عالم الأدب

القارئ بين عبق الادب... ورائحة المأكولات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الدورة التاسعة والثلاثونلمطبخ القاهرة للكتاب.. مكان للنزهة

القارئ بين عبق الادب... ورائحة المأكولات

سلوى اللوباني من القاهرة: عند الحديث عن معرض كتاب أو الكتب بشكل عام يتبادر الى الذهن منظراً جمالياً معيناً.. فالكتاب بغض النظر عن حجمه ونوعه يفرض عليك احترامه.. إلا إن هذا الامر بعيد تماماً عن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية... فهل يمكن أن تتخيل مثلاً بانك تقف وبيدك كتاب وأنت تشتم رائحة نوع معين من الطبيخ.. مثل المقالي!!! وحيث أن الكتاب له سحر خاص.. عند تصفحك بعض من صفحاته تتمنى أن تحظى بنوع من التركيز إلا أن ذلك يعتبر مستحيلاً في المعرض. فنداء بائعي المأكولات والحلويات يخترق أذنيك رغم أنفك وهو ينادي "آيس كريم.. آيس كريم"، "بطاطس.. بطاطس"، لاستقطاب الاطفال هناك قبل الكبار. إضافة الى بائعي المشروبات داخل التراث لأذهاننا وبطاطس مكدونالد لمعداتنا: هذه هي حال العرب اليوم أجنحة دور النشر فهناك شخص يتنقل بين الاجنحة ويردد "حاجة ساقعة" بيبسي.. سفن أب" والجميل أنه يفرض عليك أن تشتري. فهو يقوم بفتح العلبة ليجبرك على الشراء!! كانت هذه بعض من الملاحظات التي لفتت الانتباه في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين... وتكمن أهميتها إنها تحدث في معرض كتاب دولي.. ينال من الاعلانات والترويج الكثير.. يستقطب دور نشر من مختلف أنحاء العالم.. فكما ذكر بإن 26 دولة ونحو 700 دار نشر تشارك به. ويضم 20 مليون عنوان!! إضافة الى تنظيم 400 ندوة و 1000 متحدث من الكتاب والمفكرين. فهو أمر لافت للانتباه بشدة إنتشار محلات بيع المأكولات والحلويات بشكل كبير في المعرض. ورائحة الطعام تطغى على رائحة الادب والثقافة. وكأن المعرض بات مكاناً لقضاء نزهة العائلات، مما يقودنا الى أمر آخر وهو النظافة، فشوارع وأرصفة المعرض مليئة بالاوراق والنفايات.

الشكل التنظيمي
وتندرج هذه الملاحظات تحت بند التنظيم الذي يفتقده المعرض سنوياً... لا يزال على حاله منذ سنوات من حيث الشكل التنظيمي الذي يرهق الزوار ودور النشر. فعلى سبيل المثال عند السؤال عن خريطة المعرض التي ترشدك الى مواقع دور النشر تسمع الاجابة المعتادة وهي: أعتقد بانها نفذت، أو يزودك باجابة خاطئة تضطرك الى استنزاف وقتك وأعصابك! أما الشكل التنظيمي لاجنحة دور النشر يفتقد أي تناغم من حيث الشكل والترتيب والمساحة. والجدير بالذكر أن وزير الثقافة "فاروق حسني" قد قرر الاستعانة العام المقبل بشركة متخصصة للتصميمات الداخلية ليخرج كل جناح متناغماً مع الاخر من حيث الشكل والمساحة، وذلك إحتفاءا بالدورة 40 للمعرض!! ونطرح تساؤلاً بسيطاً.. هل كان يجب أن ننتظر الدورة الاربعين للمعرض حتى نهتم بالشكل التنظيمي؟!

شكوى دور النشر
أما شكوى دور النشر فهي تتكرر كل عام.. سوء التنظيم، الجمارك إضافة الى التزوير. فالبعض يقوم بشراء الكتب ويصورها ويبيعها بسعر أقل مما يؤثر على مبيعات دار النشر، وفي سؤال بعض دور النشر عن مدى استفادتهم من المعرض، قالوا بأنهم يعتمدون بالدرجة الاولى على الهيئات والجهات الرسمية الاجنبية التي تقوم بشراء أعداد كبيرة من معروضاتهم الادبية.. وإقامة التواصل معهم فيما بعد، وعند الحديث عن مشاكلهم مع الجمارك أو مع تنظيم المعرض يقول البعض: أن مفتاح المشكلة هو عند سماعك جملة "كل سنة وأنت طيب يا بيه" أي ادفع لتنحل مشكلتك!!!

أسعار الكتب
بالنسبة للكتب المعروضة تنوعت موضوعاتها.. فهناك انتشار واسع لكتب الابراج والجن والدين. وعلى الجانب الآخر تأتي الكتب الهامة.. وحسب أقوال بعض دور النشر بأن هناك إقبالاً من مختلف الجنسيات لشراء الكتب. بالرغم من الجدال الذي يدور بين المشتري ودار النشر حول سعر الكتاب. فالجميع يعترض على ارتفاع أسعار الكتب. أما بالنسبة للقارىء المصري يلاحظ اهتمامه بالعناوين الجادة الا إن سعر الكتاب يبقى حائلاً بينه وبين اقتنائه. ومن عناوين بعض الكتب المعروضة والتي نالت استحسان وإهتمام الرواد.. كتاب "الفريد فرج وراء القضبان" تقديم نبيل فرج، وكتاب "احمد مستجير" لاحمد مستجير، وترجمة الاعمال الكاملة للشاعر الايطالي "أونجاريتي" 1888-1970 عن دار ميريت، ورواية إختلاس لهاني النقشبندي، ملامح لزينبب حفني، السياسة بين الحلال والحرام لتركي الحمد عن دار الساقي، تجارب جديدة في الفن المسرحي لسمير سرحان، وكيف تصبح ممثلاً موهوباً لمايكل تشيخوف دار شرقيات. ومختارات من القصص الالمانية ترجمة خالد عباس، العنف والكبرياء للكاتبة الايطالية اوريانا فلاتشي، ورواية شيكاجو للاسواني وأولاد حارتنا لمحفوظ وشئ من هذا القبيل لابراهيم اصلان عن دار الشروق، أما الطبعة الفاخرة لاعمال محفوظ.. أثار ارتفاع سعرها تساؤلات كثيرة.. ما السبب وراء إعادة طبعها.. هل لافساح المجال وتشجيع الناس على إعادة قراءة أعمال محفوظ؟ واذا كان الامر كذلك.. فلماذا لم تعاد طباعتها بسعر معقول وفي متناول الجميع!

أجنحة متميزة
ومن الاجنحة المتميزة كان جناح الجامعة الامريكية.. ومن العناوين المعروضة كانت الاعمال المترجمة لعدد من الكتاب المصريين منهم محمد المخزنجي "لحظات غرق جزيرة الموت"، جمال الغيطاني "الزيني بركات"، علاء الاسواني "عمارة يعقوبيان"، خيري شلبي "وكالة عطية"، سمية رمضان "أوراق النرجسي"، جلال أمين "ماذا حدث للمصريين". أما الجناح المخصص للاديب الراحل "نجيب محفوظ" كان من الاجنحة المميزة بتنظيمه ونظافته، فالصور واللوحات والبوسترات أضفت جمالية كبيرة على المكان، بالاضافة الى عرض أعماله الكاملة باللغة الانجليزية إنطلاقا من الاحتفاء به كشخصية العام في دورة هذا المعرض. وبالنسبة للاجنحة الاجنبية" الايطالية، الفرنسية، الالمانية" لم تتميز بالكثير عن الاجنحة العربية.. وحسب أقوالهم بأن أهمية تواجدهم في المعرض تكمن في التواصل مع الاخر من خلال الندوات والانشطة الثقافية التي تتم بين الكتاب الاجانب والكتاب المصريين.

ولكن يبقى السؤال.. ما هو جدوى معرض القاهرة الدولي للكتاب للقارئ العادي؟ لرجل الشارع؟ هل المستفيد من المعرض هم النخبة من المفكرين والكتاب؟ هل تعود الفائدة فقط على الهيئات والجهات الرسمية؟ هل الفائدة ذو فعالية مستمرة أم لا؟ أم تنتهي مع انتهاء هذا الحدث الثقافي؟ هل تسهم هذه الندوات بالفعل في معرفة الآخر؟ والاستفادة من المعرفة والترجمة؟... أين القارىء العادي من كل ذلك؟

salwalubani@hotmail. com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف