جديد باريس: السوريالية والإلحاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
علاينة عارف من باريس: صدر هذه الأيام عد دار "Ginkgoeacute;diteur" الفرنسية، كتاب سوريالي فضائحي يحمل العنوان التالي: "السوريالية والإلحاد"(انقر هنا لشراء نسخة) قام باعداده غي ديكورنيه. وفكرة الكتاب تقوم على إعادة بيان السورياليين المشهور "إلى مرابض الكلاب، يا نبـّاح الله" (1948)، الذي وقعه آنذاك خمسون سورياليا وعلى رأسهم أندريه بروتون. وقد كتبه هنري باستورو مع مشاركة عدد من السورياليين، عام 1948 توضيحا للمشروع السوريالي الصافي من كل شائبة دينية، صوفية بل حتى من كل المخيلة
الفكرة الجديدة في الكتاب هي أن غي ديكورنيه قرر إعادة نشر البيان، بعد ما يقارب نصف قرن عليه، بعدة لغات وبلغته الأصلية مع توقيعات لسورياليي اليوم الذين يعتقدون براهنية هذا البيان اليوم (وبالفعل وصله 175 توقيع من كل الناشطين سورياليا في العالم).. مع مقدمة شاملة تفصيلية للطابع الإلحادي للحركة السوريالية.
وخلاصة البيان تكمن في رد السورياليين على محاولات بيير كلوسوفسكي وميشيل كاروج لاحتواء المشروع السوريالي دينيا وجعله وكأنه جزء لايتجزأ من مشروع المسيحية الصوفي، وذلك عبر كتب أصدرها هذان الكاتبان حول اندريه بروتون والسوريالية والماركيز دوساد... وهي كتب تبدو للوهلة الأولى مدافعة عن السوريالية ومبادئها، لكنها تنطوي على تحليل ديني يريد تخليصها من جوهرها الأساسي: عدم الإيمان بأي اله وبأية آخرة. فالمشروع السوريالي ولد كقطيعة ابستمولوجية مع المسيحية بصفتها دينا وحلا سماويا. وليس هناك، وفقا لما جاء في البيان، "من شخص صاغ بوقاحة هذا الادعاء الفاحش مثل بيار كلوسوفسكي في كتابه المخادع حول ساد. فوفقاً لكلوسوفسكي، ساد ليس ملحداً. الإلحاد غير موجود وإنما فقط ثورة الخليقة التي هي ظاهرة متطرفة لاستيائها من الظرف الجسدي والروحي المفروض عليها من قبل الخالق. إله ساد هو، وفقاً لكلوسوفسكي، إله سان فون، أي إله شر كـ"كاربوكرات" (مؤسس الطائفة الغنوصية)، لكنه، مثل كل فيض من سلطة الظلمات، بمواجهته إله النور، يطرح هذا الأخير كتكملة ضرورية تعيد للإنسان، حتى لساد - حتى للسريالي، قد يقول كاروج - كلمة الخير، القادرة على جعله يُبصر حتى الشر. نتعرّف هنا على أسلوب هيغل للبرهنة. هل من المفيد الإشارة بأنها لا تملك سوى الأسلوب؟ حين كان هيغل يتكلم عن الإله، لم يجد المسيحيون أن المقطع اللفظي كان أصيلاً. لكن إله أرسطو لم يكن أيضاً إله الكتابات المقدسة، ومع ذلك أمّن منطق أرسطو، في حقبة سان توماس، فرصة للمسيحية لدخول ألفية جديدة. ومنذ كركيغار، يبدو أننا ننتظر الخدمة ذاتها من الجدلية الهيغلية. على أي حال، أصبح مقبولاً من قبل الكنائس بأن نفي الإله هو أيضاً تثبيته وبأنه، بعد قبول هذا الاقتراح الأولي، محاربة الإله هي أيضاً دعمه، وكرهه هي أيضاً الرغبة فيه. هكذا وجد التفسير المسيحي، بموازاة ممارسته على ما يسمّيه الكتابات المقدّسة، وسيلة تطبيق على النصوص الموجّهة ضد هذه الكتابات، بغية الوصول إلى النتائج ذاتها. هذه المساعي الجدلية التي تريد وضع ساد ورامبو، ناهيك عن لوتريامون، والسرياليين في سياق الحماس الصوفي لإله مفترض، ليست، كما يمكننا أن نعتقد، مبادرات صادرة عن مسيحيين طليعيين، بل تنبثق من ميل عام يقبل الدعوى ونقيضها، ليس لبلوغ حصيلة بل ازدواجية مُدرَكة. وهو ميل يمكن ملاحظته خاصة في الدوائر البارزة للكنيسة الكاثوليكية. ندرك الموقف المتضارب ظاهرياً، لكن المكمِّل، للكهنة تحت الاحتلال النازي".
اضافة الى البيان بلغته الفرنسية الأصلية وبترجماتألمانية، انجليزية، إسبانية، يونانية،هولندية، برتغالية، تشيكية، وعربية قام بها أنطوان جوكي.أما المقدمة التي وضعها غي ديكورنيه للكتاب، جاءت مفصلة ومليئة بالمعلومات الموثقة لشرح صُلب الشعرية السوريالية وتطلعاتها الإنسانية: "الإلحاد". وما التجديف في الفكر السوريالي سوى تعبير عن اشمئزازهم المتعذر تبسيطه تجاه كل كائن راكع.