البيرت أيرينشتاين: بعيدا عن البشرية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ترجمة وتقديم صالح كاظم: يُعد الشاعر البيرت أيرينشتاين (1886- 1950) من أكثر شعراء مرحلته إثارة للجدل ، وذلك سواء على المستوى الإبداعي أو في المستوى
في نتاجه الأدبي يبدو الشاعر أيرنشتاين في مواجهة قاسية مع الواقع الحياتي والإجتماعي لعصره حتي قال عنه احد النقاد أنه كتب "أكثر القصائد مرارة في اللغة الألمانية". فهذه القصائد تحمل في داخلها الكثير من التحدي الذاتي وعدم التماثل مع ما هو سائد في عصره، كما لو كانت هناك خطوط سرية تربطه بتمرد هولدرلين ومرارة هاينة بمواجهة عجز الإنسان وعدم قدرته على التغيير. يقول أيرنشتاين: "بعد أن بحثت كثيرا في سلوك الكائنات لم يعد لدي أهتمام كبير بالإنسان، وأصبحت أفضل البحث عن الجوانب الإنسانية لدى الحيوان عوضا عن البحث عن الجوانب الحيوانية لدى الإنسان."
لم يعد أمام الشاعر بمواجهة خيبات الأمل المتعددة، وتنقله من مكان الى آخر ملاحقا من قبل النازية الألمانية والبيروقراطية السويسرية التي لم تمنحه حق البقاء في سويسرا، سوى الإنتقال الى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وجد له فيها ملجأ للجسد، ولم يجد فيها موقعا لروحه المليئة بالقلق، مما دفعه للرجوع الى أوربا بعد الحرب العالمية الثانية بحثا عن موقع يستقر فيه دون مخاوف، بعيدا عن متطلبات الحياة اليومية. غير أنه أصيب مرة أخرى بخيبة أمل كبيرة دفعته للعودة الى أمريكا، حيث مات جائعا في دار للمشردين، وكان سيتم دفنه في مكان مجهول لولا عثور بعض الأصدقاء على جثمانه ليدفنوا رماده في مكان ملائم.
الإنسانية
الى فرانز بفيمفرت
أنتم ترقصون في نشوة الدم
في الحفلات الراقصة أرانب
آلهتكم أقنعة بائسة
عشقكم تجارة بالرغبة.
خطأ البشر في هذا الكوكب -
أه كم أود أن أجد مخرجا، وأن أبشر به.
لوكنتم تمتلكون جمال الزهور
ونقاء الندى
وعظمة الجبال
وعمق البحر.
غير أنكم لستم سوى بشر من تراب صنع من جديد،
سأمنحكم لعبة أيها الأطفال القاصرين.
طالما قطعت المساحات لكي أمنحكم البهجة.
غير أن مصائركم مازالت تخضع للشيوخ القتلة
تعزون أنفسكم بشبق الأسرة
تعزون أنفسكم بالأكل في المراحيض
دماؤكم تنز على صليب عمل غير مدفوع الثمن
في متع بائسة تغرقون أرواحكم.
لم تعطكم الحياة شيئا
لذلك تبتهجون بالمغامرات على الشاشة
وبمغامرة كتاب يقلد الحياة.
وبالأفخاذ الشهية في مسرح الموت
الذي يدفن امعاءكم العتيقة
عيونكم العتيقة
وعقولكم التي لم تمسها المعرفة
في تراب المقابر المنسية.
عند البحر
القمر، القمر الميّت يزداد شحوباً ،
باهت فوق المياه العنيفة الميتة ،
الزَبَد الأبيض يتحرك باهتاً كالهموم.
لا توجد أمامي أمرأة للصباح.
غزلاني تشربُ من ماء الغرباء
وأشرعة الضوء تغرق مثقلة بالمطر في البحر.
الطيور الصغيرة تترك خراءها على نافذتي
وليلتي تحتضن أشباحاً رملية.
لا تصل إلى عيني الدامعة غير حبات الرمل
لا زورق،
لا يقترب مني شئ سوى الموت:
الريح الأخيرة
ليست من أبناء السماء.
لا أحب سوى بضع كائنات
أما البشر فأنهم بعيدون عني مثل النجوم.
إعلان
غيّر البحرُ مسارهُ
وفاحت من فمه رائحة كريهة.
مثل وحش راح يعوي في ليلةٍعاصفة.
في الغيوم الكثيفة تسكنُ النجوم،
وفي السيارة يغفو "بروتسنت" الصيرفي :
" النجوم لوحة إعلان مربحة
عن سلطة لا حدود لها،
ما مقدار المكافأة التي يدفعها القمرُ لضوئه ؟
ما الفائدة التي تجنيها الشمس ُفي إشراقتها ؟ "
أما أنا فأرغب أن أنشر إعلاناً في كل العوالم :
هل هناك مُذنبٌ
يدمّر الأرض؟
جورج تراكل
في الشجرة السائرة إلى الأمام
يهبط الناقوس المساء
حتى يمسّ ظلال الأعماق الزرقاء
التي تخاطب الروح غناءً .
تخبو في داخلك النيران،
ويحلم الجسد برحلة مضيئة
فينحني بكاءً على الماء
بعيداً عن وطن الموت.
يَمُسّكَ القداسُ الجديدُ
بأجنحةٍ تنقلكَ نحو رقصةٍ صامتة
أعلى فأعلى فوقَ كل شيء
أين، لماذا، متى وكيف.