الادب اللاتيني والقصة القصيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سلوى اللوباني من القاهرة: احتوى كتاب "الطائر الازرق"-دار سنابل- على نماذج متفرقة لعدد من كتاب القصة القصيرة في أمريكا اللاتينية، وهم كتاب لم يقدموا أنفسهم من فراغ بل من خلال واقع حقيقي معاش لشعوبهم، وفهم جديد لتراثهم، وتفاعلهم مع التراث العالمي والحركات الادبية الاكثر حداثة، منهم الكولومبي جابريل جارثيا ماركيز "رجل عجوز جداً باجنحة ضخمة"، "الموت دائماً بعد الحب"، "ليلة الكروان"، "نابو الزنجي الذي انتظرته الملائكة"، والأرجنتيني "خورخي لويس بورخيس" الذي انتقل ليعيش مع
الواقعية والحداثة:
فأشار الى تطور ونضج الكتابة القصصية والروائية في بداية القرن العشرين كنتيجة لانعكاس الاحداث التاريخية التي مرت بها بلاد تلك المنطقة، فشهدت المنطقة إعادة التركيب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وإضافة الى ذلك ظهور اتجاهات سياسية وفكرية جدية نمت مع النضال ضد الاستعمار الاوروبي الذي كان يتصارع فيما بينه على هذه الارض الجديدة، وتلك الفترة شهدت في مجال الكتابة القصصية سيطرة اتجاه" الواقعية الطبيعية" الذي كان بدوره خالياً من التقنية أو الحرفية في الكتاب، وكان الكاتب في تلك الفترة واعياً بانه يمتلك فقط خيوط لعبة الكتابة، وتحريك الشخصيات دون اهتمام كبير بجمالية الكتابة، وبالمقابل كان هناك تأثير يتمثل في الحداثة المحلية التي نشرت على الكتابة النثرية تجديداً وهي ولدت على يد الشاعر "روبين داريو" الذي يعتبر من مؤسسي الحداثة في أمريكا اللاتينية، مولود في "نيكاراجو" وتنقل في العديد من دول أمريكا اللاتينية وعاش لفترات في كل من اسبانيا وفرنسا، كما يعد كتابه "ازرق" الصادر عام 1888 الكتاب المؤسس لتلك الحركة، وهي الحركة التي احدثت تأثيراً لاول مرة في اوروبا بعكس ما كان يحدث فقد كانت تنتقل من اوروبا الى امريكا اللاتينية، فكانت كتاباته توشي بالشاعرية في التعبير او في الموضوع مما أثرى الكتابة القصصية والروائية، وقد سبق كتابه قصة "هشة" للمكسيكي "جوتيريث" عام 1883 الذي يعتبر البداية لحركة الحداثة، هذه الحركة التي تمثلت في إعادة تشكيل الجمل وتجديد الايقاع الموسيقي للكتابة النثرية، أي تحرير فن الكتابة وتجديده، فتميز كتاب الحداثة بقدرتهم على تمثل الثقافات الاخرى وبناء عليه خلق إبداعات جديدة، وهناك أيضاً الكاتب "أمادو نيرفو" الذي أكد بكتاباته على أهمية هذه الحركة فهو يرى أن كاتب القصة القصيرة ليس من المفترض أن يستخدم التخيل دائماً، لأن الحياة تجري من حوله وقد يفاجئه مشهد أو ملمح معين، فيقطف من هنا وهناك اشياء متفرقة سواء كانت واقعية أو أشخاصاً من حوله أما ما يحدث بعد ذلك في الكتابة فهو قليل من تنظيم تلك الملاحظات وتشكيل القصة منها، وقسم د. طلعت كتاب القصة القصيرة في إطار الحداثة الى موجتين ونذكر هنا بعض من جاء في طليعة الموجة الاولى مانويل جوتريث ناخيزا، روبين داريو، خوسيه مارتي، خوليان ديل كاسال، امادو نيرفو، وبعض من جاء في الموجة الثانية مانويل دياث، انخيل استرادا، كليمنتي بالما، انريكيث جوميث كاريو.
المدهشة والانفجار:
كما اعتبر أن أقصى تقدم لتطور القصة القصيرة في أمريكا اللاتينية كان في فترة الخمسينيات وعرفت باسم "الفترة المدهشة" وهي الفترة التي شهدت تحول العديد من كبار الكتاب في الانواع الادبية الاخرى الى الكتابة في مجال القصة القصيرة، وظهرت أول مجموعة قصصية عام 1951 للكاتب الاورجواي "خوان كارلوس أونيتي" بعنوان حلم متحقق وقصص أخرى، و للكاتب الارجنيتي "خوليو كورتاثار" مجموعة بيستياريو، والكولومبي ماركيز "الوراقة الجافة" عام 1955، مما مهد الطريق أمام ما أطلقوا عليه في مجال الرواية إسم "الانفجار" الذي بدأ خلال الستينيات، والتي تعتبر أكثر السنوات إبداعاً في مجال الرواية التي انطلقت من منهج الواقعية السحرية، وشهدت الفترة التالية ظهور روايات كتاب تلك الفترة التي صنعت شهرة هذه المنطقة كمنطقة إبداع، منها رواية "بدرو بارامو" للمكسيكي خوان رولفو، و"القبور" و"عن الابطال" للارجنتيتي أرنستو ساباتو وغيرهم.