عالم الأدب

تدمير الليبرالية الجديدة للمجتمع الديمقراطي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كتاب جديد للباحث السوسيولوجي الألماني بيرند هام
هجوم الليبرالية الجديدة على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية


محمد مسعاد من بون: تحت إشراف الباحث السوسيولوجي الألماني بيرند هام (جامعة ترير،غرب ألمانيا) صدر كتاب باللغة الألمانية عن دار النشر البرلينية هوميليوس، تحت عنوان تدمير المجتمع؛ هجوم الليبرالية الجديدة على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. جاء الكتاب في ثلاثة أجزاء وهو عبارة عن مداخلات ومساهمات لمفكرين وباحثين وسياسيين أمريكين، ويتناول الكتاب مسار وصول عائلة بوش الى سلطة القرار داخل البيت الأبيض، وتداخل العديد من المصالح والإمتيازات بين جماعة السلطة في البيت الأبيض وعلاقتها بالليبراليين والمحافظين الجدد. ويربط الكتاب بين عدد من التداعيات المباشرة لهجمات 11 سبتمبر وانعكاسها على السياسة الدولية والترويج لأمريكا جديدة بفانطازيا عسكرية كانت أفغانستان والعراق إحدى تجلياتها المباشرة.
توج هذا الكتاب كثمرة لبحث وتمحيص دقيقين لفترة زمنية فاقت الثلاث سنوات في عدد من الوثائق والكتابات. و لقد فضل الباحث الألماني أن يكون الكتاب بأقلام أمريكية حتى يبعد عن نفسه تهمة العداء لأمريكا. ويعلق الباحث البروفيسور بيرند هام على كتابه قائلا: " إن هذا الكتاب ليس سجالا ولا يجب أن يكون كذالك، على الرغم من وجود أسباب موضوعية لذلك. انه حلقة في إطار البحث السوسيولوجي ، مع مراعاة إمكانية وصوله إلى أكبر عدد من القراء". يوضح الباحث في مقدمة الكتاب الطريق التي تبعثه الليبرالية الجديدة، بدءا من مجموعات الخبراء والمؤسسات التي استثمرت عدة ملايين منذ منتصف السبعينات في المقاولات، عن طريق جائزة نوبل للإقتصاد والتي يراها الباحث أنها غير ذات جدوى، وصولا إلى توافقات واشنطن، التي أجبرت الدول النامية والدول السائرة في طريق النمو على تنفيذ وصفات صندوق النقد الدولي. وفي سياق بحثه يرى أيضا أن إنهيار المعسكر الإشتراكي في الغرب كان له تأثير مباشر في تصفية نظام التعليم من التوجهات اليسارية، وبالتالي فرض إيديولوجية الليبرالية الجديدة، فضلا عن تدجين النقابات، و التي كان بإمكانها أن تكون مركز مقاومة حقيقي في نظره. أما الفصل الأول من الجزء الأول فيصف أندري كوندر فرانك مؤرخ الإقتصاد العالمي، الذي توفي مؤخرا، تخبط الدولة الأمريكية بوصول بوش إلى السلطة في دجنبر 2000 للبيت الأبيض. فحين يقوم ويليام بوفلز الفنان الإنجليزي والمعلق السياسي ببعض الحفريات في تاريخ عائلة بوش منذ الجد بريسكوت الذي قام بصفقات مع النازية و استفاد من الخدمة الإجبارية في المحرقات النازية، والأب جورج رئيس المخابرات السي أي إي ورئيس البلاد في السابق، وصولا إلى جيل الرئيس الحالي والإخوة جيب، نايل، مارفين.
وفي نفس السياق تناول أندري أوستين البروفيسور السوسيولوجي بويسكونسين الوسط المقرب من المحافظين الجدد، والمحرضين على الحرب وجناح الصقوروأصحاب مشروع من أجل زمن امريكا عن طريق فنطازيا عسكرية وكيفية تحقيقها على أرض الواقع.
في نهاية الجزء الأول يستخلص فالتر دافيس البروفيسور في جامعة كانت ستيته حصيلة المعلومات المتوفرة إلى حدود الآن عن أحداث11 سبتمبر. ويخرج بخلاصة مفادها أنه لايمكن استبعاد المساهمة المباشرة لبوش في هذه الأحداث الإرهابية وخلاصات أخرى تهم تقديم الحكومة الأمريكية رشاوي لعائلات الضحايا من أجل حملهم على الصمت.
أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول تصرفات وسلوكات الرئيس بوش الإبن وانعكاساتها على المجتمع الأمريكي.حيث اهتم كل من الحقوقيون أليسون باركر وجامي فيلنر فون هومان ورايت واتش جمعيا بعدد من الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان في أمريكا.
وذهب تريفور إفانس الباحث الإقتصادي الإنجليزي الذي يدرس ويقيم في برلين، في تحليل عميق يشرح فيه ضعف الإقتصاد الأمريكي والعجز الحاد المضاعف في ميزان التجارة، اللذان وصلا إلى أعلى مستوى في عهد بوش. في الوقت الذي راح تيد نيس رجل الأعمال الناجح إلى وصف ليس فقط كيف تم تنفيذ إيديولوجية الليبرالية الجديدة من طرف المؤسسات اليمينية ولكن أيضا الطريق الذي سلكه عدد من المقاولين في التجارة المحضورة، بالاضافة إلى تداخل مصالح المال والسياسة وكيفية تقديم التبرعات المالية المشبوهة الى السياسين والأحزاب على رغم حظر القانون لذلك.
كما يجد القارئ في هذا الكتاب مداخلة لجاي شافت ،الذي كان يعيش دون مأوى وأسس في فلوريدا مأوى للمشردين، يبين من خلالها تبعات سياسة بوش ودورها في الفقر في أمريكا.
وفي أخر هذا الجزء يحلل البروفيسوران أندري أوستين ولوريل فونيكس في جامعة ويسكونسين سياسة بوش البيئية التي قامت ضدا على الجميع بحفر بئر بترولي في محمية طبيعية في ألسكا، كانت مادة دسمة لعدد من عناوين الجرائد الأمريكية والعالمية.
ولقد خصص الجزء الثالث والأخير من الكتاب للانعكاسات الدولية للسياسة الأمريكية. وفيه نجد مساهمة بروفيسور الليسانيات المشهور نعوم تشومسكي حول الميزات العنيفة للسياسة الخارجية الأمريكية. و أيضا ويليام بلوم المساعد السابق في وزارة الخارجية الأمريكية الذي قدم إستقالته احتجاجا على حرب الفيتنام، والذي سرب عدد من وثائق التدخل الأمريكي في عدة دول منذ 1945. إضافة إلى ميشائيل شودوفسكي الذي هو الآخر ساهم بمداخلة عن مظاهر الفقر العالمي و دور أمريكا في ذلك.
وفي آخر هذا الفصل هناك دراسة مستفيضة لأندري كوندر فرانك حول مظاهر قوة سلطة النظام الأمريكي:الدولار والبانتاغون.
غير أنه بعد هذه الفصول المتشائمة حول السياسة الأمريكية يختم الكتاب بفصل إيجابي حول حركة المعارضة للسياسة الأمريكية الحالية وعدد من المعطيات وعناوين الأنترنيت، يجد فيها المهتمون والمتخصصون عددا من المعلومات حول هذه الحركات والاحتجاجات العالمية.
إن الكتاب يكتسي أهمية خاصة لكونه كتب بأقلام أمريكية تقدم مقاربة سوسيوأقتصادية وسياسية وتاريخية لعدد من الظواهر التي سيطرت على حاشية السلطة و التي تملي توجهاتها على البيت الأبيض، حيث يبين الكتاب أن بوش مجرد وجه ويد لتمرير هذه السياسة. وسيكتشف القارئ من خلال رحلة في الكتاب عدة مفاجأت مذهلة. تجدر الاشارة في الأخير إلى أن الكتاب صدر في عدة ترجمات منها الأنجليزية والفرنسية ومن المنتظر أن تصدر الترجمة العربية لاحقا في لبنان ولغات أخرى أيضا.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف