عالم الأدب

نجمي: نحو إعادة بناء ذاكرة تفتَّتَت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حديد حسن نجمي "غناء العيطة": نحو إعادة بناء ذاكرة تفتَّتَت

"البحث في التراث الشفوي هو نوع من استباق العابر ومحاولة للسيطرة على المنفلت هو الذهاب المضني في مساحات الخراب الجميل، الذهاب الى حافات اليأس" حسن نجمي.


عبدالحق ميفراني من المغرب: ستضاف منتدى الفكر بمقهاه الأدبي بآسفي الشاعر والباحث حسن نجمي، وذلك يومه الخميس المنصرم 22 فبراير 2007. اللقاء الذي أداره الأستاذ عبداللطيف الصاحب، وأطره الشاعر الأستاذ عبدالحق ميفراني بورقة تقديمية حول تجربة الشاعر حسن نجمي وبحثه القيم.
اللقاء كان مناسبة للتداول في الثقافة الشعبية من خلال كتاب الباحث والشاعر حسن نجمي "غناء العيطة: الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب" الكتاب الصادر عن دار توبقال للنشر في جزأين. وهو موضوع أطروحة جامعية ناقشها الشاعر حسن نجمي بالمكتبة الوطنية بالرباط، لنيل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي. أمام لجنة مكونة من الدكتور إدريس بلمليح ود.المصطفي شاذلي ود.سعيد يقطين ود. بنعيسي بوحمالة وقد حصل من خلالها الباحث على ميزة مشرف جدا.

الباحث حسن نجمي في بداية اللقاء تحدث الباحث حسن نجمي عن مفهوم الثقافي الشاسع والذي ليس بالضرورة كتب متراصة، هناك مكونات آخرى حددها الباحث في أنماط العيش في الحلي في الملابس في أشكال التعبير في الفرح والحزن.. شساعة مفهوم الثقافي كان كفيلا لتأكيد الباحث على أن الثقافة الشعبية هي جزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية. ولا يخفي الباحث أن تناول شعر العيطة هو تناول لشعرية شفوية لم ترتبط بالمكتوب، مما يزيد من صعوبة البحث لكنها مناسبة لمقاربة شعرية ممزقة جريحة عانت كثيرا من الحيف والتهميش. وللحديث عن غناء العيطة كان لابد للباحث من المرور لمسح تاريخي، توقف من خلاله عند بعض المحطات التاريخية، محاولة للإجابة عن سؤال لماذل حصل الإهمال التاريخي للعيطة؟؟ في أفق إعادة الاعتبار للموسيقى التقليدية المغربية بكل مكوناتها lt;وضمنها العيطةgt; وفي محاولة للإجابة عن كيفية كتب المجتمع المغربي نفسه عبر التاريخ يتلمس الباحث الشروط والظروف التي جعلت تعبيرا شفويا شعريا غنائيا موسيقيا أصيلا يغذو هامشيا. مستعينا بالإمكانات التي يقترحها علم موسيقى الشعوب L'Ethnomusicologie ، ومحاولة في ترميمه لمسار تاريخي بأكلمه. شدد الباحث على مفهوم "سمو التدوين" من خلال إحالات تاريخية بعينها وهو ما جعل التاريخ يقترن بالمكتوب، وجعل المصادر التاريخية تصمت عن الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية كموقف جاهز لدى النخبة المغربية القديمة، والباحث هنا يتأبط تحقيبا ثقافيا بالأساس، ومن الفتح الإسلامي، الى دولة الأدارسة الى المرابطين ثم الموحدين قد الباحث محطات أساسية تنم عن مفارقات في كتابة التاريخ، وعن مفارقات الوثائق والمصادر. لكن، عقلية الحظر والمنع، لا تخفي أن الغناء البدوي العروبي بشعره الشفوي ونسقه اللحني والغيقاعي، انطلق فعليا مع توافد القبائل العربية وليس من قبل ولا حتى من بعد، بموازاة هذا الحضور شكل عدم الاستقرار اللغوي lt;الأمازيغيةـالعربيةgt;، تأخر التسمية العيطة لاحقا بحكم سيادة أسماء مشرقية. ولم تعرف إلا في ظل استقرار الهوية والتقاليد المغربية بين عهدي بني مرين والسعديين.

بعد جرذ موسع في المجال التاريخي والذي كان مؤطرا للفهم في تاريخية العيطة، انتقل الباحث لرصد علاقة العيطة بالظاهرة القايدية في المغرب في محور تناول فيه حضور العيطة في جسد المغرب الاستعماري، من خلال وثائق ورسائل أرشيفية، قدم الباحث نموذج يرتبط بمنطقة آسفي، من خلال سرد حكاية الشيخة "حويدة" التحقيب التاريخي المتناول من لدن الباحث حسن نجمي يأخذ بعين الاعتبار مظاهر الثقافة الشعبية المطرودة من مملكة "الثقافة العالمة".

في تناوله للعيطة، "هذا الفن الشعري والموسيقي الغنائي، لكنه فن تمت صياغته اجتماعياً شأن كل تعبير فني شفوي وكل تعبير فلكلوري".. يتحدث الباحث حسن نجمي عن مفهوم الأداء، فالغناء العيطي حضور مادي جسد إيقاع ورقص وغناء، حركة إيماء ومشاركة إن الأداء العيطي أداء جماعي، ويتحدث الباحث عن جغرافية غناء العيطة ويحددها في تسعة أنماط: العيطة الحصباوية، العيطة المرساوية، العيطة الملالية، العيطة الحوزية، العيطة الجبلية، العيطة الشايظيمية، العيطة الغرباوية، العيطة الزعرية، العيطة الفيلالية. ويؤكد الباحث حسن نجمي في نهاية عرضه القيم حول غناء العيطة، أنه لم يكْتَف بالمصادر والمراجع وحدها، بل قُام بأسفار كثيرة وتحريات ميدانية علي امتداد خريطة المغرب، فتعرف علي أَهل العيطة من ممارسين وهواة، أشياخ وشيخات، وتحولت العلاقة ببعضهم إلي صداقة حقيقية وصِلاَتٍ إنسانية واجتماعية قد تحتاج إلي جهد مؤسسي لصيانتها وليس إلي اهتمام شخصي ضعيف، ضئيل، له حدوده التي لا يمكن إلا أن تتطلب جهدا جماعيا مضاعفا، وإرادات مؤسساتية ومدنية. ليسرد في النهاية، نماذج من شعر العيطة، شعر يسمو بالإنسان الى قيم نبيلة. متساءلا في النهاية، عن هذا الحجر المضاعف..داعيا الى تدشين لمرحلة جديدة في مجال البحث داخل ميدان ظل مهمشا، بالقيام "بتدوين النصوص التي يقوم عليها هذا الفن الشعبي في مختلف المناطق المغربية التي هي معرضة للتلف والنسيان". وللتصالح مع الذات من خلال المصالحة مع هذه الذاكرة الجماعية الغنية.

وقد حضر اللقاء جمهرة من شيوخ هذا الفن نذكر هنا عن مجموعة اولاد بنعكيدة، بوشعيب ، والفنانة حفيظة، والشيخ جمال الزرهوني، والشيخ عمر الكاوي...إضافة الى لفيف من مثقفي ومبدعي المدينة والمهتمين بمجال البحث في الثقافة الشعبية. في نهاية العرض والنقاش المضيء لبياضات العرض، تم توقيع كتاب الباحث حسن نجمي الصادر عن دار توبقال للنشر في جزأين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف