عالم الأدب

أفلام الحادي عشر من سبتمبر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أفلام الحادي عشر من سبتمبر

فجيعة الناس العاديين وأرهاب بلا تاريخ!

محمد موسىمن أمستردام:بعد حوالي الخمس السنوات على أحداث يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الامريكية بدات هوليود في أطلاق اول أفلامها عن ذلك اليوم الذي يبدو انهو غير أمريكا وصَدع العالم وبدأ معه زمن جديد مُكدرلم تتضح كل أوجه بعد. فلم المخرج الكبير أوليفر ستون(مركز التجارة العالمي) والذي سوف تنطلق عروضه الامريكية شهر أوغسطس الحالي يسجل المهمة غير المتوقعة بالمرة لرجال الاطفاء والشرطة في مدينة نيويوك للتعامل مع الحدث الذي زلزل المدينة. الفلم الذي يقوم ببطولته الممثل نيكولاس كيج والذي عرض منه 15 دقيقة في مهرجان كان السينمائي الأخير يرتكز على تجارب رجال أطفاء وشرطة حقيقيين وتسجيلات أتصالاتهم مع مراكزهم في ذلك اليوم.

أحداث فلم يونايتد 93 والذي يعرض الآن في اوربا تسبق بساعات احداث فلم المخرج أوليفر ستون فهو يبدا مع صباح يوم 11 سبتمبر ويسجل ساعات عمل فرق متابعة الطيران الامريكي وطاقم طائرة رحلة 93 وركابها الثلاثة والثلاثيين وينتهي مع تحطم الطائرة وهي الطائرة الوحيدة التي لم تصل الى الهدف الذي كان مخطط له وهو البيت الابيض الامريكي.

تتوزع مشاهد فلم يونايتد 93 بين الطائرة ومراكز متابعة الطيران الامريكي المدنية والعسكرية، المخرج الذي استعان بالكثير من الممثلين الغير معروفيين وبموظفيين جويين حقيقيين نجح وبشكل كبير في صناعة فلم عن الناس الامريكيين العاديين الابطال والضحايا. الفلم في جزء كبير منه تحية لهم وكان في جوهره يتناغم مع الشعارات والمشاعر الوطنية التي سادت الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث سبتمبر وبحث الامريكان آنذاك عن رابط او فكرة قوية تجمعهم ضد هذا الأعتداء الخارجي الذي لم يكونوا يتوقعوه على الأطلاق.

لم تتضح هوية منفذين عمليات الخطف الا بعد ايام من حوادث 11 من سبتمبر والفلم بقى امينا لذلك. ليست هناك اشارآت سياسية او عنصرية في الفلم عن الأرهابيين او مقاصدهم بقى الفلم مضطربا و غائصا في ذاتية ناسه العاديين وصدمتهم المريعة. المخرج نجح في ابقاء الفلم وشخصياته في أجواء الصدمة والذهول من الحدث الذي لا يشبه اي حدث آخر في تاريخهم او خبراتهم.


بين الطائرة المخطوفة للرحلة 93 وموظفي الخطوط الجوية الذي كانوا يراقبون من مراكزهم الأرضية الطائرات المخطوفة تتجه الى اهدافها في نيويوك وواشنطن مرت دقائق الفلم. مشاهد البداية لركاب وطاقم الطائرة وكسلهم وطقوسهم الصباحية العادية كانت واحدة من أكثر المشاهد تأثيرا. فالمتفرج يعرف ان السيدة التي طلبت عصير البرتقال مع الفطور في الطائرة لن تستطيع شربه ابدا كذلك لن يستطيع رجل الأعمال اللحاق بموعده المفترض ! كل تلك التفاصيل الصغيرة التي سجلت بحيادية كبيرة مهدت بقسوة هائلة لفلم قد يكون من اكثر الأفلام رعبا وازعاجا.

الشباب الأربعة بالفلم والذين قاموا بعملية الخطف قـُدموا بالشكل الذي أنتجته اربع سنوات من الاستقصاء عنهم رغم أغفال اشياء مهمة أخرى. الممثلون العرب الذين ادوا ادوار الارهابيين الاربعة اجتهدوا في تقديم الصورة البشعة للارهابي وعبورة الأخير الى ظلام الاعودة. هناك اشارات قليلة لبعض الخوف والتردد عند هؤلاء الأرهابيين قبل عملية الخطف وبعدها وعندما تصدى ركاب الطائرة لهم قبل سقوط الطائرة بدقائق.

الفلم بالرغم من قوته الهائلة الا انه لم يشأ ان يكمل الطريق كله! الفلم أهمل بالكامل دوافع الشباب الأربع العرب لأاختطاف الطائرة والانتحار الجماعي بها، صحيح ان المنحى التسجيلي الذي سلكه الفلم لن ينسجم مع تفسيرات او خطب لم يتوفر لها الوقت اصلا بين أختطاف الشباب للطائرة وأرتطامها بالارض في أحد الحقول الخضراء خارج العاصمة واشنطن لكن اشارة واحدة سوف تكون كافية للايحاء بان هؤلاء الشباب الاربع يملكون تاريخا ومرجعيات، تاريخ لن يبرر ابدا ما فعلوه!.
المخرج باول غرينغراس والذي كتب ايضا السيناريو للفلم قام بتأليف معظم ما دار في الطائرة المخطوفة من أحداث وحوارات فالمعلومات التي يملكها المخرج تبقى شحيحة ومحدودة وهي حصرا المكالمات التي أجراها بعض ركاب الطائرة بالخفية مع ذويهم عن طريق الهواتف الموجودة في مقاعدهم وبعض تسجيلات الطائرة بمراكز الطيران اثناء رحلتها القصيرة. ما شاهدناه في الفلم من حوارات بين الخاطفيين بمرجعياتة الدينية وكل ماشاهدناه من اشارات عميقة التعبير ما هي الا ثقافة ما بعد ال 11 من سبتمبر، فلماذا اذن تغيب الأشارت عن الطريق الحياتي الذي قطعه الشباب للوصول الى الطائرة الامريكية ؟ ولماذا قلل الفلم من أن خطة الارهابيين بالأصدام بالبيت الابيض هوه ايضا قرار انتحار لكل المشتركيين من الخاطفيين.
وأذا كان الفلم قد قدم وثيقة بصرية فلمية قوية فلماذا عليه ان يقصي الدور لصور أخرى شكلت بعض مرجعيات الارهابيين النفسية والثقافية. يعرض فلم يونايتد 93 مع الأحداث الأخيرة في لبنان وفلسطين والتي تنقل التلفزة والأعلام معظم صورها الكارثية فمالذي يمكن ان تفعله هذه الصور في شباب محبط يعيش مع شعور عميق بالظلم. ليس من مهمة الفلم بالتأكيد شرح صراعات وعذابات منطقتنا لكن أهمالها تماما لا يمكن الا ان يقلل قليلا من أثر الفلم ومصداقيته.
يعرض فلم يونايتد 93 بعد سنوات من الهجوم الاول لافراد أجانب على الداخل الامريكي وبعد حربيين في أفغانستان والعراق يعتبران من تداعيات الحادي عشر من سبتمبر المباشريين اضافة الى العشرات من الاحداث الاخرى التي تتباين اهميتها من صعود اليميين في كل العالم الى تراجع الرغبات البشرية في التعايش المشترك والسلم كل هذا يجعل تجربة مشاهدة فلم كفلم يونايتد 93 تجربة محزنة حقا، فرغم انك تعرف ان الطائرة بمن فيها تتجه الى نهايتها الى انك لا تكف اثناء ساعتيين الفلم عن التمني بمعجزة رحيمة تنقذ الركاب وخاطيفهم. معجزة توفر أيضا ارواح الآلف الناس التي قتلت بسبب ما جرى ذلك اليوم في أمريكا.عندما تصدم الطائرة بالارض ويعم الظلام شاشة السينما لعشر ثواني يتغلب ذلك الشعور بالخسارة الفادحة، الحزن الشخصي وخيبة الأمل أيضا.

محرر موقع شريط السينمائي
www.shreet.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف