جماعة فنية في برلين ومعرض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أقام نادي الرافدين الثقافي العراقي في برلين أياما ثقافيا تتضمن العديد من النشاطات الثقافية والفنية استمرارا لتقليد درج عليه منذ العام الماضي، وقد حضر هذا المهرجان الثقافي مثقفون ومبدعون من العديد من الدول الأوربية و من البلد المضيف ألمانيا، وكان ضمن نشاطات اليوم الأول معرض تشكيلي شارك فيه ثمانية من الفنانين التشكيليين العراقيين وقد شهد المعرض الاعلان عن تأسيس رابطة فناني برلين المؤلفة مبدئيا من خمسة فنانين، سيجد القارئ البيان التأسيس الذي قرأه على الجمهور الفنان أحمد الشرع نيابة عن الفنانين الخمسة في نهاية هذا الموضوع، وكان الإفتتاح قد ابتدأ بمداخلة الفنان التشكيلي منير العبيدي. فيما يلي جزء مما جاء في مداخلة العبيدي:
الأصدقاء الأعزاء
حضرات الضيوف
لا يوجد ما أقوله عن الفنانين التشكيليين الذين يشاركون في هذا المعرض، غيرَ الترحيب القلبي بإسم فناني برلين و باسم نادي الرافدين الثقافي العراقي، فاللوحاتُ المعروضة لكل واحدٍ منهم هي خيرُ متحدث عنه، و بإمكان زائرِ المعرض أن يقيم حوارا بصريا مع لوحات الفنان أو حوارا مباشرا معه شخصيا، أجدني، عدا ذلك، ملزما بالتنويه الى أنه عدا المشاركين في المعرض السابق المقام بمناسبة الأيام الثقافية في العام الماضي و الذين هم: نسرين حنا، أحمد الشرع، رياض البزاز، فهمي بالايي، منصور البكري و منير العبيدي يشارك اليوم في معرضنا لهذه السنة أيضا الفنان ابراهيم الجزائري و الفنان علي مزعل. أسمحوا لي أن ارحب بحرارة بالمشاركين الجدد .
وقد أرتأينا هذه السنة أن نجعل من مناسبة افتتاح المعرض مناسبة حوارية لا تعتمد على الطريقة الإلقائية أو الإملائية أو على طريقة المحاضرات التقليدية . عليه جعلنا و الباب مفتوحا للمشاركين للمساهمة، توجد عشرة دقائق للراغبين بالحديث أو تقديم مداخلة أو تقديم أنفسهم عدا ذلك سوف يقرأ لنا احد الزملاء بيانا تأسيسيا لمجموعة من فناني برلين حول التشكيل العراقي و موقعة من الثقافة العراقية و دوره، لن استبق الأحداث إذ تستمعون بعد انتهاء كلمتي هذه الى هذا البيان التأسيسي . من جهتي أقدم لكم هذه المداخلة القصيرة المستمدة من أحداث قديمة جديدة تكرر نفسها:
توفي الفنان الأسباني المشهور فرانشيسكو دي غويا في بوردو عام 1828 في منفاه بعيدا عن وطنه إسبانيا و هو في الثانية و الثمانين من عمره و لم تتقدم الحكومة الاسبانية
و هكذا فإن السلطات الإسبانية الساخطة على غويا قد انتظرت واحدا و ستين عاما لتصالح الهيكل العظمي لـ "غويا " و تجعله من رموزها الوطنية حتى لو كان بدون رأس . لقد احتاجت السلطات الإسبانية رفات غويا العظيم ليس من أجله أو اكراما له بل من أجل مجدها هي و لكي تظهر نفسها بأنها حارسة الفن و الفنانين و لكن بعد موتهم فقط .
تحتاج السلطات بمختلف أشكالها الفنانين رغم إحتقارها لهم، و إحتقارهم لها . ولكن بعد موتهم أي بعد صمتهم الأبدي، في هذه الحالة فقط تحولهم الى رموز وطنية .
فلماذا لا تتعظ البشرية؟ و لماذا لا تتعظ المؤسسات الثقافية و تصالح المبدعين وا لرسامين وهم على قد الحياة؟ لماذا نعادي الأحياء من مبدعينا حتى يموتوا؟ الجواب بسيط: أن نحول موتهم كما حياتهم الى تجارة .
هل يشك أحد بما أقول؟ هل يستنكر قولي معترض ما؟ حسنا ما قولكم في ما قاله الجواهري الكبير ناعيا عبد الجبار عبد الله:
أهز بكل الجيــل الذي لا تهزه نوابغه حتى تزور المقــــابرا
******
لم يبع فان كوخ سوى لوحة واحدة في حياته، و كان لا يمتلك نقودا حتى من أجل إطعام نفسه، و قد تدبر أمر تكاليف فنه و تكاليف الألوان و قماشة الرسم و الفرش من المساعدات التي كان يرسلها إليه أخوه ثيو , و حين أطلق النار على نفسه قائلا: " ليس هناك نهاية للألم " بيعت لوحاته بعشرات الملايين وكان اخوه ثيو قد توفي بعده مباشرة حزنا عليه فقد أحبه من كل قلبه . و مع ذلك كتب أحد الكتاب أن ثيو قد عاش على بيع لوحات أخية فنست التي باعها
حتى شرفاء الموتى أمثال ثيو لم يسلموا من التشويه .
******
في مدخل أحد شوارع أحد عواصم الدنيا كتبت السلطات العبارة التالية: " الهدوء رجاء (.....) يكتب " كان (....) أحد كتابهم، و يسكن في تلك الحارة، المارة كانوا يتهامسون فيما بينهم و لا يرفعون صوتهم حتى لا يزعجوا تأملاته، وعند مرورها قريبا من بيته تتوقف السيارات عن إستعمال منبهات الصوت.
نحن يغيظنا أن يظهر بيننا كاتب حتى لو كان حقيقيا، بينما يلفقون كتابهم و يمجدونهم .
هل تغير شيء في الموقف المأساوي للمؤسسات الثقافية العراقية والعربية في الخارج من الثقافة عموما و من الفن التشكيلي على وجه الخصوص؟
كلا لا شيء من هذا القبيل . لقد اختلفت المؤسسات الثقافية على كل شيء و لكنها وجدت ما تتفق عليه: إزدراء الثقافة و تكريسها لغير أهدافها .
في أحدى مهرجانات الثقافة العربية المقامة في برلين قامت أحدى المؤسسات الثقافية العربية بتكريم جميع " الفنانين " و وزعت عليهم مكافئات تقديرية، لم يكن بين هؤلاء الذين تم تكريمهم حتى رسام واحد، فمما مجموعه أكثر من عشرة فنانين تشكيلين من العراقيين و العرب الذين ساهموا في المهرجان الثقافي لم يعثروا على رسام واحد يستحق التكريم و الشكر: المغنيين و الشعراء و عازفي الآلات الموسيقية و المسرحيين كرموا جميعا الا التشكيليين .
نادٍ ثقافي آخر يحمل اسم الثقافة العراقية يستمع بدون تعليق أو اعتراض على تعليقات بعض أعضائه الداعين الى طرد الفن التشكيلي العراقي من حضيرة الثقافة العراقية، حين يقول هذا العضو بمتياز بأن الفنان التشكيلي لا ينطبق عليه تسمية مثقف .
لم يقم أي من القيمين على الثقافة بالرد على مثل هذا الهراء، يا للعار!
إن الفن التشكيلي العراقي هو شرف الثقافة العراقية، شاء من شاء و أبى من أبى. لو كنت رئيسا لناد ثقافي لقمت بطرد كل من يزدري الثقافة العراقية بدون تردد .
****
حين قدمت اقتراحا باستضافة ستار كاووش من قبل أحد النوادي الثقافية سُألت كثيرا من أين ستار كاووش؟ ـ من أين لي أن اعرف من أين ستار كاووش و لماذا أعرف؟!!على إنني لاحظت إثناء بحثي عن ستار كاووش على شبكة الإنترنت أن العديدين يتساءلون أيضا: من أين ستار كاووش؟ و هذا السؤال نفسه صاغه عدنان حسين أحمد في موضوعه المنشور عنه حين يقول يتساءل كثيرون من أين ستار كاووش؟، أما أنا الذي اقترحت استضافته و قدمت لندوته فلم أكن أعرف سوى أن ستار كاووش فنان عراقي رأيت لوحاته منذ كنت في العراق؟ لم أعرفه دينه، هل مسيحي أم مسلم، لم أعرف قوميته هل هو عربي أم كردي، لم أعرف طائفته، لم أعرف من أي محافظة هو، لم أعرف شيئا سوى أن ستار كاووش يرسم بطريقة رائعة، إلا يكفي هذا؟ بالنسبة للبعض هذا لا يكفي، لا بد أن يعرفوا من أية محافظة هو وعليكم أن تعرفوا ما هو المخفي من وراء هذا السؤال .
*****
لماذا توجد إشكالية دائمية بين المثقف و السلطة؟ لأن المثقف مشاكس، المثقف يطرح أسئلة و يشكك بالمسلمات و السلطة تحتاج الى مطيعين مذعنين تحتاج الى الناس التي تؤمن بعصمتها، المؤسسات الثقافية شكل من أشكال السلطة الا إذا قررت أن تكون خلاف ذلك، يبدأ العسف حين نتساهل فكريا مع الظواهر الضارة و نتقبل اعتداءات السلطة على الثقافة استنادا الى ولاءاتنا الأيدولوجية و الدينية و الطائفية و المناطقية و نعطيها المبرر، المثقف الحقيقي هو المثقف الذي يناصر ما يمليه عليه المنطق الثقافي و يقدمه على كل منطق آخر .
كل مهرجان ثقافي و انتم بخير
منير العبيدي
هذا وقد تم الإعلان عن قيام خمسة من فناني برلين بتأسيس رابطة تهدف قبل كل شيء الى توحيد كلمة التشكيليين امام السلطات و المؤسسات الثقافية إزاء هموم سيجدها القاري مضمنة في البيان:
بيان تأسيسي
رابطة الفنانين التشكيليين في برلين تعلن عن نفسها
اليوم 5 ـ6 ـ 2006 التقت مجموعة من الفنانين التشكيليين في برلين وهم: أحمد الشرع، رياض البزاز، فهمي بالايي، منصور البكري و منير العبيدي و تداولوا في موضوع المساهمة في الأيام الثقافية العراقية التي ينظمها نادي الرافدين الثقافي العراقي في برلين و الخروج برؤية موحدة بهذا الخصوص، كما ناقشوا التعديلات التي أدخلت على برنامج
و كان الاتفاق المبدئي يقوم على مشروع تسمية لهذه المجموعة التي يشكل نواتها التشكيليون العراقيون في برلين الواردة أسماؤهم أعلاه و الأهداف التي تسعى إليها و يتحدد شعارها الرئيسي في: " أساليب مختلفة و موقف موحد " يقوم على المبادئ التالية:
ـ كفنانين تشكيليين قد نختلف كثيرا اختلافات إيجابية في أساليبنا الفنية و طرق التعبير التي نعتمدها و الموقف من القضايا العامة، قائمة على الاختلاف الطبيعي في الرأي مع الاحترام الكامل للرأي الآخر.
ـ نكون موحدين و متفقين في التعامل مع المؤسسات الثقافية الألمانية وغير الألمانية و نتحدث بصوت واحد بما يخدم مصالحنا كفنانين تشكيليين، ونرفض كل شكل من أشكال التهميش و لا نقبل بالأدوار الثانوية و ندافع عن حقوقنا كمجموعة و كأفراد بما نستحقه من اهتمام .
ـ نتفق على مرتكز أساسي يصر على أن: التشكيل العراقي هو في طليعة الثقافة العراقية، و واحدٌ من مكوناتها الهامة .
ـ نتفق على أن هذا المكِوّنَ الثقافي هو مكونٌ ريادي في مجال التغيير و سباقٌ في تبني الحداثة و رائدٌ في تثوير طرق التعبير ما جعله قدوة لأشكال إبداعية أخرى .
ـ نتفق على أن المنتجات التشكيلية هي نتاجات ثقافية سامية و رفيعة تلعب دورا في رفع الوعي الاجتماعي و تشحذ لدى المتلقي الشعورَ بالجمال و التوازن وهي خطوة في المستقبل تقترح على المشاهد مفهومها للحياة . إنها، أخيرا، ليست مجرد ديكور زخرفي تجميلي تزين به الجدران و ليست في كل الأحوال كما يريد المولعون بالإيقاع الرتيب عنصرا يراد به تجميل المشهد الثقافي . إنها عنصر مشرف في الثقافة العراقية و العالمية يتجاوز الكلمة .
ـ نتفق على أن الفن التشكيلي له قوانينُ تطورِهِ الخاصة و يساهم مع الأشكال الإبداعية الأخرى في الإرشاد إلى طرق التجديد و اقتحام عوالم جديدة و نبذ القديم و المستهلك، و على أن قوانين تطور الفن التشكيلي في الوقت الذي لا تكون معزولة عن المجتمع فإنها تعتز بقوانينها الخاصة و ترفض كل أشكال الوصاية أو التكريس لأهداف ضيقة و ترفض فن المناسبات و تسعى إلى ما هو أرحب: مصلحة الوئام و التصالح و المحبة و الجمال ونبذ العنف للجنس البشري ككل بعيدا عن أي شكل من التعصب .
ـ نتفق على أن ما يجعل الفن التشكيلي على ما هو عليه من ريادة حقيقية وليست مدّعاة هو ديناميكية لغة الخطاب البصري التي تخاطب الجميع مبشرة بشكل و لون و تكوين و تجسيد يخاطب الناس متخطيا الحدود و اللغات .
ـ نسعى إلى أن نتجنب قدر المستطاع أشكال البيروقراطية و نتجنب الالتزامات المقيدة للحرية و نضع الحد الأدنى من القيود و نفسح المجال رحبا لأعضائنا في اختيار ما يلائمهم من أفكار و آراء و أساليب و نضمن كامل الحرية الفردية في المشاركة في النشاطات الفردية التي يراها الفنان ملائمة له .
ـ نسعى إلى الحصول على الدعم الضروري من السلطات الألمانية و من المؤسسات الثقافية الألمانية و غير الألمانية بدون شروط تخل بحريتنا في التعبير مع الشروع بمسعى من أجل أقامة مشروعنا المستقل و الحصول على مقر لنشاطاتنا أو بالتنسيق مع المؤسسات المختصة، و نقبل الدعم المقدم من المؤسسات و من الأفراد الساعين إلى دعم الحركة التشكيلية في برلين ضمن الإطار المشار إليه .
ـ ننظم دورات نظرية و تطبيقية لتعليم الرسم و أشكال أخرى من الفن التشكيلي و نعمل على تنظيم أمسيات عن تاريخ الفن التشكيلي العراقي و الألماني و التجارب العالمية الطليعية الأخرى و نعمل على رفع الوعي الفني و التشكيلي و النقدي و طرق تقييم العمل الإبداعي بالتنسيق مع المؤسسات الثقافية سابقة الذكر أو بشكل مستقل .
ـ ننسق بين الشكل الإبداعي التشكيلي الذي نمثله و الأشكال الإبداعية الأخرى كالموسيقى والمسرح و السينما و الأدب و غيرها و نفتح أبوابنا لممثلي الفنون الأخرى لأي شكل من أشكال التفاهم المشترك .
ـ نعمل على إشاعة و دعم ثقافة التسامح .
ـ نعتبر الفن التشكيلي جديرا بأن يخدم كأحد أدوات الاندماج و التكامل و التفاهم المشترك بين الناس بغض النظر عن العرق و القومية و الدين و المعتقد .
ـ ليس لدينا رئيس و مرؤوس، المنسق هو الذي يدير العمل و يتحدث باسم الرابطة، و هذا المركز، أي مركز المنسق، يكون دوريا: شهريا أو فصليا، مَن يغيب أو يعتذر ينوب عنه التالي في التسلسل .
ـ يصار لاحقا إلى صياغة قواعد عامة داخلية تنظم علاقة الأعضاء ببعضهم تتضمن الحد الأدنى من التفاصيل و الحد الأدنى من القيود .
الموقعون
أحمد الشرع
فهمي بالايي
رياض البزاز
منصور البكري
منير العبيدي