اوراق متناثرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الورقة الاولى : (التواضع)
من حق الكاتب ان يحتفل بمرور كذا سنة على عموده الذي ldquo;يفشخrdquo; به كل يوم ذائقة القارئ ، ومن حقه ان يقول نجحت في ارضاء كذا عدد من القراء طوال تلك السنوات.. ومن حقه ان يجمل نفسه بين الزملاء ويقول ما يشاء.. ولكن ليس من حقه ان يعلو ويتعالى، ويعد نفسه العبقري الوحيد الذي انجبته الامة العربية، ولا مثال له في العالم الواسع، وانه لا يشق له غبار ذلك لان الحياة لا تتسع له وحده فقط، والحقيقة كل الحقيقة، عند عارف الحقائق كلها.. فلنتواضع ونهدأ، افضل لنا.. والسلام.
الورقة الثانية د. شفيق المهدي
عرفته قبل ربع قرن من الزمان، ذلك المسرحي المتوثب عقلاً وروحاً وثقافة ، وتعمقت صلتي به، صديقاَ وزميلاً حين عملنا سوية في القسم الثقافي في جريدة القادسية ايام الحرب الايرانية العراقية الضروس ، وكان ممتلئاً بالروح الطيبة التسامحية، فضلاً عما يكتنز به من ثقافة عالية في المسرح والفنون الاخرى ومنذ ذلك الوقت كنت اراقب فيه ذلك الطفل الجميل الذي اعرفه، كان يفرح كالاطفال ويحزن مثلهم ولكن بعقلية الناضج العارف الممتلئ حكمة ورزانة.. كانت لديه مشاريع كثيرة في المسرح وثقافة المسرح.. وكان يعول كثيراً على انتهاء الحرب .
في تلك الاجواء الملبدة بالغيوم والعواصف الصدامية، حيث كنا كل يوم نتوقع زوبعة منه، فوجئنا بيوم نهاية الحرب في 8/8 الذي اسماه ldquo;يوم الايامrdquo; وفرح فرحة الغصة والحذر وكنا نظن ان زوابع (اخينا صدام ) بعد هذه المجازر التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا لن تتكرر وسوف ياخذنا لكي يلتفت الى الحياة الحقيقية للعراقيين، لكن الذي حصل ، ان كارثة عظيمة اقدم عليها (صاحبنا ابو المهالك ) احدثت فتقاً وجرحاً مازلنا الى يومنا هذا ننزف الماً منه، ذلك حين دخلنا الكويت لنستعيد الفرع ونضمه الى الاصل، ليضيع بعدها الاصل طوال اكثر من عقد من الزمن حصارا وتفتيشاً بل وصلت الامور الى تفتيش حتى غرفة نوم (اخينا) دون ان يتراجع ويعلن توبته للشعب فيتنازل عن الحكم!
في تلك الفترة الدامية، وقبيل نهاية التسعينات (ملص) الدكتور شفيق المهدي من فكي الموت اليومي البطيء ليجد له مكاناً في تيارات المعارضة العراقية شأنه شأن العديد من المثفقين الغيارى من ابناء هذا البلد.. وكان قد فعل حسناً ليعود بعد سقوط الصنم، وهو مازال ممتلئاً ومثقلاً بالروح والعقل والمعرفة، ليدير ثقافة الطفل، بعد ان وقف هو ومجموعة خيرة من زملائه ليدافع عنها ضد ldquo;حواسمrdquo; اخر الزمان الذين جردوا من الانسانية ونقلوا صورة قبيحة عن العراقي في تلفزيونات العالم، فوقف وقفة شجاعة ضدهم ولم يفسح لهم المجال بسرقتها كما فعلوا في دائر الدولة!!
وها هو د. المهدي يدافع عن ثقافة الطفل كما يدافع عن ثقافة العراقي في خطاب واضح الملامح انتصر فيه لعراقيته.. مرة والى الابد.
الورقة الثالثة : الفضائيات
لا يختلف اثنان في العراق بشأن القنوات الفضائية التي اساءت وتسيء الى العراقيين كل يوم ، بل ستجد ثمة شبه اجماع على نبذ هذه القناة او تلك واعتبارها بوقا تصدر السم الزعاف كل يوم بحق دماء ابناء هذا البلد الذي ينزف منذ سقط الدكتاتور في الحفرة التاريخية، ويتفق الناس على ان سبب تلك الدماء الزكية التي تهرق في الشوارع يعود الى تلك القنوات التي اسميها ولا اخجل من ذلك ldquo;الجزيرةrdquo; و"العربية" وغيرها. ولكن المؤسف حقاً، ان قنوات عراقية لا اسميها تحذو حذو "الجزيرة"، فتنقل الخبر مثلما تنقله وتتلاعب بالفاظه مثلما تتلاعب به (اختنا) غير العزيزة الجزيرة ، وكأن الامر لا يكفي عند السموم التي تجرعنا اياها هذه القناة بل تساهم معها اخوات لها صغيرات السن نكاية بالجرح العراقي النازف!!
الورقة الرابعة : كونديرا
هذا الكاتب الساحر، مازال يثير فضولي واهتمامي، ومازلت اقرأ كتبه، كأنني اتعرف عليه لاول مرة. واضع يدي على شخوصه واماكنه وسردياته.. وفي الحقيقة لا اعرف لم غمرني بالذهول والاعجاب..
عندما تتصفحrdquo;خفة الكائنrdquo; ستجده يغور في اعماقك ، يفصح عن دراية واسعة بالنفس البشرية، ومعرفة جيدة بالتاريخ الانساني ، واستبطان رائع فيما هو محسوس وملموس ومبصر ، كأني اراه، وقد شغل جميع حواسه للعمل، في ايضاح ما لا يوضح، بل اجده قد وضع كاميرا خاصة في كل مكان من جوارح الانسان، لتتحدث عنه، في هذا المقطع او ذاك.. اما في رواية ldquo;الخلودrdquo; فهي
ابحار في مدى اوسع داخل الانسان، لا ريب ان حرية الكاتب التي يتمتع بها كانت لم تأت بكل هذا الازدهار لو بقي كونديرا في بلده ldquo;التشيكrdquo; الذي تركه يرزح تحت نير الشيوعية.. انني قرأت الكثير عن ربيع براغ في بعض الكتب السياسية ، لكنني لم اجد الحقيقة في مهزلة دخول الدبابات السوفيتية الى براغ مثل ما وجدتها لدى كونديرا.. اعتقد ان حرية كونديرا في المصالحة مع نفسه واحساسه بالجدوى من الكتابة جعلت منه تلك الاسطورة الكبيرة التي تستحق التقدير والاعجاب والثناء.