عالم الأدب

الحركة الشعرية تفتح ملف الشعر السوداني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت من جورج جحا: الملف الذي خصصته مجلة (الحركة الشعرية) للشعر السوداني جدير بان يثير في نفس القارىء تساؤلات يصعب عليه الجزم بجواب واحد عنها. ففي الملف ناحية تلفت النظر لا بالنسبة الى السودان وحده بل الى بلدان عربية اخرى وهي كثرة عدد الشعراء المغتربين عن بلدانهم الى بلدان اخرى عربية او غير عربية.
وقد يربط القارىء في شيء من الرومانطيقية الفكرية بين الشاعر و"الغربة" وحتى الاغتراب أو قد يدفعه الامر الى القول بان الغربة الفعلية قد تكون عاملا يثير الاشجان في نفس الانسان ويحرك نفسه فيدفعها الى الشعر. لكن تبقى مسالة مهمة "واقعية" مادية هي أوضاع البلدان العربية وظروفها المختلفة اقتصاديا وامنيا وحقوق انسان وديمقراطية وامور اخرى من التي "لا تسر القلب" كما يقال. صحيح ان المجلة التي تصدر في المكسيك تهتم بقدر بارز بالشعراء المهاجرين وان كثيرا من النتاج غير السوداني كان لشعراء عرب مغتربين ايضا.. لكن الملف اعد من داخل السودان وتناول مقيمين ومغتربين دون تشديد على فئة معينة كما يبدو.
ففي العدد الاخير من مجلة (الحركة الشعرية) التي تعنى بالشعر الحديث والتي يترأس تحريرها الشاعر اللبناني "المهجري" قيصر عفيف وهو عدد يشكل كتابا في 137 صفحة قصائد لما لا يقل عن 44 شاعرا وكان عدد الشعراء السودانيين بينهم يزيد على نصف المجموع اي نحو 27 شاعرا. لكن ما لا يقل عن نصف عدد هؤلاء الشعراء السودانيين يعيش خارج السودان قسم منهم في بلدان عربية اخرى وقسم اخر في بلدان أجنبية تمتد من اوروبا الى استراليا وكندا والولايات المتحدة. ولا بد من ان يلفت هذا نظرنا الى عدد كبير من الشعراء والادباء العرب الذين يعيشون في المغتربات وبصورة خاصة العراقيين منهم مثلا.
اعد الملف نصار الحاج وكتب يقول عنه "لست اسعى عبر هذه النماذج نحو التأريخ للكتابة الشعرية السودانية فهناك مراجع ومدونات كثيرة تغطي جانبا كبيرا من تاريخ وتطور وميرة الكتابة الشعرية في السودان من القرون الماضية وحتى الراهن.." وقال "للشعر في السودان قاموسه الغزير وتقنياته الجمالية التي اكتسبها وطورها من بيئة وتراث شعري متعدد ومتنوع وتراكم وتنوع غزير تحفل به حياة المجتمع الثقافية. كما ان هنالك حالة تواصل ثقافي وتداخل وحراك اجتماعي ضخم في كل بقاع السودان جعلت هذه الثقافات المتعددة بمصادرها المتنوعة وانماطها الوفيرة.. وايقاعاتها الزاخرة بالتعبيرات وتعدد الاصوات تخرج من حدودها التقليدية الضيقة.." ويدخلنا الكاتب دون قصد منه في مسألة أخرى تبدو خلاصتها الضمنية ان النتاج وهو هنا ادبي.. ينسب الى الارض اي الى البلد لا الى اللغة فنتحدث عن الشعر السوداني بالعربية او بلغات اهل جنوب السودان. قال "بذلت جهدا كبيرا كي أحصل على بعض نصوص لشعراء من جنوب السودان مترجمة او حتى غير مترجمة حيث يكتب الكثيرون منهم نصوصهم باللغة الانجليزية ولغات اخرى محلية.."
لكنه لم ينجح في ذلك فان شعرهم "ليس متداولا بشكل كاف.. لمعوقات عديدة منها اللغة ومنها ضعف اليات النشر ومنها الحرب الشرسة والطويلة" مع جنوب السودان "التي افرزت سلبيات عديدة تماما مثلما انتجت علامات عديدة في الوعي بحالة الحرب وضرورة معالجة مسبباتها والوعي باهمية التنوع الثري في المجتمع السوداني." واضطر الى الاعتماد على موقع (سودان لاين) الالكتروني للحصول على قصائد لعدد من الشعراء الجنوبيين.
واذا كانت القصائد العربية في الملف تعكس اساليب وانماطا تراوح بين التقليدي العربي "المجدد" وتعدد القوافي والاوزان وقصيدة النثر وسائر سمات كثير من الشعر العربي الحالي ففي نتاج بعض هؤلاء الشعراء الجنوبيين تبرز سمات منها ارتباط عميق وذوبان صاف بالطبيعة ينتقل من الحسي الى ما يشبه الحالات الصوفية. في قصيدة (مهد الطبيعة) للشاعر ابولو سوورو التي هيأ نصها العربي الوليد ابراهيم يقول الشاعر "كنت اقف في الصحراء/ كانت السماء حالكة السواد والقمر بدرا (كنت استمع الى المخلوقات الليلية تتكلم ) ومع انني لم استطع فهمها حلت بي سكينة عميقة (سكينة ادراك الفكرة فكرة رائعة كشعاع القمر.
"قلبي يسبر اغوار الظلام بينما روحي تجوب سفح الرمال /ناشدة قبسا في السواد الملغز في السر الكبير المائل (كنت اقف في الصحراء )في وسط الطبيعة محاطا بعزلتي في هذه الصحراء (احاول بكل ما لدي الامساك بتلك اللحظة /لحظة يقف الزمان ساكنا.."
جنوبي اخر هو ادوين ماركارم في (بين الحرب والحب) وفي نص اعده عبد القادر محمد ابراهيم يقول "الحب هو ان تحس بصور ما ان احساسا ما (لم تشعربه من قبل سينتابك )اذا دار في جلدك ان تتساءل .. لماذا ندفع ثمنا باهظا (من اجل حرب قميئة ما دام السلام الجميل ارخص فانت رجل فقد عقله )العالم يعج بالازهار والازهار تعبق بالندى (والندى يفيض حبا من اجلك انت وانت ايضا انت .." (رويترز)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف