رواية لا تطاق وغير مريحة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: علقت صحيفة "الجارديان" في ملحقها الادبي على الرواية الافريقية The Beautyful ones are not yet Born" "بأنها رواية خرافية أخلاقية ألمعية لا تطاق وغير مريحة، ولا ترحم أولئك المجانين الذين يضطرهم ضعفهم الى السعي الى القوة"، وقد صدرت هذه الرواية عام 1988 للكاتب الغاني الجنسية Ayi Kwei Armah الذي ولد وتلقى تعليمه في غانا الى أن التحق بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، وعمل مترجماً في الجزائر ومحرراً في التلفزيون الغاني، ومحرراً
بالرغم من أن المؤلف استخدم تاريخ غانا في روايته ليعبر عن الفساد الذي استشرى في المجتمع الافريقي أثناء الاستعمار البريطاني لافريقيا وحركات التحرر والثورة على الزعماء وعلى الفساد، إلا أنها أيضاً تعبر عن تاريخ معظم الشعوب والعلاقة الازلية بين الزعماء والشعب، وحال الانسان في ظل هذه العلاقة التي لا تفرز إلا المزيد من خيبات الامل للشعب، فالشعب في حالة إنتظار ومراقبة مستمرة، بانتظار أمر ما يحدث ليعدل من طبيعة هذه العلاقة ومخرجاتها، فهل سيأتي هذا اليوم؟ يتناول المؤلف في روايته القيم والصراع بين الخير والشر، وتبدل العلاقات الانسانية وخصوصاً بين الاصدقاء سعياً وراء الثراء السريع والسلطة وهو ما أطلق عليه إسم "الوميض"، لتصبح الامانة رذيلة من الرذائل الاجتماعية، فالانسان في مواجهة دائمة مع الذين يريدون دفعه الى الحافة..الى الفساد للاقتراب من هذا الوميض، وكان ذلك من خلال قصة رجل مستقيم يقاوم إغراءات الرشاوي السهلة والاشباعات السهلة الرخيصة، ولكنه لا يحصل على شئ جزاء أمانته، سوى إحتقار من يحبهم.
كما انتقد زعماء افريقيا بشدة فقال "كل ما لدينا رجالنا السود وهم يحتضنون كروشهم الكبيرة وهم يسعون الى الرجل الابيض لكي يرحبوا به وهو راكب على ظهورنا"، فهم لم يناضلوا أو يكافحوا من أجل الوصول للسلطة بل وصلوا من خلال الرشوة والشعارات الفاسدة، وأنهم مجرد مقلدين للرجل الابيض... للمستعمر الاوروبي، ويحاولون بكل الطرق أن يكونوا مجرد شبح له، أما الشعب فكانت آماله تتبدد وتتوالى خيبات أملهم في ظل زعماء إنتظرونهم ليخرجوهم من حالة اليأس التي حلت بهم، إلا أن هؤلاء الزعماء-شأنهم شأن معظم الزعماء- أتوا بكلام مستعار ومقترض لا يعبر عن الشعب، وعبر عن عجز الشعب بعدم قدرته على اتخاذ القرار فغيره حدد له مساره ومستقبله، ليصبح الانسان تحت هذه الظروف أمام الاختيار بين أن يقفز مثل هؤلاء الرجال والزعماء ليقترب من الوميض أو الانتظار...إنتظار مولد الجماليات..مولد للقيم..لاحترام الذات، ولكنه يشير أن هناك من يدفن آماله في ظل هذا الانتظار، لأن الحياة لا تتغير باستثناء خيبات الامل، "فالخير كانت تجري ولادته، والخير كان موجوداً هناك"، ولكن بفعل فاعل تحول تحولاً كاملاً... تحول الى فساد، ويطرح تساؤلات عديدة من خلال نصه فهل من المستحيل أن يكون لدى الشعب زعيماً قوياً ويحمل قيماً جميلة في ذات الوقت؟ وعما إذا كان العفن والضعف هما أولاً وأخيراً اللعنة الابدية التي حلت بأفريقيا؟ وهل بالفعل الناس لا يملكون أن يفعلوا أي شئ مستدام إزاء هذه اللعنة؟
يقول المؤلف... يجب أن نصحوا من هذه الاحلام التي نعذب بها أنفسنا، لنتساءل هل الامر مازال يحتاج الى كل هذا العناء؟
salwalubani@hotmail.com