عالم الأدب

سيرة ابراهيم نصرالله... الطائرة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

... والعودة الى اكتشاف البراءة

بيروت من جورج جحا (رويترز): يشكل عمل الشاعر والكاتب الاردني ابراهيم نصرالله الذي حمل عنوانا هو "اقل من عدو اكثر من صديق- السيرة الطائرة " قراءة ممتعة تتداخل فيها اشكال كتابية مختلفة في "تناص" تتساند عناصره وتتكامل. ففي الكتاب الذي يقول نصرالله انه وضعه لتسجيل احداث وافكار ومشاعر وانطباعات تكونت لديه عبر سنوات خلال سفراته المتعددة وغالبا الاشتراك في انشطة ثقافية من ندوات وامسيات شعرية ومحاضرات وغيرها تتداخل الموضوعات وتتكامل لكن متعة فنية بينة لا تفارق ما كتب. ففيه ما يشبه التقرير الصحافي يتكامل مع اتجاه الى البحث والتحليل مع معلومات وخلاصات علمية وموضوعية ومع اشارات تاريخية وسياسية. وفي وسط ما يمكن ان نسميه أدب رحلات نجد فيضا من الكتابات الوجدانية الشعرية وسرعان ما يوصلنا نص معين إلى أبيات شعرية بل إلى ما يوصف عادة بأنه قصائد صغيرة. الشخص -أي الشاعر- في حله وترحاله في مدن مختلفة من انحاء العالم هو كما نتوقع محور كل الامور او جلها حتى في الحديث عن الاخرين وافكارهم ومواقفهم. وليس في هذا الامر غرابة فالعالم كله في النهاية هو كما يراه الانسان خاصة عندما يكون شاعرا.
كتاب نصرالله المولود لابوين فلسطينيين صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في 282 صفحة متوسطة القطع وتوزعت موضوعاته على ما لا يقل عن 33 عنوانا .
"الفصل" الاول من الكتاب حمل في عنوانه ومتنه ما يعتبر نموذجا واضحا للكتاب ككل ..أي خليطا من الفكري والوجداني واليومي وقد ورد كل ذلك في كتابة لا يغيب عنها التوتر الشعري .
المقدمة من البداية حملت السمات المشار اليها فتحت عنوان مركب هو "بمثابة تقديم ..عنا وعن روح العالم (الصديق ..اخر هو أنت ") كتب نصرالله "روح العالم كلمتان شغلتاني كثيرا في السنوات الاخيرة. روح العالم أين تكمن هذه الايام.. ما الذي يوحد هذا الخليط المرعب من الاشلاء والاحلام.. من الموت والحياة. طموح الحياة لأن يحيا البشر بكامل انسانيتهم أحرارا يمتلكون شمس نهارهم كما يمتلكون مصيرهم . يقف الانسان اليوم على حافة الجنون في هذه المنطقة بالذات. يقف على حافة انفجاره محتشدا بغضب لا حدود له وهو يراقب ظلام الغطرسة يفترس روحه وجسده ويتسلى به ببطء دام ..."
وفي حديثه عن رحلاته والناس الذين التقاهم قال "كل شخص قابلته في هذا الدوران بين كثير من مدن اكتشفت معه بعد خمس دقائق الطريقة التي يمكن أن يتحول فيها البشر إلى اطفال يفيضون حماسة واكتشفت كم كنا مخطئين حين ظننا اننا افتقدنا براءتنا إلى الابد." ويشرح سبب وضعه هذا الكتاب فيشرح ضمنا نظرته إلى الحياة فتبدو كما نراها متجلية في نصوص الكتاب . يقول إن أصدقاء نصحوه بأن يكتب عن اسفاره وكان يؤجل ذلك إلى أن "جاءت تلك الرحلة الاستثنائية الى كولومبيا ...ولكنني حين بدأت عرفت أنني لن أكتب مقالات عن تجربة كولومبيا بل كتابا وربما يعود ذلك لميلي الدائم لرؤية الاشياء متحدة بعضها البعض محاورة لبعضها البعض ومكملة لبعضها البعض ومضيئة لبعضها البعض."
ويصف عمله هذا بانه "بقدر ما هو عن اسفار كثيرة فانه عن "السفر" وعن بشر كثيرين الا انه عن "الانسان" وعن كتب كثيرة الا انه عن الكتابة .. انه في النهاية جزء من سيرتي ..السيرة الطائرة ." وينتقل الى فصل اخر بعنوان شعري هو "الاشجار التي تتركها وراءك لن تتبعك " وبعد العنوان كلمات تذكرنا بشهريار في شهرزاد توفيق الحكيم وحديثه عن السفر في الذات وخارجها. يقول نصرالله "كل سفر في البعيد لا تكتشف به داخلا لا يكون رحيلا." في هذا القسم من الاسفار والمدن يتحدث عن مدريد واجوائها الرائعة وناسها واشجارها التي أسرته .يقول "مذاق المدن -كمذاق الحب- دائما ينفتح هناك في الوحدة." وننتقل معه لنقرا في مجال اخر "ذهبت الى النوم -كي لا أنام- لاحيا الحياة هنا بسلام."
يتحدث الشاعر العربي عن مدريد التي لا يشعر فيها بانه غريب يثير التساؤل والفضول والشك كما في بعض مدن الغرب في هذه الايام فيقول "الحياة تسير هادئة في مدريد كل يستطيع العثور على مكانه الاقرب للقلب كل يستطيع العثور على ضياعه الذي يريد غيرعابىء بشيء سوى ما جاء من اجله ..ما حلم به. ويريحك كثيرا ان ملامحك تختلط بسهولة ببحر الملامح المائج الذي يعبر الشوارع من كل الاجناس. يحيرك ان شبهك بالاخرين شيء يدعو للاطمئنان.." في مكان اخر يتحدث عن الخريف في برلين فيقول "ولم يكن هناك في لحظتي الخاصة تلك ما هو اكثر حضورا وقوة من الخريف.. الخريف في برلين الذي اثار في داخلي خريفي الخاص رغم ما احاول ابداءه من ربيع... أقف وأكتب على احد الارصفة تحت مظلتي التي تحميني من ذلك المطر الخفيف ..وحدهم الذين عاشوا ربيعهم/ يتأملون الخريف/ بابتسامة." ويقول "الخريف هنا مثل سبع كؤوس نبيذية/ يعد القلب بالحب/يمشي كطفل سعيد امام الشيوخ/ يشير الى اول الغيم/ يركض نحو المطر/ الخريف سقوط برىء/ تسلق هذا الشجر."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف