الشرايبي اختار البيضاء مرقده الأخير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
المغاربة يبكون كاتبهم إدريس الشرايبي
الدار البيضاء أحمد نجيم: اختار الكاتب المغربي الكبير إدريس الشرايبي أن تكون مدينة الدار البيضاء مرقده الأخير، فقد أعلنت زوجته شينة الشرايبي، الأسكتلندية الجنسية، لوكالة الأنباء المغربية أنه ستتم مواراة جثمان الراحل الثرى "الجمعة المقبلة بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء قرب والده" موضحة أنه "من المهم جدا أن يدفن في بلده الأصلي.
وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تعزية إلى عائلة الراحل، وعبر العاهل المغربي عن تعازيه لأسرة الكاتب "علمنا بعميق التأثر وبالغ الأسى بوفاة المشمول بعفو الله، الأديب والكاتب المرحوم إدريس الشرايبي تغمده الله بواسع مغفرته ورضوانه، وبهذه المناسبة الأليمة، نعبر لكم عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، في فقدان أحد رواد الفن الروائي في الأدب المغربي والمجيدين فيه، بلغة موليير، مما جعل إبداعه يندرج ضمن روائع الأدب العالمي، ليحظى بتقدير وإعجاب الأسرة الأدبية داخل الوطن وخارجه, ولدى كل من عرفوه عن كثب أو عن طريق إسهاماته الأدبية". كما أشاد بما أسداه الكاتب "لوطنه في الميدان الثقافي والأدبي من عطاء متميز".
خبر وفاة صاحب "الماضي البسيط" تصدر معظم الصحف المغربية، كما أنعاه الكتاب المغاربة، فاتحاد كتاب المغرب
تلقى اتحاد كتاب المغرب الخبر "بحسرة وأسى"، بأنه مثالا "للكاتب المسكون بالتمرد الكلي ضد الاستلاب العائلي والاستعماري وضد استلاب التقاليد والأعراف"، وأوضح بيان للاتحاد أنه كان "مستوعبا للمثاقفة وتأثيراتها، ومتسلحا بوعي انتقادي كانت الغاية منه إدانة النظام الاجتماعي السائد عبر السخرية، والإسهام في إيقاظ الوعي الاجتماعي لدى القراء".
أما الكاتب المغربي باللغة الفرنسية الطاهر بنجلون، فوصفه بالملتزم والشجاع الذي "فتح الطريق أمام العديد من أجيال الكتاب المغاربيين" وقال في تصريح لوكالة الأنباء المغربية "الأفضل بيننا. لقد كان أستاذنا. إنه كاتب كبير"، وذهب إلى مقارنة روايته "الماضي البسيط" الصادرة في العام 1954 برواية "الأجنبي" لألبير كامو. واعتبر روايته "الحضارة أمي"(1972 ) ب"تحفة من الذكاء والدعابة"، اعتبر وفاته "خسارة كبرى للأدب المغربي".
أما فؤاد العروي فقال "عاش حياة جميلة وغنية مع أشخاص يكنون له كل الحب والتقدير"، واعتبره سليم الجاي بالكاتب الذي يتميز بأسلوبه الخاص، وأنه "كان رجلا مستلهما وثوريا وفي نفس الوقت إنسانا مرحا يحب الحياة، ويميل إلى النزوات والحرية. سيبقى كاتبا نموذجيا وستظل مؤلفاته خالدة".
وذهبت جريدة لوموند الفرنسية إلى القول بأن الراحل "أدخل الأدب المغربي عصر الحداثة"، وقالت الصحيفة إلى أن روايته الأولى "الماضي البسيط" تشكل اليوم موضوع عدد من الأطروحات.
ولد الكاتب في العام 1926 بمدينة الجديدة، 80 كيلومتر جنوب الدار البيضاء، غادر المغرب لمتابعة دراسته في الكيمياء، حصل على شهادة مهندس في العام 1945، لكنه فضل تركها في الرف والاتجاه للعمل الصحافي والإبداعي، وقد اشتغل كمنتج بـ(مكتب الراديو والتلفزيون الفرنسي) بباريس وأقام لفترة في كندا.
حصل على مجموعة من الجوائز منها جائزة إفريقيا المتوسطية على مجموع أعماله وجائزة الصداقة الفرنسية-عربية سنة1981 ثم جائزة (مونديللو). ترك مجموعة روايات منها "الماضي البسيط" و"التيوس" و"الحضارة، أماه" و"تتابعات مفتوحة" و"موت في كندا" و"أم الربيع" و"العالم المجاور" و"رجل المغارة"، وصف النقاد كتاباته ب"علامات بارزة في سجل الرواية العالمية، حيث أن النقد العنيف لم يثنه عن الحرص على جمالية الكتابة، وعلى التحويل التخييلي للوقائع والشخصيات". كما تتميز ب"حضور مميز لجوانب من سيرته الذاتية ولمحكي الحياة, وللتحليل النفسي". ظلت الرواية "منشغلة لديه بسؤال الهوية من خلال تصوير التمزق بين الثقافات والعوالم، ومن خلال الرفض للاستئصال الثقافي". وقال عنه الكاتب المغربي عبد الكبير الخطيبي "عاش إدريس الشرايبي تداخلا ثقافيا مثريا ليس فقط على مستوى نصوصه الإبداعية ولكن أيضا على المستوى الذاتي والعائلي، و"رجوعه بين الفينة والأخرى إلى مدينة الجديدة، مسقط رأسه، يعكس ارتباطا وجدانيا بالتاريخ والذاكرة. فهو رغم تنقلاته الكثيرة ظل وفيا للذاكرة
أما من منظور أدبي فيرى الخطيبي أن الشرايبي يعد مؤسس الرواية كرواية من الناحيتين التقنية والفنية مشيرا إلى بعض خاصيات الكتابة عند الشرايبي، ومنها جمله المتسمة بالسرعة والإيقاع وشخوصه المفعمة بالحركية.
najim@elaph.com