وإعتمدتها بالمعنى المتداول بل وشكلت منها فعلا في" تلمذ يتتلمذ تلميذا ً" دخولا من اللغة الآرامية وبخاصة المندائية دون الإنتباه الى أن الكلمة في الأساس مكونة من كلمتين وكالآتي: الفعل المندائي " ترا " والذي يأتي كما في العربية بمعنى ثرى وأثرى وكثر ونما وتوسع وإزداد. وأما كلمة " مادا " فتعني في اللغة المندائية المعرفة من أساس الفعل " يدا " بمعنى يعرف ومنها إشتقـت تسميتهم " المندائيون ". وبجمع الكلمتين " ترا+ مادا " تكون كلمة " ترميدا " التي أخذتها العربية وجعلتها تلميذ. وبالتالي يكون معنى الدرجة الدينية " ترميد ا" الشخص الذي يثري ويزداد معرفة. وهي تسمية دقيقة ومناسبة تماما لمن يؤهل ويصبح عضوا في السلك الديني. فغير الثري معرفة لا يكون له دور فيما سيطلب منه ويرتقي فيه ليكون فيما بعد" كنزي برا " أي خالق الكثرة كما مر بنا أعلاه.
شوليا: وهي تسمية تطلق على المرشح للسلك الديني المندائي حين يكون في فترة الإعداد للتكريس . وقد درج على ترجمتها الى " المُرشـَح ". ويظهر لنا بأن الكلمة جاءت من الفعل المندائي " شال " الذي يرد معناه كما في اللغة العربية : يسأل، بعد التبادل المعهود في لفظ حرفي الشين والسين. وعلى هذا تكون ترجمة كلمة " شوليا " الى السائل وليس المرشح. وهذا المعنى أصح ذلك أن المطلوب من المرشح أن يبقى سائلا ومسؤولا عن المعرفة الدينية والحياتية والطقسية التي يجب أن يتأهل فيها خلال هذه المرحلة قبل أن تجرى مراسيم تكريسه والتي متى ما حصلت فإنه بالضرورة سينال مرتبة " ترميدا ".
شكندا: وتلفظ بكاف ثقيلة. وتأتي في الأدب المندائي بمعنى الرسول كما أنها صفة الفرد الذي يلازم من يقوم ببعض الإجراءات الدينية كالذبح. إذ لا بد أن يرافق من يقوم بعملية الذبح شخص نظيف أيضا تتوفر فيه الأهلية الدينية ليكون شاهدا على العملية ولذلك فهو يردد ويقول أثناء قراءات النحر " أنا سهدخ " بمعنى أنا شاهدك. والشيء نفسه مطلوب حينما يقوم رجل الدين المندائي بإجراءات التعميد أو الزواج إذ تتطلب عملية إنهاء المراسيم دورا للـ" شكندا ". ويظهر لنا بأن كلمة " شكندا" مكونة من كلمتين هما " شكا " والتي ترد في اللغة المندائية بمعنى الخطأ والزلل وكل ما يرتبط بهما، والفعل " ندا " الذي يعني في اللغة المندائية طرد ، دفع، أزال. وهكذا تكون كلمة " شكندا " بمعنى مُبعد الخطأ. وهذا هو الدور الفعلي لمن يقوم بهذا العمل إذ أن عليه مراقبة من يساعده دفعا لأي خطأ أو زلل لشدة حرص الديانة المندائية وتزمتها في إجراءاتها الطقسية. بل حتى إن أخذنا معنى الرسول للكلمة فما الرسول إلا الهادي المعلم دافع الخطأ ومبعد الزلل عن الإيمان الحق بالخالق.
كليلا : الإكليل في اللغة العربية يعني التاج. وفي اللغة المندائية فإن كلمة تاج تأتي أيضا بلفظ " تاغا ". ويظهر لنا أن كلمة " كليلا " في اللغة المندائية متشكلة من مقطع "كا+ ليلا". أما مقطع " كا" فيفيد معنى هنا، وأما كلمة " لِيلا أو للاي" فتعني في اللغة المندائية للأعلى. ويمكن أن يكون المعنى هنا للأعلى. وبما أن الإكليل لا يكون إلا بالأعلى وهو فوق الرأس، فإن المعنى يتطابق مع القصد. ثم تعمم اللفظ على ما يوضع على الرأس مما هو جميل وراق فكان إكليل الورد والزخرف. وفي المندائية فإن كلمة " كليلا " هي التسمية الشائعة لغصن الآس المشكل بشكل حلقة كالخاتم والتي توضع على رأس المتعمد أو المحتضر تحت طرف من العمامة. واللغة العربية أشاعت هذا الإستخدام وعممته وجعلت منه فعلا يفيد ما يكون عاليا. والفعل يكلل ويتكلل أمثلة على ذلك. بل ربما أن كلمة " كلة " التي تعني الناموسية هي من أساس كلمة "كليلا" ذلك أن (الكلة) إنما تكون أعلى وفوق الشخص على سرير نومه.
رستا : هي اللباس الديني الأبيض المعهود الذي يرتديه المندائيون عند إجراء طقوسهم الدينية. وهي عامة تتكون من سبع قطع للشخص العادي وتسع لرجل الدين. أما المعنى اللغوي لكلمة " رستا " كما يرد في اللغة المندائية فهو الحق والإستقامة. والكلمة مستخدمة في اللغة الفارسية أيضا على أننا لا نستطيع أن نقرر مَن أخذ مِن مَن؟
سِندركا : وتعني في اللغة المندائية النخلة مع أن هنالك كلمة أخرى للنخلة وهي " تالا ". والـ" سندركا " تستخدم بمعنى رمزي في الأدب المندائي لتشير الى الفحولة والخصب وتكون مترادفة دائما مع كلمة " أينا " التي تعني كما في اللغة العربية العين والنبع إشارة الى الأنوثة. ويفيد معناهما المتلازم إشارة الى التكامل والإنجاب. ويظهر لنا بأن كلمة " سندركا " مكونة من كلمتين هما: كلمة " سين" وتعني القمر. أما كلمة "دركا " فتعني الطريق والنهج والسبيل. فهل يكون في جمعهما ما يشير الى السمو والإرتفاع؟
إن البحث في الجذور اللغوية للمصطلحات المندائية تأسيسا على أصلها الآرامي يمكن أن يقود الى معان وفهم أصح لهذه المصطلحات ولغيرها. على أن المدخل جديد نسبيا مع الترحيب بأية ملاحظات يمكن أن تغني على
بريدنا:
drabsha@yahoo.com