عالم الأدب

للماغوط قبل ولادته الأخيرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في ذكرى مرور عام على رحيل الشاعر محمد الماغوط (1934 - 2006)

عن عالم لا يجيد احترام الانسان....
عن زمن لايعرف الاحتفاء بالشعروالشعراء.....
عن وطنٍ لم يقدّم لأبنائه المبدعين إلا سجونٍ واعتقال .......
عن عالم الابدان العارية والأرواح الخاوية....
فضَّل الشاعر محمد الماغوط الرحيل.......
مُتفتِّحًا مع رياحين الربيع......
عند ظهيرة الأربعاء الأول من نيسان......
في وضح النهار ....
على إيقاع وجوديٍّ مترنمًّا بسورة يوسف.....
تاركًا عبق دخانّه ،وكأسًا فارغة......

رأيته في الثامن من مارس عام2006، على مسرح المكّرمين في جائزة سلطان العويّس الثقافيَّة بدبي، قبل انعتاق روحه بشهر، جسدًا منهكًا بتجارب أيامٍ تشهد على عملاقٍ وشَابٍّ متألقًّا أبدًا؛ ويوم التاسع منه وبعيدًا عن صخب الدعاية والاعلام، اختلت روحي بروحه، منحنيةً على عرشه متلقفةً عصارةَ تجاربِه وحكمةَ قلبِه، وهويهمس في أذني كلماتٍ، اختصرت تمام إمكانيات روحه المبدعة ،وصفات شاعرٍ أزليّة،اجتاحت كياني إلى أبعد من الروح، مطلقة في كينونتي طاقةَ ذاتٍ خالدة.
كنت أتنشَّق في دخانه كلَّ الكلمات التي كُتبت، وأمضي لأولد من جديد في عالم آخر،حيث أتمّ ما حققته روحي في عالم الفنون المادي ، في برهة انعدم معها البعد الزماني والمكاني ختم معزوفته الروحية لاهثًا:
" يا ابنتي ، فلتعلم الشام أني لم أعطها ظهري يومًا واحدًا "
كانت المرة الأولى والأخيرة التي ألتقيه غير أن سريان روحه في أضلعي رافقني على الدوام هكذا يفعل المبدعون يغيرون الأمزجة والأنظمة، ويوجهون الرغبات...
لقد حقق الماغوط أروع المُتاحات من ممكنات حاضره في الوجود، مستيقنًا أن في جعبة الغيب ممكنات لا متناهية وغير محدودة، وإنني اليوم على يقين أنّ الموتَ لا يستطيع أبدًا أن ينتزع مني ما تعقله روحي، لأنها وما تحققه وتكتسبه شيئًا واحدًا
فإلى الماغوط في ذكرى انعتاق روحه مني كلمات :

ودخانٍ ...
يبحثُ في شفتيْكَ عن قصيدة...
عن كلمةٍ.....
تؤرِّخ لحظاتَ الانتصارْ....

رأيتك يومَها ...
كنت اناجيك....
ابحثُ عن كلمةٍ تعبر شفتيكَ
تعتصرُها ..
ذِكرى للتاريخِ...
وحكمة خلَّفها طول انتظارْ ...

ضاقت مساحاتُ ...
عيونٍ تحدّق ... حولك
وضاق قلبك
بثقل ذاكَ الحصارْ

وقطرةٍ
ارتمت عند جبينك
سَطرَّت ... للمبدعين أشعارْ
********
سافرتُ في زرقةِ عينكَ
أجتازُ شاعر بلمحةٍ
أطوي التجارب
أعبرُ بألحانك بحارْ
اعتصرُ زمانَ الوصلِ
ارشفُ خبرةِ قلبٍ
يعزف نشيد أسفارْ

وكأسًا يفوح رائحةَ هوىً
وكبرياء شهيدٍ لحظة احتضارْ

انحنيتُ عندَ كرسيك
اتوضأ من الحروفhellip; أرشفُها
أرفع صلواتي للاله ..
احفر في ذاكرتي ...
علّي أجدُ ... تعويذةً
تلهمني .... اعتذارْ

كبريائك الملغوم فجرّ أبياتًا
شدَوتها ... حبًّا
وعطرًا
لدمشق تُهديها
شطور سنين آنست الريح
وعانقت بنقائها الأمطارْ

رسمت مساحةً للمجدِ..
من سجنٍ... لمعتقلٍ
لَشَهيدٍٍ...لأسيرٍ
و لكل أولئك الأحرارْ

سعيدةٌ أنا بولادتك
فهو عند العالمين موتًا
وفي عُرْفِ أمثالك انتصار
**********

التقيتك أول مرّة
هناك عند صباح آخر قصيدةٍ
أطلقتها عبر دخان كثيفٍ
عبرتَ بها نحو الحياة بافتخارْ

تقرأ ... من ورقةٍ
قبل ولادةِ الروحٍ
قصيدتك ماقبل الأخيرة
وأخرى تُحبُّهَا
خبأتها في طيَّاتِ الرّوحِ
بعد برازخ الدنيا
تشدوها
عند ولادتك الأخيرة ....
تُسَطِّرُ فيها للاله وردًا وأزهارْ

Marwa_kreidieh@yahoo.fr
www.marwa_kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف