قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو من اولغا ندبافا: ما زال سيرغي دوفلاتوف الذي توفي في المنفى في 1990 واحدا من المؤلفين الاكثر حداثة وشعبية في روسيا الذين لم يتخط الزمن كتاباتهم. واذا كان ابنه الاميركي لا يقرأ اللغة الروسية، إلا ان مجموعة مقالاته غير المنشورة والتي كتبها في نيويورك ونشرت في موسكو عشية عيد ميلاده الخامس والستين، تتصدر المبيعات. ففي الثالث من ايلول/سبتمبر، يوم عيد ميلاد الكاتب الخامس والستين، كرم ممثلون من موسكو مؤلفهم المفضل وتلوا في امسية مقتطفات من رواياته التي كان معظمها من نوع السيرة الذاتية. واعتبر ادوارد بوياركوف الذي اخرج الامسية، ان "المسرح الوثائقي المنتشر في هذه الايام مستوحى مما فعله دوفلاتوف". وقد حضرت زوجة دوفلاتوف، إيلينا وابنته كاتيا اللتان تعيشان في الولايات المتحدة الى موسكو في هذه المناسبة، لتقديم كتابه الاخير "خطاب بلا ذرائع او اعمدة المحرر". واعرب اركادي فيتروك مدير دار ماشاون للنشر عن سروره، لتصدر هذا الكتاب الذي يضم المقالات التي كتبها دوفلاتوف في مجلة نوفي امريكانيتس (الاميركي الجديد) الصادرة باللغة الروسية والتي تولى ادارتها في نيويورك من 1980 الى 1982، "المبيعات في بعض مكتبات موسكو". واضاف ان "20 الف نسخة قد بيعت حتى الان من الطبعة الاولى التي بلغ عدد نسخها 27 الفا"، مشيرا الى انه ينوي اصدار طبعة جديدة. وما يثير الدهشة، ان نيك ابن دوتلاتوف الذي ولد في نيويورك خلال فترة مجلة الاميركي الجديد "لا يقرأ اللغة الروسية"، كما تقول شقيقته كاتيا التي تتولى ادارة مؤسسة دوفلاتوف وتعترف بأنها اضطرت الى ان تتعلم اللغة الروسية بنفسها. وفي مقالاته التي عالج فيها الاحداث الكبيرة في تلك الفترة، ينتقد الكاتب ايضا ردود فعل المهاجرين المنتمية للحقبة السوفياتية، ولاتسامحهم ويدعوهم الى توجيه النقد الى انفسهم بدلا من الاكتفاء بانتقاد النظام الشمولي. وكتب في احدى تلك المقالات "القادة السوفيات ليسوا من كوكب آخر. والسلطة السوفياتية منغرسة في عاداتنا ... ومن الضروري تجاوزها في انفسنا". وظهرت في تلك المقالات للمرة الاولى نماذج ابرز شخصيات رواياته وفصول منها، مثال "المنطقة" و"الفرع" التي لم يكتشفها القارىء الروسي إلا في التسعينات بعد وفاة دوفلاتوف. وقد هاجر دوفلاتوف الى الولايات المتحدة في 1978 ولم تنشر كتبه ابدا في الاتحاد السوفياتي. وتصف قصصه التي ترجمت الى بضع لغات اوروبية والى اللغة اليابانية، عبثية الحياة السوفياتية من خلال تجاربه بصفته حارس سجن او دليلا سياحيا او صحافيا.
وقال بيوتر فايل الناقد الادبي الذي عمل مع دوفلاتوف في الاميركي الجديد ان "العديد من الكبار تلاشوا في السنوات الاخيرة، الا ان شهرة دوفلانوف ما زالت راسخة". واضاف "لم يستخدم ابدا اساليب عنيفة، فمؤلفاته تخلو من الاثارة، لكنه راهن على اللغة البسيطة والواضحة، وهذا ما ادى الى استمرار تأثيرها". وجمله المقتضبة التي تشبه الاقوال المأثورة تخفي عملا دقيقا على الاسلوب، وكلماته في سياق الجملة نفسها لا تبدأ على سبيل المثال بالحرف نفسه. وذكر بيوتر فايل بأن الشاعر يوسيف برودسكي، الحائز جائزة نوبل للاداب في 1987، والذي كان يحب دوفلاتوف كثيرا، "يقول انه كان الكاتب الروسي الوحيد الذي تقرأ نصوصه حتى نهايتها". ووصف برودسكي شعبية دوفلانوف في الولايات المتحدة بأنها "امر طبيعي"، وتوقع ان يعرف النجاح الكبير في بلاده يوما ما. وكتب برودسكي في مقالة خصصها لدوفلاتوف ان "الانطباع الذي يعترف به كل فرد في مجتمع ديموقراطي هو الذي يضطلع بدور حاسم، وهو الانطباع الذي يوحيه رجل لا يسمح بأن يفرض عليه وضع الضحية ولا يعاني من عقدة الحصرية".